يكتسب مشروع "نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد
الانتهاكات وتقديم المساعدة القانونية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية" أهميته الكبيرة والخاصة في كونه أول مشروع في اليمن يخوض القضايا
المجتمعية (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ) الذي يقوم بتنفيذه مركز اليمن
لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة المستقبل الدولية (F.F.F) في خمس محافظات
يمنية (عدن- أبين- الضالع- شبوة). ليس ذلك فحسب بل في انه مشروع يتم تنفيذه من خلال
عمل ميداني واسع يقوم به فريق متخصص جرى تدريبه وتأهيله ليقوم بهذه المهمة وهي
الخوض في المجتمعات المحلية والبحت عن مختلف المشكلات المجتمعية التي تجسد انتهاك
للحقوق (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية).
كما أن الأهمية الخاصة والكبيرة
التي يحتلها تنفيذ هذا المشروع هو في توقيته ... حيث تصادف تنفيذه مع تصاعد الحراك
الشعبي (الحراك الجنوبي) السلمي .
والذي أساس مكونه هو الانتهاكات التي مست
الكثيرين من سكان هذه المحافظات وبدرجة رئيسية الانتهاكات المرتبطة بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..والتي تصاعدت بعد ذلك لتصل الى الانتهاكات في
الحقوق المدنية والسياسية . وفي مجال الخوض في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية والمرتبط بمكون المشروع الذي يجرى تنفيذه يبرز الحق في التعليم واحد من
ابرز المكونات لهذه الحقوق بل يمثل اهم حلقة من حلقات البنى المجتمعية والمرتبط
مباشرة بالتنمية والتطور والتقدم والازدها أو العكس ....
و في ضوء النزول
الميداني من قبل فريق رصد محافظة لحج تم رصد ومتابعة أوضاع التعليم في عدد من
مديريات المحافظة لمعرفة مدى تطابق الواقع التعليمي مع معطيات الحقوق الدستورية
والحقوق الواردة في المواثيق الدولية في المجالات المرتبطة بحق التعليم ،
ونورد
فيما يلي بعض من محتويات تقارير الرصد التي تمت في بعض مدارس مديرية الحوطة بمحافظة
لحج :
الحق في التعليم : أجمعت تقارير فريق الرصد في محافظة لحج من
خلال نزولهم الميداني لمعظم المدارس في محافظة لحج منها مديرية الحوطة ومع
التصريحات الرسمية لمدراء التربية في المديريات ومدراء العديد من المدارس عن وجود
العديد من السلبيات والنواقص والفجوات في منظومة التربية والتعليم ( البيئة
التعليمية والعملية التربوية والإدارة المدرسية ومجمل النشاط التعليمي والتربوي في
معظم المدارس )فقد قام فريق الرصد المكون من منسق فريق الرصد الأخت ( تهاني السقاف
) والراصدة ( سهام فوري ) بالنزول الميداني لـ(7) مدارس للمراحل الإعدادية
والابتدائية والثانوية في مديريات مختلفة في محافظة لحج لمعرفة أوضاع التعليم ..و
كل ماله علاقة بالانتهاكات سوءا أكانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة التي توثر على
المكون الحقيقي للتعليم ويتمثل بالتلميذ والطالب باعتبارهما جيل المستقبل.
وقد
رأينا أن نسلط الضوء على "واقع العملية التعليمية في محافظة لحج وابرز المشكلات"
التي تعاني منها مدارس محافظة لحج والتي شملت مديرية الحوطة.
فكان لقاءنا مع فريق الرصد في محافظة لحج والذي قام
بسرد المشاكل والسلبيات التي تعاني منها جميع مدارس مديرية الحوطه حيث كانت البداية
مع الراصدة سهام فوري التي قالت أن العلم هو أساس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية
والثقافية ولذلك فقد خصه الرسول صلى الله عليه وسلم باحاديث :منها (خذ العلم ولو
في الصين ). و ( العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) .
وجاء في الآيات القرآنية
(( وقل ربي زدني علما )) .
كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته
(26) ينص على ان لكل شخص حق في التعليم. ويجب أن يوفر التعليم مجانا، على الأقل في
مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليم الابتدائي إلزاميا. ويكون التعليم
الفني والمهني متاحا للعموم. ويكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم.
ويجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق
الإنسان والحريات الأساسية. كذلك اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على جعل التعليم
الابتدائي إلزاميا ومتاحا مجانا للجميع و تشجيع تطوير شتى أشكال التعليم الثانوي،
سواء العام أو المهني، وتوفيرها وإتاحتها لجميع الأطفال، واتخاذ التدابير المناسبة
مثل إدخال مجانية التعليم وتقديم المساعدة المالية عند الحاجة إليها و جعل التعليم
العالي، بشتى الوسائل المناسبة، متاحا للجميع على أساس القدرات.
وعند نزولنا
لمدارس الحوطة م / لحج الخاصة بالأولاد في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية
لكل من المدارس التالية :
ـ مدرسة المحسنية
ـ مدرسة الفاروق الثانوية
ـ
مدرسة الثورة
ـ مدرسة الفقيد محمد عبد الله النعج
برزت أمامنا العديد من
مشاكل والسلبيات التي تعاني منها هذه المدارس حيث كانت ابرز صور هذه الانتهاكات
التي تم رصدها تتحدد على النحو التالي :
1- حالة المبنى المدرسي
للأسف
الشديد على الرغم أن هذه المدارس موجودة في عاصمة المحافظة و بالقرب من مكتب
التربية والتعليم إلا أن بعض المدارس مبانيها آيلة للسقوط لما يوجد عليها من تشققات
عميقة وبالتالي عرضت أرواح الطلبة , للخطر وما يزيد جسامة المشكلة هو عدم المبالاة
في معالجة هذه المشكلة . ويظهر ذلك في كلا من مدرسة الفاروق الثانوية أولاد ومدرسة
المحسنية.
2- أما بالنسبة للحمامات فحدث ولا حرج :
فحالة الحمامات مزرية جدا
في جميع المدارس فلا تتوفر فيها المتطلبات الضرورية واللازمة من ماء وكهرباء
بالإضافة إلى عدم نظافتها وقد وجدت فيها حمامات بدون أبواب وبعضها مغلقة تستخدم فقط
للمعلمين ويمنع الطلبة والطالبات من دخولها مع ما يفرض عليهم من دفع رسوم لشراء
بوزة ماء يستخدمها المعلمون لاحتياجاتهم ..! إذن أين يقضي الطالب حاجتهما ؟
وما هي المخاطر التي سيتعرض الطالب لها عند خروجه لقضاء الحاجة ؟ ومن يتحمل
المسؤولية في حين تعرضه للإساءة ؟ بالإضافة إلى سوء النظافة بشكل عام في جميع
المدارس .
3- النقص الشديد في الأدوات المدرسية الضرورية وتتمثل في الآتي :
• نقص في الكراسي : كثير من الطلبة يفترشون الأرض , يتزاحمون على المقاعد كما
يعاني المعلمين من نقص في الاثاث والكراسي . .
• نقص في الطاولات والمكاتب
الضرورية و نقص في الصفوف المدرسية على الرغم من وجود مساحات يمكن من خلالها
الاستفادة منها في بنا صفوف جديدة .
• عدم وجود المختبرات الضرورية اللازمة
للتطبيق العملي لمادتي الفيزياء والكيمياء وبالتالي لا يستطيع الطالب أو الطالبة
من استيعابهما وفهمهما دون تطبيق،
• عدم وجود مكتبة للطلبة للقراءة ولاستفادة
من أوقات فراغهم.
• غياب الأنشطة الضرورية لتفريغ الطالب من طاقاته كالألعاب
الرياضية على الرغم من وجود مساحات كبيرة للمدرسة لا يستفاد منها .
4- ازدياد
الكثافة الصفية في المدارس فيما يخص كثافة الطلاب في جميع المستويات في الفصل
الواحد والذي يصل عددهم من 70ـ80طالب و بالتالي قلة استيعاب الطلبة لما يقدمه
المدرس مع عدم قدرة المعلم على ايصال المادة للطلاب .
5- كثافة المنهج :إن
لكثافة المنهج دورا كبيرا في عدم رغبة الطلبة للتعلم نتيجة للحشو المتزايد في ظل إن
المعلمين أيضا يجدون صعوبة في فهمها وكيفية توصيلها إلى الطالب .وهذا يرتبط بغياب
برامج التدريب والتأهيل الدوري والمستمر للمعلمين .
6- غياب الكادر المتخصص
:تعاني بعض المدارس من غياب المعلم المتخصص وبالتالي تضطر الإدارة إلى تكليف معلمين
لتدريس مواد غير ملمين بها , وبذلك يجدون صعوبة في معرفتها وبالتالي تزداد الصعوبة
في توصيل المعلومة إلى الطلاب والطالبات .
7- ظاهرة التسرب :
تعتبر ظاهرة التسرب من أخطر الظواهر وقد لوحظ وجودها في مدارس الأولاد , حيث يتسرب
عدد من التلاميذ تبدأ من هروبهم من الحصص وغيابهم المتكرر خلال أيام الأسبوع ثم
تزداد مدة غيابهم إلى أكثر من أسبوع ومن ثم إلى شهر إلى أن ينتهي إلى خروج
التلاميذ من المدرسة نهائيا . وكانت هناك أسباب كثيرة أدت إلى وجود هذه الظاهرة
منها :تعود إلى الأسرة:
ـ في عدم قدرتها على توفير احتياجات واللوازم المدرسية
لأبنائها .
ـ التفكك الأسري النابع عن انفصال الأبوين .
ـ المعاملة القاسية
التي قد تبرز من بعض الآباء وعدم قدرتهم على تفهم نفسية أبناءهم .
ـ الفقر الذي
تعاني منه الأسرة وبالتالي يدفعها الاعتماد على الابناء في تحمل مسؤولية الإعالة
. ( عمالة الأطفال ) .
و أسباب أخرى ناتجة عن دور المدرسة وهي :
ـ
المعاملة القاسية التي قد تبدر من المعلم وعدم قدرات المعلمين على تفهم الظروف
النفسية المعيشية للطالب فيزرع الخوف في داخلهم .
غياب الباحث والباحثة
الاجتماعية .
ـ التقصير من قبل الإدارة المدرسية في متابعة حضور وغياب الطالب
ومعرفة الأسباب المؤدية لذلك .
ـ عدم وجود الا نشطة التي ترغِب التلاميذ والطلاب
بالمدرسة .
ـ عند تأخير الطالب عن حضوره للدوام المدرسي وعدم تحضيره لدروسه يوما
بعد يوم يؤدي ذلك إلى طرده .
فيما قالت الأخت / تهاني السقاف منسقة مشروع الرصد
في محافظة لحج ان الحق في التعليم , يعتبر عاملا أساسيا في تقدم حقوق الإنسان ,
فهو محمي بعدة وسائل دولية وبالدساتير الوطنية والقوانين، ومن المعروف انه بفضل
التعليم تستطيع الأمم أن تتقدم بالاعتماد على نفسها , وبالتطور وبلوغ أعلى مستوى من
الكرامة في علاقاتها بالأشخاص والشعوب الأخرى، وبالتالي يعتبر الحق في التعيلم حقا
أساسيا ومفتاحا يمكن الأفراد من تنمية الحقوق الأخرى والتمتع بها.
لكن ماتم
مشاهدته ورصده في المدارس التي قمنا بالنزول اليها والاطلاع على اوضاعها يعطينا
صورة عكس ذلك .. حيث قمت بالنزول الميداني إلى مدارس البنات الموجودة في الحوطة م
/ لحج لكل من المراحل الابتدائية و الإعدادية والثانوية لكلاً من مدرسة :
-
أسماء للبنات
- مدرسة الزهراء
- مدرسة خديجة
و كان تركيزنا في مقابلتنا
للمدراء والوكيلات والمدرسات والطالبات وذلك لمعرفة وضعية التعليم في تلك المدارس
.
وبالرغم أننا بالقرن الواحد والعشرون الذي ظهر فيه كل جديد في
العلم والتطور بدرجة ارتفاع منحنى مرحلة التعليم ونوعياته، إلا أنه على الواقع
المحلي للمنطقة وجدنا أن المنحنى يسير في الاتجاه المعاكس ليهبط هذا المنحنى عما
كان عليه سابقا وهذا تؤكده نتائج ما تم رصده من المشاكل والسلبيات التي تعاني منها
المدارس .
وعلى الرغم من تعيلم الفتاة في مدارس الحوطة نجده بأعداد
كثيرة مقارنة بمدارس المناطق النائية في ظل المساعدات التي تقدم عبر المنظمات
والدولة والبنك الدولي المحفزة لبعض الطالبات ذات الظروف الصعبة .
ولكن يظل
هناك كثير من المعوقات والصعوبات التي تقلل من تطور المستوى التعليمي أن كان للفتاة
أو للفتى .
وتعود هذه المشاكل والسلبيات إلى قصور الجهة المسئولة الممثلة
بمكتب التربية والتعليم فهولاء هم المسئولون في الأول والأخير عن ذلك لأنهم لا
يعطون أهمية لمجريات الحداثة في جميع المدارس مع عدم تخصيص ميزانية خاصة لكل مدرسة
تساعدها على تحسينها وتطويرها.
نعرض لكم أهم المشاكل والسلبيات التي تعاني منها
مدارس البنات في الحوطة والتي تتمثل بالآتي :
- سوء الإدارة المدرسية :
لوحظ أن مكاتب
الإدارات هي أهم الأسباب المؤدية لجميع هذه السلبيات فهي لا تقوم بدورها الأساسي من
حيث :
- عدم تنفيذ الخطط السنوية للإدارة المدرسية .
- السكوت على ظاهرة
الغش المتفشية في المرحلتين الأساسي والثانوي وما يترتب عليه عدم اهتمام الطالبات
بالتعليم والحضور والالتزام وبالتالي يضعف المستوى التعليمي .
-لا تراقب
الإدارة سير عمل المعلمات وتمييز بعضهن على الأخريات .
-لا تستطيع بعض المعلمات
التحدث عن سوء الإدارة تخوفا من عدم إعطائها حقوقها .
- تأخذ رسوم من الطلبة
وعدم توزيعها لمصلحة الطالب .
- لا تهتم الإدارة بنظافة المدرسة والحمامات شبه
مهجورة ومنها مغلقة وبالإضافة إلى عدم توفير المياه والكهرباء، وجعل أسلاك الكهرباء
مكشوفة و بالتالي تعرض حياة الطالبات للخطر مع افتقار المدارس لمياه الشرب الضرورية
فيضطر الطالبات إلى شرائها من مالهن الخاص.
- زيادة الكثافة في
الصفوف : حيث أن الكثافة الطلابية التي وجدناها في جميع المدارس قد تصل من 60 إلى
70 طالبة في الفصل , فتلجأ الطالبة أ و التلميذة للتغيب عن المدرسة الطالبات الغياب
في اليوم
- بعدد( 13 طالبة )في بعض المدارس .
- الكثـــافة في المناهج والتي تكون فوق طاقة وفهم
واستيعاب كلا من المعلمة أو الطالبة مما يتسبب في نفور كثير من الطالبات وتقاعس بعض
المعلمات عن أداء واجباتهن .
- فيما يخص لوازم المدرسة : وجود غرف
للمختبرات دون توفر الأدوات المختبرية فيها وكذلك وجود مكتبة ولكنها مغلقة وخالية
من الكتب , مع عدم الاهتمام بالأنشطة التعليمية والترفيهية والرياضية التي تنمي من
قدرات الطالبات ترقبهن بالمدرسة .
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه :
أين هي وزارة
التربية والتعليم من كل هذا؟