أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

محمد علي محسن يكتب عن سقوط عميد مدراء العالم (علي الشاطر)

- محمد على محسن

علي حسن  الشاطر عميد مدراء العالم وشيخ مشايخ رؤساء الصحف على ظهر البسيطة ،فمن دائرته انطلقت مسيرة التأييد إلى مجلس الشورى في يوليو سنة 78م  حاملة صورا للمقدم علي عبدالله صالح ،ومن هذه الدائرة ذات البوابة الفخمة المكلفة جدا ستكون النهاية الحقيقية لنظام المشير .

شخصيا لا اصدق أن في هذه البلاد ثورة فيما هناك ديكتاتور أسمه علي الشاطر مازال جالسا في ذات المكان الذي حكم منه الإمام ، قبل عقد من الزمان وفي شهر فبراير تحديدا من ذاك العام 2001م كان راتبي الشهري قد تم خطفه إلى دائرة الشاطر ، خمس سنوات عجاف عشتها دون هذا المعاش ، لا أحد بمقدوره تخيل معاناة هؤلاء الضباط والجنود -وقبلهم بالطبع الصحافيين- سوى من كانت له قضية أو وظيفة في هذه المملكة الواقعة للأسف في قلب التحرير وعلى شارع 26سبتمبر .

 اليوم وبعد انتفاضة الزملاء في صحيفة 26سبتمبر يمكن القول بان في هذا البلد ثورة حقيقية ،كيف ولماذا الآن فقط ؟ فلأن التوجيه المعنوي ليس دائرة كبقية دوائر وزارة الدفاع بل أعدها رأس البلاء ومكمن الشيطان ذاته ، ففيها يقبع ديكتاتور جبار ومتسلط على رقاب ونفوس البشر ، وفيها تحاك المؤامرات وتنسج الخطابات والمؤتمرات والأخبار ، وفيها تطبخ القرارات والترقيات وتعقد الصفقات وتوزع النياشين والمكرمات .

 فيكفي الإشارة هنا لأن الدائرة هي من يدفع بالدولار لصحف وكتاب في الخارج وهي من يفرض الإتاوات على المسئولين والتجار والمستثمرين وان بداعي تهنئة لفخامته أو إعلان في صحيفته المدللة ، أنها وزارة الإعلام الملحقة مباشرة بالقصر الجمهوري ، أنها مفتاح السر ومخزن أسرار النظام ، من بوابتها يلج المعارضين وبسرعة الصاروخ إلى أعلى المناصب ومن مكاتبها الوثيرة ينسل الشر والكذب والنفاق والاستعباد إلى كل صحيفة والى كل صحافي وسياسي ومثقف .

فهذه إذن انتفاضة مباركة ستعقبها بكل تأكيد انتفاضات مماثلة في كل مؤسسة وهيئة ومصلحة ، فما الضير في هكذا فعل ثوري ؟ ضباط وجنود لواء 35مدرع أطاحوا بقائد اللواء الأسبوع الفائت فلم تخرق السماء أو تنشق الأرض ،مؤسسات وهيئات مثل طيران اليمنية والثورة والأحوال المدنية والكهرباء والمياه والنفط والأمن المركزي وغيرها من مؤسسات الدولة كانت سباقة في فعلها الثوري ألتطهيري لقيادتها ،هناك من المسئولين من رضخ واستقال في نهاية المطاف وهناك من سيقاوم وسيواجه لبعض الوقت لكنه لن يبقي طويلا ما بقيت الرغبة والإرادة والقرار بيد الثائرين .

لا أعتقد أن ما يجري اليوم داخل مؤسسات وهيئات ومكونات دولة إلا ظاهرة صحية جالبة العافية إلى كيان دولة هش وهزيل يعاني من أمراض مزمنة أولها فقر الدم ، لا أتحدث عن التوجيه المعنوي كمؤسسة ابتلعها مديرها وأحالها إلى عظام نخرها لا جدوى من علاجها بغير إزالة الورم المستوطن دماغها ، إنما الكلام يتشعب إلى أكثر من ناحية وجهة .

 فدون تغيير جذري وحقيقي يطال أولئك الذين أساءوا كثيرا لوظائفهم ولمرؤوسيهم لا يمكن انتظار معجزة ستأتي من حكومة الوفاق أو الساحات ، دون تطهير جهاز الدولة من العابثين والفاسدين لا قيمة أو معنى لهذه الثورة ، دون ذهاب الشاطر وقيران والعوبلي وضبعان ومقولة ويحيى واحمد ومن على شاكلتهم ستبقى هذه الثورة أشبه بثورة 48م التي قيل بان من أسباب فشلها أنها بقت ديمة وان غيرت بابها .

ختاما كنت قد بالغت كثيرا حين طلبت إعادة الاعتبار لمارد الثورة الجاثمة حينها في حديقة التحرير وعلى مسافة عشرات الأمتار ، ففي مقال نشرته الثوري على صدر صفحتها الأخيرة أبان رئاسة الزميل الحر والإنسان خالد سلمان ووسمته وقتها ب( فاتيكان صنعاء ) كان أكثر ما حز في نفسي هو وجود المدرعة كرمزية للتحرر من نظام كهنوتي متخلف ، فبعد حجز دام أربعة أيام شاهدت فيها العاملين في صحيفة 26سبتمبر وقيود الإمام في أرجلهم تساءلت عن قيمة الثورة إذا لم تكن من أجل هؤلاء !.

 أنه ذات الإمام ونفس العنجهية والاضطهاد والاحتقار بل ونفس المكان الذي كان يجلس فيه ، الفارق الوحيد هو أن مملكة الإمام مساحتها أكبر بينما مملكة الشاطر تشبه لحد ما مملكة بابا الفاتيكان بكونها في قلب روما ومملكة الشاطر في قلب صنعاء ، عدا موقعها لا توجد ثمة مماثلة ما بين سلطة دينية يحترمها ويقدسها ملايين الكاثوليك وبين سلطة إدارية منتهكة لحقوق المنتسبين لدائرة التوجيه .

المهم الآن هو أن في اليمن ثورة شعبية ، فهذه الثورة يجب أن تمضي في طريقها إلى النهاية ، لا أطلب اليوم من الثائرين المنتفضين في التوجيه أو غيره أعادة الاعتبار لنصب تذكار لطالما عبث برمزيته ودلالته بل إعادة الاعتبار لذاتهم ولكرامتهم ولحياتهم المنتهكة طوال 35سنة من قيادة الشاطر ، ألا يكفي ما نهبه وسرقه من المال العام ومن قوت العاملين في الصحافة والمطابع ؟ ألا يكفي أنه سيدخل موسوعة جينز كمدير قضى الأجلين في ذات الوظيفة ؟ هناك مليون سبب ومبرر لأن ينتفض هؤلاء الضباط والجنود وقبل غيرهم ، لا ضير من تخلفهم فالمهم أنهم لحقوا وثاروا وحتما سيكون لهذا التاريخ رمزية ودلالة جديرة بالتباهي والفخر .

المصدر : عدن اونلاين

Total time: 0.021