أيا صاحب المبادئ..أهكذا تكون الحياة؟
اخبار الساعة - طارق سعيد بتاريخ: 13-06-2014 | 10 سنوات مضت
القراءات : (4192) قراءة
يستيقظ في الصباح الباكر وهو متلهفٍ لموعدِ مضغ تلك الورقة الخضراء والتي ما زالت آثارها تنخر في أسنانه، وقد إنطبع لونها المخضرعلى لسانه.
يتناول الإفطار ويخرج من بيته غير راغبٍ بسماع أحد كون مزاجه لا يسمح بذلك.
ويمر بالجولة صباحاً لينتقي صحيفته المفضلة -الصحيفة التابعة لجماعته- ليقرأ فيها إنتصارته هو، وأفكاره هو، يقرأها وهو مسلِم بمصداقيتها بغض النظر عما تحويه، ولا يؤنبه ضميره قيد أنملة جراء قراءة تلك الخرافات، وعند وصوله لعمله، يصدح صوته عالياً بالحديث عما قرأه، ويبحث عن أبناء فكره ليتحدث معهم بحرية فيما لا يتحدثه مع الآخرين، ويضيع يومه العملي كاملاً كصحفي أو كعامل لدى الوكالة الأخبارية التابعة لجماعته لينشر أخبارها ويحلل على ضوئها، ولاحقاً على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول قرأت في الصحيفة الأكثر مصداقية في اليمن -صحيفة جماعته- انه... ويبدأ بسرد سلسلة من الخزعبلات الداعية إلى روح الشقاق والنفاق، وهو الذي كان-منذ لحظة مضت- يدعو إلى وطن جديد خالي من جميع أنواع الفساد،ذلك الفساد الذي هو يتفنن في ممارسته أو كان يمارسه ولكنه فقد السلطة التي تخوله ذلك.
ومن ثم يتوجه إلى التلفاز لفتح القناة -التابعة لجماعته مرة أخرى- فلا زالت هذه القناة هي القناة الأكثر مصداقية في وجهة نظره، يتلقى ما يحبه، وما يتماشى مع فكره، وإن بدأت القناة ببث مالا يرضيه، تتحول القناة في لحظات إلى القناة الأقل مصداقية في العالم.
وبكل بساطة يعلم بتلك الدماء التي تريقها جماعته، ويتجنب فتح المواقع أو الصحف الإلكترونية التي تدين وتظهر بشاعة ما تقوم به جماعته، لأنه قرر أن لا يعترف بتلك البشاعة، وقرر أن يكون بلا عقل، ولكنه –رغم ذلك- ما زال يتحدث عن المبادئ.
صاحب المبدأ ليس من يتمسك بمبادئ خاطئة، وليس من يرى الجريمة ويبرر لها فقط حباً في جماعته،فليس للجريمة مبررات، وكذلك ليس من يعرف أنه يميل لجماعة، فقط لأنها تحقق مصالحه الشخصية، ولا يعترف بذلك حتى لنفسه، وليس من يرى الظلم على غيره ولا يعترف بظلمه للآخرين.
لقد صارت مبادئنا مجموعة من الأهواء الكاذبة، والمصالح العابرة، فصار تعريف المبدأ مرتكزاً على الجماعة التي ستضمن لنا مصالحنا، مهما كانت ممارساتها مليئة بالدماء، ومهما كانت عقيدتها ظالمة.
المبادئ أصبحت سلعة،سلعةٌ يستخدمها الكاذبون لجذب إهتمام الناس، فيظهر -ذلك المريض من الداخل- ليلقي على مسامع مشاهديه محاضرة في المبادئ، والمظالم، وما إن ينزل من منبره حتى يبدأ بالتنصل من مبادئه- بكل وحشية- وتجد من ليلتها من يروج له تحت مسمى أن لديه مبدأ، ولكن الأهم: هل مبدأه صحيح؟!! وهل هذا ما يأمرنا به ديننا؟!!. بكل بساطة، المبادئ للمسلم هي أخلاق ومواقف ينبغي أن تكون منبثقة من الدين الإسلامي الحنيف، وإقتداءً بالنبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام الذين سطروا أروع الأمثال بالصدق والأمانة والأخلاق الكريمة، فلما الحياد عن الجادة وتولي الأهواء!