مطالب تهامة على طاولة الرئيس هادي
لم أمل –في أكثر من مقال خاصة من هذا المنبر- من تكرار ندائي للاخ عبد ربه منصورهادي –رئيس الجمهورية- بزيارة الحديدة للاطلاع على ما يدور بها عن كثب، فوضعها مزري على كل الاصعدة خاصة الصعيد الامني، وهاهو الوالد الرئيس على موعد هام في عاصمة تهامة، ليسمع ويرى بنفسه مشاغل وهموم المحافظة.
الأخ الرئيس، من كان منا يظن أن ينقل البعض صراعه الجديد القديم إلى المدينة الهادئة المسالمة.. فالحديدة لم تكن سوى مكانا آمنا يأتي إليها الخائف ليسلم مما يروعه، والجائع ليشبع من خيرات بحرها وأرضها، والسائح ليستجم بها، ويسعد بأهلها اللطفاء، الذين هم أساس قوله صلى الله عليه وسلم :(أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة).. ولكن كل ذلك أصبح في خبر كان.. فها هي الحديدة أضحت ساحة للصراع، والذي نتج عنه قتلى لا ذنب لهم سوى أنهم يطالبون بحقوق ليس إلا.
قلنا مرارا وتكرارا اتركوا الحراك التهامي يعبر عن رأيه بطريقة سلمية، من دون مضايقات أو تعسفات شريطة أن لا تعرقل- تلك المطالبات- الحياة المعيشية للمواطنين، ولكن يبدوا أن هناك من يريد أن يتحول هذا الحراك إلى وجهة أخرى؟؟ غير الوجهة الأساسية له.
قررت زيارة الحديدة ودخلتها مساء الثلاثاء 2/4/2013م، وإذا بي أراها أقرب إلى ساحة قتال منها إلى ساحة مدينة هادئة يلتف حولها البحر من كل مكان، وصلت إليها على أخبار قتلى وجرحى، لم أسأل من أي الأطراف هم، فكلهم يمنيون ودماؤهم غالية علينا جميعا، سواء أكانوا تهاميون أو من مناطق أخرى.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة -خاصة خلال هذه الأيام-: لماذا يراد للحديدة تحديدا أن تتحول الى ساحة للعداء والكراهية؟ ولماذا يريدون أن تصوير المطالب الحقوقية لأبناء الحديدة بأنها غير مشروعة؟ من خلال انتهاج البعض لأسلوب الفوضى.
الأخ الرئيس، نستغرب كثيرا من ردة فعل السلطات المحلية بدءً بمحافظ المحافظة الأستاذ أكرم عطية، ومرورا بمدير الأمن وختاما بكل من له سلطة فيها.. بكل صراحة محافظ الحديدة يعيش في برج معزول، ومطالب أبناء محافظته يبدوا أنها لا تصل إليه من الذين يثق بهم، ويوليهم شؤون إدارة المحافظة، مع أن بعضهم كان لا يقدر حتى على إدارة قسم في مكتب التربية والتعليم.
مطلوب من محافظ الحديدة أن يقف بحزم أمام ما يجري في محافظته، وأن ينتصر لإرادة المساكين فيها، وأن يكون عونا لهم لا عونا عليهم، وأن يحدد موقفه بكل صراحة مما يجري فيها، فموقف المحايد أو المتفرج لا يليق برجل كالأستاذ أكرم عطية.. ولكني أعذره فهناك من يحجب عنه الأخبار الصحيحة، ويصور له الحق باطلا، والباطل حقا، ومن يصنف الناس لديه على قدر قربهم منه.. فمتى يبعد -المحافظ- كل من لا يصلح بأن يكون أمينا ومستأمنا على أمر محافظة كالحديدة... وإذا لم يتم ذلك فالأشرف له أن يستقيل قبل أن ينقلب الشارع ضده، وأن يعود إلى قواعده في مجلس النواب سالما معافى.
لا يكفي أبداً أن تتم إقالة مديري أمن ميناء وخفر السواحل، ولا نريد أن يكون ذلك مجرد تسكين للأمر، فما يحدث في الحديدة يحتاج الى معالجات جذرية، وليس مجرد جرع تخديرية.. فقد يستهين البعض بما يدور اليوم في أزقتها وشوارعها، فما كان يحدث في الجنوب بدأ هكذا، حتى تحول إلى قنبلة موقوتة انفجرت في وجه اليمن كله.. فلا تدعو القنبلة التهامية تنفجر، لأنها ستصل إلى كل مكان في اليمن.. ولهذا يجب إقالة كل متهاون أو متسبب بما يحدث في تهامة.
نريد أن يبتعد الصراع العسكري عن الحراك المطلبي لأبناء تهامة، كما نريد أيضا أن يبتعد المتمصلحون والمشائح والتجار، فهذا الرباعي هو اللاعب الرئيسي اليوم على الملعب التهامي، أما أصحاب المطالب الحقيقية من السكان، فأخشى أن يكونوا مثل شباب ساحات الأزمة، مجرد حطب ووقود، لا أكثر ولا أقل.. فهل يعي البسطاء كيف يلعب الكبار بمطالبهم وكيف يجيرونها لصالحهم.
قلت مرارا أن الاخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، مطلوب زيارته إلى الحديدة على وجه السرعة، فمجلس الوزراء يبدوا أنه عجز عن تحقيق المطالب التي ينادي بها أبناء تهامة، فمنذ انعقاده في الحديدة لم نجد أي نتائج فعلية.. وها هو ولي الأمر موجود في عاصمة تهامة، والحل الأول والأخير هو بيده لينقذ الحال، قبل أن يستصعب الحل على الجميع.
إن ما يحتاجه التهاميون فخامة الاخ الرئيس كثير جدا، ومنه ما يمكن تليخصه في النقاط التاليةيت:
1. إعطائهم النسب التي تتفق مع حجمهم السكاني في الوظائف المدنية والعسكرية والأكاديمية والقضائية، وتفضيلهم –مع وجود الكفاءة- في ميناء ومنشآت النفط بالحديدة.
2.حصولهم على المقاعد الدراسية داخليا وخارجيا في التخصصات العلمية والإنسانية والعسكرية والرياضية، بما يتناسب والكثافة السكانية التي يتمتعون بها.
3. تعيين الكوادر المؤهلة منهم في المناصب الهامة كالوزارات و المؤسسات والأسلاك القضائية والأكاديمية، والدبلوماسية، والعسكرية، والإدارات العامة سواء داخل المحافظة نفسها، أو في بقية المحافظات بالنسبة للوظائف داخل الوطن.
4. إلزام المصانع وكل من يفتح مشروعاً بتهامة أن يشغل الكفاءات من أبنائها، فمن غير المنطقي أن يجلب العمال من منطقته فيما يُحرم أبناء المنطقة الأصليون من العمل فيها.
5.تخفيض التعرفة المحتسبة على الكهرباء والمياه باعتبار المنطقة حارة وسكانها يستهلكونها بقدر كبير، مع تحسين خدماتها خاصة المجاري.
6. المحافظة على المدن التاريخية والآثار القيمة التي توجد في مختلف مناطق تهامة، ومساواتها على الأقل بغيرها، والحفاظ على وجود زبيد ضمن مدن التراث العالمي.
7. الاهتمام بقضية التعليم في كل المناطق التهامية، وليس على مستوى المحافظة فقط، فالمتسربون من التعليم في تهامة يفوقون غيرهم بكثير.
8. إنشاء مؤسسة إعلامية على غرار الثورة في صنعاء والجمهورية في تعز وأكتوبر في عدن وباكثير بحضرموت.. مع تخصيص حيز معتبر للحديث عن أخبار وقضايا تهامة ضمن الوسائل الإعلامية الرسمية الأخرى.
9. توفير مستشفيات حكومية على قدر كبير من الجاهزية، حتى يستطيع المواطن التداوي بها، في ظل تنامي مخيف للقطاع الخاص في هذا المجال وتردي واضح للمرافق الحكومية.
10. إدخال القضية التهامية في محاور المؤتمر الوطني للحوار، باعتبارها لا تقل عن القضايا الأخرى المدرجة فيه.
إن تلك النقاط هي ما يحتاجها المواطن في تهامة، بعيدا عن فرض المناطقية التي تفرق بين أفراد الشعب الواحد.. والدولة بدورها معنية بالتعاطي الفعّال مع مطالب أبناء تهامة، حتى لا تسيطر عليهم أطراف أخرى تحرفهم عن مسارهم المطلبي... فالله الله يا أبناء تهامة، فالوطن يحتاج لأن تكونوا يداً واحدة تبني هذا الوطن بعيدا عن أي أغراض أخرى... فتهامة ستظل كما هي تهامة للجميع.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء