أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

قطر 94 غير قطر 2011

- محمد حسين النظاري

•       عندما نتناول الدور القطري مع اليمن ينبغي ألا يأخذننا التعصب وألا يحملنا الانفعال وألا يقودنا تغير حال إخوتنا في قطر منا، وألا ننسى دورهم المهم في دعم الوحدة اليمنية في صيف 94 وهو موقف لا يمكن بأي حال من الأحوال نسيانه أو إلغائه من صفحات التاريخ المعاصر الجمهورية اليمنية، ففي وقت وقف الجميع ضد إرادة الشعب اليمني الحالم بالوحدة اليمنية كان الموقف القطري جد مشرف .
•       لم يتغير الحال كثيراً بعد ذلك العام بل زادت العلاقات اليمنية القطرية متانة ورفعة لأنها ترتكز في الأساس على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلد الآخر إيماناً من كليهما بأن لكل منهما الحق في تحديد مسار علاقاته واختيار الطريقة المناسبة لإدارة قضايا بلاده، ويتجلى الدعم القطري خصوصاً في المنحة المقدمة لوزارة التعليم العالي والبالغة 600 ألف دولار سنوياً غير ذلك من المشاريع التي تنظمها قطر كدولة أو الهيئات الخيرية الأهلية وهو ما يستحقون عليه الشكر .
•       ولكي نكون موضوعيين أكثر في قراءتنا للموقف القطري فنستطيع أن نقول بان وقوفهم إلى جانبنا في تلك الفترة لم يكن باعتبارات يمنية خالصة بقدر ما كان سيراً على عكس التيار الخليجي الذي كان في ذلك الوقت، فقطر دائما ما تحب السباحة عكس التيار، وان كلفها ذلك فقدان الكثير من المال، وخسارة الدول الأخرى للأمن والاستقرار.
•       الغريب أن سيادة الدول التي تتشدق بها العزيزة قطر تمسحها بممحاة عبر قناتها الجزيرة، فهي تسلطها لتنهش أي دولة تتعارض في التوجه مع السياسة القطرية، وإلا لماذا لم تكن الجزيرة تتعامل مع الملف اليمني بهذه الحدة؟ ولماذا كانت تتحاشى الخوض في كثير من القضايا التي كان البعض يراها منطقية لو عرضت على الجزيرة؟ لكن لأن عين الرضا كانت تشملنا من الإخوة القطريين، فتحاشت القناة أن تقول شيئاً فينا.
•       ولهذا فإن المشهد بدا واضحاً، فسيادتنا أغضبتهم عندما رفض الأخ الرئيس حضور (القُميمة) العربية التي كانت فاتحة للشرخ العربي بقيادة أميرها (المفدى)، والحمد لله أن اليمن لم تكن يوماً من الأيام مع شق الصف العربي ولا مع أن تضرب دولة عربية ولا أن تحاصر ولا تنتهك حرمتها، ولعل هذه المواقف الشريفة قد كلفتنا غالياً لاسيما إبّان الحرب الصليبية على العراق الشقيق، لكن هكذا هي اليمن دولة مواقف وستظل هكذا لأنها اصل العرب.
•       نتفهم الزعل القطري من عدم حضور فخامة الأخ الرئيس كون وجودة ضروري حينها لترجيح كفة الحاضرين الداعمين لشق الصف العربي، وهو ما لم يحدث فاعتبرت القميمة حينها فاشلة، ولم يجد المفدى غير اليمن المسكينة من يصب عليها جام غضبه، ويبدأ خفية وعلناً بمعاداتها، ولم تكن هناك فرصة أفضل من ربيع الصهيوني (برنالد لفني) ليزج باليمن فيه، واقسم بالله العلي العظيم لو كانت علاقتا طيبة مع قطر (سمعاً وطاعة من وجهة نظرهم) لقالت الجزيرة في ما خرج به الشباب اليمني من الحرمة ما لم يقله مالك في الخمر، ولانبرى حينها رئيس الاتحاد العالمي (للمسلمين) يكفر الخارجين عن النظام، ولكن الحال الذي يقتضي إما أن تكون معي أو أن أكون ضدك.
•       إن دعمه للحوثيين ومساندتهم للدور الإيراني فيه جاء من منظورين أولها تأديب اليمن على عدم الانصياع لمطالبها وثانيها إقلاق السعودية، فالحرب الدائرة في صعدة هي بامتياز تغذيها قطر بين إيران والسعودية وفق الصراع السني والشيعي المفتعل، على الأراضي اليمنية، وإلا ما التفسير على الدعم القطري للحوثيين فيما لم تحرك ساكناً لقضايا كثيرة في المناطق الجنوبية من الوطن؟ ولماذا كانت تصر على جعلهم نداً للدولة وكأنها تريد أن تخلق دولة داخل الدولة تمهيداً لانفصالها ثم المسارعة بالاعتراف بها. •     عندما نقول قطر لا نقصد بأي حال من الأحوال دولة قطر العزيزة ولا شعبها المسالم الطيب، لكن نقصد بعض المسئولين والذين ينادون بزوال الأنظمة، ونظامهم بالتأكيد ليس مخلداً ولكن من سيبقى هو الشعب العربي القطري، الذي لن يظل مخدوعاً لفترة طويلة وهنا لا ندعو لا سمح الله بالخروج على أميرهم فله منهم السمع والطاعة لأنه ولي أمرهم، وما ندين خروج إخوتنا على ولي امرنا لا نجيز بأي حال خروجهم عليه وإن نادى هو بذلك علانية ودعم بالمال كل من سيخدم توجهه.
•       نحن نغبط قطر ولا نحسدها على نعمة الغاز والبترول التي انعم الله به عليها، ولكن من اجل شكر النعمة ينبغي إنفاقها في وجوه الخير، فكم من مسلم جائع في بلدان كثيرة وكم من دول ضربتها المجاعة أهلكها القحط، ورغم ذلك لا توجه الأموال العربية القطرية إلا إلى صدور إخوانهم وأشقائهم العرب ابتداء بالليبيين ومروراً بالمصريين واليمنيين ولا اعتقد أنه انتهاء بالسوريين، لان من يخالف الرغبة القطرية يكفي أن تجيّر له الدولة الغنية حقلاً واحداً من البترول لتدميره وإبادة شعبه، ولكن السؤال المهم لماذا لا يرحب التونسيون والليبيون الآن بالتواجد القطري؟ أليس لأنهم فهموا الدور الخبيث الذي تلعبه؟.
•       ما يسعد الإخوة القطريين يسعدنا فمثلاً فوزهم بتنظيم نهائيات كاس العالم أثلج صدورنا لان من أشقائنا من أصبح يقارع الدول الكبيرة،وما تحقق من نهضة عمرانية وتنموية جعلت المواطن القطري من أكثر الأفراد دخلاً على مستوى العالم، كل تلك الأمور تزيدنا فخرا ونعتز بها، ولكن بالمقابل وكما نشيد بما أنجزته دولة قطر التي تغلبت على صغر مساحتها بعظم الدور الذي تؤديه والذي لا يفهم كل أبعاده إلا بعض الراسخين في البيت القطري فحسب، ومن حق قطر أن ترى في نفسها أنها دولة عظمى ولكن ذلك لا يعطيها الحق أن تُقزّم دولاً أُخرى.
•       ظاهرياً قد تصور الجزيرة واجزم أنها نجحت في أن تنقل للمشاهد العربي والعالمي بأن الحكام هم من يقتلون شعوبهم، عبر أساليب شتى سواء بشهود عيان الزور أو بالفبركة والفوتشوب  وما إلى ذلك من تقنيات الإعلام الحديثة، ولكن هل يستطيع الساسة القطريون حين يقفون أمام علام الغيوب أن ينكروا أنهم من يقتل بالمال والسلاح والإعلام، قد ينجحون في مغالطة عامة الناس ولكن استحالة أن يخدعوا رب الناس.
•       لسنا نفهم لما تريد قطر تدمير وحدة اليمن بعد أن كانت الداعمة القوية لها؟ وهو ما لن ينساه اليمنيون ولكنهم لن ينسوا أيضاً أنها كذلك لم تسعى فقط لفرض الانفصال بل لتجزئة اليمن لدويلات عديدة عبر دعمها لما يدور حالياً، وإلا لماذا كانت قطر على الدوام تريد إفشال المبادرة الخليجية تارة بمواقف استباقية عدائية عكس بقية دول المجلس؟ ولماذا كانت وما زالت تقف إلى جوار طرف ضد آخر؟ وما هي النهاية التي تريدها قطر لليمن؟ الجواب التأكيد ليس دعم الديمقراطية، أليست قطر من دعمت الأخ الرئيس لسنوات طويلة وصنّفت حكمه حينها في قنواتها على انه ديمقراطي، فلماذا الآن تنقلب على اليمنيين وعليه رغم أن مواقف الأخ الرئيس لم تتغير، ولكن لأنه اظهر استقلالية عن القرار القطري الداعي لضرب كل ما هو عربي في عالمنا العربي وبالمال العربي.
باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com

Total time: 0.0467