أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

نص الحوار: رئيس لجنة التهدئة في مدينة تعز يؤيد بقاء الشباب في الساحات، والمطلوب من الشباب صناعة مستقبلهم

- تعز- غمدان اليوسفي

دعا الدكتور عبدالله الذيفاني رئيس لجنة التهدئة ورئيس المجلس الأهلي في مدينة تعز اليمنية إلى ضرورة البدء بمرحلة ثانية بعد التهدئة وهي إخراج الأسلحة والمعسكرات من مدينة تعز واصفا إياها بأنها ليست محافظة حدودية مع دولة معادية.

 

يعتبر الدكتور عبدالله الذيفاني أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز ورئيس لجنة التهدئة، رئيس المجلس الأهلي في مدينة تعز أحد أهم رجالات الثورة التي انطلقت من محافظة تعز اليمنية، وقد أقام في الساحات مع الشباب وأصيب بطلقة نارية كادت تطيح برأسه وأصابت يده أثناء رفعها في الساحة، وتتم حاليا معالجته من إصابته تلك في القاهرة بعد عدة عمليات في اليمن.

في جولة مع الدكتور الذيفاني خلال تنفيذ عملية التهدئة بعد القصف والمعارك التي تعرضت لها المدينة حيث كان يزيل المتاريس بيده إلى جانب أعضاء اللجنة ويفرض على الطرف الآخر جدية في أداء هذه المهمة.

يقول الذيفاني في حوار مع إيلاف إن "الجدية في العمل على التهدئة ليست 100% ولا حتى 80% بل أقل من ذلك بكثير ولكنها أكثر من 50% و60% وهذا يعني أننا ربما نحقق أهدافنا.

ويطالب الذيفاني بإخراج الأسلحة والمعسكرات من مدينة تعز كمرحلة ثانية لخطوة التهدئة الحالية.

كثير من التفاصيل حول الساحات والمجلس الأهلي الذي يرأسه هو وبالتعاون مع القوى السياسية المعارضة يتحدث عنها الذيفاني في هذا الحوار.

أولا ما مدى جدية تنفيذ التهدئة في مدينة تعز؟

من خلال المعايشة لهذه التجربة المرّة، التي مرت بالكثير من المنعطفات المؤلمة ابتداء من 13يونيو حتى هذه اللحظة والتي كانت نتيجة لمأساة محرقة ساحة الحرية وما تلاها من ترويع وتدمير في المدينة، كانت الفكرة في أن تقوم مجموعة من المواطنين الخيرين والقوى السياسية والاجتماعية بشيء للمدينة وبدأت الفكرة في البداية هكذا، ولذلك لم تكن العملية  بالسهولة التي نراها اليوم. فاليوم المشهد بما فيه من قصور ومن مغالطات ومحاولات التذاكي وتغييب الوحدات أو الأسلحة إلا أن ما حدث يعتبر منجزا بكل المعايير ويعتبر مكسبا للمدينة على الأقل أن تعيش آمنة، واعتقد أن هناك عوامل مختلفة ساهمت أو بلورت المشهد المحلي، والضغط الجماهيري والإصرار الأسطوري للمعتصمين على البقاء في ساحاتهم وعدم التراجع، رغم العنف والقتل والقسوة والتدمير إلا أنهم استمروا.

 والنقطة الثانية أن حماة الثورة بإصرارهم أيضا وتوسعهم وتمكنهم من الحضور الواضح والقوي في المدينة والقدرة على المواجهة، كلها شكلت عوامل ضغط غير عادي، إضافة إلى التوافق والمضي بالمبادرة والوصول إلى الحكومة الذي ساهم في تسريع الموقف، أما العامل الآخر والمهم فهو دخول الأمم المتحدة كطرف ومن خلال إصرار هذا الطرف الإقليمي والدولي على الحضور من خلال الرقابة والمتابعة. وصرح جمال بن عمر بأن الأمم المتحدة سيكون لها مكتب لمتابعة هذا الأمر.

هذه جملة من العوامل التي ساهمت في جعل المشهد اليوم يسير في اتجاه أفضل من ذي قبل.. الاتفاق الذي ينفذ لم يسطر اليوم بل سطر في 13 يونيو وترجم في آلية في 18 أغسطس إلا أن السلطة ظلت تتهرب من التنفيذ وتختلق الأعذار حتى وصلنا إلى طريق تكاد تكون مسدودة.

 الجدية ليست 100% لا شك ولا نقول حتى 80% بل أقل من ذلك بكثير ولكنها أكثر من 50% و60% وهذا يعني ربما أننا قد نصل إلى أهدافنا، ولكن المسألة تحتاج إلى صبر ومثابرة وجدية من الأطراف. كما تحتاج إلى حضور العامل المجتمعي في الرقابة والضغط حتى لا يحدث انتكاس لهذا المنجز. لذلك نعول على حضور المجلس الأهلي والقوى السياسية والتكتلات المختلفة بشكل فعال لمراقبة هذا الحدث والضغط على الطرف الذي يمكن أن يتلاعب.. كما شاهدت أنت اليوم معنا وبالأمس أيضا، إخراج كل الثكنات العسكرية من جهة الدولة ونفاجأ أنهم عادوا مرة أخرى بطرق مختلفة وأنهم تركوا بعضا من قواتهم وعناصرهم. والغريب أنك توقع على اتفاق إخراجهم وإذ بك تتذاكى بأنك تخرج وتعود بشكل غير شرعي.

 في الجانب الآخر هل كل المسلحين هم مساندون للثورة فعلا؟

هذا الجانب أريد أن أتحدث عنه كأحد المخاطر في المدينة وهو أن هناك مسلحين ليسوا جميعاً محسوبين على الثورة ولا على أحزابها ولا على القوى السياسية الموجودة، هؤلاء أيضاً يتبعون أطرافا وشخصيات السلطة.. هناك أيضاً مجرمون محترفون تتم الاستفادة منهم لإحداث بلبلة المدينة وخلط للأوراق. ويظهر للبعض أن هذه هي الثورة وهؤلاء المسلحين يقتلون وينهبون.
ويعد هذا أحد التحديات الكبيرة التي يجب على الخيّرين في المدينة والمحافظة الضغط عليها لتحقيق الأمن.

تعملون حاليا في لجنة التهدئة من دون جهة تراقب ما يحدث بعد تنفيذكم أعمال الانسحابات.. ألا ترى ضرورة لوجود لجنة تراقب ما قد يحدث من خروقات؟

    الاتفاق يقضي بأن اللجنة  نفسها هي من سيتابع، ولكن ليس من المنطق أن تظل العملية محصورة بها. إشراك القوى الاجتماعية والسياسية في المحافظة مهم، لأن وجود رقابة مجتمعية هي الضامن الأكثر تأثيرا والأكثر فاعلية. ولا بد من وجود آلية ضابطة لتنفيذ الرقابة وضبط المسار في اتجاه ما تم التوقيع عليه واتجاه ما تم إنجازه، واعتقد أن على القوى هذه أن تطرح اتفاق مرحلة ثانية يقضي بإخراج القوى العسكرية الموجودة في المدينة، نحن قلنا الآن بعودة الوحدات إلى المعسكرات واتضح لنا أن المعسكرات موجودة داخل المدينة، يعني أنها قريبة من الحدث ويمكن أن تخرج بأي وقت من الأوقات وتعود إلى مواقعها بشكل سهل ويسير وكأننا لم نفعل شيئا.

أيضا يجب ضبط عمليات تسليح المواطنين حيث يكون السلاح منضبطاً وليس متفلتا بيد الأفراد، وهنا لابد من توافر آلية تستطيع أن تسير في المرحلة الثانية، لنقل المعسكرات إلى خارج المدينة.

 القوى الاجتماعية بعضها صار شريكا في السلطة وفي مجلس الوزراء وفي مفاصل الدولة وهي تعمل على نقل هذه الفكرة وتحويلها إلى مشروع وبرنامج يطرح ويناقش في مجلس الوزراء، وعبر الهيكلية الإدارية للسلطة، وسنكون كأننا لم نفعل شيئا إذا بقي الأمن المركزي والحرس الجمهوري في وسط المدينة، وكما لاحظت أنت بنفسك القاهرة حين قلنا لهم نريد نقل الجنود، يقولون هؤلاء هنا من عشرات السنين. فلا بد من تحديد أماكن للمعسكرات خارج المدن، فتعز ليست مدينة حدودية في الحوبان كي تبقى المعسكرات فيها، بل يجب نقلها إلى المنافذ البحرية والأماكن التي تكون فيها محافظة على سيادة الوطن واستقلاله، لكن ما فائدة وجود المعسكرات داخل المدينة.. لم يعد لها أي مبرر في ظل الوفاق الوطني، حتى أنها لم تملك مبرراً ما قبل الوفاق الوطني لأنك في الأخير من تقاتل؟ تقاتل شعبك؟

الدكتور عبدالله الذيفاني

بشكل عام ماذا يعني انتشار السلاح في مدينة تعز التي لم تعرفه أساسا؟

 وجود المسلحين والسلاح في مدينة تعز ظاهرة غير طيبة، لكن هذا بسبب غياب القانون ودولة النظام وغياب الروح المدنية سواء في التشريع أو في غيره، فلا بد من وجود الضغوط ولذلك لابد أن تكون المرحلة الثانية هي مرحلة نقل المعسكرات وتقنين حمل السلاح في ظل ضوابط الدولة المدنية والمؤسسية ودولة النظام والقانون .

هل تعتقد أن هذه القضايا يمكن أن تحل بتغيير أشخاص كما يدور الحديث عن مدير أمن وقائد الحرس الجمهوري في تعز؟

إقالة هؤلاء ستحل جزءا من الأزمة، لكنهم أيضاً يمثلون سياسات مختلفة. بالنسبة لي لا يشكل مدير أمن تعز عبدالله قيران وقائد الحرس العوبلي ولا قائد اللواء 33 ضبعان أي مشكلة، أنا أعتبرهم أدوات إجرام، على استعداد أن يقتلوا وأن يقوموا بالتدمير والترويع، ونحن نريد أن ندمر هذه السياسات، فإذا ظهرت سياسات مؤسسة ودولة النظام والقانون وسيادة الحق والعدل ووضع الرجل المناسب في الوظيفة المناسبة عندها ستسير الأمور بشكل طبيعي جداً، لكن هؤلاء تمرسوا على الإجرام... وخروجهم من المحافظة مسألة مهمة جداً وشيء أساسي لكي ينزع الفتيل وتحصل السكينة والاطمئنان للناس لأنهم يعيشون في حالة من التوتر والقلق نتيجة لوجود هؤلاء الأشخاص.

هل تعتقد أن وجود وزير داخلية مثل الوزير الحالي سيؤثر في الأمر وسيعيد جزءا من الطمأنينة للناس وسيقيل مثل هؤلاء الأشخاص؟

وزير الداخلية ممكن بحكم ما عرفناه أن يفعل شيئا، نحن نعول عليه لكونه رجل أمن ورجل قانون متخصص، وعنده تجربة دولية في الانتربول، وأيضاً خبراته السابقة، وسماته الشخصية. أنا أعرفه كشخص وزميل درسنا معا، وهو صاحب إرادة وليس من النوع الذي يأسره الكرسي ويسيره. نعم بإمكانه أن يفعل شيئاً، وقد تواصلنا معه شخصياً وقال بالحرف الواحد نحن معكم والطرف الذي تجده غير ملتزم أو يتلاعب سنقف ضده.

هل يعني هذا أن لديك أملا كبيرا بأن يحدث شيء جيد في تعز؟

 نعم لدي أمل طبعا، ولكن الأمل وحده لا يكفي، لابد من حماية الأمل من خلال وجود الآلية والرؤية لدى القوى السياسية والاجتماعية في المحافظة وأن لا تكون ممزقة وموزعة، باتجاهات مختلفة يسهل معها نفاذ تجار المصالح والحروب والدماء. فهؤلاء ليس من مصلحتهم أن تصطلح الأمور في المحافظة وأن يتوقف نزيف الدم. وهذه أمور تقلقني وتقلق مستوى الأمل الموجود عندي لكني مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى سيسير الأمور إلى مستوى أفضل.

لو انتقلنا إلى موضوع المجلس الأهلي الذي شكل مؤخرا وترأسه أنت حاليا، ما الذي سيمثله المجلس للمدينة في المرحلة المقبلة؟

المجلس الأهلي هو مجلس للمحافظة وبدأ تشكيله من قوى سياسية واجتماعية مختلفة، وتكونه أتى نتاج حاجة ملحة فرضتها معطيات الواقع والظروف والأوضاع في المدينة، والتخوفات المشروعة من حالة انفلات أمني وإداري، ومن إدخال المجتمع وغياب الخدمات والأمن وخوفاً من دخول المجتمع في تعز في تناحر وضياع، فتوافق الناس على ضرورة وجود شكل ضمانة في حالة وصول الأمور إلى وضع كهذا.

 وفي الوقت نفسه، يسعى هذا الشكل إلى وضع تصور لما ينبغي أن يكون عليه، فكان المجلس قائما على جناحين جناح تكتيكي مرحلي وجناح استراتيجي طويل المدى، المرحلي يبحث كيفية التعامل مع المعطيات السريعة والمتمثلة في قضية الثورة وإسنادها وتوفير الظروف اللازمة لنجاحها.

أما القضية الإستراتيجية فنحن نتطلع معها إلى بناء دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات والدولة المدنية الحديثة ونريدها أن تؤسَّس على معلومات وعلى استراتيجة ودراسات واضحة لمقومات هذه المحافظة، وإمكانياتها ومواردها، وكيفية الاستفادة منها.

 ولذلك يعمل المجلس على وضع رؤية استراتيجية للمستقبل، لا ليحكم هو، ولكن ليقدمها لمن سيأتي عبر النتاج الذي سيحدث بعد نتيجة الثورة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والتعليمية والتنموية، ولذلك يشكل المجلس في هيكله من دوائر ولجان اجتماعية وأمنية ولجنة علمية معنية بهذا الأمر ولجنة إعلامية وأخرى تعليمية باعتبار هذه الأمور مطلوبة وملحة وأن قيام الدولة الجديدة نطمح إليه. الناس يحتاجون للبدء سريعا، لأن الواقع في تسارع أشد نحو البطالة فقد أصبحت الأرقام في تعز مرعبة وتجاوزت نسبة البطالة فيها الـ 46 % وحالة الفقر التي تتجاوز الـ 67% ربما حسب الإحصائيات هنا وهناك، والمؤشرات تقول إن المحافظة مرشحة أن تكون محافظة فقيرة وتكتظ بالكفاءات التي تعيش حالة بطالة. فضلاً عن أن أبناء تعز اضطروا أن يغادروا إلى محافظات أخرى أو خارج الوطن لكي يحصلوا على الرزق الذي يساعدهم على الحياة.

المجلس ناقش كل هذه الأمور ونتمنى أن يكون رديفا حقيقيا اجتماعيا وسياسيا.

هل يمكن أن تنهض تعز في ظل المقومات والموارد المتواجدة فيها؟

أجرينا بحثا عن خصائص ومقومات البيئة الاستثمارية في تعز ووجدنا أنها بيئة ذات موارد متنوعة لو تم توظيفها بشكل صحيح.. المحافظة ستكون محافظة استقطاب وليس طردا للسكان، ونتمنى توافر الظروف لكي تستعيد مكانتها ودورها في النهضة المنتظرة عبر الثورة التي نعيشها اليوم.

 واعتقد أن حكومة الوفاق عليها أن تنظر إلى المحافظات من خلال المجالس الأهلية فيها، ومن المفيد للحكومة أن لا تبدأ من الصفر. في محافظة تعز مثلا تواصلنا مع مدير الموارد المائية، مشكلة الماء خانقة هناك، لكن السبب ليس غياب المورد المائية، وأتحدى أي شخص يثبت هذا، لا توجد دراسات دقيقة داخل المحافظة، الجهات المختصة لا تملك دراسة عن المخزون المائي.

 يغرفون من حوض مائي لا يعرفون كم عمقه، ولا يوجد سوى دراسة يتيمة قام بها الهولنديون لحوض الحوجة تقول إن مدته خمسون سنة، لكن في تعز مجموعة أحواض لا حوضاً واحداً.

 أعتقد أن إدارة المحافظة ليست عن طريق المسؤولين الذين عاثوا فسادا، ولكن يجب أن يجعلوا من المجالس الأهلية رديفا، وهذا مطلبنا، أن تكون المجالس الأهلية رديفا في صناعات السياسيات المحلية وفي الرقابة على ما تم الاتفاق عليه، وفي الشروع بالوصول للمحافظة إلى الوضع الآمن المطلوب.

يجب أن يكون لهذه المجالس في المرحلة القادمة دور مهم لأنها قد تكون مرحلة قتال من كل نوع، السلطة تحضر لحالة قتال من نوع خاص، هناك تجييش وإحياء للمشيخات في تعز وتكوين جيوش من أصحاب المصالح، إضافة إلى إحياء الاقتتال الطائفي والمذهبي. وأعتقد أن وجود مجالس أهلية في تعز وغيرها يشكل نقطة ضوء. وأخشى أن يتراخى الناس لأن الحكومة تشكلت وسيقال إنه لا حاجة لمثل هذا النوع من الجهد الشعبي، وسيكون على الناس بعد ذلك أن يبحثوا عن شكل آخر وبديل.

هل لمستم تجاوبا من أحزاب المعارضة في تكوين هذا المجلس؟

هم شركاء معنا في المجلس، اللقاء المشترك شريك، وكذلك منظمات المجتمع المدني، والقوى الاجتماعية، وأعضاء المجالس المحلية الذين استقالوا من الحزب الحاكم، وأعضاء مجلس النواب، لكن التخوف من الاسترخاء عند البعض بعد تكوين الحكومة.. والحكومة ما زالت الآن طور التشكيل، ونحن لسنا ضدها لكننا أيضا لن نفارق الساحات، وإذا اعتدت الحكومة على الشباب فنحن مع الشباب.

ما هي النقطة التي يمكن أن تعيد الشباب من الساحات إلى منازلهم؟

رحيل هذا النظام ورموزه، وذهاب هذه الشراكة أيضا،. أنا لست مع مصطلح اجتثاث الحزب الحاكم، لكن كل أركان الفساد التي كانت موجودة من علي عبدالله صالح وعائلته لابد من رحيلهم إلى المحاكم والقضاء العادل، وكل من أسهم في إفساد هذه البلاد وفي تبديد خيراته يجب أن يحاكم.

هناك بعض التفاصيل غير المقنعة أمام العالم، شاهدتم مقطع الفيديو التي يظهر فيها رئيس مجلس النواب وهو يعطي تعليماته لجماعة مسلحة للاعتداء على المعتصمين.. كيف يمكن أن يستمر على رأس المجلس بعد كل ذلك؟

ليس الوحيد، كل المؤسسات التي أنشأت في ظل هذا النظام المتهالك هي ذات طابع مرحلي وليست ذات طابع استراتيجي، ولذلك حتى هي عمرها ليس طويلا.

حتى المؤسسة العسكرية؟

طبعاً لأنها مرتبطة برموز بعمر زمني بشري وليست مرتبطة بعمر أوطان، وبالتالي بزوال هؤلاء يمكن أن تزول..

 ليس هناك مؤسسة، وإلا لما استمرينا في الساحات عشرة أشهر، مشكلة اليمن هي في غياب المؤسسات، وبالتالي نحن نريد هذه الأشكال أن تذهب لأنها أشكال معيقة لدولة المؤسسات، الجيش ليس مؤسسة، والقبيلة لم تعد مؤسسة، هذا الرأس دمر القبيلة، وزرع لها شيوخاً جدداً الأمر الذي أضعف شوكة القبيلة.. بكيل لم تعد بكيل وحاشد لم تعد حاشد، و مذحج ليست مذحج.. هل كنت تتوقع بأن حاشد تقاتل حاشد؟ كان ذلك مستحيلا.. لكن لأن هذا الرأس زرع المصالح والمنافع والوجاهات جعل هؤلاء يطمحون ويسألون، لماذا أسرة الأحمر هي من تحكم حاشد وحدها؟.. فنهضت أسماء صغيرة، فالقبيلة لم تعد تلك القبيلة التي تحكمها قواعد القبيلة، القبيلة لم تكن تقتل الطفل والمرأة والمعلم على الإطلاق، بل كانت تحرم القتال داخل المدن.

 المدن كانت تسمى هجرة لأنها مكان آمن، من كان يواجه مشكلة، كان يلجأ إلى هجرة ولا يستطيع أحد أن يصل إليه، الآن يقتل الناس في المدن، والنساء تقتل، والقبيلي صار يمارس قتل المرأة التي كانت بالنسبة له عيبا أسود.. علي عبدالله صالح احدث دمارا قيميا في البنية المجتمعية، وفي البنية القبلية، والمدنية. كما أحدث دمارا في الدولة التي كان يفترض أن تكون موجودة..

الإدارة ليست موجودة، ولذالك تجد المسألة مرتبطة بشخص، يأتي وزير ويقلب الوزارة رأساً على عقب، لا يبدأ من حيث انتهى سلفه، لا يوجد تراكم في العمل الإداري، ولا العسكري، المؤسسة العسكرية تحولت إلى مؤسسة شخصية عائلية، ولذلك انشطر الجيش وهذا سبب الحالة التي نعيشها اليوم في الساحات. التعليم غير موجود في اليمن.. تحديت وما زلت أتحدى أن يكون هذا النظام قد تبنى مبدعاً واحداً من النظام التعليمي منذ وجود علي عبدالله صالح إلى الآن..

المدارس عبارة عن أحواش لا توجد فيها معامل ولا مكتبات ولا شيء، وكذلك الجامعة، إذاً هو لم يكن يسعى إلى بناء دولة، اعتقد أن الشباب سيقتنعون، عندما يجدون ملامح توجه جاد نحو بناء دولة مدنية.

أمس قرأت تعليقا على الفايسبوك لأحد الشباب يقول فيه إننا سنبدأ نثق بهذه الحكومة إذا ألقت القبض على مدير أمن تعز عبدالله قيران وأحالته على المحكمة ورأيته وحيداً أمام القضاء. تصور مدى طموح الناس في وجود قضاء عادل وهو أن يلقوا القبض على شخص واحد هو مدير أمن تعز وليس على رئيس أو قائد جيش.

ما الذي يمكن أن تمثله الساحات الآن؟

الساحات ستبقى النابض والضاغط، وأنا مع أن لا يغادروا الساحات. مطلوب من الشباب أن يطرحوا رؤية وأن لا تحرفهم الشائعات وأن لا يكونوا خصوما لمن جاء وذهب، وأن يصنعوا مستقبلهم الحقيقي في ظل وجود الساحات ومتطلبات الظروف الراهنة.

ألا تخشى على الحكومة من الشباب؟

لا أخاف على الحكومة من مسيرات الشباب، بل أخاف على حكومة الوفاق من الحكومة ذاتها، من يشاركنا الآن - الحزب الحاكم سابقا- هو ليس شريكاً مأموناً والتجربة والخبرة معهم منذ سنين طويلة من قيام الوحدة في العام 1990 وحكومة الائتلاف وكل الاتفاقات السابقة التي تم التوقيع عليها أكثر من مُرة وما نراه الآن من تدخل مباشر من علي صالح وممارسته للسلطة وكأنه ما زال رئيساً فعلياً وليس شرفياً، واستسلام نائب الرئيس لهذا الإرث وإعلانه بأنه سيصير يتيماً إذا تخلى عنه علي صالح.. اعتقد أن هناك تحديات كبيرة، لابد لحكومة الوفاق أن تتخلص أولا ممن له ضلع في الجرائم والفساد والتدمير في هذا البلد ثم الانتقال إلى البناء.

المصدر : ايلاف

Total time: 0.0538