الحجاب ينافس "السفور" في أوروبا واتهامات له بالدعاية للإسلام
اخبار الساعة - عدنان أبو زيد بتاريخ: 31-10-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (10879) قراءة
ترى كريستينا وهي هولندية متزمتة في نظرتها إلى الأجانب أن الحجاب لن يكون - مهما برر البعض أسباب وجوده في أوروبا - سوى وسيلة من وسائل الدعاية لثقافات غريبة، بل وتعده إحدى الطرق المبتكرة للدعاية للإسلام.
و كريستينا عضو في مجموعة محلية في مدينة آيندهوفن في الجنوب الهولندي تدعو الى محاربة طغيان مظاهر الثقافات الأخرى على الحياة العامة بهولندا، داعية الى قوانين أكثر صرامة لحظر الحجاب والنقاب، وبناء المساجد والمآذن، كما ترى في الحجاب رمز لفشل لقمع النساء الاندماج المجتمعي. وتقول كريستسنا ان مجرد ارتفاع مأذنة في الفضاء الهولندي، يعني خطوة إلى الوراء حتى في مجال الحفاظ على الإرث المعماري الأوروبي.
هدم الكنائس وبناء المساجد
وتنتقد كريستينا هدم الكنائس الذي يجري على قدم وساق في أوروبا، متسائلة عن السر في التزامن بين هدم كنيسة وإقامة مسجد. لكن كريستسنا لا تلوم المسلمين على هذا، بل تنتقد المجتمع الهولندي الذي يتخلى يوما بعد يوم عن إيمانه ومعتقداته على حد تعبيرها.
وتقود كريستنيا حملة تسميها "إيمانية" بغية حث المجتمع على العودة إلى الدين والكنيسة وإحياء الإرث الثقافي الهولندي الذي فقد الكثير من ألوانه المميزة بسبب العولمة والهجرة على حد تعبيرها.
ومقابل ذلك ترى الطالبة الجامعية الهولندية المغربية الأصل فاطمة قادر ان الكره العام للحجاب لا يحول دون انتشاره.
وتتابع: منذ اللحظة الأولى التي أصبح فيه الحجاب مظهرا يوميا في الحياة العامة عكف كثيرون على الوقوف بوجه تياره الجارف، لكنهم لم ينجحوا بسبب تزايد أعداد المسلمين، إضافة إلى قدرة الحجاب نفسه على الصمود كزي عملي، لأنه الأقرب إلى التعبير عن " نفسية المرأة " وروحها، ومثال ذلك – بحسب فاطمة -، المحامية اميلي رسلان التي تحدت الأمر الواقع وارتدت الحجاب في المحاكم الهولندية، بينما لا يحق للقضاة والمدعين العامين ارتداء الحجاب.
لماذا الحجاب ؟
وتعترف فاطمة ان بعض الهولنديات يتساءلن بعفوية عن السبب في التحجب وفيما اذا كان مرتبطا بنظرة الرجل الشهوانية للمرأة. لكن فاطمة تجيب على أسئلتهن بان الحجاب اكبر من وجهة النظر هذه فهو دلالة على الالتزام، والوعي الإيماني، قبل ان يكون رمزا للحشمة فحسب. وتتابع فاطمة : بلغ الهوس في معرفة كنه الحجاب أن فتاة هولندية تساءلت: ولماذا لا يتحجب الرجال في الإسلام أيضا ؟.
ويبلغ التناقض في المشهد اليومي على أشده حين يسقط نظرك على فتاة مسلمة محجبة لا يظهر من جسدها شيء، وهي تجلس الى جانب فتاة لا يستر جسدها النحيل قميص الا بمقدار ضئيل في سعيها وهي تجلس لوقت طويل لاكتساب سمرة تحت شمس لا تظهر كثيرا طوال العام.
المزج بين ثقافتين
الا ان معدلات الإقبال على الحجاب في الغرب تزداد حتى بين الغربيين أنفسهم، وفي ذات الوقت فان مسلمات محجبات يحاولن المزج في ثقافة الزي – حصرا – بين موضة الغرب، والزى الإسلامي.
لكن الحجاب بحسب الكاتبة الصحفية مي عباس مازال يمثل صورة حية ومتحركة تذكر الإنسان الغربي دائما بوجود الإسلام، وصموده، واختلافه.
بل ان مسلمات من مثل سميرة حداد المعلمة الهولندية من أصل تونسي اقامت دعوى قضائية ضد الكلية الإسلامية في أمستردام في الحصول على حقها في السفور دون أن يكون ذلك مبررا لحجب الوظيفة عنها.
ويوضح مطالبة سميرة بحقها في عدم ارتداء الحجاب في مؤسسة إسلامية تفرض الحجاب على المعلمات المسلمات، الصراع المرير بين ثقافتين من أجل البقاء.
فقد ارتدت سيمون الحجاب منذ نحو عامين بعدما تزوجت من شاب عراقي وتحولت الى المذهب الشيعي، حيث تقول ان الحجاب يوصف اليوم كرمز إسلامي، وعلامة فارقة تميز المسلمات عن غيرهن.
البكيني الغربي والحجاب
لكن سيمون مازالت تحرص على الذهاب الى الشاطئ بالبكيني الغربي في الصيف على رغم ان زوجها اقترح عليها ارتداء البكيني الإسلامي.
غير أن سيمون مازالت تعتقد ان البكيني الإسلامي يعيق حركتها في الماء، ويثير سخرية زميلاتها على الشاطئ، وكحل وسط اقترح عليها زوجها الاستجمام عند شواطئ خالية من الرجال.
لكن هذا الحل أشبه بنكتة في مجتمعات ألغيت فيها الحواجز بين الرجال والنساء.
اختزال دور الدين
وتتابع : ان زميلاتها الهولنديات يحاولن معرفة العلاقة بين الإسلام والحياة اليومية، وكيف يؤثر الدين في فعاليات الإنسان، ذلك إنهن على رغم كونهن مسيحيات الا ان دور الدين في حياتهن قد اختزلته الحياة المعاصرة في أوروبا إلى حد كبير، حتى انحسر تأثيره الايجابي على الحياة الشخصية للفرد بحسب سيمون. لكن سيمون ترى ان الخوف الغريزي أو التلقائي من الإسلام بدأ ينحسر، كما ان دعاة الإسلاموفوبيا يواجهون مصائر الفشل، بعدما صعد نجمهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي أسهمت في تكريس الكرة للآخر.
وتتابع سيمون: بعدما كثر المسلمون في اوروبا، وعم الحجاب المرافق العامة والمدارس والدوائر الرسمية، اكتشف الناس ان المسلم او الفتاة المحجبة لن تكون بالضرورة فتاة راديكالية تؤمن بالعنف وتفرض أفكارها.
حجاب و بنطال ضيق
وفي محاولة للمزج بين ثقافتين، ترتدي رحيل هاشم وهي بلجيكية فلسطينية الأصل، الحجاب مع بنطال ضيقته عند مؤخرتها، او " تنورة " رفعتها قليلا عن الساقين.
وما تفعله رحيل يبدو سلوكا منطقيا فهي تلتزم بما يفرضه عليها الأهل في التحجب وفي ذات الوقت فانها تلائم نفسها مع المحيط الذي تعيشه والذي يتطلب منها ارتداء زي يوافق الموضة، ويتلاءم مع أزياء الزميلات في الجامعة والحياة العامة.
وتؤكد رحيل ان اللباس الفاضح ليس مقصودا لدى البلجيكيات،كما لم يكن هدفا في يوم من الأيام، وغاية الأمر ان الفتاة الأوروبية تحرص على مواكبة الموضة التي غالبا ما تصدّرها شركات غربية متخصصة تفرض ذوقها وأسلوبها على الجمهورين العربي والغربي على حد سواء.
وبينما يرى البعض ان الموضات و"التقليعات" تثير في المجتمعات الشرقية إشكاليات اجتماعية ودينية، فان المجتمع الغربي يخلو من الجدل حول ذلك.
ففي الوقت الذي يرى فيه محمد بو حسن وهو شاب مغربي ان اللبس الفاضح يثير الشهوة الجنسية ويشجع على التحرش، لا يميل مايك وهو شاب هولندي الى هذا الرأي ويعتبر ان المرأة حرة فيما ترتديه.
ويدل الاختلاف في الرأي بين محمد و مايك على عمق الاختلاف بين ثقافتين في النظرة الى المرأة وزيها.. وكان الحجاب قد منع في المدارس الفرنسية على التلميذات والمدرسات منذ عام 2004. كمل يشمل هذا الحظر المدرسات فقط في بعض أجزاء ألمانيا.
وبحسب ايفيلين روبرت وهي مصممة أزياء محلية فان الحجاب التركي والمغربي هما المسيطران على مظاهر التحجب في أوروبا.
الحجاب التركي
ويشير روبرت الى ان الحجاب التركي بدا في نظر الكثير من الفتيات المسلمات في أوروبا الأقرب إلى روح العصر لان الفتاة التركية حريصة على الموضة وارتداء الأزياء العملية التي تتيح لها العمل والاختلاط في المجتمع.
وبحسب رجل الدين التركي محمد علي فان تجربة الأتراك الطويلة في الغرب جعلتهم يلائمون أنفسهم للعيش في أوروبا من دون التخلي عن عاداتهم وتقاليدهم مع عدم التطرف والمغالاة في ممارسة الثقافات المحلية التركية.
وغالبا ما يتآلف الحجاب التركي مع المناسبات وحفلات السواريه، وصرن المحجبات التركيات يرتدين أشكالاً وألوانًا كثيرة من الحجاب، بالبنطال الضيق الأوروبي لاسيما الجينز.
لكن رجل الدين حسين على في هولندا يرى ان اغلب المسلمات في الغرب لا يلتزمن بالحجاب الشرعي وان الحجاب الذي على رؤوسهن هو نتيجة ضغوطات الأهل لا غير.
ويتسائل عن جدوى الحجاب عند فتاة ترتدي البكيني على الشاطئ وتتردد على حفلات الديسكو والنوادي الليلة نهاية الاسبوع.
وينقل حسين "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه". لكن زينب شريف وهي فتاة هولندية من اصل مصري ترى ان الفتاة العربية التي نشأت في بيئة منفتحة نوعًا ما، مضطرة الى ابتكار أساليبها في الحياة والتدين وليس بالضرورة ان تكون نسخة مشابهة للفتاة المسلمة في الدول الإسلامية والعربية. وتدعو زينب في هذا المجال رجال الدين إلى دراسة واقع المرأة المسلمة في الغرب، وعدم محاولة فرض ما لا تستطيع القيام به.
اقرأ ايضا: