دفع روحه ثمناً للشرف العسكري
وحدها قيمة احترامنا للجيش ككيان رمزي جامع هي التي يجب أن تكون ثابتة رغم كل سوءات الجيش ، إذ مادون ذلك المسلك هو ما يفضي بالمحصلة إلى هدم ماتبقى من دلالة الدولة الهشة أصلاً.
لقد " حاصر القشيبي حصاره" ، كما اثبت ارتباطه بالشرف العسكري ليدفع روحه ثمناً للموقف . ثمة من سيقول انه كان على صلة بالإخوان في حرب عمران ، مع أن الدولة لم تصفه كمتمرد كما نعرف . وحتى وإن كان مقرباً من الحوثيين أو المؤتمريين مثلاً ، فيما كان يدافع عن شرفه العسكري ضد ميليشيا على ذلك النحو من البسالة والبطولة ، فصدقوني لا املك سوى أن احترمه مقدراً لهذه الجزئية المهمة التي لايجب على الإطلاق التقليل من شأنها والحفاظ عليها لأنها أصل الروح العسكرية.
واقع الحال ان القشيبي ظلم حياً وميتاً، وهو لطالما كان يعرف نفسه كقائد للواء 310 فقط وليس بإعتباره شيئاً آخر.
اللواء الذي تم نهبه من قبل قاتليه وكأنه ملك الإخوان وهو بالأصح ملك الدولة واليمنيين . والحاصل أن مايجمعنا به كشعب هو قيمة البزة العسكرية والطير الجمهوري اللذين يجب تقديرهما بغض النظر عن كل الانتقادات والمآخذ على الأداء العسكري وأخطائه ومفاسده.
من هذا المنطلق تحديداً وجدتني في منتهى الحزن مثلاً على سقوط كل فرد في الجيش حتى في عز انشقاقه عام 2011.
ولئن كنت اعتز بحزني على قتلى الحرس والفرقة سواء بسواء ، فقد كنت احزن على اليمن التي في خاطري، وهذا من حقي . كان ومازال الحزن يتضاعف لدي على جذوة السلمية التي تعد أعظم ماتوصلنا إليه كشعب خلال الثورة فيما تم تدميرها تارة بإدخال المؤسسة العسكرية في مواجهات مؤسفة ، وصولاً إلى المخطط الواضح لازدهار عنف ميليشيات القاعدة والحوثيين ضد الشعب والجيش معاً.
كذلك سأظل أراهن على جيش وطني قوي بهيكلة مؤسسية منشودة تحميه كما تحمينا كشعب . هيكلة ضامنة تحرره من نافذيه ولاتجعله يعتدي على الفعاليات السلمية بقدر ما تجعله محيداً عن الصراعات السياسية وأكثر قوة ضد الإرهاب وصون اليمن أولاً وأخيراً .
ثم انه لا يمكن ازدهار المستقبل والدولة كما ينبغي من دون تصحيح وضع المؤسسة العسكرية قبل أي شيء . وأما التافهين الذين يتعاملون بطريقة ناب كلب في رأس كلب إزاء الجيش ومايتعرض له عبر أكثر من طرف فإنهم ببساطة شديدة يعملون ضد الهوية الوطنية الجامعة .
بل ضد آخر ماتبقى لنا كهوية جامعة على الرغم من كل ما أصابها من انحرافات وتشوهات . باختصار ..لعنتي على أولئك الذين جعلوا الجيش والدولة بلا هيبة ، ومعهم كل الذين جعلوا الهيبة للميليشيات بالمقابل .