اخبار الساعة

نوف محمد: اصنعوا لنا أمهات كأم توماس

اخبار الساعة - نوف محمد بتاريخ: 30-09-2015 | 9 سنوات مضت القراءات : (4642) قراءة
عاد الطفل من مدرسته وفي يده رسالة مغلقة طلب منه معلمه أن يسلمها لأمه ولا يفتحها، وصل الطفل إلى البيت وناول أمه الرسالة، وقرأتها ثم نظرت إليه صامتة، سألها: “ماذا في الرسالة يا أمي؟”.
 
قالت له: “يقولون إن ابنك عبقري، ومدرستنا صغيرة ومتواضعة ولا تليق به ونقترح عليك تدريسه في البيت”.
 
فرح الطفل ولم يذهب للمدرسة بعدها وتولت والدته تدريسه منذ ذلك الحين، وفي يوم من الأيام، وجد الطفل رسالة المدرسة ودفعه الفضول لقراءتها، فوجد فيها: “ابنك غبي جداً ولا يمكن تدريسه سيمنع من دخول المدرسة اعتباراً من يوم الغد”.
 
بكى الطفل كثيراً، ثم كتب في دفتر مذكراته: “كنت طفلاً غبياً، وصنعت مني أمي عبقرياً”.
 
كبر الطفل وأصبح شاباً ولكنه كان يعاني من مشاكل في السمع في سن مبكرة، وكان يعزى سبب الصمم له لنوبات متكررة من إصابته بالحمى القرمزية خلال مرحلة الطفولة دون تلقيه علاج لالتهابات الأذن الوسطى. وخلال منتصف حياته المهنية عمل في مختبر كيميائي على قطار، وقيل أن ضعف سمعه كان بسبب ضرب عامل القطار له على أذنيه بعد اشتعال النيران بمختبره في عربة نقل، وألقى به إلى جانب جهازه والمواد الكيميائية من القطار في بلدة كيمبل بولاية ميشيغان الأمريكية. لكنه في السنوات الأخيرة من حياته، عدَل القصة هو بنفسه، وقال أن الحادثة وقعت عندما قام عامل القطار بمساعدته على ركوب القطار برفعه من أذنيه.
 
لم تكن حياة الشاب سهلة منذ البداية فقد اضطر والده إلى الهرب من كندا بسبب مشاركته في ثورة ماكنزي الفاشلة سنة 1837م، وكان لعمله في القطار قصة بدأت عندما أنقذ جيمي ماكنزي ابن الثلاث سنوات من قطار جامح عندما كان الولد عالقا في سكة حديدية، عندها تعرّف إلى والد جيمي الذي يعمل وكيلا لمحطة (J.U. MacKenzie) في ماونت كليمنز، فعبّر والد جيمي عن امتنانه للشاب وقام بتدريبه كمشغل للتلغراف، كانت مهمة الشاب الأولى بعيدا عن مدينته، وأصبح الشاب عاملا بالبرقيات أو التلغراف.
 
بعدها اخترع الشاب العديد من الأجهزة التي كان لها أثرا كبيرا على البشرية حول العالم، مثل تطوير جهاز الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي والمصباح الكهربائي المتوهج العملي الذي يدوم طويلا ً، وهو من أوائل المخترعين الذين قاموا بتطبيق مبدأ الإنتاج الشامل والعمل الجماعي على نطاق واسع لعملية الإختراع، لذا كان يعرف بأنه أول من أنشأ مختبرا ً للأبحاث الصناعية، وأصبح رابع مخترع أكثر إنتاجاً في التاريخ، ويمتلك 243 براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلا عن العديد من براءات الاختراع في فرنسا وألمانيا، وكان له الفضل في العديد من الاختراعات التي ساهمت في وسائل الاتصال الجماهيري وفي مجال الاتصالات على وجه الخصوص، شملت مسجل الاقتراع الآلي والبطارية الكهربائية للسيارة والطاقة الكهربائية ومسجل الموسيقى والصور المتحركة، وأنشاء 14 شركة عالمية، بما فيها جنرال إلكتريك والتي لا تزال إحدى أكبر الشركات المساهمة العامة في العالم اليوم.
 
هل عرفتم من هو ذلك الطفل، الذي أنار كل بيوت الدنيا؟!
 
إنه الطفل الذي قال عنه معلمه أنه غبي، وصنعت منه أمه العبقري الذي غير حياة البشرية “توماس آديسون”.
 
هل عرفتم ماذا قصد الشاعر بقوله:
 
الأم مدرسة إذا أعددتها… أعددت شعباً طيب الأعراق؟
 
الأم هي الأساس، وهي المصنع الحقيقي لبناء بناة المستقبل وصناع الحياة.
 
ما الذي يمنع الأمهات في مجتمعنا أن يكن مثل أم توماس آديسون؟!
 
لو جاء طفل من أبنائنا إلى أمه برسالة من مدرسته كالرسالة التي جاء بها توماس لأمه، لقلبت الدنيا على رأسه، مع أنها لم تتفرغ لتدريسه ولا لمراجعة دروسه معه، وربما لا يعلم بعضهن بأي صف دراسي هو، ودراسة ابنها ربما ليست في دائرة اهتمامها، أكثر من طق الحنك مع فلانه وعلانه ومشاوير الفلة والبسطة وهوامش الحياة، وفي النهاية تريده أن يصبح طبيبا أو مهندسا أوعالما، كيف؟!
 
اصنعوا لنا أمهات مثل أم توماس، ليصنعن لكم أكثر من توماس يغيرون التاريخ وحياتكم وحياتهم ويرتقون بأوطانهم، والله الموفق.
المصدر : عين اليوم
اقرأ ايضا: