شهادة أحد المقبوض عليهم في مجزرة الحرس الجمهوري بمصر
الحكاية من " النهاية " : " البداية "
اثناء الدعاء فى الركعة الثانية من صلاة الفجر وفى بداية الدعاء سمعنا اصوات النفير من الاخوة القائمين بتأمين مداخل الاعتصام ،حيث انهم يقومون بتأمين المداخل حتى ينتهى المصلين من اداء الصلاة فيذهب الذين ادوا الصلاة ليقوموا بالتأمين ويذهب الذين قاموا بالتأمين اثناء الصلاة لاداء الصلاة، سمعنا اصوات الترك بالحجارة على عمدان النور واصوات صفافير وتكبير فى اشارة متعارف عليها من بداية ثورة يناير تعنى ان هناك هجوم على المعتصمين فإنتبه الامام لما سمعناه وادرك الخطر فلم يكمل دعاءه فكبر وسجد وختم الصلاة وسلم وبدءنا فى الجرى تجاه المداخل لحماية الاعتصام وفوجئنا بمطر غزير من القنابل المسيلة للدموع والطلق الحى والخرطوش وبدا لنا انها خطة محكمة ومرتبة جيدا حيث اننا وجدنا انفسنا محاصرين من كل اتجاه فى آن واحد ذلك ان الهجوم كان من ناحية صلاح سالم يمين المعتصم ويساره ومن داخل نادى الحرس الجمهورى نفسه .
لم يمر وقت طويل حتى اسالت القنابل دموع وسعال المعتصمين وبدأت حالة الاختناق ترهقنا جدا وبدأت الاصابات بالخرطوش تنتشر فى وسطنا فلجئنا لمدخل العمارة التى كنا نختبىء بها ولكن كان الغاز قد ملأ كل الاماكن بما فيها مداخل العمارات فبدئنا بالصعود على السلالم لنبعد قدر ما نستطيع عن الزحام والغاز وظللنا نصعد دورا تلو الآخر حتى وصلنا لسطع العمارة التى يبلغ طوابقها 15 طابقا تقريبا فوجدنا ابواب السطح مغلقة جيدا وبإحكام شديد وكان بإستطاعتنا كسر الابواب ودخول السطح ولكن الاخوة آثرو الحفاظ على سلمية الاعتصام واحترام حق سكان العمارة فى الحفاظ عليها فهممنا بالنزول مرة اخرى حتى وصلنا للطابق العاشر تقريبا فوجدنا اخوة يصعدون من الادوار التحتية وبهم مصابين ومنهكين وغريهم واخبرونا ان الامن والجيش قد سيطروا على الشارع وان هناك الكثير من الشهداء والمصابين وانهم يقبضون على من يجدونه مازال حيا وانهم فى طريقهم لنا وانهم فى طريقهم الينا فوجدنا انفسنا محاصرين ولا مجال للفرار فتجمعنا فى احد الادوار وجلسنا نتلوا اذكار الصباح ونردد الادعية وخرج بعض سكان العمارة لنا بماء وبعض المساعدات والاسعافات للمصابين وابلغوا الامن ان هناك مجموعة فى انتظارهم هنا فصعد الامن سريعا وكانوا بعض عساكر من الشرطة العسكرية والقوات المسلحة والداخلية وبينهم ضابط يرتدى زى ملكى، ذهب احد السكان لينصح الضابط بأن يعاملنا معاملة حسنة فطمأنه الضابط ووجه لنا سؤالا ، اللى معاه مؤهل عالى يرفع ايده؟؟ فرفع الجميع يده فأكمل ، الموضوع انتهى ومرسى مش هيرجع وبعدها ابتسم وقال وربنا يولى الاصلح ولو مرسى الاصلح ربنا يوليه اسمعوا ، موجها حديثه للعساكر، التعليمات المستديمة اى حد يشيل ايده من على راسه او يتكلم او يقوم من مكانه الطلقة افقى مش رأسى عشان السلم ميتبهدلش ، بدئنا فى النزول فى حراسة العساكر وفى حالة من الارهاب بالتهديد بالضرب بالنار وبإطلاق طلقات الصوت والترفيع بالسلاح حتى وصلنا مدخل العمارة فأمر احد افراد الجيش بأن نمشى على روكبنا وايدينا على رؤوسنا منوها بأن من ينزل يده من على رأسه وهو يزحف على ركبه سوف يضرب بالنار فى الحال فوصلنا لسلم مدخل العمارة فأمرونا ان نكمل النزول زحفا والا ، اثناء نزولى سلم العمارة زحفا وفى حالة من الازلال والاهانة لم اكن اعرفها الا من خلال قراءاتى عن تاريخ الاخوان فى المعتقلات لم استطع النزول زحفا فكدت ان اقع فأنزلت يدى من فوق رأسى واسندتها على الارض فإذ بالضابط الذى قام بالقبض علينا يجرنى من التيشيرت ويقول لى ، تعالى انت شكلك قيادى تعالالى فشدنى واوقفنى واكمل ، انت قيادى فى ايه بقى تنظيم قاعدة ولا جهاد ولا جماعة اسلامية ولا اخوان ،رديت :انا اخوان ، ثم اكمل : ماسك قيادة ايه بقى فى الاخوان ؟ رديت : انا ماسك فى الحزب مش فى الاخوان ، اكمل : لا انت قيادى فى الاخوان مش فى الحزب ، فتأكدت انه لا فائدة من كلامى فإبتسمت فى وجهه وسكت ، فنادى على احد الجنود قائلا : رفعه يا عسكرى ، فقام الجندى بوضع السلاح فى جنبى ورفعت يدى وقام الضابط بتفتيشى فأخرج الموبايل واخذه ثم اخرج الفلوس فقال لى ، دا اللى بيقبوهولكم ؟ فإبتسمت ولم ارد ، فقال لاحد الواقفين لا اعلم صفته وكان يرتدى زى ملكى : دا قيادى فى الاخوان ، فقال هذا الشخص موجها حديثه الى مبتسما : انت ؟ اخدت ايه بقى من اللى بتعمله دا ؟ بعتينكم ومسفرين عيالهم بره !! دا انت خول قول انا خول ، فإبتسمت ولم ارد ، فأكمل قول انا خول فقلت : لا مش هقول انا خول "بوجه عبوس" ، فقال : بس انت خول ، وقد دار هذا الحديث بيننا ومازال الضابط يمسكنى من طوق التيشيرت فجرنى الى احد العساكر وقد كان يرتدى زيا اسودا فبدى الى انه من افراد الداخلية وقال للعسكرى الذى سلمنى له : دا قيادى فى الاخوان ، فلم يتكلم العسكرى ولكن كان يمسك بيده بعصاة الامن المركزى السوداء الطويلة فضربنى بها فى وجهى ضربة قوية جدا فرأيت نافورة دم تخرج من وجهى ولم اعد اشعر بنصف وجهى الايسر ولم اعد ارى بعينى اليسرى واستمر فى السب وجرنى من التيشيرت الى مجموعة من العساكر بعضهم شرطة عسكرية وبعضهم عساكر جيش وسلمنى لهم وقال : دا قيادى فى الاخوان ، وكأنه قد قال لهم هذا عسكرى اسرائيلى فبدئوا بالضرب بالخرازانات فوقعت على الارض فإستمروا بالضرب بالارجل على وجهى وبالعصيان وظهور الاسلحة الآلية على رأسى وظهرى ورجلى فإستسلمت ولم اقاوم حتى لا يقضوا على نهائيا فجرونى سحلا على الارض فتجردت ملابسى الفوقية من الجر على الاسفلت حتى وصلوا بى الى باب نادى الحرس الجمهورى وسلمونى الى الاطباء حتى يتم اسعافى حيث ان الدم كان لايزال يتدفق من وجهى بشدة ، داخل نادى الحرس كانوا يضعون المصابين ناحية اليمن على الارض ليتم اسعافهم ويضعون الاصحاء ناحية اليسار على الارض وتم اسعافى ولحظات وبدئنا نذكر بعضنا بعضا بقراءة الاذكار والادعية وقام بعض الاخوة بالتيمم وادو صلاة الضحى على الارض وبدئنا نتعرف على بعضنا واستعدنا سريعا الروح والهمة وهتفنا وانشدنا وكنا كلما دخل العساكر من باب النادى بأخوة مقبوض عليهم وقفنا وصفقنا لهم وهتفنا لهم بالرجولة والنصر ورفع الرأس ثم اتى الى الضابط الذى قبض علينا فى العمارة وسألنى مرة اخرى عن اسمى الرباعى فأخبرته فذهب ، ثم اكتشف الاطباء ان حالتى لابد ان تحول الى المستشفى حتى يتم فحص العين اليسرى وحتى لا تحدث مضاعفات بها فأتو بسيارة الاسعاف وادخلونى بجوار احد المصابين واتى اخى عبدالفتاح وطلب من الطبيب الضابط ان يذهب معى الى المستشفى ويبدوا ان الطبيب تعاطف معنا فأذن له فركب معى وذهبت بنا السيارة الى مستشفى الزهراء بالعباسية وتم الكشف والفحص و...الخ، وبعدها ركبنا تاكسى الى شبرا واثناء سير التاكسى سمعنا فى نشرة الاخبار فى الراديو "صرح المتحدث الرسمى بإسم الجيش فى بيان انه قد قامت جماعة ارهابية مكونة من 40 فرد مسلح بمحاولة اقتحام الحرس الجمهورى وتم التعامل معهم وتم القبض على 200 فرد وبحوزتهم اسلحة وزخيرة ما بقيتش عارف اضحك ولا اعيط , الــ200 دول اللى انا واحد منهم واللى انا سايبهم قاعدين هناك واللى منهم عمر واسلام وعبدالرحمن ومحمود اصحابى اللى كانوا نايمين قايمن واكلين شاربين معايا طول المعتصم فى رابعة والحرس دول الارهابيين ودول اللى معاهم سلاح وزخيرة ؟؟!!! لا حول ولا قوة الا بالله وحسبى الله ونعم الوكيل،
ودى كانة نهاية شباب زى الورد فى الدنيا وبداية ليهم فى الجنة بصحبة النبى صلى الله عليه وسلم فى الفردوس الاعلى بإذن الله.
اللهم ارزقنا الشهادة فى سبيلك