د.طارق الحروي (6) مسارات وأفاق الحل الأمثل للمشاكل السياسية الخانقة التي تعيشها اليمن تبدأ من الخارج وتنتهي بالداخل!!
اخبار الساعة - د.طارق الحروي بتاريخ: 29-09-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (3207) قراءة
- بعدما قمنا بإعادة تشريحها وتفكيكها إلى مفردات رئيسة محددة وصولا إلى إعادة قراءة إرهاصاتها وحيثياتها ضمن دوائر متصلة ومتداخلة إلى حد كبير، كي تسهل علينا فهمها واستيعاب نتائج مفرداتها، بصورة نستطيع من خلالها أن نتلمس ومن ثم نحدد طبيعة مسارات الحل الأمثل لها- وفقا- لأهم الحقائق الدامغة على أرض الواقع الأكثر أثرا وتأثيرا على اليمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا، قد توصلنا إلى العديد من النتائج المهمة الأكثر عمقا ودقة في تحديد أبرز مضامين وأبعاد الجزء الأكبر والمهم من منظومة الحقائق الدامغة على أرض الواقع التي تعج بها المشهد الداخلي اليمني والسياسي منه- بوجه خاص- كما يجب أن تدركها عقول وأذهان كافة المعنيين والمختصين وصولا إلى قطاعات الرأي العام.
- ومفادها إن ما تعانيه اليمن في حقيقة الأمر لم يخرج إلى حد كبير عن نطاق حدود إطار المعضلات والمشكلات التي يمكن معالجتها واحتواء آثارها إلى حد كبير بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة- وفقا- لآليات وبرامج تنفيذية على فترات زمنية متباينة، ولم تصل إلى حد الآن بالمطلق إلى مستوى الأزمة الخانقة الطاحنة التي يصعب حلها إلا بأثمان باهظة جدا كما يظن الكثيرين، سيما إن أصل المشاكل الحالية التي تعاني منها اليمن يغلب عليها الطابع السياسي أكثر منه التنموي، باعتبارها مشاكل سياسية تعود بجذورها إلى إرهاصات ما شهدته البلاد من تحولات جذرية حرفت وشوهت ومن ثم أبطأت وعطلت وأوقفت مسيرة حركة التغيير الوطني عن طريقها المنشودة منذ نهاية عقد الستينيات.
- أما عن طبيعة حقيقة مضامين وأبعاد المشاكل السياسية التي يعج بها المشهد الداخلي إلى حد الآن، فإنها تتمحور إلى حد كبير حول إرهاصات الصراع السياسي نفسه والسائدة حيثياته بالدرجة الأساس بين التيار التحديثي التحرري والتيار التقليدي المحافظ والمتطرف وشركائه الذي يغلب عليه إلى حد كبير الطابع المصيري الأزلي أكثر منه الطابع التقليدي، باعتباره صراع مصيري بين مشروعين متقاطعين (فكرا ومشروعا وأفرادا) وإرادتين متناقضين إلى حد كبير، في ضوء هيمنة قواعد اللعبة الصفرية السائدة فيه على الجزء الأكبر والمهم من فصوله الرئيسة.
- وفي المجمل النهائي تشير الدلائل التاريخية إلى أن طبيعة حقيقة هذه الأوضاع بالدرجة الأساس، هي مشاكل خارجية يغلب عليها الطابع السياسي- الأمني أكثر منها داخلية، لها علاقة وثيقة بالملفات المصيرية الخلافية العالقة بين اليمن والسعودية- بوجه خاص- على خلفية أن معظم أبعاد ومضامين حيثيات المشاكل ومن ثم الأوضاع التي تعيشها اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا بالدرجة الأساس هي امتداد طبيعي ونتاج حقيقي لإرهاصات وحيثيات هذا الملف أكثر من كونها مشاكل حقيقية سياسية وتنموية، داخلية كانت أم خارجية، يصعب حلها إلا بأثمان باهظة كما يظن الكثيرين.
- ومن هذا المنطلق وبالاستناد إلى كل ذلك تأتي هذه المحاولة للخوض في موضوع مقالتنا هذه من خلال هذا العنوان بالتحديد، في اتجاه تحديد مسارات الحل الأمثل لهذه المشاكل- وفقا- لأهم الحقائق الدامغة على أرض الواقع الأكثر أثرا وتأثيرا على اليمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا كما أشرنا إليها آنفا؛ والتي بدونها سوف تبقى أية خطوة في هذا الاتجاه مجرد تجاهل وتجاوز على هذه الحقيقة (وهذا ما أدركته وسارت على خطاه حركة التغيير الوطني)،
- بصورة كان من المتوقع لها أن تفضي- في نهاية المطاف- إلى إحداث ربط واقعي وثيق الصلة بين أية إمكانية إحداث نقلة نوعية غير مسبوقة في الحل المنشود للملف السياسي بكل أبعاده في الحياة الرسمية وغير الرسمية وبين حل القضايا الأساسية المتعلقة بحيثيات الملف السياسي الإقليمي (السعودي- الخليجي) بأبعاده الدولية، وهذا ما نجحت قيادة حركة التغيير الوطني نجاحا منقطع النظير في تشخيصه وتداركه ومن ثم استيعابه إلى حد كبير في معظم خطواتها الجادة بهذا الشأن في اتجاه ولوج أتون الحل الأمثل والمنشود من أوسع أبوابه.
- ليس في اتجاه حل معظم القضايا المصيرية الخلافية العالقة مع جيرانها بعدما نجحت نجاحا باهرا في حسم الجزء الأكبر والمهم من حالات الانقسام والتضارب الإقليمي الحاصل على الجبهة اليمنية- (السعودية- الخليجية) بأبعاده الدولية بعد توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود مع كلا من عمان والسعودية في الأعوام 1992م و2000م على التوالي (وارتريا عام 1998م)، وإبداء حسن النية من جانبها مع كافة دول مجلس التعاون الخليجي وصولا إلى الأطراف الإقليمية والدولية صاحبة المصلحة المشتركة المعنية في الكثير من الملفات على أساس من التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة النسبية معها، فحسب، لا بل ونجاحها الأكثر أهمية في تحويل المتغير السعودي- الخليجي بأبعاده الدولية والإقليمية إلى محور ارتكاز في هذا الحل، في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأدوار التي سوف يلعبها في دعم ومساندة كافة طموحات اليمن المشروعة بالانتقال الأمن إلى مصاف الدولة المدنية البحرية الحديثة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها.
- على خلفية إدراك قيادة حركة التغيير الوطني لحقائق ما تعانيه اليمن من تدهور حاد في كافة أوضاعها الداخلية والخارجية إن كان يمثل امتداد طبيعي ونتاج حقيقي للملف السياسي المحلي الشائك التعقيد الذي تجسده حقائق الصراع الأزلي بين التيار التحديثي التحرري والتيار التقليدي المحافظ والمتطرف منذ مطلع عقد الستينيات، والتي جاءت المبادرة وآليتها بالدرجة الأساس لحله من خلال احتواء ومعالجة تداعياته وآثاره السلبية على الحياة الرسمية بأبعادها السياسية والدستورية والعسكرية والأمنية ومن ثم التنموية والاقتصادية....، وصولا إلى الحياة غير الرسمية والشعبية .
- والتي نجحت إلى حد كبير في تحقيق الجزء الأكبر والمهم من أهداف المرحلة الأولى منها والمتمثلة في نزع فتيل الاحتراب الأهلي الذي كان قاب قوسين أو أدني وحالت دون انفراط عقد البلاد من خلال ما قطعته من أشواط مهمة بهذا الشأن- هذا أولا- مقابل ما حققته من نجاحات نسبية ومهمة في إعداد العدة اللازمة لولوج أتون المرحلة الثانية فيها المعنية بتصحيح مسار الحياة الرسمية بكل أبعادها وصولا إلى الحياة غير الرسمية كما أوردتها نصوص الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية وملحقاتها في اتجاه تهيئة كافة الأجواء اللازمة والمستلزمات الضرورية لولوج اليمن معركة الحياة في سبيل الله القادمة- ثانيا.
- أما لماذا ؟ نرد على ذلك بالقول باعتبار حيثياتها امتداد طبيعي وتتويج حقيقي ومن ثم استكمال لأغلب مقومات المحطة الأولى بهذا الشأن (1974- 1977م) (وامتدت إلى العام 2014م)، التي كانت اليمن ومازالت تعيش أدق تفاصيلها وأجوائها بقيادة عناصر حركة التغيير الوطني نفسها، والتي نجحت إلى حد كبير من استعادة الجزء الأكبر والمهم من ملامحها الرئيسة وأدق تفاصيلها الرئيسة، في محاولة منها تجسيد أعلى درجات المسئولية الوطنية والتاريخية لاستكمال مجمل حلقاتها الرئيسة مراعاة لعامل الوقت والسرعة والكلفة بالبناء على كافة نقاط القوة ومعالجة أو تجاوز مواطن الضعف كمؤشر حيوي على طبيعة ومدي جدية حركة التغيير الوطني لاستغلال هذه الفرصة التي لن تتكرر إلا بعد زمن طويل والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن.
- وهذه بحد ذاتها هي أحدى أهم التفسيرات الرئيسة والترجمة الأكثر واقعية وبروزا لمضامين وأبعاد الغاية الأساسية للمرحلة الانتقالية التي حاولت حركة التغيير الوطني تجسيدها قولا وفعلا في خارطة الطريق الجديدة التي تمثلها الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية، في تطور جذري يغلب عليه الطابع التاريخي والاستراتيجي على حد سواء بكل ما تحمله هذه الاستنتاجات من معاني ودلالات لها شأنها، كي يتسنى لها- في المجمل النهائي- من ولوج أتون المحطة الثانية القادمة المنشودة (مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة) من أوسع أبوابها بعد العام 2014م على أقل تقدير، تحت قيادة حركة التغيير الوطني بمسارها الجديد (الحركة التصحيحية الثالثة).
- سيما في ضوء إدراكها المتنامي أن ما تمتلكه البلاد من موارد وإمكانات سواء أكانت المتاحة أو أكانت المحتملة والمتوقعة والمرغوبة؛ تكفي إلى حد كبير للنهوض بأوضاع اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا ليس هذا فحسب، لا بل وتنبئ بمستقبل واعد جدا، تتحول بموجبه اليمن إلى دولة إقليمية لها شأنها، وبمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة.
- على خلفية إن هذه مضامين وأبعاد الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ نهاية عقد الستينيات إن كانت ومازالت في حقيقة الأمر ما هي سوى امتداد طبيعي وتتويج حقيقي لإرهاصات حيثيات الملف السياسي الإقليمي والسعودي منها- بوجه خاص- الذي أحكم هيمنته على مقاليد الأمور في اليمن إلى حد كبير، من خلال شبكة متكاملة من الحلفاء المحليين (كرأسمال بشري سعودي تم استثماره على مدار أربعة عقود ونيف)؛ تمكنوا خلالها من فرض هيمنتهم على مقاليد السلطة كجزء من إستراتيجية إقليمية ومحلية معدة لمثل الغرض؛ تقودها السعودية من خلال اللجنة الخاصة وحلفائها المحليين في التيار التقليدي وشركائه المهيمن على معظم مقاليد السلطة في اليمن والسعودية.
- في ضوء ما لعبته من أدوار محورية في استمرار تنامي حالات العبث والفوضى الحادة في إدارة مواردها وإمكاناتها من قبل قلة قليلة من أبنائها على حساب المصلحة الوطنية العليا، ووصل هذا الأمر حد الذروة مع بروز حالة الفساد والإفساد التي أصبحت مع مرور الوقت ظاهرة لها شأنها وكيانها المستشري في كل مناحي الحياة- هذا أولا- وفي استمرار تنامي حالات فقدان البلاد لعامل الاستقرار والأمن النسبي المفتعلة إلا في حدودها الدنيا، بصورة انعكست مباشرة على عدم إمكانية ولوج اليمن مرحلة التنمية المنشودة من أوسع أبوابها- ثانيا.
- على خلفية ما ترتب على ذلك من قلة فرص الاستثمار الحقيقي في مشاريع استراتيجية وما دونها تغطي كافة مجالات الحياة في بلد خصبة وفتية ولها مستقبل واعد إلى حد كبير، فرؤوس الأموال المحلية سلكت طريق الإثراء الفاحش على حساب الوطن والمواطن من خلال الاستثمار في المشاريع ذات العوائد الضخمة والسريعة المردود، وفضلت الهروب بالجزء الأكبر والمهم من رؤوس أموالها إلى الخارج، ورؤوس الأموال في الخارج فقد أحجمت إلى حد كبير عن ولوج أتون أية مغامرة حقيقية للاستثمار في اليمن، جراء حالات الفساد المخيفة وانعدام الأمن والاستقرار....الخ.
- فإن حسم الملف السياسي السعودي بأبعاده الإقليمية- الخليجية والدولية ومن ثم الملف السياسي المحلي بأبعاده السياسية والدستورية والعسكرية والأمنية...، وصولا إلى الشعبية،...الخ، سوف تنعكس آثارهما الايجابية على مسارات العلاقات المستقبلية اليمنية- السعودية ومن ثم الخليجية بأبعادها الإقليمية والدولية والتي أتوقع دخولها المرحلة الذهبية المنشودة (التحالف الاستراتيجي) القائمة على مبدأي الشراكة الحقيقية والمصير الواحد إلى حد كبير، بعدما اتضحت أمامنا انعكاساته في مسارات العلاقات اليمنية- السعودية على مدار العشر سنوات ونيف الماضية كما أشرت إلى ذلك في العديد من مقالاتي المنشورة بهذا الشأن- هذا من جهة- وعلى كافة مسارات الأوضاع الداخلية التي سوف تشهدها اليمن بانتقالها الأمن إلى مصاف الدولة المدنية البحرية الحديثة دولة النظام والقانون وولوجها مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة من أوسع أبوابها ضمن إطار خارطة الطريق اليمنية الجديدة ذات الطابع التنموي (برامج تنفيذية مزمنة) التي سوف تنبثق عنها هذه المرحلة، في تطور جذري وغير مسبوق في تاريخها المعاصر، والذي سوف تتضح أول مؤشراته في النتائج المتوقعة من مخرجات العملية السياسية التي تعيشها اليمن دولة وشعبا- وفقا- لما أوردته نصوص المبادرة الخليجية من مضامين وأبعاد لها شانها، أوردت الكثير منها في مقالاتي الخمسة المنشورة منذ فترة قصيرة من على صدر الصحافة الالكترونية المحلية- من جهة ثانية.
والله ولي التوفيق وبه نستعين
([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.
المصدر : الكاتب
اقرأ ايضا: