قد يتبادر إلى ذهن السامع عندما تُذكر الموهبة والإبداع بأن من يُذكر بعدها هم أشخاص يتمتعون بكامل صحتهم. بينما نجد الواقع يرصد لنا العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة يمتلكون بعداً واسعاً من المواهب والإبداع.
فهل تخيل احدنا يوماُ اذا حصل عطل في سيارته او اراد استبدال اطاراتها وتغيير الزيوت أن يسلمها لشخص أعمى لأداء هذه المهمة .
يوسف علي ابراهيم من ابناء مديرية عبس بمحافظة حجة شاب مصاب بأعاقة بصرية افقدته البصر منذ طفولته ولكنه لم يستسلم لهذه الاعاقة وعمل جاهداً على تخطي عزلته المجتمعية بالعمل كعامل في احد البناشر ثم استطاع بعد فترة ان يمتلك بنشراً خاصاً به . ويعمل معه ثلاثة عمال بأجور شهرية .
بدء يوسف عمله كموهبة عززها طموحه ورغبته في العمل والكسب من عرق جبينه ولم يمد يده يوماً لأحد .
يقول انه لايواجه اي صعوبات في عمله ويعيش حياة طيبعية سعيدة . وقد رضي بما كتبه الله عليه . ومؤمن بقضاء الله وقدره واستغل هذه الاعاقة ليثبت للاخرين ان أعمى البصر ليس باعمى القلب .
الأول إما أن يأخذ بالتقوقع على الذات والهروب من المجتمع والشعور بالياس والاحباط . وبذلك تكون قد انتصرت الإعاقة عليه وجعلته شخصاُ سلبياً لا حيلة له غير قادر على اكتشاف ذاته والتعرف على قدراته.
والاحتمال الثاني أن يأخذ بالانطلاق نحو المجتمع والآخرين تعبيراً عن عدم الاستسلام ومقاومة الإعاقة ومن ثم الانتصار عليها وهذا هو حال يوسف .
استطاع ان يكتشف ذاته وقدراته وبدأ بتنمية موهبته لتخرج على شكل إبداعي ينافس فيه الآخرين من أفراد المجتمع الأصحاء .
الإعاقة البصرية والظروف التي عايشها جعلت منه شخصاً قوياً قادراً على التحدي في مهنة تتطلب منه الكثير من الجهد والدقة .
اشتهر يوسف بلقب ( البنشري البصير ) في المنطقة منذ اكثر من تسع سنوات وأضحى قبلة لكل من يريد إصلاح اطارات سيارته أو تغيير زيوتها .
فهو يتقن عمله جيدا والناس تاتي اليه لخبرته وللسمعة الطيبة التي يحظى بها بين أبناء المنطقة.
بالفعل فقد استحق يوسف لقب الرجل المعجزة .