مجلـس الأمـن والحوار اليمني
الحوار اليمني، وعبور اليمن وتجاوزه لمحنته، تحت سقف الوحدة اليمنية، بمشاركة الجميع، دون إعاقة من أي طرف كان.. كانت هذه هي الركائز الأساسية لجلسة مجلس الأمن الدولي رقم 6922 التي انعقدت مساء الـ15 من فبراير الجاري..وقد أوضح بيان المجلس بما لا يدع مجالا للشك أن العالم يدعم إنجاح المرحلة الانتقالية في اليمن، كونها مثلت نموذجا فريدا تغلب فيه اليمنيون على فوضى ما يسمى بالربيع العربي.
مثلما رحبنا جميعا بالخطوات الكبيرة التي قطعناها للدخول في مؤتمر الحوار الوطني المزمع انطلاقه في 18 مارس القادم، فقد رحب العالم أيضا بتلك الخطوات، ليقينه أن اليمن بذلك سائر نحو الطريق الصحيح.
اليمنيون ليسوا بحاجة فقط لترحيب مجلس الأمن بالقرار الرئاسي بإنشاء المكتب التنفيذي (الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين) في إطار إتفاقية المساءلة المتبادلة، فما نحتاجه أن يلزم المجلس دول العالم بالوفاء بتعهداتها -من خلال اجتماع الدول المانحة في السابع من مارس القادم- بنفس الطريقة التي يلزم بها المجتمع الدول بالسير قدما نحو بلوغ النهاية الطيبة، التي تبعد شبح عدم الاستقرار عن المنطقة والعالم.
يدرك العالم أن المرحلة الانتقالية لن تنجح إذا لم يلتزم اليمنيون بالديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون والمصالحة الوطنية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكافة فئات الشعب اليمني، فبغير هذه الركائز يصبح التغيير الذي يبتغيه اليمنيون مجرد سراب ليس إلا.
مؤتمر الحوار الوطني ينبغي أن يشارك فيه كافة أطياف المجتمع اليمني، بمن فيهم ممثلو الجنوب وكافة المناطق، مع اقترانها بمشاركة كاملة وفاعلة للشباب والمرأة بحسب ما ذكر في التقرير النهائي للجنة التحضيرية، من دون أن تستحوذ الأحزاب على تشكيلة تلك المكونات، لتسير أعضاءها من خلف الكواليس بالاتجاه الذي تريده.. فالمشاركة المتكافئة من دون إجبار هي التي ستقود في نهاية المطاف إلى الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات بحلول فبراير 2014م بإذن الله تعالى، وهو ما يشدد عليه مجلس الأمن باستمرار.
إن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات، ولهذا فقد حث مجلس الأمن كافة الأطراف اليمنية على ضرورة حل خلافاتها عبر الحوار والمشاورات ورفض شتى أشكال العنف الرامية إلى تحقيق أهداف سياسية والابتعاد عن الاستفزازات والتحريض والالتزام الكامل بالقرارين 2014 للعام 2011م و2051 للعام 2012م.
إذا كان مجلس الأمن لن يرضى بأي عرقلة لجهود التسوية من أي طرف كان على الصعيد الداخلي، فإنه بالتوازي مع ذلك، لن يسمح بزعزعة استقرار وامن اليمن من خلال نقل الأموال والأسلحة إليها من الخارج بهدف عرقلة المرحلة الانتقالية..
الوحدة اليمنية هي السقف الذي يراه مجلس الأمن -في الوقت الراهن- ولهذا فقد جدد مجلس الأمن التزامه بوحدة وسيادة و استقلال وسلامة الأراضي اليمنية، وهذا يصب في الصالح العام لأن يظل اليمنيون متوحدين، في وطن واحد يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.
إن مجلس الأمن الذي انتقل بكافة أعضائه في الشهر المنصرم للاجتماع بصنعاء، لن يتوقف عن مراقبته للأوضاع في اليمن، وسيستمر في رصد الخطوات القادمة عن قرب في سبيل إنجاح المرحلة الانتقالية سلمياً... وهذه رسالة مهمة لمن يظن إن العالم سيغمض عينيه عن أي خروقات قد يحدثها أي طرف للتنصل من تعهداته.
نحن في الداخل بحاجة لان نمتلك نفس روح الحماس الذي يبديه المجتمع الدولي.. العلم يريد أن يساعدنا، فلماذا لا نساعد نحن أنفسنا؟ ولماذا لا نبتعد عن الخلافات الصغيرة، التي تؤخر المشاريع الكبيرة التي يطمح إلى تحقيقها كل يمني شريف.
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء