21 من فبراير يوم تتوج فيه حكمتنا اليمانية ونضالات شعبنا اليمني الطويلة.
مرت على اليمن شهور صعبة بحلوها ومرها، بآلامها وأحزانها، بسعادتها وفرحها، عانى الشعب فيها المر وقاسى كل أنواع المآسي وألوان الفرقة وأصناف العذاب، وأنواع كثيرة من العداء.
توقفت خلالها التنمية والعملية التعليمية وتعطلت مؤسسات الدولة وزادت نسبة الفقر المرتفعة أصلاً، كما ارتفعت معدلات البطالة وهي التي لا تحتاج من قبل إلى ارتفاع.
لم يكن للشعب أي ذنب في ذلك كما لم يكن له حولاً أو قوة، والوصول إلى هذه المرحلة الصعبة تتحمل مسئوليته الأحزاب السياسية (معارضة وحاكم)، والتي لم تقم على اصلاح ذات بينها وحل خلافاتها من أجل اليمن والحفاظ على مكتسبات الشعب وتلبية لطموحات أجياله الجديدة، ولوجد خلل ما في العملية السياسية والتي أدت إلى تأخير التنمية ما يزيد على 20 عام من عمر الوحدة المباركة والحرية الهامشية التي صحبتها.
وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة والتي أجهضت فيها التوافقات والائتلافات الثنائية والثلاثية بين طرف وأطراف أخرى.
وظلت خلافاتهم تترنح يميناً وشمالاً لهذا الطرف أو ذك ،مع انعدام للقوة الضاغطة (الشعب) والتي غيبت لأسباب كثيرة من ضمنها وجود أيادي خفية تتلاعب بالموازين، وتسخر الخلافات لتمرير اجندة خاصة، تحقق بها طموحاتها على حساب المصلحة العامة.
أدمنت العقول القديمة على الاختلاف وجند كل طرف خلفه المناصرين وما أستطاع إلى ذلك، وتصرف الجميع بأنانية متفاوتة.
ومن بين ركام الاختلاف شب جيل عاشق للحرية ومشتاق للمستقبل، وباكتمال الرؤية البعيدة والقناعة بأهمية فعل شيء للبلاد، كانت المعجزة التي غيرت الميزان ووضعت اللاعبين السياسيين أمام خيارين صعبين كلاهما يحتاج للتضحية والشجاعة.
وهذه القوة الصاعدة أجبرت العقول القديمة على الخروج من نطاقاتها الضيقة وخلفياتهم المختلفة، ليقدم الجميع التنازلات دون حولاً منهم أو قوة.
وبإجماع القوى السياسية على مرشح توافقي ليضع حداً لخلافاتهم الطويلة والصراع الذي أخر اليمن سنين عديدة.
ستخسر العقول المتحجرة والاعبين القدماء حين يعتقدون أن الانتخابات الرئيسة المبكرة مجرد ديكور يضفي الشرعية على مرشحهم التوافقي، وسيرتكبون خطأ فادح حين يكتفون بالإجراءات الروتينية الشكلية على أوراق وبروتوكلات بيضاء، وعدم دفعهم لقواعدهم وأعضائهم للمشاركة في عملية الانتخاب، سيكون الخاسرون الوحيدون بلا منافس وسيخسرون ثقة مرشحهم التوافقي بنخبتهم السياسية.
سيخسرون خصوصاً مع وجود القوة الضاغطة والتي لها الكلمة الفصل، ولا تنظر للانتخابات الرئيسية كمهزلة أو مسرحية للأحزاب السياسية بل على العكس.
أن يوم 21 فبراير يوم انتصار جيل الوحدة، جيل الثورة، انتصار الشباب الذي سيتوج الثورة بالمشاركة الحقيقية للشعب اليمني في اختيار رئيس جديد يعمل على تحقيق أحلام الشعب ويلبي تطلعات أجياله الصاعدة، ومع الرفض الكامل للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والتي يصرح بها الشباب، في عموم ساحات الجمهورية.
وقد يقول البعض: تشاركون في الانتخابات وترفضون المبادرة؟ تؤمنون ببعض وتكفرون بالبعض الأخر؟.
والحقيقة أن الانتخابات الرئاسية ليست استفتاء شعبي على المبادرة الخليجية أو أضفاء الشرعية على آليتها التنفيذية.. لكن المشاركة في الانتخابات يا سادة هي وضع حداً للمهزلة التي تُسمى أزمة سياسية بين الأحزاب المعارضة والحاكمة، وضع حداً للصراع بين جيل التغيير وجيل الاختلاف.. بين جيل التوافق، وجيل المجاملات، جيل البناء والحركة وجيل الجمود والتذبذب.
مشاركتنا الفاعلة في الانتخابات يعد انتصار للإرادة الشبابية وطموح التغيير، وانتصاراً لدماء الشهداء وآلام الجرحى الذين سقطوا وهم يرددون بسلمية ثروتهم.. انتصار للشعب اليمني كما هي انتصار لشباب الثورة، في المقابل سيكون الخاسرون كثير أولهم الرئيس عبد ربه منصور وبعض قيادات أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، المتصفين بالتقادم.
هم الخاسرون لأنهم في هذه الحالة رضخوا مرغمين لأحلام المراهقين.
سنشارك في الانتخابات الرئاسية لنضع حداً للمهزلة السياسية التي أضاعت 20 عاماً عشنا فيها طفولة قاسية وفتوة حزينة.
سنشارك لنصلح بعد ذلك المنظومة السياسية وفق معايير حديثة، من أجل ديمقراطية حقيقية تؤتي ثمارها بتغيرات جذرية في الأحزاب السياسية ومكوناتها القيادية.
سنشارك من أجل وضع حداً للوصاية الخارجية والتدخلات الدولية وانتهاكات السيادة الوطنية لنعالج وضعنا كما نريد نحن وليس كما يملا علينا من دول الجوار أو المصدرة للثورات الطائفية.
سنشارك من أجل أن نستكمل تحقيق أهداف ثورتنا الشبابية وبنا الدولة المدنية.
سنشارك ليس حباً في الأحزاب أو مرشحهم التوافقي ،لكن سنشارك حباً وشوقاً للمستقبل الذي نقترب منه كلما اقتربنا من بعضنا وتكاتفت جهود الجميع لبنا الوطن وإطلاق العنان لرايات التقدم لتحلق في سموات بلادنا.
سنشارك في الانتخابات لأنها بوابة العبور إلى المستقل الأقرب والأسرع لاستكمال أهداف ثورتنا الشبابية.