اخبار الساعة - محمد الغباري
قال الرئيس اليمني المنتهية ولايته علي عبد الله صالح يوم السبت انه سيتوجه الى الولايات المتحدة كي يسمح للحكومة المؤقتة بالاعداد لانتخابات مبكرة لاختيار رئيس جديد وذلك بعد ساعات من قيام قواته بقتل تسعة من المحتجين المطالبين بمحاكمته بتهمة قتل المتظاهرين على مدى العام المنصرم.
لكن صالح الذي وافق على التنحي الشهر الماضي في اطار اتفاق تم بوساطة مجلس التعاون الخليجي لم يحدد موعدا لسفره وتعهد بلعب دور سياسي من جديد ولكن في هذه المرة كمعارض للحكومة الجديدة.
وتهدد اعمال العنف والغموض السياسي بانتشار الفوضى وهو ما تخشى السعودية وانصار صالح السابقين في واشنطن ان يؤدي الى تقوية جناح تنظيم القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقرا له.
وفتح جنود من وحدات يقودها ابن صالح وابن اخيه النار على محتجين واستخدموا الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق متظاهرين اقتربوا من المجمع الرئاسي في صنعاء بعد مسيرة استمرت عدة ايام قادمين من مدينة تعز الجنوبية وهم يرددون هتافات رافضة منح صالح الحصانة من المحاكمة.
وقال محمد القباطي وهو طبيب في مستشفى ميداني يعالج المحتجين في المظاهرات المناهضة لصالح على مدى 11 شهرا ان نحو 90 شخصا اصيبوا بالرصاص اضافة الى مقتل تسعة. واضاف ان 150 شخصا اخرين أصيبوا من الغازات المسيلة للدموع التي أطلقها الجنود.
واستنكر المتظاهرون الاتفاق الذي وافق عليه صالح الشهر الماضي ويمنحه الحصانة من المحاكمة مقابل تنازله عن السلطة لنائبه الذي يعمل مع حكومة انتقالية تقودها المعارضة على قيادة البلاد نحو الانتخابات الرئاسية في فبراير شباط.
ورفض المحتجون الشبان بشدة الخطة التي اقرها مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة وطالبوا بمحاكمته وحرمان أعوانه المقربين من شغل مناصب سياسية.
وردد المحتجون هتافات تقول ان دماء "الشهداء" قد بيعت قبل ان تقوم قوات من الحرس الجمهوري والامن المركزي بمهاجمة الطرق المؤدية لمجمع صالح الرئاسي الذي احاطت به الدبابات والعربات المدرعة.
وقال صالح الذي تراجع اكثر من مرة عن توقيع الخطة الخليجية قبل ان تجبره محاولة اغتيال في يونيو حزيران على السفر الى السعودية لتلقي العلاج انه سيسمح للحكومة اليمنية الجديدة بالعمل وسوف يكون من معارضيها.
ودعا جو ستورك نائب مدير منطقة الشرق الاوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش الحكومة الى تجاهل التعهد بالحصانة وتجميد اصول صالح في الخارج قائلا "وعود الحصانة تشجع على الهجمات غير المشروعة ولا تمنعها."
وقال صالح انه سيتوجه الى الولايات المتحدة لكن ليس للعلاج مشيرا الى أنه بصحة جيدة بل للابتعاد عن الانظار والكاميرات والسماح لحكومة الوحدة الوطنية بالاعداد للانتخابات بشكل مناسب.
ومضى يقول انه سيمكث في الولايات المتحدة لعدة ايام لكنه سيعود لانه لا يود أن يترك شعبه. واضاف انه سينسحب من العمل السياسي وينزل الى الشارع كجزء من المعارضة.
وفي اشارة الى العلاقة بين بلاده الفقيرة وجيرانه الاغنياء قال صالح ان عدم استقرار اليمن يعني عدم الاستقرار في المنطقة كلها وان حماية الامن والاستقرار في اليمن هو حماية للامن في الدول المجاورة.
ونقلت صحيفة يمنية على الانترنت عن السفير الامريكي في صنعاء جيرالد فيرشتاين وصفه للمسيرة بأنها عمل استفزازي وذلك خلال اجتماع مع صحفيين يمنيين. ولم يتسن الوصول على الفور الى السفير للحصول على تعليقه.
وبينما كان صالح يتحدث قال قيادي في ائتلاف الاحزاب المعارضة المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية مع حزب صالح ان قوات الامن القت القبض على عشرات الاشخاص من بينهم سامية الاغبري الناشطة في حركة الاحتجاجات المعارضة لصالح.
وارسلت الاغبري رسالة نصية قصيرة قالت فيها ان الحرس الجمهوري القى القبض عليها ومعها ناشط اخر وانهم يجرونهما من ملابسهما ويطلقون النار في الهواء.
وقال حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي اليه صالح يوم الخميس ان الاحتجاج انتهك شروط اتفاق نقل السلطة والذي تشرف الحكومة بموجبه على الفصل بين قواته وقوات الجيش المنشقة والميلشيات القبلية التي دارت بينها اشتباكات اكثر من مرة في صنعاء.
واسفرت المعارك بين الجانبين -التي يعتبرها الشبان المحتجون صراعا داخليا بين نخبة مجرمة- عن تدمير مناطق في العاصمة وفي تعز على بعد 200 كيلومتر الى الجنوب من صنعاء وزادت من سوء الازمة الانسانية التي يعاني منها اليمن الذي يواجه صراعات متعدد.
ومن بين هذه الصراعات القتال مع المتشددين الاسلاميين في الجنوب الذين استولوا على معظم انحاء احدى المحافظات ولهم نفوذ كبير في اخرى.
وقال مصدر امني يمني يوم الجمعة ان طائرة امريكية بدون طيار قتلت قريبا لزعيم تنظيم القاعدة في ابين - المحافظة التي يسيطر عليها المتشددون الاسلاميون - حيث اسفرت المعارك مع القوات الحكومية عن مقتل 50 شخصا على الاقل هذا الاسبوع.
وكانت طائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية قد قتلت في وقت سابق هذا العام انور العولقي وهو مواطن امريكي على صلة بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
واجبر القتال في ابين عشرات الالاف من السكان على النزوح عن المحافظة مما زاد من الازمة الانسانية في بلد يوجد فيه نحو نصف مليون نازح واوشكت صادرات النفط التي تؤمن المال اللازم من اجل الواردات الغذائية على التوقف تماما بسبب الصراع بشأن مصير صالح.
وفي مكان اخر في جنوب اليمن قتل مسلحون بريطانيا من اصل يمني واصابوا جنديا معه في هجوم على سيارة تابعة لشركة نفطية وانحى مسؤولون محليون باللائمة في هذا الهجوم على مجرمين يقومون بعملية سطو مسلح.
وفي مدينة عدن الجنوبية قال مسؤول محلي ان انفجار قنبلة يبدو انه من تدبير عصابات متنافسة اسفر عن مقتل شخص واصابة خمسة في سوق مساء امس الجمعة.
وتتصاعد المشاعر الانفصالية في الجنوب الذي كان في السابق جمهورية اشتراكية ودخل ضد صالح في حرب اهلية عام 1994 بعد اربع سنوات من الوحدة المضطربة بين الشمال والجنوب
المصدر : رويترز