أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

كاتب تركي: هذه هي أدلة تورط غولن في الانقلاب الفاشل

- متابعة
تساءل الباحث التركي مصطفى أيكول، ومؤلف كتاب "إسلام دون تطرف"، عن الجهة التي تقف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.
 
ويقول أيكول في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إن المحاولة الدموية الفاشلة في تركيا، التي قتل فيها أكثر من 200 شخص، ركزت انتباه العالم على الجماعة التي اتهمها الرئيس رجب طيب أردوغان بالتورط في العملية، وهي الجماعة التي يقودها فتح الله غولن، رجل الدين التركي، الذي يعيش في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا، منذ نهاية العقد الأخير من القرن العشرين.
 
ويضيف الكاتب أن "غولن ينفي الاتهامات بشدة، ويرى البعض في الغرب أن هذه الاتهامات إحدى نظريات المؤامرة الغريبة التي يؤمن بها أردوغان، لكنها ليست مجرد دعاية، وهناك عدد من الأسباب الوجيهة التي تدعو إلى الاعتقاد بأن الاتهامات صحيحة".
 
ويتابع أيكول بأن "مجتمع غولن يدور حول شخصية واحدة: فتح الله غولن، ولا ينظر إليه أتباعه على أنه مجرد عالم دين، كما يدعون في العلن، لكن بصفته (المنتظر) كما قيل لي بشكل شخصي، فهو المهدي، النسخة الإسلامية للمخلص، الذي سينقذ العالم الإسلامي، وفي النهاية العالم كله، ويعتقد الكثير من أتباعه أن غولن يرى النبي محمد في مناماته، ويتلقى منه الأوامر".
 
ويواصل أيكول قائلا: "إلى جانب سلطة غولن المطلقة، فإن هناك ميزة رئيسية في حركته، وهي التسلسل الهرمي في التوجه؛ فالأئمة في القمة يصدرون الأوامر للأئمة في المرتبة الثانية، الذين يقومون بدورهم بإصدار الأوامر للأئمة في المرتبة الثالثة، وهكذا إلى أن تصل إلى القاعدة الشعبية".
 
ويتساءل الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "ماذا تفعل الجماعة؟ فأعمالها الواضحة تضم فتح مدارس، وإدارة جمعيات خيرية، تقدم خدمات اجتماعية للفقراء، والإشراف على (مراكز الحوار)، التي تقوم بالدعوة إلى الحب والتسامح والسلام، وبالطبع، لا بأس في هذا كله، وأنا شخصيا تحدثت مرات عديدة في مؤسسات غولن بصفتي ضيفا، والتقيت أناسا متواضعين ولطيفين ومحبوبين".
 
ويستدرك أيكول بالقول: "لكن، كما أخبرني أحد الغولينيين، الذين شعروا بخيبة الأمل، العام الماضي قائلا: (هناك جانب مظلم للحركة لا تعرفه إلا القلة)، فلعقود طويلة قامت الحركة باختراق مؤسسات الدولة التركية، مثل الشرطة، والقضاء، والجيش، ويعتقد الكثيرون أن بعض الغولينيين، الذين تلقوا أوامر من أئمتهم، أخفوا هوياتهم، وحاولوا الصعود في هذه المؤسسات؛ من أجل السيطرة على السلطة".
 
ويشير الكاتب إلى أنه "عندما وصل أردوغان وحزبه الإسلامي، العدالة والتنمية، أو (إي كي بي) إلى السلطة عام 2002، وشعر بالتهديد من العلمانيين المتطرفين، الذين يسيطرون على الجيش منذ أيام مؤسس الدولة التركية الحديثة كمال أتاتورك، ومن هنا، فإن أردوغان عدّ الكادر الغوليني الموجود في مؤسسات الدولة رصيدا أدى إلى ولادة تحالف، وقامت حكومة أردوغان، مدعومة من ضباط الشرطة، والمدعين العامين، والقضاة الذين ينتمون إلى جماعة غولن، بملاحقة العلمانيين، وبدءا من عام 2007 تم اعتقال مئات الضباط العلمانيين وحلفائهم المدنيين". 
 
ويجد أيكول أنه "رغم أن الملاحقة كانت تجري بناء على أجندة أردوغان السياسية، إلا أن الغولينيين كانوا أشد شراسة من حزب العدالة والتنمية، وما أثار القلق هو أن بعض الأدلة التي قدمت تبين أنه بولغ فيها، وعندما قام صحافيان علمانيان وقائد شرطة بالكشف عن الأدلة الزائفة، ولاموا (جيش الإمام) سجنوا سريعا بناء على اتهامات مزورة، وقلت مرة لصديقي الغوليني، الذي خاب أمله: كيف تبررون استخدام الأدلة الزائفة وتحميل الأبرياء المسؤولية؟ فأجاب قائلا: (لأن هدفهم عظيم)، في إشارة إلى خطتهم القيامية العالمية (فهم يعتقدون أن هذا مبرر)".
 
ويعلق الكاتب قائلا: "اتضح تدريجيا أن الغولينيين كانوا متحمسين في محاكماتهم للعلمانيين؛ لأنهم كانوا يريدون الجلوس في مقاعدهم، وهناك الكثير من الضباط الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية الفاشلة، رفعوا بسبب عمليات التطهير في الجيش عام 2009، التي كان من المفترض أن تحمي أردوغان من الانقلاب".
 
ويفيد أيكول بأنه "بحلول عام 2012، تم قمع الحرس العلماني القديم، وبقي الغولينيون وحزب العدالة في السلطة لإدارة تركيا وحدهم، ولم يمض سوى أقل من عامين قبل أن تطور الجماعتان الإسلاميتان حالة من عدم الثقة والعداء، ووصل التوتر إلى ذروته في كانون الأول/ ديسمبر 2013، عندما قام ضباط الشرطة والمدعون العامون من حركة غولن باعتقال عشرات من مسؤولي الحكومة في تهم فساد، على أمل الإطاحة بأردوغان، الذي شجب التحقيق، ووصفه بـ (المحاولة الانقلابية)، وبدا كلامه في ذلك الوقت كأنه مبالغة تهدف إلى خدمة مصالح ذاتية".
 
ويجد الكاتب أن "المؤامرة الدموية في 15 تموز/ يوليو كانت أكثر تدميرا من أي شيء شاهدته تركيا في السنوات الأخيرة، وجاءت المؤامرة بشكل بارز في الوقت الذي كان يحضر فيه أردوغان لعملية تطهير واسعة للغولينيين في الجيش، وكشف رئيس هيئة الأركان، الذي عارض الانقلاب، عن أن الضباط المتمردين هم من أتباع غولن، بل إن أحد المتآمرين اعترف بأنه كان يتصرف بناء على أوامر من حركة غولن". 
 
ويرى أيكول أنه "بناء على الهرمية، التي تتسم بها بنية حركة غولن، فإن هذا يجعل من غولن المتهم الأول، وبالطبع فإن الحقيقة ستظهر بإجراء محاكمة عادلة، وللأسف، تركيا ليست جيدة في ضوء سيطرة أردوغان على القضاء، والاستقطاب الشرس في تركيا اليوم، ويمكن لحكومة الولايات المتحدة محاولة التفاوض مع نظيرتها التركية لترحيل غولن، كما تطالب الحكومة التركية الآن، بشرط أن تعقد له محاكمة عادلة".
 
ويخلص الكاتب إلى أنه "في هذه الحالة يتحقق العدل، وتتحسن العلاقات التركية الأمريكية، بالإضافة إلى المساعدة في تهدئة الحماس الخطير في تركيا، ومساعدة عدد من الناس الأبرياء في جماعة غولن لمعرفة الجماعة التي انخرطوا بها، وبدء حياة جديدة أفرادا أحرارا". 

Total time: 0.0564