أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ثروات الشمال النفطية وحقيقة ثروات الجنوب

- وضاح حسين المودع

كثر الحديث منذ سنوات وبالذات في السنة ونصف الأخيرة من قبل من يسمون أنفسهم بالحراك الجنوبي عن مايصفونه (ثروات الجنوب ) وأنها أساس بقاء الدولة منذ مابعد الوحدة وأن الشمال استنزفها بل و(سرقها)  وبسبب البروبجاندا التي أستخدمها الجنوبيين بشكل منظم فقد صدقهم  الجنوبيين العاديين ثم واصل مناصروا الحراك من أبناء الشمال ترويج الفكرة لدرجة أنني لاحظت تصديق كثير من النخب الشمالية للموضوع وكل ذالك بتقديري سببة العواطف التي تسيطر على حياتنا في اليمن والعواطف كما أكتب دائماً لاتبني ولايمكن أبداً أن تبني وطناً بل تهدم الوطن  في كثير من الأحيان .

سأتحدث في هذا المقال عن بعض الأرقام الإقتصادية لأهم موارد الخزينة العامة في اليمن وأهم ثرواته والذي وبحسب المعلن رسمياً يشكل مورداً قدره أكثر من 75% من موارد الميزانية العامة ،ذلك المورد هو النفط والذي – وللتذكيرفقط – ظهر في الشمال قبل الجنوب حيث ظهر في الشمال في عام 1985 ويتذكر الشماليون جورج بوش الأب (يوم أن كان نائب لريجن) حين ظهر في التصوير التلفزيوني الى جوار الرئيس السابق وهما يديران العجلة ايذاناً ببدء تصدير نفط مأرب في ذلك العام ووصل إنتاج النفط من صافر في أعلى مراحل الإنتاج إلى مايزيد عن أربعمائة ألف برميل في اليوم ، في حين أن نفط المسيلة أول نفط استخرج من الجنوب بدأ انتاجه في أواخر عام 1993م وقبل حرب 94بشهور وهاتان المعلومتان متفق عليها بين الجميع .

بداية أذكر بإن  مجلس الوزراء في إجتماعه الأسبوعي المنعقد بتاريخ الأربعاء 5سبتمبر والتي حضر فيها أعضاء اللجنة العسكرية لمناقشة موضوع استمرار الاعتداءات على انبوب تصدير النفط الواصل من أبار صافر إلى نقطة التصدير في رأس عيسى  وهي الجلسة المعلن عن تفاصيلها رسمياً، تم في تلك الجلسة وأعلن من قبل رئيس الوزراء ووزير النفط ووزير المالية تكرار التأكيد على أن الخسارة اليومية التي تتكبدها الخزينة العامة بسبب تفجير الأنبوب هي مبلغ وقدره 15مليون دولار. بالتالي وبقسمة هذا الرقم أي 15مليون دولار على سعر البرميل والذي يثمن حالياً بمائة دولار كمتوسط (اليوم يباع ب107دولار) يكون المستفاد بالتالي من الرقم المعلن عنه من قبل رئيس الوزراء أن إجمالي براميل النفط المنتجة يومياً عبر أنبوب صافر وحدها هي 150ألف برميل (وفي حال زاد سعر البرميل قد تنقص بالتالي الى 140 ألف برميل).إذا فنفط مأرب المنتج من حقول الشمال(حقول صافر) بحسب التصريحات الرسمية مابين 140 ألف برميل إلى 150 ألف برميل ، وبحسب المعلومات التي جمعتها  وحصلت على وثائق رسمية بشأنها فإن الكميات قد تنقص أحياناً إلى مابين 110ألف برميل إلى 120 ألف وأنا أشرت هنا لهذه المعلومة لتأكيد أنني حرصت على توثيق كل جزئية في هذا المقال .

الواقع أيضاً أن أحد الحقول التي تنتج النفط بكميات متوسطة (50 الى 60 الف برميل) تم ربطه بخط تصدير صافر وذاك الحقل يقع في أراضي مشتركة بين الشمال والجنوب حسب حدود ماقبل 1990م (بين مأرب وشبوة)  وذلك الحقل هو الذي تنتج منه شركة جنة هنت ، وهذا الحقل أذكره أيضاً لتأكيد الحرص على ذكر كل جزئية في موضوع النفط الذي يصدره الشمال والجنوب بالتحديد.وللتنبية أيضاً فنفط صافر بأباره المتعددة مملوك تماماً للحكومة وتديره شركة محلية 100%  بعد أن انتهى عقد شركة هنت الأمريكية في أمتياز التنقيب عن النفط الذي بدأ في عام 1985م كما سبق الإشارة إليه وهو ينتج حالياً مابين 50الى 70 ألف برميل يومياً.

ماذا إذاً عن الأستهلاك المحلي في الشمال بشكل خاص كم مقداره؟للإجابة على هذا السؤال أوضح أنه لايوجد رقم محدد تماماً وفقط استطعت معرفة إجمالي الاستهلاك المحلي لليمن شمالاً وجنوباً والذي يصل في أعلى حالاته إلى (130ألف برميل) وبإفتراض أن الجنوب يستهلك الخمس (رغم أنه يستهلك أكثر) بإعتبار أن سكانه خمس عدد سكان الشمال فيمكن القول أن إستهلاك الشمال يصل في اليوم الواحد الى مابين 105ألف برميل إلى 115ألف برميل في أعلي الحالات .بالتالي يظهر أن الشمال ينتج من حقول صافر المملوكة صافية للحكومة  ومن حقل جنة هنت المشترك مابين 100ألف الى 150 ألف برميل بحسب التفاصيل أعلاه ويستهلك محلياً مابين 105ألف إلى 115ألف برميل وهذا يعني أن نفط الشمال يكفيه تماماً للإستهلاك المحلي بل ويمكنه تصدير كميه بسيطة أيضاً في أغلب الأحيان مالم يتم تطوير الإنتاج ليصدر أكثر كما سبق توضيحه .

بعد ماسبق أشير إلى أن إمكانية تطوير الكمية المنتجة من حقول صافر هي شيء مؤكد وقد كانت شركة إماراتية مملوكة لمشايخ الإمارات اسمها(مبادلة) عرضت الدخول في شراكة مع الحكومة اليمنية لتطوير انتاج الحقول ليصل انتاج حقول صافر إلى مالايقل عن 250ألف برميل وأكدت الشركة أنها ستستطيع تطوير الإنتاج لهذا الرقم لإنها ستقوم بالتنقيب بطريقة لم يتم البدء بها حتى الأن في اليمن وهي التنقيب واستخراج النفط الصخري (النفط الموجود في الطبقة الصخرية) في حين أن كل النفط المستخرج في اليمن إنما يتم استخراجه من الطبقات الأعلى من الطبقة الصخرية ، وقد بدأت شركة توتال بإستخدام طريقة مشابهة لهذه الطريقة في الاستخراج في حقلها الانتاجي الواقع في الجنوب.

أيضاً للتوضيح عن حقائق هامة فإن الرئيس عبدربه منصور كان موافقاً في البداية على الشراكة مع شركة مبادلة الإماراتية، إلا أنه رفض بعد ذلك ، لإن المقربين منه أقنعوه بإن أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق ربما يكون أحد الشركاء مع الشركة الإماراتية في مشروع رفع الإنتاج ولأجل الخوف من ذلك تم إلغاء التفاوض مع الشركة الإماراتية  وبدون التحقق أصلاً من صحة المعلومة من عدمها وهو ماسبب خسارة فائدة مؤكدة للانتاج النفطي في  حقول صافر.أذكر بعد ذلك بمعلومة هامة متفق عليها ولاجدال حولها وهي أن الشمال وحده هو من ينتج الغاز ولم يتم حتى اليوم  استخراج أو انتاج أي قدم مكعب من الجنوب والمعلن رسمياً أن نصيب الحكومة اليمنية (في شركة YLNG ) المنتجة هو 21% من إجمالي الشركة والباقي لتوتال وغيرها  والنسبة الحكومية مقسمة بين شركة الغاز 16% وهيئة التقاعد5%.، وبحسب الإعلان الرسمي الذي صرح به وزير النفط أحمد دارس فإن قيمة عائدات غاز الشمال الذي يتم تصديره عبر ميناء التصدير بلحاف (الواقع في الجنوب) سترتفع بدءً من يناير 2014 لتصل العائدات إلى قرابة 450مليون دولار في السنة .

أمام هذا الوضع فإن الواقع بالتالي أن الشمال بموارده النفطية الحالية مكتفي ذاتياً بها بل ومعه مورد إضافي هو الغاز غير متوفر لدى الجنوب وفي حال الانفصال فإن المسألة لن تؤثر على الشمال كما يزعم الجنوبيين ويتعمدون إيهام الكثير بإن الجنوب ينهب وأن الشمال ليس له شيء وأنه بدون الجنوب سيموت من الجوع ، وكل الذي سيجب على الشمال أن يتأقلم عليه في البداية بعد الإنفصال إن حدث هو موضوع الاستغناء عن مصفاة التكرير لغرض الاستخدام المحلي فمصفاة مأرب لاتكرر في أحسن الأحوال أكثر من 15 ألف برميل لكن شراء النفط المكرر وبالذات النفط الإيراني الرخيص الذي يكرر في مصفاة عدن حالياً هو ليس بالأمر الصعب فنفط مأرب غالي الثمن وسعره برنت مضافاً اليه دولاران عكس نفط الجنوب الأرخص سعراً لإن أحسن أنواعه مساوي لفئة العرب الخفيف ولايصل أبداً لسعر برنت كماهو الحال مع نفط مأرب.أشير كذلك إلى أن أغلب طلبات التنقيب هي لمناطق البحر الأحمر بسبب التوقعات بإن مناطق شمال المندب مناطق محتملة للنفط كونها مناطق انقسام القارتين أفريقيا وأسيا قبل ألاف السنين وللفائدة فتكلفة التنقيب في البحر أعلى من تكلفة التنقيب في اليابسة  لكن الشركات حالياً وبسبب الأوضاع الأمنية ترغب في التنقيب في البحر الأحمر لإستقرار الأوضاع الأمنية هناك ، كما أن موضوع توقعات وجود كميات تجارية في الجوف هي معلومات حقيقية بحسب المهندسين الجيولوجيين ومهندسي النفط المتعددين اللذين أمدوني بالمعلومات وأكدوا أن المسوحات الزلزالية المبدئية أكدت ذلك.

مادفعني لكتابة هذا المقال هو الترديد منذ فترة لأكذوبة نهب نفط الجنوب والتي يرددها الحراكيون الجنوبيون وكثير من أبناء الجنوب ويمنون بها ليلاً ونهاراً منذ سنين على أبناء الشمال وإدعائهم أن الشمال نهب نفطهم وكأن نفطهم نفط السعودية أو العراق ولأهمية توضيح كمية النفط في الجنوب سأوضح فيما يلي تفاصيل تلك الكميات لكي يعرف الجميع حقائق ثروات الطرفين ،فحقول الجنوب حالياً تنتج مجتمعة قرابة ماتنتجة حقول الشمال ، فهي تنتج مابين 100ألف برميل في اليوم إلى 130 ألف برميل وتتوزع تلك الكمية بين قرابة 70ألف إلى 80ألف من قطاع 10 الذي تعمل فيه توتال الفرنسية وحقل المسيلة المسمى بشير الخير قطاع 14 والمملوك صافياً للحكومة (شركة بترو مسيلة) ولصيقة قطاع 51 شرق الحجر والمسلم لشركة نكسن وباعته لشركة صينية حالياً واللذان ينتجان مابين 30 إلى 40ألف برميل في أحسن الأحوال مملؤه ومخلوطة بالمياه ثم يتم تنقيتها بتكلفه عاليه ، وحقلان صغيران الأول حقل العقلة S2 المسلم لشركة OMV  ولايزيد انتاجه عن 20 ألف برميل في أحسن الأحوال وحقل تنتج فيه شركة كال فالي المسمى حقل مالك في المسيلة وينتج بمعدل 6ألف برميل يومياً تقريباً وكل هذه الحقول تصدر النفط عبر ميناء الضبة في حضرموت .

بعد كل ماسبق أرجو أن أكون قد بينت صورة حقيقية لثروات الشمال النفطية وثروات الجنوب  وبناءً على معلومات سلمها لي بعض المهندسين الفضلاء في تلك الشركات النفطية وبعض المهندسين في هيئة إستكشاف النفط وأشكرهم جزيل الشكر على تعاونهم ، وكل هذه المعلومات إبتعدت فيها تماماً عن العواطف رغم أني شمالي ورغم أني وصلت إلى مرحلة من الضيق من إبتزاز الجنوبيين المسمى إعلامياً (بالقضية الجنوبية) ولكن ورغم ضيقي تركت العواطف جانباً وطرحت الأرقام بموضوعية وبطريقة معتمدة على الحقائق على الأرض فقط. وفي الأخير فينبغي فهم أن كلفة إتخاذ القرارات هي التي تحكم العمل السياسي فإذا كانت كلفة الوحدة بالطريقة التي يراد إعادة صياغتها حالياً من قبل الجنوبيين عبر مقررات مؤتمر الحوار وهي طريقة مساواة نصيب خمس عدد السكان (أي الجنوبيين) مع نصيب الأربعة الأخماس ( أي الشماليين) هذه الطريقة ينبغي أن نحسب كلفتها فكلفتها بوضوح أعلى كثيراً من كلفة الأنفصال وخصوصاً ورغم استحواذ الجنوبيين حالياً على مايزيد عن 55 % من مراكز القرار في الدولة المدنية والعسكرية إلا أن إبتزازهم لازال قائماً ولازال جلهم يطالب بتقرير المصير بل ويرددون هذه العبارة من داخل صنعاء عاصمة الدولة التي يريدونها أن ترحل من بلدهم الجنوب وليس بداخل عدن عاصمة دولتهم الجنوب العربي ،وبالتالي فالواجب تقرير  إما وحدة بعزة مراعية لعدد سكان الشمال وأنهم يساوون أربعة أضعاف عدد سكان الجنوب أو إنفصال بكرامة وكفانا تكرار لأخطاء السنوات العجاف التي تكررت في السودان قبل إنفصال جنوبه وقد إعتاد الشماليون على أن تكون كرامتهم أعلى من أي ثروة ولم يقبلوا على مر التاريخ أن يخسروا كرامتهم وعزتهم حتى لو أصيبوا بالمجاعة فكيف ونفطهم يكفيهم وثرواتهم الأخرى المعدنية والغازية والزراعية تكفيهم ليعيشوا بطريقة أفضل مما يعيشونه منذ مابعد الوحدة التي سحبت كل موازنتهم الى الجنوب لإعادة بناءه دولة بعد سنوات الفشل التي بدأت في عام 1967 ولم تنتهي إلا بعد 1990 ، وتذكروا الوحدة وسيلة وليست غاية وكلفتها حالياً أعلى من كلفة الأنفصال بوضوح لمن كان له عقل

 

 

  عضو الهيئة التحضيرية للحراك الشمالي

 

تعليقات الزوار
1)
بًن عيظه -   بتاريخ: 09-10-2013    
عليكم بالعافيه بترول مارب وغازهاا
ولحنا خلونا لجوع بالجنوب
2)
ابن شبوة -   بتاريخ: 09-10-2013    
ما اسهل الاقوال لدى البعض لكن الحقيقة غير عزيزي الكاتب فاهل مكة ادرى باشعابها والنفط الذي تتحدث عنه من صافر هو نفط قادم من شبوة تنقلة 200 قاطرة للحثيلي ويتم تصديره الى راس عيسى اما نفط حضرموت فحتى وزير النفط لا يعلم كم عدد البراميل التي يتم انتاجها خاصة وهناك عشرات الشركات تبيع النفط لعفاش والاحمر الكبير والصغير.
3)
has -   بتاريخ: 10-10-2013    
والله القظية الجنوبية . صدعت راسنا اتمنى يكون بيدي القرار . اعطوهم جنوبهم وفكونا.
4)
كطاء خان -   بتاريخ: 14-10-2013    
لا ارد عليك الا بهذا المقال التحليلي للدكتور حسين العاقل و اعمل مقارنه مع التهبيش الذي تقدمت به .فنحن متعودون على كذبكم ودجلكم على العالم بحبكم للوحدة ( وحدة الارض ) .وابمكانك الرجوع الى كتابات د/ العاقل لتتعرف على الحقائق وليس على ما هو مدون بعد النهب والسرقة من قبل من تحموهم بكتاباتكم وجهلكم .
اعطر تحية للدكتور حسين العاقل واستسمحه النشر لمقالته تحية اجلال ووفاء لأبناء مديريات إنتاج النفط والغاز محافظة شبوة .

بقلم الدكتور/ حسين مثنى العاقل

D_aqeel2010@yahoo.com

إلى من حظهم الله العيش والاستقرار فوق بحيرة النفط والغاز الطبيعي، المخزونة تحت رمال الصحراء المترامية بعروقها وكثبانها الثابتة والمتحركة، فاتخذوا من مرابع البداية الواقعة بين منحدرات السلاسل الجبلية التي تخترقها مجاري الوديات الموسمية، وعند هوامش الرواسب الطينية الخصبة المفتوحة لزحف الرمال المتراكمة بطبقاتها السميكة والمتصلة مع رملة السبعتين وصحراء الربع الخالي، موطنا لحياتهم الاجتماعية فشيدوا فيها منذ الأف الستين أعظم وأرقى الحضارات التاريخية، حيث قامت على ضفاف وادي بيحان ووادي مرخة حضارة دولة قتبان وفي قلب سهولها الفيضية شيدت مدينة شبوة عاصمة الدولة الحضرمية، فكانت خلال قرون مضت محطة مركزية لطرق التجارة الدولية، تجوبها قوافل سفن الصحراء المحملة بمنتوجات أرض جنوب الجزيرة العربية، والتي اطلق عليها الرومان باسم العربية السعيدة Arabia Felix..
إليكم أيها الرجال الميامين الصابرين على تقلبات الدهر فوق تربة أرضكم الحافظة لكم خيراتها وثرواتها منذ ملايين السنين، في محافظة شبوة المجد والشموخ والكبرياء بعامة، وفي مديريات عسيلان – بيحان – وجردان وعرمة بخاصة، نبعث تحيات الأجلال وأسمى معاني الوفاء والاحترام، تحيات النضال التحرري، لتعم قبائلكم ومشايخكم وأطفالكم وشبابكم ونسائكم الماجدات، وأنتم تتأهبون مع جماهير شعبكم الجنوبي، ومع قوى الحراك السلمي لاستعادة دوله المستقلة.. ولكم سعدنا أيها الصناديد الأبطال حينما غمرتنا مشاعركم النفية بسماتها البدوية النبيلة، وانشرحت أسارير قلوبنا بالسعادة عندما وجدنا فيكم روح الأصالة الجنوبية، وكرم الضيافة العربية، وتنبعث من هامات عزتكم سماحة العادات والتقاليد الإنسانية وقيم الأخلاق الحميدة المكتسبة من مبادى ديننا الإسلامي الحنيف، وأطمئنه نفوسنا لمستوى حماسكم وإصراركم القاطع لتحرير وطنا الجنوبي من رجس الاحتلال اليمني، ومعنوية استعدادكم للتضحية في سبيل انتصار أهداف قضيتنا السياسية، وبناء مداميك دولتنا الجديدة القائمة على العدل والمساواة، وعلى ديمقراطية الشراكة في الحقوق والواجبات بين أبناء الجنوب دونما تمييز أو إقصاء، وعلى أسس وضوابط تحترم حقوق الإنسان، وتصون كرامته وتأمن حياته الاجتماعية والمعيشية، وتكفل حماية السيادة الوطنية للأرض والثروات البرية والبحرية..

وفي سياق التعبير الصادق عن ما لمسناه من زيارتنا برفقة فضيلة الشيخ القدير حسين بن شعيب رئيس الهيئة الشرعية الجنوبية للإرشاد والإفتاء، والصحفي المبدع وفي العريمي، إلى تلك المديريات، فقد ذهلنا وصدمت عقولنا وضمائرنا عندما شاهدنا واقع الحال في مديريات إنتاج النفط والغاز الطبيعي وحالة السكان الاجتماعية تعاني الحرمان، وتكابد الظلم وجور الاستبداد، فصور المناظر الطبيعية للجبال توحي بالحزن والقنوط من ما آلت إليه حياة المواطنين من تدهور واهمال ومعاناة، وفي نفس الحال تحس من ملامح تعاستها العامة، أنها أي الأرض بترابها وصخورها ونباتاتها البرية في حالة ترقب وانتظار، وعلى أمل ويقين بأن ما اصابها من قهر الغزاة لن يطول، وأن تباشير انبلاج الليل الكئيب وبزوغ فجر الخلاص منهم صار وشيكا، وهذا الشعور والاحساس يستنتجه المتأمل فيها من خلال معنويات الشباب والأطفال وهم يرددون شعارات الرفض القاطع للاحتلال اليمني، يتحدون قواته العسكرية وهم يحملون إعلام دولة الجنوب المغدور بها على أجسادهم وفوق رؤوسهم، كما ترى بصماتهم وقد رسموا العلم والمثلث الأزرق والنجمة الحمراء بأحجام كبيرة وزاهية على أسوار تحصينات المعسكرات لقوات الجيش اليمني، وعلى حيطان المدارس وشرفات وسطوح المنازل، وفي صخور منحدرات الجبال وعلى جوانب الطرقات والمحلات التجارية، وحتى على خزانات المياه في الصحراء المخصصة لسقي الأبل وأغنام الرعيان وعابري السبيل، ومن شدة الحيرة والاستغراب وجدنا أنفسنا أمام واقع متناقض تماما مع تصوراتنا السابقة، وبالذات في مديرية عسيلان التي تقطنها قبيلة بلحارث التي تعد من أكبر قبائل شبوة واشدها بأسا وشجاعة وشهامة ولها مكانة وأدوار تاريخية مشهودة مع بقية القبائل المهابة في بيحان في العزة والآباء ورفض الهيمنة والخضوع للاحتلال الأجنبي، فقد كنا نتوقع أن هذه المديرية التي تنتج أكثر من 150,000 برميل يوميا من النفط الخام من قطاع جنة 5، والذي تستغله شركة Huntهنت الأمريكية وشركة أكسيدنتال اليمن Occidental of Yemen، فضلا عن إنتاج كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والمقدر مخزونه الاحتياطي عام 2008م بحوالي 33 ترليون قدم مكعب. حيث ينقل النفط والغاز بواسطة شبكة ضخمة من الأنابيب وأسطول من القاطرات الكبيرة إلى منطقة مأرب وإلى ميناء بالحاف على البحر العربي. بأننا سنجد ونشاهد فيها المنشآت الخدماتية من محطات كهربائية والطرقات المعبدة إلى كل القرى المتناثرة فوق كثبان الرمال الصحراوية، وأن أبناء هذه المديرية على وجه الخصوص يتعلمون في مدارس مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية، ويحضئون برعاية وعناية صحية من مستشفيات وخدمات طبية متطورة ولديهم مراكز للأمومة والطفولة، وأن مستوى الحياة المعيشية لسكان مديريتي عسيلان وبيحان من حيث معدل الدخل الاجتماعي للفرد مرتفعة، وأن عائداتهم من حصص إنتاج النفط والغاز يصل إلى درجة من الترف والبذخ.!؟.. وفي الوقت نفسه كنا نتوقع أن الكادر الوظيفي والعمال المؤهلين في الشركات العاملة هم من أبناء محافظة شبوة أن لم يكن من أبناء المديريات المنتجة، وهم من يدير ويشرف ويراقب عمليات الإنتاج اليومي للآبار والحقول، وعليهم تعتمد الشركات في الأعمال الفنية والهندسية والمقاولات، ولهم حق الأولوية في الحصول على المنح الدراسية في جامعات البلدان الصناعية كفرنسا وأمريكا وبريطانيا وعلى حساب تلك الشركات.. ولكن يا للأسف لقد صدمنا من هول ما وجدنا وشاهدناه ونكتفي بعرض هذه الحقائق والصور وللقارئ الحصيف أن يستنتج مدى النهب والاستهتار الهمجي لرموز العصابات المهيمنة على القطاعات النفطية والغازية في مديرية عسيلان (قطاع جنة 5) ومديرية عرمة/ جردان (طاع العقلةS2).

- هناك عدد كبير من المتنفذين اليمنيين ومشايخ القبائل المعروفين بهيمنتهم المطلقة على القطاعات النفطية والغازية في محافظتي شبوة وحضرموت، وتحت نفوذهم واستحواذهم يتم منح الموالين لهم تراخيص الاستثمار وتنحصر عليهم الاتفاقيات المبرمة مع الشركات العالمية، وتعود لهم وحدهم حصص تقاسم العائدات المالية بالعملة الصعبة.

- تهيمن شركة هنت Hunt على قطاع جنة 5 بمديرية عسيلان بالإضافة إلى شركة توتال الفرنسية وأخرى كورية، حيث تقوم هذه الشركات بشفط النفط والغاز ونقله بواسطة شبكة من الأنابيب إلى مركز المعالجة في صافر بمأرب ومنها يصدر عبر ميناء بلحاف على بحر العرب وميناء عيسى على البحر الأحمر.

- تستأثر شركة (OMV) النمساوية على قطاع S2 بمنطقة العقلة مديرية جردان، ويصدر عبر شبكة من الأنابيب إلى ميناء بلحاف، كما تتولى شركة الحثيلي المساهمة مع وكالات علي محسن الأحمر بنقل النفط والغاز بواسطة أسطول من القاطرات التي يقدر عددها حسب المعلومات الميدانية بأكثر من 165 قاطرة، سعة القاطرة ما بين 450 – 500 برميل من النفط الخام، وتتحرك كل 8 ساعات نحو 15 قاطرة من العقلة إلى صافر وتقطع مسافة 170 كيلو مترا، حيث تدفع الشركة مقابل ذلك خمسة دولار على كل برميل من النفط.

- عدد العمال والموظفين في شركة (OMV) النمساوية حوالي 360 عاملا وموظفا، منهم 60 موظفا نسبتهم 16,6% فقط من أبناء المحافظة معظمهم يعملون في حراسة الشركات أو سائقين وأعمال خدماتية عادية. أما الوظائف الفنية وغيرها فهي من نصيب الغزاة الطامعين.. كما يعمل مع شركة أوكسي (OXY) حوالي 400 عاملا وموظفا، منهم 30 موظفا بنسبة 7,5% من أبناء محافظة شبوة، وأوضاعهم لا تختلف عن زملائهم الموظفين مع الشركة النمساوية وغيرها من الشركات.

- تنتشر الآبار المنتجة للنفط والغاز على مساحة طولية وعلى خط أفقي يفوق عددها عن 400 بئرا في نطاق المسافة التي استطعنا زيارتها انظر الصورة رقم (1- 2).

- في حقل العقلة قطاع S2 يتم اهدار حوالي 32 مليون قدم مكعب من الغاز بصورة عبثية انظر الصورة رقم (3).

الخلاصة..

أن ما عرضناه من حقائق في هذا الموضوع المخصص للتعبير عن مشاعر التقدير والاحترام لأخوتنا في المعاناة والنضال السلمي لتحرير الأرض واستعادة الدولة، في محافظة شبوة، وتحديدا في مديريات عسيلان وبيحان وعتق ونصاب وعرمة، إنما هي حقائق محدودة جدا، نأمل أن تعطي القارئ الكريم صورة واضحة عن جرائم النهب اليمني، وتكشف واقع الحال والظروف الاستبدادية التي يتعامل بها أبناء المديريات المنتجة للنفط والغاز في م/ شبوة، من قبل الشركات العاملة والمتنفذين اليمنيين .

ولا يسعني في هذا العرض إلا أن أعبر عن الشكر والتقدير للمشايخ والشخصيات السياسية وقيادة الحراك السلمي في المديرات المذكورة، لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، والشكر موصول لكل المناضلين الأوفياء الذين رافقونا في جمع المعلومات وفي إقامة الندوات التوعوية(*)، وللجميع عهد الوفاء في مواصلة النضال السلمي لتحرير الأرض والثروات المنهوبة واستعادة دولتنا الجنوبية ذات السيادة.. والله من وراء القصد. 12-9-2012م




صورة رقم (2) وتمثل أحدى الآبار المنتجة للغاز أو النفط في قطاع جنة عسيلان.

صورة يبين نقاط المراقبة لحماية الشركات الناهبة للثروة الجنوبية بقطاع جنة.

صورة رقم (3) توضح عملية هدر واحراق الغاز الطبيعي في قطاع جنة والعقلة
5)
جنوبي حر -   بتاريخ: 16-10-2013    
ياجماعة خلوهم يفرحوا انهم معاهم نفط في الشمال طيب ادا معاكم ونحن مامعانا سيبوا لنا حالنا نجوع وخلاص انتهت المشكلة

Total time: 0.3583