اخبار الساعة - د.محمد غالب العمري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
فإنّ مما يؤلم القلب ويبكي العين، ويوجِد في القلب حرقةً وألما، أن نجد من أبناء جلدتنا من يفسد ما يصلحه الآخرون، ويهدم ما يبنيه المصلحون.
شباب في زهرة شبابهم، تقذف بهم جماعات الظلم والدماء، وهواة القتل والأشلاء، يقذفون بهم إلى نيران الفتن، وسعير الدمار.
إنّ ما يحصل في عدن وغيرها من بلاد اليمن لأمر لا يقبله عاقل، وفعل لا يرضاه صاحب دين فقه أهمية الدماء وصيانة الإسلام لها.
فأين هؤلاء من قوله تعالى: (ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
أين هؤلاء من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المسلم في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما).
أين هم من تقريرات العلماء وسيرتهم في معالجة المنكرات والفتن؟!.
أين هم من قول الإمام أحمد رحمه الله: (الله الله في دماء المسلمين)؟!.
أين هم من فتاوى العلماء الكبار وتقريراتهم، أم إستطاع أرباب هذا الفكر أن يسقطوا العلماء من قلوب الشباب ليفرغ لهم المجال فيقرروا في عقولهم ما شاءوا؟!!!.
يا شباب: نصيحة مشفق ونداء حريص: إن هذه الدماء التي تسفك لا تخدم إلا أعداء الدين، والمتربصين بأوطاننا المسلمة.
إنّ هذه الأفعال لا تثمر صلاحاً، ولا تقيم إعواجاجا، وإنما تسفك دماء، وتقتل أبرياء، وتدمر أوطانا قد تعب أهلها, وعانوا فوق أرضها ماعانوا؟!.
تجردوا للحق، واقرأوا النصوص بتجرد دون تفسيرات متأخرة مخالفة لسلفكم من الصحابة ومن بعدهم، ومناقضة لتاريخكم الإسلامي، ومخالفة للعقل الصحيح الذي لا يعارض الشريعة.. قلّبوا نواظركم في أرجاء العالم، وتأملوا.
حدثونا أي طائفة على الحق فيكم؟!.. ولماذا تقاتلتم في الشام والعراق؟.. من الذين أقنعكم بأحقية الفرقة الفلانية دون الأخرى؟!!.
ما هي مصادر التلقي وفهم النصوص عندكم؟!!..
يامعشر الشباب: كثير ممن أرداكم في هذه المهالك لا زال يتنفس الحياة الملوثة برائحة الدماء، بينما أنتم تُقادون إلى قبوركم التي ستحوي أجسامكم أو أشلاءكم ؟؟!.
هل قرأتم أيها الأكارم صلح الحديبية لتعرفوا سنة نبيكم فتتبعوه؟.
هل تأملتم في وصايا الصحابة؟، أم وصلكم النص مبتوراً من سياقه ولحاقه، فلم تتبعوا صدق ما نُقل إليكم؟!.
يا شباب الإسلام تأملوا في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
قال الطبري رحمه الله: يعني جل ثناؤه بقوله: (يا أيها الذين آمنوا)، يا أيها الذين صدَّقوا الله وصدَّقوا رسوله فيما جاءهم به من عند ربهم (إذا ضربتم في سبيل الله)، يقول: إذا سرتم مسيرًا لله في جهاد أعدائكم (فتبينوا)، يقول: فتأنَّوا في قتل من أشكل عليكم أمره، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره، ولا تعجلوا فتقتلوا من التبس عليكم أمره. تفسير الطبري (9/ 70).أللهم إهدِ شباب الإسلام، وإجعلهم هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين.