مع تعيين الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد في السعوديّة، بات الـ”لعب” مع إسرائيل على المكشوف، ففي تطورٍ لافتٍ، ولكن مُتوقّع، للعلاقة بين تل أبيب والرياض، حثّ وزير الاستخبارات في حكومة نتنياهو، يسرائيل كاتس، الملك السعوديّ سلمان بن عبد العزيز لدعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى زيارة المملكة، كما حصل مع أنور السادات ومناحيم بيغن، بحسب تعبيره، أوْ إرسال ولي العهد محمد بن سلمان في زيارةٍ رسميّةٍ إلى إسرائيل وقيادة دول الخليج في مسار حقيقي للتحدث مع إسرائيل، على حدّ قوله.
وقال موقع “WALLA” الإخباريّ-العبريّ إنّ كاتس الذي تطرق بإسهاب خلال كلمة له في مؤتمر هرتسليا، إلى الفرص الإقليميّة، أوضح أنّ الخشية من التهديد الإيرانيّ تخلق أسسًا للتعاون بين إسرائيل ومن اسماهم “الدول السُنيّة” والإدارة الأمريكيّة الجديدة. وأكثر من ذلك، فقد دعا كاتس دول الخليج إلى تأسيس سلامٍ اقتصاديٍّ وتطبيعٍ تدريجيٍّ للعلاقات مع إسرائيل، وإلغاء العزلة العربيّة على الدولة العبريّة.
وأضاف كاتس أنّه يجب على إسرائيل أنْ تقترح على السعودية ودول الخليج شراكة أمنية-استخباراتية لكبح إيران وفروعها. بالتوازي مع تطبيعٍ تدريجيٍّ للعلاقات بحرًا وجوًّا وبرًا، موضحاً ذلك بـمحورٍ أمنيٍّ-إقليميٍّ مقابل سلامٍ اقتصاديٍّ إقليميٍّ، على حدّ تعبيره.
وأوضح كاتس أنّ المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن أنْ تحصل بالتوازي مع السعي لتطبيع العلاقات وليس بدلاً منها. وبحسب ادعاء كاتس، ليس لدى الفلسطينيين فيتو على التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، مضيفًا أنّ خطوة كهذه مع دولٍ عربيّةٍ ستزيد ثقة الجمهور الإسرائيليّ أيضًا بعملية السلام مع الفلسطينيين.
وكان كشف كاتس أخيرًا عن مشروع سكة السلام الإقليميّ، خلال مؤتمر صحافي، هو إشارة أخرى على مخططات إسرائيل للقضاء على ما تبقّى من فلسطين، خصوصًا وأنّ الكشف جاء بعد يومين فقط على لقاء ترامب، مع الرئيس المصريّ، عبد الفتاح السيسي، والذي اعتبره محللون إسرائيليون نواة تحضير قمّة إقليميّة قد يشهدها الصيف المقبل، وتفضي إلى تسويةٍ عربيّةٍ إسرائيليّةٍ في ما يخص مجمل الصراع في المنطقة، وخاصّةً بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ الأنظمة العربيّة الرسميّة باتت تتحدّث عن حلّ النزاع مع إسرائيل باعتباره خلافًا بينها وبين الفلسطينيين فقط، خصوصًا وأنّ الدول المُعتدلة، وفي مقدّمتها السعوديّة أصبحت تعتبر “التمدد الإيرانيّ” تهديدًا إستراتيجيًا، وفي هذه النقطة تتساوق مصالحها مع حكومة نتنياهو، التي تُشدد على أنّ إيران تُشكّل تهديدًا وجوديًا على إسرائيل.
مُضافًا إلى ذلك، فإنّ توقيت كشف مشروع السكّة الحديديّة من قبل الوزير كاتس أتى بعد وقتٍ قصيرٍ على حضور مبعوث ترامب الخاص إلى المنطقة، جيسون غيرنبلات، في القمّة العربيّة كمراقبٍ على المجريات، وبعد زيارته رام الله وتل أبيب، حيث انبهر من مشروع السكة، كما قال كاتس خلال المؤتمر الصحافيّ.
وبحسب الخريطة التي عرضها كاتس فإنّ سكة السلام الإقليميّ ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالاً، ومن ثم إلى دول الخليج العربيّ والسعودية.
وكشف الوزير كاتس النقاب عن أنّ هناك محادثات مهمة مع دولٍ عربيّةٍ بشأن مشروع السكة، وتابع قائلاً، كما أفادت صحيفة (هآرتس)، أنّه متفائل جدًا من احتماليّة الدفع بالمشروع، الذي سيُساهم في تقوية الأردن وتحويلها إلى مركز مواصلات، إذْ ستُمكّن السكة ليس فقط من الوصول إلى موانئ حيفا، وإنمّا أيضًا إلى كل أنحاء الخليج العربيّ، كما ستكون بمثابة جسر بريّ لمواطني الدول العربيّة المذكورة، يسهل عليهم الوصول برًا إلى ساحل البحر المتوسط، بحسب تعبيره.
وساق قائلاً إنّ غرينبلات أعجِبَ جدًا بالمشروع ووعد بطرحه أمام الرئيس ترامب، وخلال الأيام الماضية، كانت هناك محادثات بين تل أبيب وواشنطن في هذا الصدد، كذلك فإنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثنى على المشروع، كما أكّد.
بالإضافة إلى ذلك أشار إلى أنّ لسكة القطار رؤية اقتصادية، وأيضًا إستراتيجية،، مضيفًا أنّها ستُتيح عبورًا بريًا آمنًا، وتُوفّر على الدول العربيّة على المستوى الاقتصاديّ، للوصول إلى شواطئ المتوسط، وأوضح أنّ طول المسار البحريّ الذي يبدأ من الميناء المركزي في السعودية، الدمام، ليصل إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس، يبلغ 6000 كيلومتر، بينما عن طريق اليابسة عبر إسرائيل للوصول إلى ميناء حيفا، يبلغ فقط 600 كيلومتر.
وذكرت الصحيفة أنّ كاتس أوضح لمبعوث ترامب أنّه لا يطلب دعمًا ماليًا أمريكيًا للمشروع، وإنمّا يطلب فقط تشجيع الأردن والسعودية ودول الخليج لقبول المشروع، إذ أنّ السكك الحديدية التي ستمر في الدول العربيّة ستقوم بتمويلها شركات خاصة بغية الربح الماليّ.
علاوة على ذلك، أشار الوزير كاتس إلى أنّ شركة القطارات الإسرائيليّة بصدد ربط الضفّة الغربيّة المُحتلّة بشبكة القطارات التابعة للدولة العبريّة، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ تل أبيب تعمل على ربط الضفّة الغربيّة بإسرائيل، ارتباطًا كليًّا لمنع إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ وضمّ المناطق المُحتلّة بطرق ووسائل التفافيّة للسيادة الإسرائيليّة.
المصدر: ترجمة وتحرير رأي اليوم