د.طارق الحروي (2) ثورة الـ26 من سبتمبر العظيمة بين أحضان أبناء الشعب في مؤتمر الحوار الوطني الشامل القادم
اخبار الساعة - د.طارق الحروي بتاريخ: 02-10-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (5922) قراءة
- في ضوء ما سوف يترتب عنها من انعكاسات ايجابية مباشرة مهمة لها شأنها على مخرجات العملية السياسية التي نحن بصددها على الصعيدين الوطني والإقليمي- الدولي؛ بما تحمله من معاني ودلالات ومن ثم مؤشرات معول عليها إحداث نقلة نوعية في الحياة الرسمية بأبعادها السياسية والدستورية والعسكرية والأمنية...، وصولا إلى الوسط غير الرسمي- الشعبي، ومن ثم الاقتصادية والتنموية المنشودة، بصورة تفضي إلى تغيرات جذرية في واقع اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا، تلبي أولويات المصلحة الوطنية العليا بحدودها العليا وتراعي مصالح الأطراف الإقليمية والدولية صاحبة المصلحة المشتركة في المرحلة الحالية والقادمة.
- إلا أن أهم أبعاد ومعاني ومضامين حيثيات هذا الأمر في أحد جوانبه المهمة جدا تكمن في أهمية وخصوصية هذه اللحظة الاستثنائية التاريخية والذهبية في تاريخنا المعاصر التي لن يتسنى لها أن تتكرر إلا بعد زمن طويل جدا، والتي تتمحور حول أن اليمن بحلول الذكرى الخمسين لقيام ثورة الـ26 من سبتمبر العظيمة قُدر لها أن تستحضر عظمة هذه الذكرى في هذه اللحظة التاريخية التي استعادت فيها اليمن زمام الأمور بعد مرور 50 عاما من قيام ثورة الـ26 من سبتمبر العظيمة، بوضعها بين أحضان وأيادي أبناء الشعب اليمني محكومين وحكاما في مؤتمر الحوار الوطني الشامل؛ من خلال جزء مهم من الفعاليات السياسية والمجتمعية والمكونات الأخرى....الخ ومن ورائها قطاعات واسعة لا بأس بها من الشعب التي كُلفت وتكفلت بتمثيله في هذه المرحلة بالنيابة عنه ليس هذا فحسب، لا بل وما يتوقع أن يترتب عنه من نتائج مهمة ذات طابع مصيري، ترقى إلى مستوى طموحات اليمن المشروعة ومتطلبات المرحلة الحالية والقادمة.
- سيما إن أمر البلاد ومصيرها إلى حد كبير قد أصبح اليوم قاب قوسين أو أدنى بين أيادي عناصر حركة التغيير الوطني- من جهة- وأحضان الشعب وبعض أبنائه حكاما ومحكومين- من جهة أخرى- في تطور جذري ذي طابع مصيري واستراتيجي غير مسبوق في تاريخ اليمن المعاصر، في ضوء ما تؤشره حيثيات المرحلة الحالية (الانتقالية) من معاني ودلالات لها شأنها، بصورة أصبحت تفرض على أبناء الشعب وممثليه والقائمين على أمر الأمة أكثر من أية وقت مضى أن يرتقوا بجميع أقوالهم وأفعالهم إلى أعلى مستويات تحمل كافة تبعات المسئولية الوطنية والتاريخية والدينية والأخلاقية والإنسانية....الخ؛ وإلا فإن التاريخ ومن قبله الشعب لن يرحم من لم يرحموا أنفسهم وشعبهم كونهم كانوا سببا رئيسيا وراء إضاعة الفرصة على اليمن كي تصبح أفضل مما هي عليه، وهنا يكمن بيت القصيد من تناول موضوع هذا المقال من الأساس، أما لماذا ؟
- نرد على ذلك بالقول كي يتمكنوا كلا بحسب ما يحمله من نوايا وقدرات وطموحات لليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا من المساهمة والمشاركة ومن ثم الشراكة بفعالية منقطعة النظير في تأسيس واستكمال بناء حلقات المشروع المدني النهضوي المنشود لليمن الجديد بمرونة وانسيابية عالية، من اجل أن يتسنى لليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا بعد طول انتظار أن تستعيد من خلالها أبرز الملامح الرئيسة لواحدة من أهم المحطات الأساسية الأكثر أهمية وتأثيرا وأثرا في تاريخ اليمن المعاصر التي مثلتها الفترة (1974-1977م) وامتدت حلقاتها الأساسية إلى العام 2011م، والمجسدة إلى حد كبير في الكثير من نواياها وخططها وبرامجها لأهداف ومبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر المباركتين وصولا إلى ثورة مايو العظيمة التي لم يتح لها الظروف أن ترى النور كما كان منشودا.
- وصولا إلى ضمان إمكانية قيامه وبقائه ومن ثم استمراره ليس هذا فحسب، لا بل وبضرورة السعي وراء تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لحركة التغيير الوطني في اتجاه إشهار وإقرار أكبر مشروع برنامج وطني طموح جدا لإمكانية تحويل اليمن إلى دولة بحرية عظيمة، كمحور ارتكاز أساسي لكافة فعاليات مؤتمر الحوار القادم، تغطى من خلاله الجزء الأكبر والمهم من أولويات المصلحة الوطنية العليا.
- أوردنا الكثير من مؤشراته في مقالاتنا السابقة المنشورة على سبيل المثال لا الحصر بعنوان (قراءة في البعد الاستراتيجي: اليمن وإمكانية التحول إلى دولة بحرية عظيمة !!) و(فخامة الأخ رئيس الجمهورية، الأخوة في مهرجان الحوار الوطني الشامل: هل وصلتكم رسالة الشعب اليمني العظيم من خلالي!!) و(ردا على الأربعون سؤالا مصيريا: نحن بحاجة ماسة لتبني مشروع برنامج وطني طموح جدا في مؤتمر الحوار!!) و(دمج الجيش في الحرس أم دمج الحرس في الجيش: قراءة في البعد الاستراتيجي لأبعاد ودلالات آفاق إعادة هيكلة الجيش اليمني على أسس وطنية ومهنية!!) و(المؤسسة الدفاعية الجديدة بوابة التنمية الشاملة والمستدامة التي لم تفتح لحد الآن !!) و(مشروع نظام الحكم المحلي الأمثل لليمن!!) و( مستقبل اليمن في مؤتمر الحوار الوطني الشامل قراءة في حيثيات خارطة الطريق ألحمدي- الصالح- الهادي!!) - أولا- ومن ثم ما يجب أن تلعبه من أدوار في إقراره من خلال خارطة الطريق اليمنية الجديدة اللازمة لبناء مداميك الدولة المدنية البحرية الحديثة المنشودة والتي هي بالدرجة الأساس عبارة عن برامج وآليات تنفيذية مزمنة على مدار الأربعين عاما القادمة- ثانيا.
- والتي حالت إلى حد كبير المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية طوال الخمسة عقود الماضية دون وجود أية احتمالية لإمكانية وثوب اليمن بخطوات نوعية للأمام، بما يضمن وصولها إلى شاطئ الأمن والأمان المنشود تحقيقا لأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المباركتين وثورة مايو العظيمة.
- سيما في حال أدركنا حقيقة ما ترنو اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا من خلال حركة التغيير الوطني أن تحققه في فترة العامين ونصف التي حددتها المبادرة من انجازات لها شأنها في فك شفرات أهم وأصعب حلقة في المشاكل التي تعيشها اليمن (الملف السياسي)؛ في اتجاه إنهاء حالات الانقسام والتضارب الحادة السائدة في الساحة السياسية والدستورية والاقتصادية والتنموية ومن ثم داخل الجهاز الإداري للدولة بشقيه المدني والعسكري- الأمني....، وصولا إلى الأوساط الشعبية، كما أوردنا الكثير من مؤشراتها في الكثير من مقالاتنا المنشورة كـ(مستقبل اليمن في مؤتمر الحوار الوطني الشامل...!!) على سبيل المثال لا الحصر، بصورة تهيئ أمامها المجال واسعا لإحداث قفزات نوعية وغير مطروقة في تاريخها المعاصر، امتدادا وتتويجا لما تم انجازه بها الشأن على مدار الثلاثة عقود ونيف والعشر سنوات ونيف الماضية منها- بوجه خاص، على خلفية ما حققته من نجاحات مهمة جدا في مسار مشروع حركة التغيير الوطني أوردنا بعض مؤشراتها في العشرات من مقالاتنا المنشورة بهذا الشأن، في ضوء ما حققته من انجازات ضخمة لها شأنها في تهيئة وإرساء معظم مداميك الدولة المدنية الحديثة منذ نهاية عقد التسعينيات.
- وهذا ما اتضحت أبرز معالمه الرئيسة من خلال محورين رئيسين يعنى المحور الاول بمهام فتح أبواب التواصل على مصراعيها تحت سقف الثوابت الوطنية مع جميع الأطراف المعنية (أفرادا وجماعات)؛ الممثلة لكافة شرائح وأطياف المجتمع ومنظمات المجتمع المدني التي من ضمنها الأحزاب، والقائم على تجسيد كافة مبادئ وقيم التصالح والتسامح والحوار- من جهة- وإشراك عموم أبناء المجتمع فيه من خلال تفعيل آلية الاستفتاء الشعبي على ما سوف يتم الخروج به من نتائج في شكل قرارات وتوصيات- من جهة ثانية.
- إلى جانب ما أصبحت تفرضه متطلبات المرحلة الحالية والقادمة كما أشرنا إليها آنفا من ضرورة ملحة لتبني مشروع وطني طموح يجب أن يمثل الحد الأعلى للمصلحة الوطنية العليا ويراعي إلى حد كبير مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، بما يهيئ البيئة لإمكانية حسم الجزء الأكبر والمهم من الملامح الرئيسة لخارطة الطريق اليمنية الجديدة لبناء اليمن الجديد في الأربعين عاما القادمة التي سوف تأخذ صيغة (البرامج التنفيذية المزمنة).
- وبما يفتح المجال واسعا أمام إمكانية ولوج مرحلة الحوار الوطني الشامل من أوسع أبوابها، بصورة تعيد أمامنا عظمة تلك اللحظة التي كانت تقف عندها اليمن في الفترة (1976- 1977م) وتهيئ المجال واسعا أمام الانطلاقة الكبرى المنشودة التي تبلورت إلى حد كبير في قرارها التاريخي القاضي بأهمية وضرورة ولوج مرحلة الحوار الوطني الشامل في اتجاه إعادة توحيد الجبهة الداخلية وراء أهداف ومبادئ ومصالح وطنية كبرى أكثر منها أهداف ومصالح تخص هذه الجهة أو تلك، يغلب عليها الطابع التنموي أكثر منه الطابع السياسي- الأمني.
- على خلفية أن هيمنة الطابع التنموي على كافة التوجهات الوطنية الحالية والقادمة قد أصبحت إلى حد كبير واضحة جدا، في ضوء معظم ما يعج به الواقع من دلائل تاريخية بهذا الشأن أوردنا الكثير من ملامحها الرئيسة في العديد من مقالاتنا المنشورة، سيما في حال تنامي إلى مداركنا طبيعة حقيقة المتغير الأكثر حسما بهذا الشأن الذي نمسك به بين أيادينا، الذي يمثله حقيقة أبعاد ومضامين الموقف الإقليمي- الدولي من هذا الأمر، والذي تؤشر معظم الدلائل التاريخية حدوث انتقاله نوعية مهمة له من الملف الأمني إلى الملف التنموي ظهرت لها مؤشرات مهمة جدا، في تطور جذري فرضته المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية ومن ثم طبيعة المصالح الحيوية المتنامية لها.
- والذي يجب عليهم فيها (مرحلة الحوار) التوصل إلى وثيقين وطنيتين تجمع عليهما كافة العناصر والقوى والتيارات، ويتم الاستفتاء العام عليها من قبل شرائح الشعب وتياراته وأطيافه، بما يرقى بقدرات البلاد إلى المستوى الذي تتطلبه المرحلة القادمة، الأولى وثيقة سياسية عبارة عن (ميثاق وطني) تمثل نسخة من العقد الاجتماعي الجديد بين الحكام والمحكومين؛ والثانية وثيقة دستورية- قانونية تعيد من خلالها صياغة وبلورة كافة أوجه العلاقات البينية المتضمنة في الميثاق الوطني وصولا إلى شكل الدولة ونظامها السياسي...الخ في صيغة دستور وطني تنبثق منها القوانين واللوائح التنفيذية...الخ- هذا أولا.
- ثم إعادة صياغة وبلورة المعالم الرئيسة للواقع السياسي والحزبي برمته في اتجاه خدمة مفردات هذا المشروع شكلا ومضمونا؛ بما يتناسب مع إمكانياتها والتحديات التي تفرضها المرحلة ومن ثم طموحاتها المشروعة؛ بصورة تعيده إلى مساره الطبيعي الذي يصب قلبا وقالبا في تحقيق المصلحة الوطنية العليا، والذي يجسد حقيقة وأهمية تبني النهج ألتعددي من الأساس؛ من خلال تبني صيغة جديدة في العمل السياسي واضحة وشفافة المعالم الرئيسة تلبي مصلحة اليمن العليا؛ ترقى إلى مستوى التحالف بين أطرافه يأخذ على عاتقه الارتقاء بمستوى الفعل السياسي إلى مستوى الفعل الاستراتيجي المنشود.
- تقوم على تجاوز الإرهاصات السلبية للمرحلة الأولى من العمل السياسي في ضوء ما تسودها من فرقة وجفاء وصراع وخلاف وأنانية ...الخ (الذي لم تستطيع البلاد تجاوزها طوال الـ22 عاما الماضية) والانتقال الفوري والأمن إلى أتون أهم مرحلة من مراحل العمل الوطني- السياسي قاطبة التي بموجبها تصبح البلاد بحاجة ماسة إلى سواعد وعقول وقلوب الجميع، في ضوء ما تتطلبه من توافق ووئام وإيثار وتنافس واختلاف....الخ- ثانيا.
- وصولا إلى ضرورة أن يتم تتويج هذا المسار برمته بتلك النقلة النوعية التي أصبحت أكثر أهمية وإلحاحا من أية وقت مضى والفريدة من نوعها في مسارات العمل السياسي اليمني في الخمسة عقود الماضية وفي هذه المرحلة الاستثنائية منها- بوجه خاص- والتي يمكن اعتبارها الترجمة الحقيقة لمسارات حركة التغيير الوطني منذ قيام ثورتي الـ26 من سبتمبر والـ14 من أكتوبر، وصولا إلى إعلان الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو العظيم، ومن ثم لأبعاد ومضامين مفردات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة المشار إليها سابقا بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني ودلالات لها شأنها.
- والمتمثلة إلى حد كبير بأهمية لا بل وضرورة أن تخرج اليمن دولة وشعبا من هذا المرحلة بوثيقة عمل وطنية (تنفيذية)؛ تعيد من خلالها صياغة وبلورة مفردات هذا المشروع برمته في هيئة خارطة طريق يمنية جديدة؛ تأخذ صيغة البرامج التنفيذية المزمنة، ترسم فيها المراحل الأساسية المقترحة اللازمة لإرساء وبناء مداميك الدولة المدنية البحرية الحديثة المنشودة خلال الأربعين عاما القادمة، تلبي أولويات المصلحة الوطنية العليا وتراعي المصالح الحيوية لكافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية- ثالثا.
- في حين تتمحور أبعاد ومضامين المحور الثاني في محاولة احتواء ومن ثم إنهاء حالات الانقسام والتضارب الحادة (العمودية والأفقية) الحاصلة في المؤسسة العسكرية والأمنية منذ العام 1968م؛ من خلال إعادة هيكلة واقع المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية ومهنية طموحة، والذي قطعت الجهات المعنية بهذا الأمر أشواطا مهمة جدا في إعادة ترتيب ومن ثم تهيئة الكثير من مقوماته وأولوياته في أكثر من اتجاه على مدار الثلاثة عقود ونيف والعشر سنوات ونيف الأخيرة منها- بوجه خاص- ولم يتبقى أمامها سوى تلك الخطوة الأخيرة في اتجاه إعادة ترتيب أوضاع المؤسسة العسكرية- الأمنية برمتها؛ من خلال إعادة هيكلتها على أسس مهنية ووطنية طموحة وإنهاء حالات الانقسام الحادة داخلها، بما يسهم في إعادة ذلك النوع من الاستقرار المفقود لها وصولا إلى إعادة دمجها ضمن إطار المؤسسة الدفاعية- الأمنية الجديدة، بصورة تتحول بموجبها المؤسسة العسكرية والأمنية إلى عمود ارتكاز أساسي لا بل ومحوري في الانطلاقة الكبرى المنشودة.
والله ولي التوفيق وبه نستعين
([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.
المصدر : الكاتب
اقرأ ايضا: