أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

بمناسبة مؤتمر العمل السياسي السلفي المنعقد بصنعاء

- بقلم/ حمير مثنى الحوري

اعتدت أن أسمع معلومات مغلوطة عن التيار السلفي وقد ازداد تناول تلك المعلومات وتداولها بعد انخراط السلفيين في الثورة عبر رابطة النهضة والتغيير كجهة سلفية داعمة لساحات التغيير وبشكل أكبر بعد إعلانهم دخول الساحة السياسية في المرحلة القادمة وتتكرر ثلاثة أسئلة رئيسية حول السلفيين والعمل السياسي وهذا نصها .. 
ما أسباب تأخرهم السياسي؟ وما حقيقة ما يشاع عنهم؟ ولماذا هذا التحول المفاجئ في هذا الوقت بالذات؟ 
أرجو أن أوفق في إفادة القارئ الكريم عبر الإجابة عن هذه الأسئلة التي أجد نفسي ملزما بتناولها والإجابة عنها 
أقول ملزماً لما وجدت من حيرة الكثيرين واستغرابهم حتى من داخل البيت السلفي, فكيف يحل اليوم ما كان محرماً بالأمس؟ هذا المقال سيكون على ثلاثة محاور: 
المحور الأول : 
ثبوت المشاركة السياسية للسلفيين في المرحلة السابقة وعليه فما نراه اليوم ليس بجديد على التيار السلفي خاصة إذا عرفنا أن العامل الظرفي كان السبب في تأخرهم عن المشاركة السياسية على الطريقة الحزبية ,, وثبوت المشاركة السياسية السابقة يظهر بجلاء أيضا إذا ما عرّفنا السياسة بأنها البحث في شؤون السلطة ومن يمارسها ومن تمارَس عليه إذا يمكن أن نلخّص المشاركة السياسية السابقة للسلفيين عبر نقطتين. 
النقطة الأولى : المشاركة السياسية التطبيقية وتذكر بنموذجين نموذج جبهة الإنقاذ الجزائرية والنموذج الآخر حزب الأمة الكويتي فهما شاهدين عمليين على دخول التيار السلفي للمعترك السياسي سابقاً. 
النقطة الثانية المشاركة السياسية النظرية وتشمل إعداد الدراسات والبحوث وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تعنى بمناقشة الأوضاع السياسية في المنطقة نقداً وتدارساً وعرضاً، فمركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث بصنعاء حقيقة ماثلة على النضج السياسي لدى القائمين عليه وهم من السلفيين طبعاً, ومجلة البيان الرائدة وما تقدمه في إصدارها الشهري من معالجات وعرض للقضايا السياسية المعاصرة خير دليل على توفر الكوادر الفكرية والسياسية للتيار السلفي, كذلك ما يصدر من الكتب المتميزة عن المنتدى لكثير من المفكرين والمهتمين بالشأن السياسي، ولا أنسى التقرير الإرتيادي السنوي الصادر عن مجلة البيان الذي يحوي بين دفتيه دراسات إستراتيجية مهمة وخطيرة والذي لا غنى لأي مهتم بالشأن السياسي العالمي أو المحلي عن مطالعته وكلها جهود سلفية مشكورة. 
ولعلي أفضي لكم بسر أطلعني عليه أحد الرموز السلفية، حيث أخبرني عن إنشاء دائرة سياسية في جماعة الإحسان قبل اندلاع الثورة بعام كامل، مما يدل على انشغالهم بالإعداد السياسي خلال الفترة الماضية، كما لمسنا إعداداً آخر كان يظهر من قبل جماعة الحكمة وينم عن نيتها دخول المعترك السياسي، حيث كانت تهيئ لذلك منذ مدة ليست بالقليلة. 
نخلص في محورنا هذا إلى إيضاح أن مؤتمر العمل السياسي السلفي المنعقد بصنعاء ما هو إلا انتقال من مرحلة الإعداد السياسي إلى مرحلة العمل السياسي. 
المحور الثاني: العمل السياسي من المنظور السلفي في المرحلة السابقة وأقصد به من الناحية الشرعية يمكن تلخيصه بالقول أن هناك من ينظر لهذا العمل من السلفيين من باب التحليل والتحريم بمعنى أن عدم المشاركة السياسية عندهم أصل ثابت، فيمنعون المشاركة مطلقاً وهذا صنف موجود لا يمكن إنكار وجوده وهم يمنعون العمل السياسي ترفعاً وشغلاً عنه بأمر الآخرة وما دروا أن الدنيا مزرعة للآخرة وأن الإسلام دين ودولة وهم أنصار ولي الأمر كما يقال، وقد يمتنع البعض منهم عن المشاركة لاعتبارات شرعية لا تقبل التفاوض من وجهة نظرهم. 
وهناك من ينظر للعمل السياسي من السلفيين من باب المصالح والمفاسد وهم من نتكلم عنهم الآن، فهم يقررون في أن العمل السياسي في المرحلة السابقة كانت مفاسده أكثر وضرره على الثوابت الشرعية أكبر، فيمتنعون عن المشاركة ولا يمنعون غيرهم ولا يحذرون ممن خالفهم ومن هنا يمكننا أن نفهم تحول موقفهم بأن مصالح الدخول في العمل السياسي الآن قد رجحت ومفاسده قد قلت، فسقط الطغاة وفتحت الحريات وسهلت الحركة وأمن الناس.. 
المحور الثالث: وهو ما ترسخ عند الكثيرين في المرحلة السابقة أن السلفيين لا يرون العمل السياسي قطعاً, وهذا له أسبابه والتي منها ضعف الإعلام السلفي مما سهل لخصومهم تقديمهم في وسائلهم بطريقة مشوهة وناقصة تحمل شكل التشدد والإرهاب وموالاة الحاكم الظالم, ومن الأسباب أيضاً سيطرة ما يسمى بغلبة الصوت بمعنى تعميم الرأي القائل بحرمة المشاركة قطعاً على كافة السلفيين حتى غلب الظن عند الكثير من الناس حتى على مستوى الأوساط السلفية أيضاً إنهم مجمعون على حرمة المشاركة السياسية وهذا يتحمل مسؤوليته المربون، كونهم لم يوضحوا أو لم يبينوا لأتباعهم موقفهم بشكل واضح, وهنا فائدة أذكرها لمن لم يقف عليها وهي أن العلامتين ابن باز وابن عثيمين، يرون دخول المجالس النيابية بحسب المصالح والمفاسد وهما يمثلان المرجعية العلمية للسلفيين في العصر الحديث، بل إن ابن عثيمين يرى وجوب دخول المجالس النيابية، حيث يقول رحمه الله: (أنا أرى أن الانتخابات واجبة, يجب أن نعين من نرى أن فيه خيراً).. 
يتبين مما سبق أن مؤتمر العمل السياسي السلفي الذي عقد يومي الثلاثاء والأربعاء في صنعاء بمثابة إعلان رسمي عن البدء في تشكيل حزب سياسي إسلامي جديد في اليمن وعليه أوصي بوصايا: 
أولها: إن على الساحة السياسية اليمنية بمختلف أطيافها الترحيب بهذا الكيان السياسي الجديد وتغليب لغة الشراكة ومصلحة الشريعة والحفاظ على الوطن على المصلحة الحزبية أو الشخصية الداعية إلى التنافس والتزاحم على الأنصار والمناصب. 
ثاني الوصايا: أدعو المؤسسات الإعلامية إلى تقديم السلفيين كما هم، بعيداً عن التشويه أو التقويل أو التزوير ولتكن لغة الإنصاف لغة الجميع. 
ثالث الوصايا: إن على التيار السلفي أن يكون بحجم المسؤولية، فالعمل السياسي تبعاته أكبر ومسئولياته أعظم مع اختلاف لغته ووسائله وسرعة تنوعه وتقلبه، فندعوهم إلى التكاتف والتعاون والعمل على ما فيه مصلحة البلاد والعباد. 
 رابع الوصايا: لأعضاء المؤتمر الذين كنت أود حضوره معهم غير أنه قد حبسني حابس لم أستطع الذهاب بسببه أنقل لهم هذه الكلمة لأحد الكتاب يقول فيها (الحركة الواعية تنظر إلى الواقع بموضوعية وتستعمل أدوات التغيير بوعي, وتدرك أنها أمام ألوان من النفسيات والأمزجة والمخلفات الجاهلية والتطلعات المستقبلية والتحولات التاريخية والتشكيلات السياسية، فلا تتبرم ببطء سقيم الفكر, ولا تنزعج من مستعجل عديم الفقه كثير الشبهات). 
ختاماً نؤكد على أهمية المشاركة السياسية في العمل السياسي للتيار السلفي في اليمن تحقيقاً للمصالح الشرعية من الحفاظ على ثوابت الأمة ودفاعاً عن حقوق الشعب ومنعاً لمشروع التغريب والتبعية. 
h_mm1@hotmail.com

المصدر : أخبار اليوم

Total time: 0.048