اعتبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر أن «ما تحقق في مؤتمر الحوار اليمني هو إنجاز كبير لليمنيين وإنجاز كبير لمشروع التغيير السلمي في اليمن»، مؤكداً وجود تحديات كبيرة، أهمها أن «هناك من لا يزال يحلم بإعادة انتاج النظام السابق، وهذا هو الذي جعل مجلس الأمن يصدر القرار 2051 المتعلق بموضوع العرقلة».
وقال بنعمر في حوار مع «البيان»، إن «هناك أزمة إنسانية، أن اليمنيين توافقوا على ضرورة استرجاع هذه الأموال»، معتبراً أن «أهم إنجازات مؤتمر الحوار هو التوافق على وثيقة معالجة القضية الجنوبية». لافتاً إلى أن «هذا انتصار للقضية الجنوبية، وهو انتصار للجنوبيين، وانتصار لجميع اليمنيين». وفيما يلي نص الحوار:
هل بالإمكان القول ان مخاطر انزلاق اليمن نحو الحرب الأهلية قد انتهت مع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ؟
أظن ان ما تحقق هو انجاز كبير لليمنيين وانجاز كبير لمشروع التغيير السلمي في اليمن، خلال مدة عشرة شهور تحاورت جميع الأطراف السياسية وهذه لأول مرة في التاريخ، وتم مناقشة جميع القضايا المستعصية، بهدف إيجاد يمن جديد، وطي صفحة الماضي الأليم، وتلبية تطلعات الشباب في بناء دولة مدنية حديثة يسودها القانون وحقوق الإنسان، هذا كان هدف المؤتمر.
وتم الخروج بوثيقة توافقية، هذه الوثيقة شارك في صياغتها جميع الأطراف السياسية، وهي تؤسس لحكومة جديدة في اليمن، ونظام حكم جديد، ودولة جديدة، والجديد في الأمر هو أنها دولة اتحادية موحدة، وتم التركيز كذلك على ان هذه الدولة ستشكل قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد والاستئثار بالسلطة والثروة.
تحديات كبيرة
لكن مع انتهاء اعمال مؤتمر الحوار ظهرت مجموعة في الجنوب ومحسوبة على نائب الرئيس السابق علي سالم البيض تتبنى الكفاح المسلح، وتبنت عمليات استهدفت قوات الجيش، وايضاً لا تزال هناك اتهامات للنظام السابق بأنه يقف وراء عمليات التخريب والفوضى، هذه تحديات كبيرة اما تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار كيف ستتعاملون معها ؟
أكيد هناك تحديات كبيرة، هناك من لا يزال يحلم بإعادة انتاج النظام السابق، وهناك من يعمل على تقويض العملية السياسية، وهذا هو الذي جعل مجلس الأمن يصدر القرار 2051 وهو الأمر الذي جعل مجلس الأمن يركز على موضوع العرقلة.
ومع الأسف استمرت الأعمال التخريبية التي تستهدف البنى التحتية، ونحن اكتشفنا في المدة الأخيرة أن هذه الأفعال تكلف خزينة الدولة مئات الملايين من الدولارات، وهذا في بلد حسب احصائياتنا في الأمم المتحدة يعاني نصف سكانه من سوء التغذية.
هناك أزمة انسانية في اليمن ورغم ذلك المخربون مازالوا مستمرين في هذه الأعمال، وللأسف ثقافة الافلات من العقاب اصبحت سائدة، واليمنيون يريدون الأمن والاستقرار يريدون التنمية، وسيقف مجلس الأمن والمجتمع الدولي الى جانب عملية التغيير.
مجلس الأمن
هل نتوقع ان يتخذ مجلس الأمن في جلسته القادمة والمقررة في 28 الشهر عقوبات ضد اشخاص او جهات تعيق التحول السياسي، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار؟
في وثيقة مؤتمر الحوار هناك طلب واضح للمجتمع الدولي لدعم العملية السياسية ومخرجات مؤتمر الحوار، ومراقبة تنفيذ، وانا متأكد ان مجلس الأمن سيتعامل مع هذا بشكل ايجابي، ولكنه سينظر في موضوع التحديات والعراقيل، وسيتخذ ما يراه مناسباً من قرارات واجراءات.
ويجب ان لا ننسى أن مجلس الأمن يجتمع كل ستين يوماً لمناقشة الوضع في اليمن وهذا شيء غير عادي، حتى عدد من دول العالم التي فيها نزاعات مسلحة لا يجتمع مجلس الأمن بهذه الوتيرة، وهذا يعني لمجلس الأمن انه يرى ان عدم استقرار اليمن قد تكون له انعكاسات على الأمن والسلم الدوليين ..
ومن جهة اخرى ان مجلس الامن يعتبر ان الوضع مازال هش في اليمن رغم تقدم العملية السياسية .
إجراءات
في المرحلة الانتقالية الجديدة هناك حزمة من الإجراءات ينبغي اتخاذها وخصوصا في الجنوب مثل اعادة المبعدين الى وظائفهم، وملف الأراضي، وهذه تحتاج إلى أموال.. هل حصلتم على تعهدات من دول الخليج لتغطية احتياجات هذا الملف؟
كما قلت هناك ازمة انسانية في اليمن، وهذا امر خطير، لكن في نفس الوقت هناك أموال منهوبة، وتوافق اليمنيون على ضرورة استرجاعها وسيعملون على استرجاع هذه الاموال، وثانياً هناك خسائر فادحة من جراء العمليات التخريبية التي تستهدف البنية التحتية، وإذا توقف هذا التخريب سيكون مصدراً مهماً لتمويل الحكومة لتقديم الخدمات للسكان.
لكن من جهة أخرى يجب أن نسجل أن المجتمع الدولي تعامل بشكل ايجابي مع اليمن، وتم الإعلان عن عدد كبير من المنح المالية نصفها من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وهي اكبر دولة مانحة، لكن الأزمة الاقتصادية، والإنسانية الموجودة هي نتيجة تراكمات وسوء استخدام السلطة.
أموال للجنوب
لكن التحول من النظام المركزي إلى النظام الاتحادي يحتاج إلى أموال، ولاحظت أن الوضع في الجنوب مضطرب، ألا يشكل هذا خطراً على الوضع، خصوصاً وأن تأخير التمويلات ربما يؤدي الى اتساع رقعة الفوضى؟
أظن أن اهم إنجازات مؤتمر الحوار هو التوافق على وثيقة معالجة القضية الجنوبية.. وهذا انتصار للقضية الجنوبية، وهو انتصار للجنوبيين، وانتصار لجميع اليمنيين، هذه الوثيقة تضع خارطة طريق لإنصاف الجنوبيين في اطار الدولة اليمنية الموحدة الاتحادية الجديدة.
وساهمت جميع الأطراف في صناعة هذه الوثيقة، والوثيقة أكدت على ضرورة تنفيذ جملة من الإجراءات التي تضمن إعادة بناء الثقة، وأصبح تنفيذ النقاط العشرين الخاصة بإجراءات بناء الثقة ضرورية في ضوء الاضطرابات في بعض المناطق في الجنوب .
الحكومة تقول إن ذلك بحاجة إلى أموال، والأموال غير متوفرة؟
فيما يخص الجنوب انا سعيد ان هناك منحة مهمة من قطر قدرها 350 مليون دولار وتم الاعلان عن تأسيس صندوق لمعالجة ملف الأراضي والمبعدين قسراً من وظائفهم، وأنا أظن أنها المرة الأولى التي يرى فيها الجنوبيون امكانية معالجة الأوضاع المتعلقة بالأراضي ومن تم إبعادهم من وظائفهم قسرياً من الخدمة المدنية والجيش، لأنهم كانوا سئموا من الوعود.
وعود لم تنفذ
يقول مبعوث الأمم المتحدة في حواره مع «البيان»، إنه كانت هناك وعود لم تنفذ، ويجب ان لا ننسى ان الحراك الجنوبي بدا كحركة مطلبية، وكانت مطالبه واضحة، وكان بالإمكان معالجتها، لكن كان الجواب من الحكومة هو حملات قمعية اعتقالات وغيرها، وأحياناً وعود لم تنفذ، ولهذا اصبحت مطالب الحراك مع الوقت اكثر راديكالية.
وانا على تواصل مع اطراف عديدة في الحراك وعدد من الأطراف غير المشاركة في مؤتمر الحوار لها موقف ايجابي من وثيقة معالجة القضية الجنوبية، وأتمنى ان نبنى على هذا وأن تتوسع دائرة التأييد لهذه الوثيقة لتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار.