ماذا لو ارتفع منسوب نهر السين في باريس إلى أكثر من 7.2 متر، فانقطعت الكهرباء وشلت المواصلات وأغلقت المصالح العمومية وغمرت المياه البيوت وأنفاق الميترو؟ خبراء الطقس والأحوال الجوية في فرنسا يجزمون على أن نسبة وقوع هذا السيناريو المشابه لكارثة عام 1910 هي 1 بالمئة في كل عام.
شهدت العاصمة الفرنسية باريس في نهاية يناير/كانون الثاني 1910، أسوأ فيضان في تاريخها حيث ارتفع منسوب نهر السين الذي يقطعها من الجنوب إلى الشمال، إلى أكثر من 8.62 أمتار (ثلاثة أضعاف مستواه الطبيعي)، لتغمر المياه البيوت والشوارع، ما خلف قتيلا ونحو 200 ألف منكوب، فضلا عن خسائر مادية بلغت مليار يورو (نحو 400 مليون فرنك آنذاك).
هذا السيناريو المأساوي مرجح للوقوع مجددا في باريس، وهذا بنسبة 1 في المئة بحسب خبراء الطقس والأحوال الجوية الفرنسيون. لذا، قررت السلطات الفرنسية استباق الأمور والاستعداد للتصدي لأي طارئ أو عاجل لحماية سكان باريس وممتلكاتهم والعمل على استمرار المصالح الحيوية من خلال إجراء محاكاة افتراضية يشارك فيها 900 شخص من مصالح الإنقاذ و150 من الشرطة، و40 سيارة إسعاف و4 طائرات مروحية. وتشمل العملية أيضا 87 مؤسسة وشركة تابعة للقطاع العام (من الصحة والأمن والنقل والطاقة...). وتدوم العملية التي من 7 آذار/مارس ولغاية 18 من الشهر ذاته.
فعلى مدار أسبوعين، ستتوالى النشرات عن الوضع على الميدان، علما أن ارتفاع منسوب مياه السين إذا ما تحقق هذا السيناريو ستكون عواقبه أكثر وأشد من حصيلة 1910، نظرا لارتفاع عدد السكان في باريس وضواحيها واتساع شبكة المواصلات وحركة المرور.
والنتيجة الفورية ستكون انقطاع الكهرباء وتوزيع المياه الصالحة للشرب على نطاق كبير واضطراب المواصلات والمصالح العامة وتوغل المياه إلى البيوت والشوارع وإغلاق المستشفيات والمدارس ودور المسنين...
فعلى سبيل المثال، فإن مدينة ألفورفيل (بضاحية باريس الجنوبية) ستكون شبه مغمورة بالمياه، وكل الجسور التي تربط الضاحية الغربية بالعاصمة الفرنسية مغلقة، فيما برج إيفل ومتحف اللوفر ستحاصرهما المياه وتحيل الوصول إليهما.
وتشمل هذه العملية خمس مقاطعات من أصل 8 تتضمها المنطقة الباريسية (إيل دو فرانس) وبحسب محافظ الشرطة في باريس، ميشال كادو، فإن وقوع كارثة مماثلة لمأساة 1910 ستسبب في غمور 500 كلم مربع من الأراضي في منطقة باريس وتدهور حال ملايين السكان، إضافة إلى انقطاع الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات الهاتفية. أما بخصوص الخسائر المادية، فستقدر حسب صحيفة "ليبيراسيون" بين 17 و20 مليار يورو.
علاوة مزياني