اخبار الساعة

مصر و سيناريو السقوط الإستراتيجي (2)

اخبار الساعة - عمرو محمد ناجي الرياشي بتاريخ: 24-07-2013 | 11 سنوات مضت القراءات : (3006) قراءة

نواصل في هذا الجزء الثاني لموضوع سقوط مصر الاستراتيجي فبعد مناقشة ملف القمح الذي حاول الاخوان عبره خطواتهم المتواضعه  بتحقيق خطوات نحو استقلال سياسي لمصر .


سنتناول  ملف  (الجيش المصري )  ولكن قبل الخوض في المسأله نود التذكير  ان ما يجري في مصر هو امتداد لمشروع دولة اسرائيل (ما بين النيل والفرات)  فكان بدايته في العراق وعبر بسوريا حتى وصل الى مصر والمشروع متواصله خطواته ... فما كان يخطط له قد بداء تنفيذه على الارض وبإقتدار ونجاح عبر ايقونه تخريب وتقسيم كشفت حجم التأمر الدولي على البلدان الاسلاميه والعربيه.


 طبعا تم وضه سيناريوا يختص بكل دوله على حده حسب خصوصيتها ووضع التركيبه الجغرافيه والسياسيه و الإجتماعيه لكل دوله من اجل الوصول الى نقاط الضعف فيها وتحقيق ما يخدم ألاهداف الأمريكيه بمساعدة حلفائها في المنطقه .


كان تصريح فلاديمير بوتين الرئيس الروسي قبل اشهر حينما تنبأ من خلال تصريحه ان مرسي سوف يسقط قبل الأسد بمثابة التصريح الذي أثار السخريه و إستخف الكثيرون بهذا التصريح حينها ولكن تبين لاحقا ان التصريح لم يعبر الا عن حقيقة سيناريوا مخطط له ولم يكن التصريح سوى تأكيد على وجود تأمر دولي على ثوره يناير في مصر وعليه يكون الإنقلاب مخطط له منذ وقت ليس بقصير يهدف الى ارجاع الدولة البولسيه وقطع الطريق على تطبيق مفوهم حقيقي يمثل التداول السلمي للسلطه عبر الانتخابات في مصر  .


لكن ما دور الجيش المصري و ما حقيقة مخطط الإطاحه به وإختراقه ..؟


من راقب بداية الاحداث المتسارعه في مصر يدرك عن حالة لا تفسير منطقي لها ففي الدول التي ارتضت بالانتخابات وصناديق التصويت  نجد ان المهزوم ينسحب من المشهد السياسي ويعد نفسه الى الجوله القادمه لكن الوضع في مصر كان معكوسا ومخالف لمفهوم العقد الاجتماعي الذي يكون بين الحاكم والمحكوم على اساس البرنامج الانتخابي المقدم من قبل الحاكم والذي يحب تنفيذه في فتره زمنيه وهي دورة الحاكم .


 فنجد ان المهزومين في انتخابات الرئاسه المصريه المكون من اعضاء تدور حولهم العديد من علامات الاستفهام وعلى رأسهم (شفيق و البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي) قد بداوء في ترويج حملات مدفوعة الثمن من الخارج والداخل في اوساط التيارات الليـبراليه والعلمانيه وبعض اذيال النظام السابق بدعم غير محدود من  ماكينة الاعلام التي لم تتوقف في بث التعبئه ضد الاخوان قبل الانتخابات واستعرت ضراوة بعد فوز الرئيس مرسي .


لكن من المستفيد الاول من ادخال الجيش المصري في وحل الصراع السياسي ؟


الامر لا يحتاج إلى عناء كبير في التفكير والاستقراء المتعب لما هو حاصل فبعد ان حققت الصهيونيه الامريكيه هدفها في احتلال القدس و اسقاط العراق بعد تفكيك الجيش العراقي عبر سنوات الحرب و الحصار وإضعاف ايضا الجيش الباكستاني (من يملك السلاح النووي)  بادخاله في مستنقع الصراعات السياسيه الداخليه و غيره من جيوش العالم الاسلامي عبر خلخلتها كونها احد نقاط القوة لأي دولة ... لنجد ان الهدف الأسرع والأسهل  لإسقاط او إضعاف الدولة لا يتم الا عبر تفكيك الجيش وإدخاله في مستنقع الصراعات السياسيه حتى يصبح طرفا فيها بشكل مباشر وعلني دون الحاجه الى فاتورة حرب باهضة الثمن  .


 فبعد محاولات جماعة الإخوان في السير خارج سرب  الهيمنه الامريكيه كان انفع الحلول من الرؤيه الامريكيه  هو تسويق فكرة مضاده متمثله بالتيارات الليبراليه والعلمانيه واذيال فلول النظام السابق  ليتم تطبيقها سياسيا وفرضها عبر الجيش المصري وبصياغة إستخباراتيه يمكن من خلالها إخراج مشهد ثوري عبر إعطاء الانقلاب العسكري شرعيه مدنيه وشعبيه ... وبالفعل تم  إشهار حركة تمرد بإشراف الإستخبارات العسكريه والداخليه اللذان ظلا خارج سيطرة الأخوان  .


بعد مشاروات من القوى الاقليميه بزعامة الولايات المتحده الامريكيه تم إعطاء الضوء الاخضر لتنفيذ مشروع (الثوره المضاده) تحت غطاء لعبة الشرعيه الشعبيه و الشرعيه الثوريه او الغضب الشعبي الخ من مسميات التي  حملت  هدف واحد وهو بدء حقبه جديده من النزاع الشعبي الإهلي  تحت تأثير تزييف الإعلام بصوره  ذكرتنا بحال الإعلام الخاص بالنظام قبل سقوط مبارك... وما اشبه الليله بالبارحه !!!!


 قام بتمثيل دور لعبة الشرعيه الشعبيه الثوريه (البرادعي ) بطل فريق التفتيش الدولي في العراق  وفريقه  في الدعوه للحشد والتجمهر فلم يكن هناك افضل من توقيت 30 يونيو لساعة الصفر حتى يتدخل الجيش المصري ويفرض سيناريو معد سلفا فاحت رائحته من المطابخ الغربيه عبر تقارير الاعلام والصحافه وتصريح الرئيس الروسي الاستباقي للأحداث في مصر مثال واضح  .


هذا المنزلق الذي دخل فيه الجيش المصري وضح حجر الإساس لمشروع الصراع بين مكونات المجتمع المصري واصبح الجيش طرفا يدعم قطاع معين من المجتمع المصري ضد الاخر وفتح جبهة حرب عصابات على الجهه الشرقيه من سيناء يجعل القادم مظلم ولا يخدم مصر وقواتها المسلحه .


لكن ما الضرر من دخول الجيش المصري على خط الإزمة السياسيه المفتعله ؟


المؤسسة العسكريه المصريه من اقوى المؤسسات تماسكا وصلابة على المستوى الداخلي المصري والخارجي مقارنة بنظيراتها في الدول العربيه الأخرى لكن يوجد هناك تعقيدات مركبه وحساسة تغيب عن الكثيرين ومن اهمها  ان تأسيس الجيش المصري بقي بعيدا الهويه الإسلاميه بالرغم من ان الهويه الاسلاميه هي جزء اساسي من المجتمع المصري وهذا التأسيس تجذر بعد حرب 1973م بعد معاهدة كامب ديفيد وادخال المنطقه في معاهدة الإستسلام المشئومه .


 فمثلت علمانيه الجيش المصري تناقض بين حمايته لمجتمع يحمل اغلبه هويه اسلاميه ومؤسسه علمانيه تأخذ ابجديات مفهوم الامن الوطني للدوله  بعدائها للهويه الاسلاميه وهذه احد التناقضات الخطيره التي نجحت الولايات المتحده في حقنها داخل وريد الجيش المصري بل تعتبر مسأله جوهريه في سبب ما يحصل من صراع دائر الان طرفه الجيش المصري .


الامر شائك ومتشابك بخصوص المؤسسة العسكرية المصريه ولا اريد ان اشتت اعزائي القراء لكن يجب ان يعلم الجميع وعلى رأسهم ابناء مصر ان العلاقة الاستراتيجيه بين الجيش المصري كمؤسسة عسكريه وبين الدعم المقدم لها من قبل الولايات المتحده الامريكيه قامت على اساس مفهوم علمنة الجيش  ومحاربة التيارات الاسلاميه كجزء من مشروع القضاء على الارهاب والحفاظ على امن اسرائيل .


طبعا الكثير منكم سيقول ويعترض بحجة ان فصل السياسية  والدين عن الجيش هو امر مهم حفاظا على الدولة من الصراعات وهذا حق يراد به الباطل .


  لنسأل انفسنا هل سياسية الولايات المتحده الامركيه ملتزمه بحقيقة العلمنه لجيشها وبفكرة علمانية الجيش التي تريد تطبيق هذا الفكر على الجيش المصري او غيره وتصدر هذه المفاهيم لنا في العالم العربي والاسلامي  ؟


نجد أن اكبر محرك للسياسيه الامريكيه هو الحافز الديني العنصري فالدعم العسكري الغير محدود نحو اكثر من جهة في هذا العالم تحت الخندق الديني قد حدث ضد الجيش المصري نفسه في حرب 73 م بدعمها العلني والمباشر لإسرائيل وما حصل من غزو ضد العراق وضد المسلمين في الفلبين و غزو افغانستان ... الخ من محطات تاريخيه تثبت المحرك الديني لألة الحرب الامريكيه .


ولكي اقطع الباب نهائيا على بعض المعترضين  بخصوص أهمية مسألة الهوية الدينيه على المؤسسات العسكرية في الغرب وعلى راسها الولايات المتحده الامريكيه سأذكر اعزائي القراء بالمكالمة التلفونيه الشهيره للرئيس الامريكي بوش الابن مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمنشور في مجلة ( لونفيل اوبسرفاتور)


حينما كان بوش الابن يحاول اقناع الرئيس الفرنسي  جاك شيراك بالعدول عن رفضه لقرار حرب العراق في 2003م وهو يقول له ( أن هذه الحرب إنما هي تنفيذ لإرادة الله، وليست شيئاً أقل من ذلك، أو غير ذلك.... وتابع بوش وسط ذهول الرئيس الفرنسي بسبب عجزه عن فهمه وتفسيره واكمل بوش الابن وهو يقول للرئيس الفرنسي: اسمع يا صديقي الرئيس : لقد أخذتُ على عاتقي تخليص العالم من الدول المارقة والشريرة وسأعمل على خوض معركة "هرمجدون" بكل ما أوتيت من قوة، من أجل القضاء على "غوغ" و"ماغوغ".. ).


لم يفهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك حينها، ما الذي قصده بوش بمعركة "هرمجدون" وبما سماه "غوغ" و"ماغوغ" فما ان اقفل سماعة الهاتف حتى استدعى الرئيس الفرنسي مستشاريه وروى  لهم ما قاله له بوش الإبن حول أن العناية الإلهية تدعوه لغزو العراق وطلب شيراك من مستشاريه إفادته عما عناه الرئيس الأميركي بالعبارات الثلاث وهي "هرمجدون" و"غوغ" و"ماغوغ".


 المسألة كانت صعبه الفهم واخذت وقتا طويلا لإيجاد معناها والسبب أن الطائفة الكاثوليكية التي يدين بها أكثر المسيحيين  الفرنسيين لا تركز على مثل هذه العبارات الواردة في التوراة مما إضطر مستشاري شيراك لتواصل مع زعماء الفرع الفرنسي للفرقة الانجيلية التي ينتمي إليها بوش لمعرفة معنى هذه العبارات . وبعد معرفة شيراك بتلك العبارات  وشرحها له صدم من الامر .


 إذن بكل وضوح رئيس اقوى دولة في العالم (بوش) ومؤسسته العسكريه تصدرلنا مفاهيم العلمانيه والليبراليه التحرريه بينما لا يعترف بها في امريكا لانها مفاهيم ترويجيه ولا تصلح للاستهلاك الاستراتيجي الامريكي ومشاريعه المتراميه في العالم ....فتفسير النظره الدينيه لبوش الابن أقوى رئيس دول في العالم كان  يؤمن ان المعركة الكونية الحاسمة بين قوى الخير وقوى الشر ستجري  في العالم في مكان يسمى في التوراة "هرمجدون"، ان "غوغ" و"ماغوغ" هما "يأجوج" و"مأجوج" الواردان في سفر حزقيال، الشريران اللذان يأتيان من بابل بالعراق إلى إسرائيل في محاولة للقضاء على اسرائيل.


ولذالك إعتبر بوش وجود إسرائيل  ضروري للمجيء الثاني للمسيح، فسارع إلى للقضاء على "يأجوج" و"مأجوج" مستبقاً ضربتهما المتوقعة لشعب الله المختار (اسرائيل) وهذا هو ما يحمله رؤساء الولايات المتحده الامريكيه والغربيين عبر حمايتهم للكيان الاسرائيلي وبذل كل الجهود من اجل هذا الغرض تحت غطاء ديني . فأيننا من هذا !!!

ويبقى التساؤل الأهم  في خضم الصراع السياسي القائم في مصر هل تظل المؤسسة العسكريه المصريه متماسكه  وبعيده عن مشاريع التفتيت والإنقسام !!!


Amr19782010@hotmail.com


يتبع المقال القادم

اقرأ ايضا: