شهدت العلاقات اللبنانية السعودية نشاطاً مستجداً خلال الأيام القليلة الماضية بعد جفاء استمر لأكثر من عام وترجم بتجميد المملكة العربية السعودية لهبة الثلاثة مليارات دولار أمريكي التي كانت مخصصة لدعم الجيش اللبناني.
وحول تطور العلاقة مؤخراً ما بين الرياض وبيروت، أكد النائب في البرلمان اللبناني عن "تيار المستقبل" أمين وهبي لـ"سبوتنك" "أن العلاقات اللبنانية السعودية لطالما كانت جيدة، حتماً في بعض الفترات أساء عدد من السياسيين اللبنانيين إلى المملكة وأساءوا للعلاقات اللبنانية السعودية لكن السعودية بسياستها الثابتة لم تتخل عن تضامنها مع اللبنانيين ولطالما تمنت الخير لكل اللبنانيين".
وأضاف وهبي "السياسة السعودية الثابتة دائما كانت ترى لبنان دولة مستقرة يلتقي على دعمها كل الأشقاء العرب، وأن السعودية دائما تريد من لبنان أن يكون دولة فاعلة في جامعة الدول العربية، تغار على المصالح العربية وتدافع عنها ولا تتمنى أن يكون لبنان ملحقاً بسياسات إيران ".
وتمنى النائب أمين وهبي إعادة تفعيل هبة الثلاثة المليارات دولار المخصصة للجيش اللبناني، وقال "كلما اقتربنا من منطق الدولة المسؤولة عن أرضها وشعبها ومؤسساتها كلما عاد الأخوة العرب في دعمنا في كل المجالات".
كما اعتبر وهبي أن نتائج زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية لن تكون إلا نتائج إيجابية تصب في مصلحة جميع اللبنانيين.
من جانبه قال رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في لبنان الدكتور مهدي شحادة، إن زيارات كبار مسؤولي الخليج إلى لبنان، والدعوة التي تم توجيهها للرئيس ميشيل عون لزيارة السعودية، تساهم في عودة العلاقات بين لبنان ودول الخليج إلى طبيعتها، بعدما كانت شهدت خلال الأشهر الماضية حالة من التوتر، على خلفية حرب اليمن والملف السوري.
وأضاف شحادة، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، أن الحرب في اليمن والملف السوري، دفعت السعودية إلى تجميد مساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن بقيمة 3 مليارات دولار، وجمدت أيضاً مكرمة أخرى كانت موضوعة تحت تصرف الرئيس سعد الحريري، بسبب مجموعة مواقف عدة أطراف لبنانية، اعتبرتها معادية للسعودية.
وأوضح رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي أنه مع إقدام الحريري على قبول ترشيح عون وبالتالي انتخابه، رأت السعودية وبعض دول الخليج، أن تعيد فتح صفحة جديدة مع لبنان، فأوفدت سامر السبهان، وزير الدولة لشؤون الخليج، الذي التقى عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين، ووعد وقتها بأنه في حالة نجاح عون، فإنه سيتم دعوته إلى زيارة السعودية، وهو ما تم بالفعل.
وتابع "باعتقادي أن الموفد القطري الموجود اليوم ببيروت، سيوجه دعوة رسمية إلى عون لزيارة قطر، بجانب الموفدين من جانب الكويت وإيران، بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية المصري الذي وجه له الدعوة لزيارة مصر، وهي كلها مؤشرات على عودة لبنان وإعادة احتضانه عربياً وإسلامياً، لمساعدته في الخروج من الأزمات التي تحيط بها، خاصة أن لبنان متأثر بالحروب المحيطة".
وعن تبدل الموقف السعودي، الذي كان رافضاً لانتخاب الرئيس ميشال عون كرئيس للبنان، قال شحادة، إن الأمر كان براغماتياً، فلمدة عامين ونصف ظل منصب رئيس الجمهورية في لبنان شاغراً، وبقي المرشح الوحيد المدعوم من "حزب الله" و"القوات اللبنانية"، كما أنه يمثل الأكثرية المسيحية في لبنان، ومن ثم حظي بدعم الحريري.
وأردف "لذلك كانت السعودية ودول الخليج أمام أحد خيارين، إما أن يظل الوضع متجمداً وتستمر الأزمة، أو القبول بعون للخروج من هذا الوضع، عسى أن يكون عون في موقع رئيس الجمهورية مختلفاً عن موقعه كرئيس للتيار الوطني الحر، أي أنه كرئيس لكل اللبنانيين سيكون مضطراً إلى أن يكون على الحياد، وتتغير مواقفه بشأن التحالفات والتكتلات في المنطقة".
من جانبه، قال مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة، اللواء أنور عشقي، إن المملكة العربية السعودية، طالما هنأت الرئيس اللبناني بنجاحه، وبعثت مستشار خادم الحرمين وأمير مكة، ليهنئه ويدعوه لزيارة السعودية، فإن هذا يعني أن المملكة مستعدة لإعادة العلاقات مع لبنان، لأن لبنان تضرر كثيرة من مقاطعة السعودية لها. وأضاف، لـ"سبوتنيك"، أن كل الأطراف سيكون لها دور في العملية السياسية وإدارة لبنان، ولا شك أن الخلافات انتهت، ولكن إعادة بناء الثقة ستكون قائمة على أسس صحيحة وليست أسس قديمة، لأن السعودية ومجلس دول التعاون ترى أن هناك ضرورة أن يكون للجميع دور في لبنان، وأن يكون لبنان موحداً.
وأكد أنه في حالة زيارة الرئيس عون للسعودية، ستكون هناك اتفاقات لإعادة العلاقات، وكما قال الرئيس سعد الحريري، فإن القطيعة انتهت، ولن تعود مرة ثانية.