ناقشت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية علاقة حزب الله اللبناني بحركة "أنصار الله" الحوثي في اليمن، مشيرة إلى أنهما يعملان معا ضمن مشروع إيران التوسعي في المنطقة، كاشفة المزيد من التفاصيل عن العلاقة بين هذه الأطراف.
جاء ذلك في مقال للباحثين أليكساندر كوربيل، المختص في الأزمة السورية، وأمارناث أماراسينغام، الباحث في شؤون الإرهاب بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، مع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، الصادرة عن "معهد الدراسات الخارجية".
وبدأ الباحثان مقالهما الذي ترجمته "عربي21"، بمقطع لقناة العربية السعودية، أظهر لقاء خلال الصيف الماضي بين القيادي في حزب الله "أبي صالح" وقوات الحوثي في اليمن، ويظهر رجلا يرتدي زيا عسكريا ويوجه مجموعة أخرى بلهجة لبنانية، حول عمليات اغتيال داخل السعودية، بما في ذلك هجوما محددا ضد قيادي سعودي على الحدود.
وتابع مقال المجلة، المعروفة بقربها وتأثيرها من أوساط السياسة الأمريكية، بأن الحرب الحالية في اليمن بدأت بعد فشل الانتقال السياسي من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إثر المظاهرات الحاشدة في 2011 بعد الربيع العربي، والتي تحولت لحرب أهلية، بالإضافة إلى فشل المبادرة السعودية بالانتقال السياسي من علي عبد الله صالح إلى خلفه عبد ربه منصور هادي، في شباط/ فبراير 2012.
وبعد فشل الانتقال السياسي، ومحاولات الحوار، فقد تمكن تحالف عسكري من الحوثيين وأنصار المخلوع صالح، من إعادة السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، ودفع أنصار هادي إلى مدينة عدن، ما دفع السعودية لبدء عملية عسكرية في آذار/ مارس 2015، عبر قيادة تحالف دولي استهدف مواقع الحوثيين وحلفائهم من أنصار صالح، وسط اتهام السعوديين للحوثيين بتلقيهم دعما من السعودية، ومحاولات طهران لتأسيس منظمة شبيهة بحزب الله في البلاد.
"مقاتلونا وصلوا"
وقال هادي إنه تلقى رسالة من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، قال له فيها إن "مقاتلينا وصلوا إلى اليمن لتعليم الشعب اليمني أصول الحكم"، كما ادعت الحكومة اليمنية أنها سيطرت على وثائق من مواقع عسكرية للحوثيين تؤكد مشاركة حزب الله في القتال.
ووسط ذلك، ألمحت الرياض إلى أن إيران تسعى لتحويل الحوثيين إلى منظمة شبيهة بحزب الله، المنظمة التي أسستها طهران في لبنان منذ 34 عاما.
من جانبها، اتهمت الولايات المتحدة عام 2013، القيادي السابق في حزب الله خالد حرب بمشاركته بعمليات عبر الشرق الأوسط، وخصوصا في اليمن منذ عام 2012.
وأكد الباحث في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" ماثيو ليفيت، أن قياديين مثل "أبي علي الطبطبائي" الذين أشرفوا سابقا على عمليات الحزب في سوريا انتقلوا إلى اليمن لمساعدة الحوثيين.
وبالرغم من أن إيران وحزب الله أعلنا دعمهما للحوثيين، فإنهما أنكرا في الوقت نفسه مشاركتهما العسكرية هناك، بحسب المجلة، التي نقلت عن خطاب لنصر الله في الأول من آذار/ مارس الماضي انتقد فيه التدخل السعودي في اليمن، قوله إن "أفضل شيء فعله بحياته هو التحدث في اليوم التالي من الحرب السعودية".
"اليمن بعد سوريا"
ونقلت المجلة عن قيادي في حزب الله يسمى "أبو عباس" قوله إن "اليمن هي مرحلتنا القادمة بعد أن ننتهي من سوريا، ونحن متواجدون هناك".
وتساءل أبو عباس، في مقابلة أجراها في بيروت: "من تظنون أنه يطلق صواريخ التوشكا على السعودية؟ إنهم ليسوا الحوثيين، بل نحن".
وتأتي مصلحة طهران بتمويل وتدريب وتعزيز الحوثيين في اليمن لبناء قاعدة إيرانية للعمليات ضد السعودية في اليمن، بحالة شبيهة لحزب الله، وكيل طهران المحلي، الذي ساعد طهران ببناء قدراتها عبر العالم العربي، وخصوصا في سوريا والعراق.
ووصف الباحثان حزب الله بأنه "أكثر القوى الشيعية في المنطقة قوة"، كما أنه يرى نفسه حاميا للقضايا الشيعية في المنطقة عبر الشرق الأوسط، خصوصا أمام صعود الجهاد السني.
وتابع أبو عباس بأن "الفقر والجهل هما ما يجعل الأفراد يصدقون غسيل دماغ الوهابيين، الذين لا يتحدثون عن إسرائيل كعدو، بل عن كرههم للشيعة فقط".
عمليات شبيهة
وقالت "فورين أفيرز" إن عمليات حزب الله الجديدة في اليمن تشبه النمط الذي يتبعه الحزب في عملياته خارج لبنان، إذ إن الحزب يشارك بكلية ثم يعترف بعملياته، ثم يكون اعترافه أقل من الجانب العملي له.
فعلى سبيل المثال، أعلن مسؤول في حزب الله لـ"مجموعة الأزمات الدولية" في أيار/ مايو 2012، أن حزب الله "لم ولن يشارك في سوريا"، لكن مع حلول 2013، كشفت تنظيمات المعارضة أن الحزب يدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد تقنيا ولوجستيا، بالإضافة لتسليح وتدريب الشيعة في سوريا.
في نيسان/ أبريل 2013، كان الحزب مستعدا لإعلان دوره في سوريا، في معركة القصير، وفي شباط/ فبراير 2014، احتل حزب الله بلدة يبرود، معقل الثوار في القلمون، أما اليوم، فإن الحزب مشارك بشكل مفتوح في سوريا، ويقود عمليات عبر البلاد.
إجراءات مضادة
وفي الثاني من آذار/ مارس الماضي، أعلن مجلس التعاون الخليجي حزب الله منظمة إرهابية، واتخذت الجامعة العربية إجراءات مشابهة في 11 آذار/ مارس.
وبالرغم من أن هذه الإجراءات لن تؤثر على قدرة حزب الله على التحرك في العراق أو لبنان أو سوريا، فإنها ستجعل تحركاته في شبه الجزيرة العربية أكثر صعوبة، وقد رحلت البحرين والكويت والإمارات عددا من الأفراد المشتبه بارتباطهم بحزب الله.
ورغم ذلك، فقد اعتقد أبو عباس بأن "هذه الإجراءات لن تؤثر على قدرة حزب الله، بل ستمنحنا مزيدا من القوة"، مشيرا إلى أن السعودية وحلفاءها قد اعتادوا القيام بتحركات شبيهة بهذه تحت الطاولة، وهم الآن يقومون بنفس التحركات من فوقها"، معتبرا أن "إعلان حزب الله منظمة إرهابية يعني العمل العلني للخليج مع إسرائيل".
تصعيد إيراني
وقد تدفع هذه الإجراءات، بحسب المجلة، حزب الله بالتعاون مع إيران، إلى زيادة دعم الحوثيين كنتيجة لذلك، فبحسب أبي عباس، فإن "هناك أسلحة مضادة للطيران ستصل إلى اليمن قريبا".
وأشارت المجلة إلى محاولات سابقة لإيران، لإرسال أسلحة من هذا النوع إلى اليمن، ففي 23 كانون الثاني/ يناير 2013، اعترضت الحكومة اليمنية السفينة الإيرانية "جيهان 1"، والتي ضمت 20 صاروخا أرض-جو، بالإضافة إلى أسلحة أخرى.
واختتمت المقالة بالقول إن فشل محادثات الحوار في اليمن، واستمرار حروب الوكالة في المنطقة، سيدفع إيران لإرسال المزيد من الأسلحة للوكلاء، سعيا لقلب النتائج في الصراع اليمني، وبالنظر للتصعيد الإيراني-السعودي في اليمن، فقد يكون الأمر مسألة وقت قبل أن يتصاعد الصراع اليمني، ما يعني دفع حزب الله إلى مزيد من التدريب والتسليح.