الاقتصاد اليمني يتداعى ..«الميزان التجاري» يسجل أسوأ عجز في 9 أعوام
بالرغم من أن اليمن من الدول التي يتسم اقتصادها بالمتدني على جميع مؤشرات التنمية الاقتصادية الكلية والاجتماعية، حيث تقبع في قائمة الدول الأكثر تقهقرا حسب المؤشرات والمقاييس الدولية منذ سنوات، إلا أنه لم يتعرض لانهيار كلي أو أضرار كبيرة، حيث ظل على مدى عقود محاولا إيجاد فرصة للخروج من عنق الزجاجة، وهو ما تحقق وإن بنسب ضئيلة قبل ثورة 11 فبراير، حيث كانت الأرقام والبيانات المالية تشهد بعض التحسن خاصة في الأعوام التي سبقت الأزمة المالية العالمية.
كان الميزان التجاري للاقتصاد اليمني يحقق فائضا تقدر قيمته بـ811 مليون دولار، إلا أن الأوضاع السياسية التي عصفت بالبلاد وألقت بظلالها على الاقتصاد، جعلها تسجل في نهاية العام 2013 أكبر عجز في ميزانها التجاري مع العالم في 9 سنوات.
وبالرغم من تأكيدات محافظ البنك المركزي اليمني حمد عوض بن همام، أمس الأول بأن أسعار الصرف في البلاد لا تزال مستقرة نسبيا، وتخضع لقوى العرض والطلب، إلا أن تقارير دولية تؤكد أن الاضطرابات السياسية التي تحدث الآن قد تحدث ضررا بالغا في الاقتصاد اليمني.
معدل البطالة في اليمن سجل أعلى مستوياته بنهاية عام 2013 عند مستوى 30 في المائة.
يقول ابن همام، "مستوى احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي لا تزال في الحدود الآمنة، لافتا إلى أنها وصلت في نهاية شهر يناير 2015 إلى نحو 4 مليارات و500 مليون دولار، وهو ما يغطي فاتورة الاستيراد لأكثر من 4 أشهر.
وأكد ابن همام لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن ما تتناوله بعض المواقع الإخبارية بخصوص الوديعة السعودية وانخفاض قيمة العملة اليمنية، جميعها أخبار مختلقة ولا تمت للواقع بصلة لأن الوديعة تحكمها اتفاقية دولية ملزمة للبلدين بما في ذلك مواعيد السداد.
ولفت محافظ البنك المركزي إلى أن "اليمن مر بعديد من الأزمات السياسية منذ 2011، وأن جميع الأطراف السياسية قد نأت عن المساس بالاستقرار الاقتصادي والنقدي لأن الجميع في قارب واحد وإذا غرق سيغرق الجميع.
ووفق تحليل وحدة التقـــــارير الاقتصــادية بصحيفة "الاقتصادية"، فقـد شـهد المــــيزان التجاري اليمني، عجزا متتاليا منذ عام 2006 حتى عام 2013، ليبلغ متوسطه السنوي نحو 3.1 مليار دولار، كما سجل العجز في الميزان التجاري ارتفاعا من مستويات المليار دولار في عام 2006، ليصل إلى أعلى مستوياته البالغة 5.8 مليار دولار في نهاية العام 2013.
وعزا هذا العجز إلى تراجع الصادرات لتصل إلى مستويات الـ9.6 مليار دولار مقابل ارتفاع الواردات إلى مستويات تعد الأعلى منذ عام 2005 حتى عام 2013، حيث سجلت في نهاية عام 2013 نحو 15.3 مليار دولار.
من جانب آخر، يعاني الشعب اليمني من معدلات الفقر المدقع لتتراوح مستوياته بين الـ12 في المائة والـ15 في المائة من إجمالي عدد السكان، والبالغ عددهم حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة أخيرا قرابة الـ24 مليون نسمة تقريبا وذلك في نهاية عام 2013.
لتشهد الجمهورية اليمنية نموا بعدد سكانها خلال فترة التسعة أعوام (فترة التحليل والدراسة) وتحديدا منذ عام 2005 وحتى نهاية عام 2013، بما نسبته نحو 22 في المائة.
وهنا يشير تقرير صادر عن مكتب البنك الدولي في صنعاء إلى أن التعافي في نمو الاقتصاد اليمني في عام 2012 كان نتيجة لتحسن النشاط الاقتصادي في القطاعات الرئيسة للاقتصاد والصناعات التحويلية والزراعة والتجارة وغيرها.
وأضاف التقرير أن إنتاج النفط الذي يسهم بنسبة تصل إلى 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وأكثر من 75 في المائة من ميزانية الحكومة اليمنية ما زال دون مستويات ما قبل الثورة الشعبية بسبب الهجمات المتكررة على البنية التحتية لقطاع الطاقة وحقول النفط.
وعلى صعيد متصل، فقد سجل مؤشر البطالة أعلى مستويات له بلغت نحو 30 في المائة في نهاية عام 2013، وذلك بعد أن كانت عند مستويات الـ27 في المائة في نهاية العام 2005، ثم شهدت مستويات الـ25 في المائة في عامي 2008 و2009، إلا أنها ارتفعت لأعلى مستوياتها بعد ذلك.
ومن المتوقع لها أن تشهد خلال الأعوام القليلة المقبلة مستويات جديدة لم يرها الاقتصاد اليمني. ويعزى هذا إلى الأوضاع السياسية الراهنة التي تمر بها اليمن.
هذا، ويعاني الاقتصاد اليمني من معدلات تضخم تعد الأعلى في المنطقة حيث شهد مستويات الـ20 في المائة خلال عامي 2008 و2011، إلا أن تلك المستويات قد شهدت تراجعا لتبلغ نحو 11 في المائة في نهاية عام 2013. ويشار إلى أن أدنى مستويات سجلها معدل التضخم نحو 5 في المائة خلال عام 2009.
هذا ويعتمد الاقتصاد اليمني اعتمادا كليا على المساعدات الخارجية ومن أهمها؛ مشروع منظمات المجتمع المدني في اليمن التي تقدر قيمته بثمانية ملايين دولار على ضمان حصول منظمات المجتمع المدني اليمنية على المساندة التي تحتاج إليها لإيصال أصوات الشباب والنساء والفقراء الذين يتم غالبا استبعادهم من العمليات والبرامج الرئيسة.
وفيما بتعلق بإيجاد فرص العمل في الاقتصاد اليمني، فهناك مشروع تنمية مؤسسات البنية التحتية للقطاع المالي في اليمن وتقدر قيمته بـ20 مليون دولار، إضافة إلى مشروع تطوير حوكمة القطاع الخاص ومشروع ممر الطريق السريع في الجمهورية اليمنية بتكلفة 134 مليون دولار، لمعالجة اختناقات النقل وطنيا ودوليا ومساندة التكامل الاقتصادي على المستويين الوطني والعالمي، وهذا بحسب التقرير الصادر من البنك الدولي، ومؤسساته.
يقول البنك الدولي: إن ميزانية الحكومة اليمنية تعاني ضعفا شديدا، حيث يعدّ ارتفاع عجز الميزانية من المشكلات الرئيسة التي يواجهها الاقتصاد لأن أغلب عائدات الميزانية هي من إيرادات النفط، ويهيمن الدعم وفاتورة الأجور على بنود الإنفاق الحكومي.
ويتوقع المختصون أن يتراجع معدل النمو في اليمن في عام 2015 بسبب توقف النمو في القطاعات غير النفطية وكذلك توقف أموال المانحين وتراجع إنتاج النفط في ظل المأز