من فعلها.. الموساد 'السلفي' أم الموساد 'الإسرائيلي' ؟
ترى من وراء هذا الإجرام الذي أراق الدماء الذكية البريئة ليلة رأس السنةالميلادية في الإسكندرية ؟ سؤال لايزال يبحث عن إجابة ، وكل ما يتمناهكل محب لهذا الوطن ، هو ألا تكون الإجابة كما كانت دائماً ، سهلة ،وسطحية ، وبلا مصداقية ، لأن ما جري كان من العنف ، والقوة ، والتغيرالنوعي في الفعل والنتيجة 'مائة وعشرون شهيداً ومصاباً' بحيث يستلزم أنتكون الإجابة ، دقيقة ، وقاطعة ، ولا تعتمد علي بيانات الشجب والإدانةوأن القتلة من خارج البلاد .. وأن مصر بخير ، والأمن مستتب 'وكله تمام'كالعادة !! إلخ ، وحدها ، فنحن أمام استخدام لأسلوب جديد في العملالإرهابي انتحاري أو 'سيارة مفخخة' ، وهو أسلوب اعتاد عليه الموسادالإسرائيلي في العديد من عملياته سواء داخل لبنان أو فلسطين ، واعتادعليه أيضاً ما يُسمي بتنظيم القاعدة في العراق ، وبعض الدول الإسلامية ،واستخدمه الاحتلال الأمريكي في أفغانستان وباكستان والعراق ، وألصق التهمبالمقاومة ؛ إننا إزاء جريمة جديدة في الأداء ودقة التوقيت 'رأس السنةالميلادية' واختيار المكان 'أمام كنيسة مهمة' في مدينة مهمة أيضاً'الإسكندرية' والتي اتسمت تاريخياً بالتعايش السلمي بين الأقلياتوالطوائف العرقية والمذهبية ؛ لذلك تحتاج إلي إجابة هادئة ، بعيدة عنالاستقطاب الطائفي والسياسي الحاد الذي يعيشه مجتمعنا منذ فترة ، كل ذلكيستهدف ألا تتكرر الجريمة مرة آخري .
* ومن هنا أسجل إجابة أولية علي هذه الأسئلة حول هذه الجريمة الإرهابية ،عله يفيد ، في نطاق البحث عن الجناة الحقيقيين :
نحسب أن تنظيم القاعدة وكل من نسب نفسه إلي الإسلام دوراً ومارسالقتل ضد الأبرياء ولم يقصر جهاده علي المحتل وأرسل بالتهديدات الحمقاءإلي مصر تحت دعوي نصرة المسلمات اللاتي خطفتهن الكنيسة 'يقصدون وفاءقسطنطين' و'كاميليا شحاتة' ، وأباحوا لأنفسهم تفجير كنائس في بغدادوأحلوا دم المسلمين الشيعة من غير المتعاونين مع الاحتلال ، هذا التنظيموخلاياه النائمة في مصر هو المتهم الأول في هذه الجريمة ، هذا التنظيم ماكان له يصل إلي كنيسة القديسين بالأسكندرية ويجهز انتحاري أو سيارة مفخخة وبهذه القدرة التدميرية 'التي أودت بحياة 23 شهيداً وإصابة قرابة الـ 100مصاب' ، إلا بمعاونة لوجستية من قوي داخل البلاد ، وهذه القوي هي القويالسلفية المتشددة التي نمت وازدهرت ، وترعرت برعاية من بعض الأجهزةالأمنية في الدولة ، في اطار مكايدة للقوي السياسية العلمانية أو لحركةالإخوان المسلمين ، وهذه القوي السلفية لمن لا يعلم انطلقت دعوتها المتشددة والمتخلفة تلك من مدينة الاسكندرية ، وهي تسيطر الآن علي قرابة الـ '9 آلاف مسجد على مستوى مصر' ولديها جيش جرار من الشباب الجاهز للانتحار باسم الإسلام، جيش جاهز ليتحول إلي 'الموساد' فعلاً وسلوكاً ،جيش تموله دولة نفطية معروفة ، كل مهمة سفيرها في القاهرة أن يرعى الفكر المتطرف ويقدم تقارير للأمن لكي يطاردوا كل من ينتقد دولته ونظام الكفيل العبودي بها ، دولة قدمت لهذا التيار المتشدد في مصر خلال الـ 25 عاماً الماضية قرابة الـ46 مليار دولار دعماً وتنشيطاً لخلاياه وأفكاره المتشددة التي لا علاقة لها بصحيح الدين، هذه القوى ، أصبحت اليوم وبعد إغلاق بعض فضائياتها المتطرفة ، طابوراً خامساً ، وخلايا نائمة يسهل توظيفها في مثل هذه الجريمة ، لذلك ينبغي البحث بجدية ، أمنياً وسياسياً ودعوياً وثقافياً عن الدور الخفي لهذه القوى في جريمة الإسكندرية ، إنهابمثابة 'موساد' سلفي يتحرك 'موساد' اعتقل المجال الاجتماعي للوطن بعاداتهوطقوسه البدوية المنافية لروح وصحيح الإسلام ويريد – بمثل هذه العملية الإرهابية – اعتقال المجال السياسي وإشعال الفتن في كامل الوطن واستبدالهبوطن آخر لا وجود فيه إلا لمن هم علي شاكلتهم من الغلاة وأصحاب فقهالبداوة الذين سبق وأن وصفهم العلامة الراحل الشيخ محمد الغزالي بقوله'كأن هؤلاء يقدمون ديناً آخر غير دين الإسلام الذي نعرفه' !!
. ******* الموساد الإسرائيلي : من المؤكد أن المستفيد الأول من تمزيق مصر إلي طوائف ، متصارعة، وإلي إشغالها بمشكلاتها الداخلية وعدم الالتفات إلي دورها القوميومسئولياتها العربية التي في طليعتها مواجهة العدو الصهيوني ، لاشك أنالمخابرات الأمريكية 'CIA' وإسرائيل وهما المستفيد الأول من مثل هذهالأحداث ، فتاريخهما ، وكل الدراسات الصادرة عنهما بما فيها أحدثالدراسات التي أصدرها 'مركز دايان لأبحاث الشرق الأوسط' – والتي سبقالإشارة إليها في هذه الصحيفة قبل أيام مضت - أحد أهم وأبرز مراكزالمخابرات الإسرائيلية تتناول تمزيق مصر 'وباقي الدول العربية' طائفياًومذهبياً وهنا علينا أن نتأمل المعلومات المهمة التي قدمتها دراسة مهمةنشرها الصديق والزميل الأستاذ 'سيد أمين' قبل شهور عن العنف والإرهابالذي يرتكبه الاحتلال الأمريكي في العراق وكيف أنه كان يلصق هذه الأعمالبوهم اسمه 'دولة العراق الإسلامية' إلي حد إسقاط منشورات من الطائراتالأمريكية علي المناطق السنية بالعراق باسم 'دولة العراق الإسلامية' ،وكيف لعب الموساد دوراً خطيراً في تدمير العراق ، وفي اختراق واختراعتنظيمات إسلامية ، أو تنسب نفسها زوراً للإسلام ، وفي المقال تحليل مهملكتاب " وكلاء الرعب في الإسلام " كشف فيه البروفيسور " جوزيف مسعد "المدرس بجامعة كولومبيا عن العديد من تفاصيل تعمد بعض الشخصيات الذينوصفهم 'بوكلاء الإساءة للإسلام' نسج الحكايات وبث الأفلام التي من شأنهاتحقيق هذا الغرض مؤكداً علاقة هؤلاء الأشخاص بالصهيونية .
وممن كشف " مسعد " عن شخصيتهم شخص يدعي " ستيفن ايميرسون " وهو ينحدر منعائلة يهودية بنيويورك وقال انه رجل استمر طيلة عقدين من الزمان ينسجالأباطيل ضد المسلمين محاولاً إظهارهم بمظهر الإرهابيين .
وقال إن " ايميرسون " قدم عام 1993 للإعلام الأمريكي فيلماً وثائقياً أسماه " الجهاد في أمريكا " حرض فيه بشدة ضد المسلمين حتي سقط العديدين منهم قتلي في هجمات عنصرية، بل وراح وبعد تفجيرات " أوكلاهوما " بدقائق يظهر على شاشات التلفزة الأمريكية ليخبر الجميع أنه حذر من هجمات للإرهابيين المسلمين من قبل ، ولم يكترث أحد ، حتي حدثت هذه الجريمة التي كان يعلم بكل تفاصيلها ، واكتسب شعبية كبرى لم يمحها إثبات تورط أمريكيين اثنين من غير المسلمين وراء تلك التفجيرات ، وفي 1998 نشرت كبريات الصحف الأمريكية ما قالت أنها معلومات يقينية عن نية باكستان ضرب الهند بالقنابل النووية وراحت تقدم رجلاً قالت انه عالم نووي باكستاني يدعى "افتخار خان " ووصفته بأنه مصدر تلك المعلومات إلا أنه في لقاء مع علماء ذرة أمريكيين انكشف أمر " افتخار خان " حيث اتضح أنه يجيد الكذب ولاعلاقة له بالذرة وما هو إلا لاجىء يضمر العداء لإسلام أباد وقد قدمه للإعلام الأمريكي "ايميرسون " ذاته .
ومن أكاذيب " " ايميرسون " أنه ادعي في شهادته أمام لجنة فرعية من لجانا لكونجرس الأمريكي بأنه تلقى تهديداً من إرهابيين مسلمين بالقتل وراحت الاستخبارات الأمريكية تحقق في الأمر بجدية فاكتشفت زيفه كالعادة . وذاع صيت " ايميرسون " وبدأت لحبكته المتقنة في الكذب تلقى اندهاشاً من أوساط الإعلاميين الأمريكيين الذين رأوا أنه بكذبه قد نبههم إلى خطر محتمل حقيقي ، وقامت جيروزاليم بوست الصهيونية تكشف عن علاقة " ايميرسون" بالموساد الصهيوني .
وتأتي بعد" ايميرسون " شخصية أخرى أشد اتقاناً للكذب وتدعى " ريتا كاتز "وهي يهودية تنتمي للبصرة العراقية وقد أعدم والدها مع 14 شخصاً آخرين بينهم 9 يهود فيما برىء 7 يهود آخرين بتهمة التجسس لحساب الكيان الصهيوني وذلك في 27 يناير 1996 وهربت وعائلتها إلى إيران ومنه إلي أمريكا .
ارتبطت ريتا بعلاقة وطيدة مع " ايميرسون " فيما كانت تعمل في مركز يدعى "مركز الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط " ويرمز له اختصاراً بـ " ميموري "وهو مركز يقول إن من أهدافه مراقبة الإعلام في الشرق الأوسط ويرأسه شخص يدعى " ايجال كرمون " وهو ضابط استخبارات إسرائيلي تربطه علاقة وطيدة بديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش .
والمدهش أن " ميموري " افتتحت فرعاً لها في شارع " أبو نواس " ببغداد مع قدوم الاحتلال إليه رغم خطورة الأوضاع ، الأمر الذي يتنافى مع مهمة مراقبة الإعلام في بلد لم يكن تعمل فيه أجهزة الإعلام بسبب الحرب ! .
والسبب في خطورة " ريتا كاتز " والتي افتتحت مركزاً مستقلاً لها أسمته "S.L.T.E " أو "سايت انتيلجانس جروب " انها كانت تتقن التزييف وترتبط بثقافة الإسلام لكونها فتاة بصراوية وينسب إليها إنشاء تنظيم " دولة العراق الإسلامية " على الشبكة العنكبوتية والذي أرسل تهديداً للكنائس المصرية ، والذي أعلن مسئوليته بالمناسبة عن العمل الإرهابي الأخير في الإسكندرية!! والتي تلقفت وسائل الإعلام أخباره دون تمحيص حتي صار حقيقة لا تقبل الشك عند بعض الناس رغم أن الـ "الأي بي " الخاص بشركة " ميموري" لمراقبة الإعلام الذي كانت ترسل منه بيانات دولة العراق الإسلامية الوهمية تلك !! هو ذاته " الأي بي " الخاص بشركة ميموري لمراقبة الإعلام!! . وقد كانت من أكثر فضائحها أنها قامت ببث شريط أسامة بن لادن قبل أن يبثه موقع القاعدة نفسه . وكتب " جوبي إريك " الصحفي في الواشنطن بوست الأمريكية في 10 أكتوبر 2007مؤكداً أن التسجيل الذي نسب إلى زعيم تنظيم القاعدة في اليوم السابع من شهر سبتمبر 2007 وحث فيه الأمريكيين على اعتناق الإسلام متنبأ بفشل الحرب على العراق وأفغانستان هو تسجيل صادر من " سايت انتيلجانس جروب " لمؤسسته" ريتا كاتز " .
إذن 'الموساد' الإسرائيلي ، ووكلاءه ممن ينتسبون زوراً للإسلام كانوا خلف العديد من العمليات الإرهابية في العراق ، ومن الجائز – إن لم يكن من المؤكد – أنهم خلف ما جرى في الإسكندرية ، وقدرات وحيل الموساد تاريخياً تؤكد ذلك . نحن أمام جهتين ، متهمتين بارتكاب هذه الجريمة ، ونحسب أنها لن تخرجعنهما ، إما الموساد 'السلفي' وخلاياه النائمة واليقظة في مصر وخارجها أوالموساد 'الإسرائيلي' ، بأدواره ومؤامراته الممتدة والدائمة ضد مصر ، وفيعلم الجريمة يقول قانونه المعروف 'ابحث عن المستفيد لتكتشف الفاعل' ،ونحسب أن المستفيد الأول من هذه الجريمة هو هذا الموساد بشقيه البدويالسلفي المتخلف ، والصهيوني المتطرف ، ولا ثالث لهما ؛ وإذا أردنا عدمتكرار الجريمة ، وألا تحدث في المستقبل القريب 'أعياد الميلاد المصرية في7 يناير الحالي' أو البعيد ، فلنواجه القتلة هؤلاء باستراتيجية جديدة ،استراتيجية تستخدم الوسائل والأدوات الثقافية والسياسية والدعويةوالاجتماعية قبل استخدام المعالجات الأمنية القاصرة ، هنا فقط تكون نقطةالمواجهة الجادة ، وقي الله مصر من دعاة الفتنة ، ولعن مشعولوها ،والعزاء لشهداء كنيسة القديسين ، شهداء مصر كلها .