أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

إيران وحرب اليمن وإخفاقات أخرى.. لماذا أقالت السعودية وزير الإعلام عادل الطريفي؟

شكل الأمر الملكي الذي أعفى بموجبه الملك سلمان بن عبد العزيز، وزير الثقافة والإعلام، عادل الطريفي من منصبه، وتعيين عواد العواد خلفًا له، مفاجئة غير متوقعة في الوسط الإعلامي السعودي، بالرغم من الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها الطريفي خلال توليه الحقيبة الوزارية الهامة.

 

فالوزيرالشاب الذي تسلم منصبه مطلع العام 2015، يحظى بعلاقات وثيقة مع عدد من كبار قادة المملكة، إضافة إلى أنه الابن البار للماكينة الإعلامية السعودية العملاقة التي بدأ حياته المهنية فيها، قبل أن يعين وزيرًا في أبرز أذرعها الإعلامية.

 

وقد جاء تعيين الطريفي بالفعل في مطلع العام 2015 كوزير للثقافة والإعلام تدرجًا من عمله كرئيس تحرير لمجلة “المجلة” البارزة، ومن ثم رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” وانتهاءً بنائب ثم رئيس قناة “العربية”، وهي أبرز الوسائل الإعلامية السعودية.

 

ومع ذلك، تمت إقالة الطريفي بسبب تفاصيل كثيرة، يقول عدد من الإعلاميين السعوديين الذين عملوا معه، إنها تجمعت خلال نحو عامين ونصف العام من تسلمه لحقيبة الوزارة لتشكل خطيئة أطاحت به في نهاية الأمر.

 

والوزارة المسؤولة عن القطاع الإعلامي في السعودية، تدير سلسلة قنوات تلفزيونية كبرى، وصحفا محلية وعربية وعالمية شهيرة، وشبكة إذاعات متعددة اللغات، ومواقع إلكترونية جماهيرية تجعل من توجيهها كلها بالشكل المطلوب أمرًا بالغ التعقيد.

 

ويقول إعلامي سعودي بارز لـ “إرم نيوز”، إن الخطاب الإعلامي للمملكة خلال فترة تولي الطريفي للوزارة، لم يكن متناسقًا بالشكل المطلوب مع الخطاب السياسي لبلد فاعل كالسعودية له مكانة سياسية واقتصادية ودينية عالمية.

 

ويرى الإعلامي السعودي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لعلاقة الزمالة بالطريفي، أن الطريفي “لم ينجح في بث خطاب إعلامي متوازن يرتقي لمستوى سياسة المملكة التي ذهبت نحو العمل العسكري في اليمن لمنع إيران من إيجاد موضع قدم لها قرب حدود المملكة”.

 

ولا يتردد إعلاميون سعوديون آخرون عن انتقاد إدارة الطريفي للوزارة بشكل علني، لا بل يكتب بعضهم رأيه في الطريفي على مواقع التواصل الاجتماعي، لتجد تلك الآراء تأييدًا من عامة السعوديين غير الراضين بشكل واضح عن وسائل إعلامهم.

 

ويرى إعلاميون سعوديون كثر، يؤيدهم عدد كبير من مواطني المملكة، أن الإعلام السعودي في عهد الطريفي “فشل في مواجهة إيران إعلاميًا، أو لم يستغل على الأقل كامل طاقاته الكبيرة لإظهارها على حقيقتها كبلد لا يتوقف عن التدخل في دول الجوار والإساءة لها بما في ذلك السعودية ذاتها”.

 

وتنفق المملكة بالفعل مبالغ طائلة على ماكينتها الإعلامية، لكنها تتعرض لانتقادات على الدوام في وسائل الإعلام العالمية، وتظهر بصورة سلبية في عدة مجالات، كحقوق الإنسان والمرأة والحريات الشخصية.

 

ويقول إعلاميون سعوديون، “إن وسائل إعلام إيرانية هي من تدير أغلب الحملات المسيئة للمملكة عالميًا، وإن وسائل الإعلام السعودية تعد شريكة لها بتركيزها على حوادث محلية اعتيادية وتهويلها بدل الاهتمام بإظهار الجانب الإيجابي لبلد يواجه محاولات إيرانية شتى للتقليل من نفوذه ومكانته”.

 

ونظم السعوديون في الفترة الماضية بضع حملات للمطالبة بإقالة الطريفي عقب حوادث معينة، مثل “استضافة الوزارة لمحاضر أو ضيف من دولة أخرى بالرغم من مواقفه المعادية للمملكة، وتغريداته المثبتة المسيئة للسعودية، أو تعيين إعلاميين في كبريات وسائل الإعلام السعودية”.

 

 

كما يتهم تيار المحافظين السعوديين، الطريفي بالوقوف خلف “حملة تغريب للمجتمع” على حد وصفهم، من خلال “بث برامج ترفيهية وفنية تتعارض مع ثقافة المجتمع السعودي المحافظ، بدل التركيز على مواجهة حرب إعلامية موازية لأخرى عسكرية تقف خلفها إيران في اليمن وسوريا والعراق ودول الإقليم الأخرى”.

 

وقوبل إعفاء الطريفي في نهاية الأمر، بفرح واسع في أوساط جمع كثير من السعوديين من مختلف الشرائح والتوجهات الفكرية، والذين لم يترددوا بتقديم نصائحهم للوزير الجديد عواد العواد حتى لا يلقى المصير ذاته.

 

وقال الإعلامي والكاتب السعودي المعروف، شجاع المطرفي معلقًا على سيل الانتقادات للطريفي:”تصفحت الردود .. فياليت كل مسؤول يتعض أثناء جلوسه ع الكرسي .. حتى تثني عليه الناس بدلاً مما قرأته هنا”.

 

فيما قال مدير عام القناة الثقافية السعودية، عبد العزيز فهد العيد‏: “قصصنا مع عادل الطريفي، لا تتحملها تغريدات، وفد كتبت بعضًا منها، لعلها ترى النور في الوقت المناسب”.

 

وكتب أحد المغردين السعوديين:”نحن مع وزارة الإعلام مثل من يقاتل بمرتزقة من مواطني عدوه” في إشارة واضحة لفريق إعلامي كبير من مختلف الجنسيات العربية يتولى مناصب قيادية في وسائل الإعلام السعودية الكبرى، ويرى بعض السعوديين أنهم المسؤولون عن إظهار المملكة بصورة سلبية عن قصد.

 

وعلق آخر على موقع “تويتر” قائلاً: “كانت فترة عادل الطريفي نكبة بكل المقاييس، ضعف أداء وأدلجة سيئة، ولا أدري عن المصروفات والعقود الوهمية”.

 

وكتب ثالث: “خل قناة العربية تنفعك يا عادل، برنامج رجل الحروب (تمجيد حسن نصر الشيطان)، وتغريداتها (كوني حرة) اسحبت خشمك بالقاع، وطيّرتك من الوزارة”.

 

وقال رابع: “في عصر عادل الطريفي، كانت القنوات الإيرانية تشوه السعودية، والقنوات السعودية الخاصة حاطة رأسها براس المغردين بلا أدنى مهنية، تحولت إلى أبواق إيرانية، تعمل وفق الأجندة الإيرانية في محاربة المجتمع السعودي، وانحرفت سهامها لتتجه صوب الشعب وتشويه عاداته ودينه وأخلاقه”.

 

وينتظر السعوديون تغييرات جذرية في إدارة كبريات وسائل إعلامهم العامة والخاصة، وتغييرًا في خطابها الإعلامي يدعم سياسة بلدهم ويبرز الجانب الإيجابي لها كرد متوازن على حرب إيرانية عسكرية عبر ميليشيات مسلحة في دول الإقليم، وإعلامية تقودها صحف وقنوات محدودة الموارد.

Total time: 0.0635