يا أمة خجلت من فعلها الامم
هذا ما يريده اعداء الاسلام، بنا وبديننا، صورونا بأننا قتلة، سفاحون، غادرون، ناقضون للعهد والميثاق، خارجون على ولي الامر، وفق الاهواء والامزجة، مستبدلون بشريعة الشارع مكان شريعة الشرع السماء.. ما كان لهم أن ينجحوا في ذلك، الا بمعاونتنا لهم، الا بتفسير القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهرة حسب ما نريده، لا فرق في ذلك بين عالم لحيته تصل الى منتصف صدره، وبين أمي لا يحفظ فاتحة الكتاب، طالما وان لغة التكفير هي ديدنه الدائم.
للأسف الشديد مكناهم فينا، حتى صرنا نخجل أننا مسلمون، ولكن يبدوا أن اسلام الاهواء لا للهوية والمعتقد.. لو كنا نعلم ان دماءنا علينا حرام، ما ازهقنا ارواحنا بأيدينا، ولما استعنا بالتفاسير الخاطئة والمقصودة في نفس الوقت من قبل الدعاة، لتصوير أن الحق في صف، وضد جهة.
لقد صدقنا أن الغرب يريد نفعنا، فسرنا بسذاجتنا مع ما صدروه لنا من ربيع زائف، ذلك الربيع الذي فضحنا أمام الامم الاخرى، فجعلنا نخرج شاهرين المعصية على ولاة الأمر، تحت شعارات حقيرة: مثل يسقط النظام، لا حكم إلا حكم الشارع، ارحل،..........الخ، وغيرها من المسميات التي بدت للبعض وكأنها طوق النجاة، واذا بها سلاسل من الاسر، سنبقى مكبلين بها طوال عمرنا.
ألم يعي مصدقو تلك الاكاذيب الغربية، أن بإسقاط النظام، ستحل الفوضى - وهو ما يحدث اليوم- وأن أنصار الفئة الاولى لن تترك المجال للفئة الثانية، وهكذا نبقى نتقاتل، ونبيع نفطنا لنشتري به سلاحا غربيا نقاتل به بعضنا البعض، أي بأموالنا نسفك دماءنا.
أين العقل عندما نجعل المرأة العفيفة المصانة تترك بيتها لتلتحق بركب الشارع؟ أين اللب عندما نزج بالاطفال ونلبسهم الاكفان؟ وندوس طفولتهم بشهوتنا لبلوغ السلطة، أين الفكر عندما نسعى للتسلق باسم الذين، فنصدر الفتاوى حسب الهوى، ثم نناقضها بحسب اتجاه ما نريد؟.
إن الاسلام منا براء، فيجب ان نقول الصدق ان حب الحكم هو من يقودنا اليوم لتدمير البلاد، وزرع الشقاق، وإفساد الأخلاق، إن كان الربيع العربي أتى لينهي الفساد المالي، فإنه خلف وراءه قوافل من الارامل والايتام والمعاقين والمشردين، وخلق بيئة تسودها الكراهية، وتستوطنها البغضاء.
إن المتابع لما يحدث اليوم في مصر –وهي من ارقى البلدان- من اراقة دماء، وكل يدعي ان الاسلام معه، والاسلام بريء من دعاويه الباطلة، فما قال ربنا تقاتلوا، لنصرة حزب أو طائفة أو مذهب.. وما قال ربنا لمن يرتدي عمامة العلم أن يزور الفتاوى، وينصب نفسه حاكما بأمر الله، يفتي بقتل هذا الرئيس وينصب غيره، وإن سمى نفسه برئيس اتحاد علماء المسلمين.
ما قال ربنا لهذا القائد العسكري، تجبر على من هم أقل منك قوة وعتادا، وما قال لذلك الاعلامي وتلك القناة، ضللوا الناس وشاركوا في اغوائهم، عبر اللقطات الكاذبة، والشهود المبركين، والتباكي الزائف، لتزيد النار اشتعالا في الاجساد المسلمة.
أين العقلاء في هذه الامة، لم يجد فيها أحد، فلا مصدر الوحي كأرض مقدسة، استطاعت أن تكون ناصرة للاسلام والمسلمين من دون الوقوف مع فئة ضد أخرى لأهداف سياسية، ولا الأزهر الشريف قدر على أن يحتفظ بهيبته، وينظر للجميع بعين واحدة، ولا من يسمون أنفسهم إخوانا مسلمين، لينفوا الاسلام عن غيرهم، ويحتكروه لانفسهم.. كلهم مع السذج من من بقية الامة، نفذوا ما يريد أعداؤنا، فصرنا مسخرة لدى الاخرين.
فالمسلم اليوم لديهم أصبح هو القاتل والزاني حتى بمحارمه، والسارق، والفاسد، والمتآمر والخائن، والمشرع لغير ما شرعه الله.. اصبح اي دم يسال قاتله مسلم وقتيله مسلم، ترك العدو الحقيقي، واضعفنا جيوشنا، ليبقى جيش اعدائنا قويا، تحالفنا مع العدو، وقاتلنا الاخ، اعترفنا بحق الديانات الاخرى، وكفرنا اخوتنا في المذاهب.. هل ما زلنا مسلمون؟ قد نكون كذلك بحسب ما هو مكتوب في بطائقنا، لكن هل ذلك ما هو مدون في صحائفنا؟؟.
ان كل من يسمح لنفسه ان يكون العوبة في يد غيره، سيجد نفسه رهين الشارع، وسيكون مصيرة القتل بأيدي اخوته، وغدا ينقلب الوضع وينزل الطرف الاخر للشارع، ويقوم الطرف الاخر بنفس الفعل.. ولهذا علينا أن نلعن اليوم الذي صدقنا فيه ربيعهم الزائف، الاتي الينا من الأعداء، وان نعود لنقطة البداية، حينها فقط، يمكن ان نتعايش مع بعضنا من جديد.
ان امريكا والغرب التي شجعت الشعوب على العصيان والنزول للشارع، هي ذاتها التي تشجع وتدعم الطرف الاخر على فض اعتصاماتهم بالقوة، لتبيع سلاحها، وتقتل عدوها من دون ان تخسر سنتا واحد.. فلك الله يا أمة محمد، نسأل الله ان يمنحك قادة صالحون، ومستشارون ناصحون، وأئمة صادقون، وشعوبا نحو الخير سائرون.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
Mnadhary@hotmail.com