السعودية «جرحت نفسها» في معركة النفط ونزفت ربع تريلون دولار
فسر مراقبون قرار «منظمة الدول المصدرة للبترول» (أوبك) في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 برفض تخفيض إنتاج الخام بأنه رغبة سعودية، التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم، في الحفاظ على حصتها السوقية من الخام، عوضاً عن دعم الأسعار.
وبعد عامين فقط، وبعد الاتفاق التي تم التوصل إليه بشكل مفاجئ خلال اجتماع الجزائر الشهر الماضي بشأن تثبيت الإنتاج، فإن التدقيق في عوائد الاستراتيجية السعودية النفطية على المملكة أمر يستحق التقييم، حسب تقرير لـ«بيزنيس إنسايدر».
«مايكل تران»، الخبير في «آر بي سي كابيتال ماركيت» علق على ذلك قائلا: «نجد صعوبة في العثور على مقياس يظهر أن السعوديين خرجوا منتصرين بخصوص الهدف الذي أرادوا إنجازه خلال العامين الماضيين».
وأضاف: «بعبارة أخرى، لم تسر الأمور وفقا للخطة التي تم وضعها، بينما تركت الجروح الذاتية للحرب المملكة مكبلة بتدابير مالية صعبة في ظل التراجع الحاد في أسعار الخام، كما حرقت السعودية نحو ربع تريليون دولار من احتياطاتها الأجنبية».
وحدد الخبير الاستراتيجي 3 «شراك» وقع فيها السعوديين:
1- الولايات المتحدة: يُعد السعوديون منذ فترة طويلة من الموردين الرئيسيين للولايات المتحدة، لكن المملكة تأثرت بشدة من الاستراتيجية الأمريكية التي تتبعها حاليا، والتي تهدف إلى تحقيق استقلال في مجال الطاقة وزيادة في الإنتاج المحلي، وهو ما قلص حصة المملكة في السوق الأمريكي.
2- الصين: كانت السعودية المزود الرئيسي لاحتياجات الصين النفطية، لكن روسيا تمكنت من خلال العاميين الماضيين من الاستحواذ على غالبية النمو الحاصل في الاحتياجات النفطية لهذا البلد الأسيوي، الذي يعد ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة. كما حصل على جزء من الكعكة الصينية دول منتجة صغيرة من بينها فنزويلا والبرازيل، فيما انضمت إيران في الوقت الراهن إلى السباق.
3- الهند: الهند هي الهدف الكبير الآخر بالنسبة للمملكة باعتباره مستهلكا هاما للنفط على مستوى العالم، وقد نجحت السعودية في اقتناص حصة تقدر بنحو 20% من سوق الخام الهندي لفترة جيدة، إلا أن الخبر السيء هو أنه في حين زاد الطلب في الهند على النفط، فإن السعودية لم تتمكن من زيادة صادرتها إليها، بينما تواجه المملكة تهديدات من قبل العراق وإيران، المنتجين الصاعدين في هذه الفترة.
هذا الوضع شكل ضغوطا اقتصادية حادة على المملكة، التي أعلنت، في الآونة الأخيرة، عدة تدابير وإجراءات اقتصادية صعبة في محاولة للحد من العجز في الموازنة العامة.
وقالت وكالة «بلومبرغ» في وقت سابق إن السعودية تهدف إلى إلغاء مشاريع بقيمة 20 مليار دولار، وخفض ميزانيات الوزارات بنسبة الربع، بينما لم يكن المواطنين السعوديين سعداء مع بعض تدابير التقشف، والتي قادت إلى ارتفاع حاد في فواتير الكهرباء.
على هذا النحو، يرى «تران» أن الاتفاق الأخير للحد من إنتاج الخام يمكن تفسيره على أنها إشارة إلى أن السعوديين تخلوا تماما عن استراتيجية الحصة السوقي؛ نظرا لعدم فعاليتها النسبية، وتزايد المخاوف المحلية.
وأضاف: «بعد مرور عامين فقط على المعركة، ليس أمام المملكة سوى القليل لفعله للحد من الضغوط الاقتصادية دون السحب من احتياطيات النقد الأجنبي، بينما تصاعدت التوترات التي من قبل الشباب المتعلم والتي يعاني من البطالة