أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الرياح الادنية صرصر عاتية

- عباس عواد موسى

 

عباس عواد يكتب.... الرياح الأردنية..صرْصرٌ عاتية

 
 
عندما قال أحمد عبيدات قبل عقدين من الزمن ( نعم, كنت مديراً للمخابرات فوزيراً للداخلية فرئيساً للوزراء لكنني نظيف ), كان يقصد أنه استثناء. قال لي أحد وزرائه ( المهندس رائف نجم)  لقد كان القصر يتأخّر كثيراً في تصديق قرارات حكومتنا. وردَّ الدكتور ( هاني الخصاونة ) وهو أحد وزراء حكومته على سؤال للزميلة يسرى الكردي ( أحمد عبيدات ملتزم بالتراث الوطني والقومي لعشيرته ).

أما الأستاذ الدكتور يوسف الهياجنة وفي زيارة لي تمت في منزله قبل خمس عشرة سنة فقد قال لي ( ولعل القرار الذي اتخذته حكومة عبيدات المتعلق بالفصل بين منصبي رئيس مجلس الإدارة والمدير العام اللَّذيْن كان يستأثر بهما الفاسدون عجَّلت برحيله) وأضاف واصفاً لي كيف وقع الملك المرحوم الحسين بن طلال على القرار بعد اطلاعه عليه بسرعة مغادراً الديوان بسرعة قائلاً أنا على موعد, جعلني أسْتَشِفُّ أنه كان يعلم أن حكومته على وشك السُّقوط ).

وقد زادت معاهدة وادي عربة ( سيئة الذكر ) من شدة الفساد وتغول الفاسدين فقد أقصت عبيدات من مجلس الأعيان لمعارضته لها. وبعدها تمّت الإطاحة بالأستاذ فاروق الكيلاني من رئاسة المجلس القضائي لوقوفه في وجه فاسدين عرضوا رشوة تبلغ مليون دينار على أحد المدعين العامين للفلفة قضية. وأطاح الفساد بالسيد خالد عرار من مديرية مؤسسة تنمية أموال الأيتام لرفضه الصمت عن فسادهم مقابل توليه حقيبة وزارية .

كما وأطاح بالدكتور عبدالرحيم ملحس وزير الصحة في حكومة الدكتور عبد السلام المجالي لرفضه تمرير صفقات اللحوم الفاسدة للحيتان الفاسدين الذين هددوه وقتها بالسجن إن لم يذعن لطلباتهم. وأُطيح بالسيد فارس شرف محافظ البنك المركزي في عهد حكومة معروف البخيت السابقة رغم وقع الشارع العام المطالب باجتثاث الفساد. كل ذلك جعل الشرفاء ينؤون بأنفسهم عن المشاركة في مواقع القرار لأنها تفرض عليهم أن يكونوا جزءاً منه , فما كان للفساد أن يشهد هزيمة واحدة.

واتَّسع الفساد واستشرى في الفترة التي عقبت المعاهدة , ففيها أصبح تولّي الموقع يتم على معيار الولاء النّفعيّ والإنتماء لكعكة النصب والإحتيال ووجد الفاسدون ما كانوا يحتاجون إليه. فأحضروا ( المُزَوَّرون ) ليمثلوا الشعب في مجالسهم النيابية الزّائفة بذريعة أن المرحلة تتطلب ( طَيِّعون ) لا يعرفون شيئاً عن مهمة الرّقابة والتشريع , لكنهم يجيدون المطالبة في رفع رواتبهم ومَيِّزاتهم فالواحد منهم لا ذِمِّةَ له ولا ضمير.وهكذا مرَّرَ الفاسدون صفقاتهم المشبوهة دون حسيب ولا رقيب.

بعد الإعلان عن نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة قال لي أحد الفائزين إنه نادم على المشاركة فيها معتبراً أنها أفرزت مَنْ هم أسوأ بكثيرٍ من سابقيهم ولا بد للشعب من أن يثور عليهم -وأنا منهم - باعتبارنا , والحديث له زائفين وهميين ( أَ لم تجرِ الإنتخابات على أساس دوائر وهمية.؟).! واليوم نسمع عن نوايا من لم يحالفهم الحظ لرفع قضايا على الحكومة والمعنيين الذين أَقَرّوا بالتزوير.

( ألمُزَوّرون) ثاروا على الناطق باسم الحكومة لمجرد حديثه عن إجراء إنتخابات فرغم أنهم ثبتوا مزايا تقاعدهم قبل  أحد عشر شهرا إلا أنهم لم يحصدوا ثمار ما يصبون إليه من نفعياتهم والعجب أنهم سمعوا الملك أكثر من مرة وقد تعهد بإجراء الإنتخابات التي لا يرغبون برؤيتها لأن الحكومة الحالية قالت على لسان رئيسها إن سلب إرادة الشعب المطالب بحلهم والخلاص من رؤيتهم لم تعد قائمة.

لا يزال مكتب الدكتور عبدالسلام المجالي في الجامعة الأردنية على حاله مثل مكتب الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد ولا يزال أساتذة آخرون يتقاضوا رواتب تقاعدية رغم حصولهم على حقائب وزارية ضمنت لهم رواتب مدى الحياة. ورغم أن الحكومة الحالية تناغمت مع الشارع المطالب بالإصلاح وقارعة الفاسدين إلا أن البعض استنكر تعييناتها الأخيرة باعتبارها محاباة لأبناء مدينة بعينها على حساب الوطن.

على الحبال التي نشهد غسيل الفاسدين عليها , يرقص البعض ممن يجهدون في تقسيم الشعب معتبرين أن مَنْ هم من أصولٍ فلسطينية عليهم الصمت فالفساد لا يعنيهم , ويجهدون للفلفة ولملمة طوابق بعينها لفاسدين يُهَدِّدون باستخدام ما لديهم من قوة إن لزم الأمر.

ألربيع العربي منح الديمومة لحراك الشعب الأردني الواحد الموحد بنسيجه الداخلي الحصين المنيع ولن يتوقف إلا بعد اجتثاث الفساد وإغراق رموزه بِطوفان بُصاقِهِ الذي سَدَّ مجاري تَنَفُّسِهِ طويلا.
المصدر : عباس عواد موسى

Total time: 0.0473