مشهد أكثر صعوبة وتحالفات قادمة غير متوقعة
عادت المملكة العربية السعودية خلال الأيام الماضية، للبروز في المشهد اليمني بشكل كبير جداً، وذلك بعد انحصار دورها في الشأن اليمني عقب التوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011.
عادت المملكة هذه المرة، ولكن عودتها كانت كعودة المهرول المفجوع، الذي فزع من محاولة الانقضاض عليه.
تظهر حالة الفجعة التي طرأت على المملكة، من خلال التحركات المتسارعة والمتتالية التي تجريها منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيات الحوثية بالأصح "ميليشيات الحرس الجمهوري العفاشي"، وفي عدة نقاط برزت هذه الحالة:
أولاً: إعادة صرف مرتبات مشائخ القبائل، حيث عملت المملكة خلال الفترة السابقة وبعد سقوط العاصمة صنعاء، على إعادة صرف المرتبات لرجال القبائل، بل ووصلت إلى حد إغراء المشائخ بأموال كبيرة جداً، مقابل وقوفهم ضد التمدد الميليشاوي الحوثي العفاشي، بعد توقف هذه الصرفيات لأكثر من عامين منذ اندلاع شرارة الثورة، وذلك كما وردت المعلومات من مصادر دبلوماسية مقربة من السفارة السعودية.
ثانياً: تحول الخطاب الإعلامي السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام الذي وبشكل مفاجئ من مدافع ومؤيد لجرائم المخلوع علي صالح، إلى مهاجم بأبشع أنواع العبارات، لتصل المهاجمة إلى حد وصف الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد مدير قناة العربية الفضائية علي صالح بالثعلب الجريح السارق للأموال طوال الـ 33 عاماً "فترة حكمه".
ثالثاً: إقرار مجلس الأمن الدولي وبإجماع الدول الخمس الأسبوع الماضي، على قرار بفرض عقوبات دولية على المخلوع علي صالح و 2 من قيادات جماعة الحوثي، حيث أن هذه العقوبات لم تأتي من فراغ وإنما جاءت استجابة لطلب رسمي توجه به مجلس التعاون الخليجي.
والكثير من القرارات التي اتخذتها المملكة من خلف الكواليس، ولم تظهر بعد للعلن.
جميع هذه المستجدات جاءت متتابعة بعد فشل ذريع للخطة الإماراتية التي تسلمت الملف اليمني بعد التوقيع على المبادرة الخليجية والتي كانت تهدف للانقضاض على الثورة وإعادة النظام السابق، إلا أن سقوط العاصمة صنعاء بيد الميليشيات الحوثية أفشل هذه الخطة، وأجبر المملكة على الاقتناع أن المخلوع علي صالح رواغ وتلاعب على المملكة خلال فترة حكمه وما بعدها من أجل جباية الأموال، وسهل الطريق أمام الميليشيات الحوثية في محاولة منه لإعادة أسلوب الاسترزاق من الجارة السعودية بدعوى إخراج هذه الميليشيات، كما فعل خلال الـ6 الحروب السابقة في صعدة.، إلا أن المملكة استيقظت من سباتها واكتشفت أساليب المخلوع في اللعب من أجل الاسترزاق ونهب الأموال.
فمن الواضح أيضاً أن التوجه الخليجي انحرف بشكل كبير جداً من المخلوع علي صالح إلى الرئيس هادي، وإلى قواعد حزبية وقبلية أخرى.
وقد اتخذت المملكة خلال الأيام الماضية عدداً من القرارات، التي جاءت لكسر ذراع المخلوع صالح، وستجبره هذه القرارات عما قريب على انهاء تحالفه مع جماعة الحوثي الذي سيستمر لفترة قصيرة جداً، خوفاً على حياته وأمواله، وتقديماً لمصالحه الشخصية.
كما أن هذه التغيرات في الساحة الميدانية اليمنية، أجبرت المملكة على الاقتناع أن الفراغ الذي أوجدته في الساحة اليمنية، بعد فترة الثورة، كان السبب الرئيسي في تغير موازين القوة على الساحة لتشغل إيران هذا الفراغ لتحقيق مطامعها وخططها الإقليمية، الأمر الذي أجبر المملكة على العودة كلاعب أساسي في الساحة اليمنية.
ومن المتوقع أن تكشف الأيام القادمة عن نشوء قاعدة عريضة من التحالفات الحزبية والقبلية والعسكرية التي ستشمل شخصيات لم يتوقع أحد انطوائها تحت ظل هذه التحالفات، وسيعلن هذه التحالفات برعاية ملكية سعودية، وذلك للوقوف أمام التحالف الحوثي العفاشي الإيراني الجديد.
كما يجدر الإشارة إلى أن التوسع العسكري الحوثي في العديد من المحافظات، يأتي ضمن مخطط يهدف لاستنزاف القوة العسكرية للميليشيات الحوثية، حتى ينكشف ظهر المعقل الرئيسي للجماعة المتمردة، ليتم الانقضاض وبشكل سريع على معقل هذه الجماعة من الجهة الشمالية.
في الأخير يتضح لمتابع المشهد اليمني والمراقب للساحة اليمنية أن الوضع أصبح أكثر صعوبةً، وخرج عن إطار ما كان مخطط له، وأصبح الوضع إقليمياً بامتياز، قد يتحول في أي لحظة إلى صراع مذهبي "سني شيعي" برعاية ومباركة دولية.
ستشهد اليمن خلال السنوات القادمة أيام عصيبة جداً.