جاء تجاوب مزارعي القات مع قرار إزالته الذي أعلنه الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز، أمير منطقة جازان، في الاجتماع الذي عقد بحضور مشايخ القطاع الجبلي في العيدابي كخطوة مهمة في القضاء على زراعته نهائيًا، فالأرقام التي أعلنتها هيئة تطوير فيفاء عن صرف أكثر من أربعين مليون ريال لـ916 مزارعاً أزالوا أشجار القات طواعية ما نتج عنه إزالة 35 ألف شجرة قات من المناطق الجبلية، تؤكد مدى التفاعل مع الدعوة..
“عين اليوم” اقتحمت مزارع القات في القطاع الجبلي للتعرف على تلك المزارع؟ ومن يديرها؟ وهل هي بهذا الحجم الكبير؟.
وفى محاولة الوصول إلى مزارع القات لم يكن الطريق سهلاً أو مفروشاً بالورود، فالطريق إلى أقرب جبل “الجبل الأسود” توجد به مزارع قات كان شاقاً على الرغم من جمال الطبيعة الذي تشاهده بمجرد الخروج من المنطقة التهامية التي يعبث بها إهمال الجهات الخدمية.
وفي الطريق قابلنا عدداً من المتنزهين الذين قالوا لـ”عين اليوم” إنهم يعملون في منطقة جازان لكنهم ليسوا من أهل المنطقة والهدف من وجودهم هو النزهة والتعرف على الفرص التجارية، حيث يرون أن المنطقة بها العديد من الفرص التي لا يستغلها سكانها لانشغالهم بمضغ القات.
وأضاف أحدهم: أنه أستأجر أرضًا في قرية محلية بمبلغ عشرين ألف ريال، وأنشأ عليها وحدات سكنية للعزاب وبدأ يؤجر، وبدأ مشروعه الصغير ينمي ذاته سريعًا ويكبر بشكل مفاجئ ومغامرة ناجحة فتحت شهيته – كما يقول – لخوض المشروعات وعدم رغبته في أن يتم نقله من جازان، فالفرص هنا متوفرة، والقات يحجبها عن أنظار سكانها.
وعورة الطريق:
وبالطبع كما قلنا الوصول إلى الجبل الأسود، حيث مزارع القات لم يكن سهلًا فالطريق مرتفع جدًا وخطر، والخطأ قد يساوي حادثاً مأساوياً وهو ما يجعلها منطقة غير مهيأة للتنزه والسياحة ولا يوجد بها إلا سكانها الأصليون أو مجهولون يعملون في زراعة القات وبيعه.
وبعد الوصول إلى الجبل الأسود وجدنا عدداً من العمالة المخالفة من الجنسية الإثيوبية بقرب إحدى المزارع، حاولنا الاقتراب منهم والحديث معهم، لكنهم رفضوا وامتنعوا عن التصوير ورفعوا شواكيش كانوا يحملونها، وتجمع أكثر من شخص حولنا فاعتذرنا، واتجهنا إلى مزرعة أخرى، حيث وجدنا بعض الشباب السعودي الذي يود الشراء، فاقتربنا منهم وتحدثنا عن رغبتنا في شراء القات ليسمحوا لنا بالنزول للمزرعة وهي عبارة عن مدرجات تكسوها أشجار القات الصالحة للمضغ.
وعند عملية القطف، تحدثنا إلى أحد الباعة عن كيفية امتلاك المزرعة فأوضح أنهم كمجموعة من الإثيوبيين يستأجرون المزارع الموجودة ويزرعون أشجار القات، وبيعها لمن يرغب، وهو ما يحقق لهم مكاسب مالية.
وأضاف البائع الإثيوبي: إن الحرب على الحدود رفعت الأسعار، فالرزمة التي كانت تباع بـ30 ريالاً وصلت لـ50 عند بداية الحرب، والآن وصل سعر الرزمة إلى 100 ريال ويعتبر ذلك سعراً مناسباً، باعتبار أن أسعار القات اليمني أغلى بكثير.
ارتباط القات بجازان:
وحول ارتباط زراعة القات بمنطقة جازان، يقول الكاتب إبراهيم جبران لم يكن القات يُشكل همًا يوميًا أو هاجسًا مقلقًا، ولم يستنزف من الوقت والجهد شيئًا، وإن استخدم فهو على نطاق ضيق جدًا ولم يكن في يومٍ من الأيام طقساً اجتماعياً كما هو في بعض البلدان المجاورة، وقد عرف آباؤنا وأجدادنا مضاره فعافوه ولم يشغلوا أنفسهم باقتفاء أثره، لأنهم انشغلوا بما هو أهم، وازدحمت أوقاتهم بما فيه صلاح حياتهم، ولم يحتفوا بهذه النبتة كما يُحتفى بها الآن، ولم يكن لها شأن كما هو الآن، حيث استهلكت المال والوقت والدين، وظهر شرها في أرزاق العباد وأجسادهم، وانعكس تعاطيها على تنمية المنطقة بشكل سلبي، وحينما أدرك المسؤولون خطرها الحقيقي شرعوا في تجريم تعاطيها وترويجها، وزراعتها، وسعت الحكومة جادة في القضاء على هذه الآفة من مصدرها فانطلقت تقدم البديل الصالح، معطية الاستثمار النافع لمزارعي المناطق الجبلية.
ترحيب بإزالة أشجار القات:
وقد رحب شيوخ القطاع الجبلي بجازان بإزالة أشجار القات من المزارع خلال الاجتماع الذي عقده أمير منطقة جازان مع مشايخ وأعيان محافظات القطاع الجبلي في العيدابي أمس الأول بحضور مديري ورؤساء الدوائر الحكومية في المنطقة، حيث تناول الاجتماع مناقشة مشروع إزالة القات في المحافظات الجبلية.
وقال رئيس بلدية فيفاء الدكتور سالم بن علي منيف، إن البلدية قامت بفتح عدد ٩٤ طريقاً ووصلة للمواطنين في أنحاء متفرقة من جبال فيفاء لخدمة السكان.
وأشارت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى تنفيذ حملة توعوية عن أضرار القات لطلاب المرحلة الثانوية شملت 150 مدرسة مع طباعة 30 ألف كتيب ونشر 50 لوحة إعلانية للتوعية.
كما بينت إدارة المياه أنها أنشأت 560 خزاناً للمياه لخدمة عدد من المواقع بفيفاء، وأوضحت وزارة الزراعة أنها رصدت 86755000 لمشروعات الزراعات البديلة في القطاع الجبلي خصص منها 1500000 للمرحلة الأولى لدعم زراعة 33000 شجرة .
وكشفت الزراعة عن مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية في القطاع الجبلي الذي سيتم توزيع استبيان واستمارات على المواطنين لإبداء مقترحاتهم.
الإزالة مستمرة:
وقال الشيخ أحمد محمد الحكمي الفيفي، شيخ قبيلة الحكميين بفيفاء، إن إزالة أشجار القات في فيفاء مستمرة، كما لفت إلى أن مشروعات الطرق التي أشار إلى تنفيذها مدير إدارة الطرق بفيفاء لا يعلم عنها أهالي فيفاء شيئاً وليست موجودة على أرض الواقع.
ويقول الشيخ أحمد سالم العثواني شيخ شمل قبائل بني مالك إنه تمت إزالة الكثير من أشجار القات في جبال بني مالك وسيتم إزالة الباقي.
أما أمير جازان فقد أكد عدم الرضا عن أي تقصير من إدارة الطرق أو هيئة تطوير فيفاء، مبيناً حرصه على تذليل كل العقبات التي تعترض مشروع إزالة أشجار القات بالقطاع الجبلي وثقته الكبيرة في تعاون مشايخ القطاع عامة ومشايخ فيفاء خاصة.