علي ناجي الرعوي: هل يقترب اليمن من نهاية النفق؟!
اخبار الساعة - علي ناجي الرعوي بتاريخ: 31-08-2017 | 7 سنوات مضت
القراءات : (9107) قراءة
بعد عامين ونصف العام من الحرب الطاحنة والمدمرة في اليمن، وما صاحب هذه الحرب من سيل جارف للدماء، وخراب هائل في العمران وتصدعات كبيرة في النسيج الاجتماعي والوطني ظهرت فيها الأمم المتحدة فاقدة لدورها المركزي كميسر ولاعب في تحديد مسار الحل في هذا البلد بموجب التفويض الذي حصلت عليه من مجلس الأمن الدولي، فان ما بدا لافتا خلال الساعات الفائتة أن هذه الحرب التي ظلت هامشية وشبه منسية لأسباب وعوامل مختلفة في أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة عادت فجأة لتتصدر اهتمام الدبلوماسية الدولية، فقد خرج الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ليعلن الأحد الفائت من الكويت عن مبادرة أممية سيجري إطلاقها قريبًا لوقف إطلاق النار، وإحلال السلام في اليمن وفي اللحظة نفسها كان مساعد الأمين العام للشئون الإنسانية رضوان نويصر يبحث في صنعاء احتياجات السكان من المساعدات الإنسانية، وهو ما يبعث حقا على السؤال: ما الذي تغير يا ترى لتستيقظ الأمم المتحدة من سباتها الطويل، وتعيد النظر في أدوات تدخلها في اليمن؟ مع إنها من تخلت كليا عن ذلك الدور في الفترات الفائتة، واكتفت بأقل جهد ممكن لتنوب عنها هذه المهمة بعض القوى الإقليمية والدولية رغم معرفتها الأكيدة باستحالة توافق هذه القوى على خطة سلام مستدام في اليمن في ظل تصادم وتعارض المصالح في المنطقة ومنها اليمن.
واضح أن انطونيو غوتيريش قد انتابته هذه الصحوة المتأخرة حينما كان يتحدث لعدد من الصحفيين في العاصمة الكويتية سيما بعد الانتقادات التي وجهها إلحاح أحد الصحافيين لدور المنظمة الدولية في اليمن، والذي وصفه بالمترهل والضعيف جدا، وأنه الذي لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، مشيرًا إلى أن العمليات الترقيعية التي تقوم بها المنظمة في الجانب الإنساني لا تنعكس في تحسين الوضع الإنساني بل تزيده سوءا مشككا في نجاح أي خطوة قادمة طالما استمرت المنظمة تفصل بين الملف السياسي والملف الإنساني في حين أنها التي تدرك أن من غير الممكن معالجة المتطلبات الإنسانية للسكان دون القيام بخطوات إيجابية تفضى فعلا إلى إيقاف الحرب، وتشجيع الأطراف المنخرطة في الصراع على التوافق والقبول بالحل السياسي.. والثابت أن ما لم يسمعه الأمين العام في ذلك المؤتمر الصحفي فإن مساعده للشئون الإنسانية قد سمعه في صنعاء والحديدة ومن ذلك ما يتعلق بقصور دور الأمم المتحدة في معالجة موضوع صرف مرتبات موظفي الدولة والتي توقفت بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن الأمر الذي أدى إلى حرمان أكثر من مليون ونصف مليون موظف في المجال المدني والأمني والعسكري من مرتباتهم الشهرية التي تعتبر حقًا إنسانيًا للموظف وعائلته واسهم أيضا بشكل سلبي ومباشر في تفاقم وتدهور الوضع الإنساني ودخول 60 % من السكان ضمن الفئات المحتاجة للمساعدة.
والسؤال الآخر الذي يقف اليوم في مواجهة انطونيو غوتيريش والأمم المتحدة هو: لماذا تأخرت الجهود الأممية كل هذا الوقت؟ وماذا يتوجب على الأمين العام وهيئة الأمم المتحدة أن يفعلاه بعد أن بحت أصوات المحتضرين فيما تبقى من المستشفيات والمراكز الصحية الذين تقتلهم الكوليرا أو الأمراض المزمنة مثل السرطان والسكري والفشل الكلوي نتيجة انعدام الأدوية اللازمة للعلاج والأجهزة الطبية التي تعمل بعد أن توقف كل شيء له علاقة باستمرار الحياة في هذا البلد؟ بكل تأكيد فإن أي موقف دولي يدعم الحل التفاوضي والسياسي في اليمن من شأنه أن يعيد الأمل وينهي حالة التشاؤم التي تعمقت لدى معظم اليمنيين بعد أن وجدوا أن معاناتهم التي اشبعها تحليلا اغلب الكتاب والمراقبين والمحللين السياسيين في العالم لا تجد صداها لدى الفاعلين الدوليين، ولذلك فإنهم الذين يتطلعون الى قيام الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها عبر الإسراع في إيقاف الدم اليمني الذي يراق يوميا ومساعدة اليمن على الخروج من النفق الراهن والانتقال الى فضاء الأمن والسلام والاستقرار.
في ظل التوقعات الكبيرة فإن الأسابيع القادمة ستحمل الإجابة والكثير من التوضيحات عن حقيقة ما يجرى الإعداد له من تفاهمات لإيقاف الحرب باليمن لكن من الواضح أن أية مبادرة أممية لتحريك عملية السلام المتوقفة بحاجة إلى توجه جديد أكثر فاعلية للأمم المتحدة، وبما يسمح لها تجاوز المعيقات التي تعترض طريق السلام خصوصا بعد أن أثبتت التجربة أنه وما لم تعيد الأمم المتحدة النظر في وسائلها للتوسط من أجل السلام في البلد المحاصر بالأزمات فإن من الصعب الوصول إلى معادلة للسلام تكون أكثر استجابة وديمومة وواقعية من سابقتها حيث تقتضي الحاجة اليوم لمظلة سياسية للسلام اكثر اتساعا من تلك المظلة التي جرى التحاور تحتها سابقا في سويسرا والكويت وذلك بعد أن أفرزت الحرب وقائع جديدة من غير الممكن القفز عليها أو تجاهلها وفرص تحقيق ذلك ليست عسيرة إذا ما علمنا أن جميع أطراف الصراع باتت اليوم تلعب باتجاه واحد وبفريق واحد وملعب واحد يدور حول منطق السياسة بعد أن فشل منطق الحرب ولغة القوة.
وفي كل الأحوال إذا لم يعمل المجتمع الدولي على إنقاذ اليمن فسيكون من الصعب التنبؤ بما سيؤول إليه هذا البلد فهو من قد يتحول إلى مزيج سقيم من الفوضى والعنف والحروب الداخلية الشرسة التي ستكتوي بنيرانها المنطقة بأكملها، وذلك ما يجعل من الحفاظ على اليمن واستقراره ضرورة قصوى له ولجيرانه والمصالح الإقليمية والدولية في هذا الركن الحيوي من خريطة العالم.
اقرأ ايضا: