أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الثورة الإيرانية الثانية (الحلقة ال12والأخيرة).. جيل مسعود الصاعد

- محمد إقبال*

أصبحت الانتفاضة العارمة للشعب الايراني اليوم وبعد اكثر من عام متأصلة وهادرة
قلنا سابقا أن موسوي وكروبي بإلغائهما للمظاهرة التي كانا قد دعيا إليها بأنفسهما في ذكرى الانتفاضة وبحجة "حفظ حياة المواطنين واموالهم". واتخذ هذا الاجراء الحقير في حين كان المواطنون جميعا يتهيأون للقيام بالمظاهرات وكان العالم قد نهض وافاق لتأييد المتظاهرين. وكتبت صحيفة "لوس آنجليس تايمز" الأميركية في 10 يونيو  الماضي أن موسوي وكروبي "الغيا المظاهرات المتوقعة في نهاية الاسبوع وبهذا ادهشا وأثارا استغراب أنصار المعارضة الذين كانوا قد ملأوا الجدران بالشعارات والرسوم ووزعوا نشرات وكتيبات ليروجوا الدعوة بالمظاهرة". نعم انهما وبالغائهما المظاهرة أعطيا الضوء الاخضر للحكام الجائرين في إيران ليقتلوا ويقمعوا أي شخص يشارك في المظاهرات يوم 12 يونيو الماضي. ورغما عنهما وكما شاهدنا وبثت وسائل الاعلام العالمي أخبارها وفي حين وصلت حشود القوات القمعية للنظام ذروتها, تدفق المواطنون على الشوارع في هذا اليوم ليؤكدوا أن الانتفاضة مستمرة.
ولكن من الضروري هنا أن نؤكد أنه وكما يقول مسعود رجوي قائد المقاومة الإيرانية:"أن السيد مير حسين موسوي خاطئ في حساباته كونه لا يزال يريد وباستغلال موقعه وصفته ك¯ "رئيس وزراء الإمام" اي رئيس الوزراء في عهد الخميني" أن يجعل التمر المبيت المتبقي من حقبة الخميني السوداء صالحا للأكل على طبق "ولاية الفقيه" ليرجم بنواه اللين زملاءه بالأمس وغرماءه باليوم مع أنه يدفع كلفة ذلك بكل سخاء على حساب الشعب الإيراني حيث يقول: "إن الحكم من حق أولئك الذين يحكمون الآن ولكن عليهم أن يلتزموا بالمعايير الإسلامية والإنسانية".
واليوم قضيتنا أنه كيف يمكن دعم وتعزيز موقف موسوي وكروبي في مواجهة الزمرة الغالبة وكذلك مواجهة الخامنئي وأحمدي نجاد? ولكن الشرط الرئيسي في ذلك كان أن لا يتنازل السيد موسوي إطلاقًا وبأي ذريعة عن تنظيم المظاهرة بأي ثمن كان سواء أن يصدروا له الترخيص أم لم يصدروه, وألا يتراجع أمام الجعجعة الفارغة التي يطلقها "الولي الفقيه" العجوز الهرم وأن لا يتراخى لكي لا يتكرر ما حدث يوم 11 فبراير الماضي ولابد من تحمل من مسؤوليته, وأكدت التجربة بأنه تنازل وتراجع.
واليوم يصرخ الشباب المنتفضون في إيران ويرددون أن دور موسوي هو تجفيف وقهقرة الحركة الشعبية واطفاء حماسة الشبان والمواطنين الذين يعتزمون إحياء ذكرى أمثال الشهيدة نداء.
نعم إن النساء والرجال في أنحاء إيران وبانتفاضتهم من أجل الحرية, أضاؤوا إيران مرة أخرى. إن هذه الانتفاضة هي الانتصار للحل الذي تقدمه نهضة أشرف رافعة رايته دافعة ضريبته, رافعة علم النهضة وعملية إسقاط نظام ولاية الفقيه ورافعة علم  استتباب الحرية والمساوات والأخوة. وتعبر هذه الثورة بأحسن تعابيرها وعلى اكمل وجه وبما يجب أن يكون  وأن في شعار"الموت لمبدأ ولاية الفقيه", نهاية العبودية الدينية! ونهاية الديكتاتورية وبداية عصر النهضة! وكما تؤكد مريم رجوي:"إخسأوا واذهبوا من إيران", نعم إن الملالي الحاكمين اغتصبوا الحق الاعلى للشعب الإيراني, أي حق السيادة.
لم يدخر الخامنئي جهدا طوال السنة الماضية ولم يترك عملا قمعيا الا وامر به بدءا من حشد وتعبئة وجمع قواه القمعية وتوحيد مؤسساته الامنية في جهاز استخباري واحد ومرورا بتأسيس جهاز جديد للتعبئة "البسيج" ووصولا الى اعادة الانشطة في سجن كهريزك بشتى انواع التعذيب وابشع اساليب الرذيلة, ورغم كل ذلك مرغ الشعب الايراني انفه وولايته في التراب خمسة عشرة مرة وفي خمسة عشرة انتفاضة موفقة مسددة علاوة على الاحتجاجات والمظاهرات طوال النهار  وتعالي صيحات الله اكبر من على اسطح المنازل طوال الليل.
طوبى للانتفاضة الكبرى في يوم عاشوراء التي تقدمت حتى الاستيلاء على الشوارع في قلب العاصمة, والفتح الكامل لطهران العاصمة الأسيرة ليس بعيدا.
نعم أن الجيل الذي تدفق الى الشوارع منسابا عليها من اجل الحرية لن يرجع إلى المنزل! وفي طوال السنة الماضية قال المجتمع الإيراني كلمته وعبر عن نفسه بأحسن التعبير: أن المرحلة هي مرحلة التغيير, وعلى النظام الذي أحرق إيران ودمرها وهدمها, نعم على هذا النظام أن يذهب. وقيادة سفينة الحرية في بحر متلاطم من الثورة والانتفاضة إلى ساحل الديمقراطية تحتاج إلى حركة منظمة مخلصة منتمية.
وهنا تتجه الانظار إلى السفينة وإلى المدخر والكنز الكبير للشعب الإيراني:"مجاهدي خلق" الإيرانية. نعم ل¯ "مجاهدي الشعب" و"مجاهدي درب الحرية", الكنز وعصارة عقود من النضال من أجل الحرية, والانجلاء الموضوعي لهذا الدرب وسائرون على درب حرية إيران ومصدر الالهام للناهضين الواثبين وجيل الانتفاضة والثورة: جيل مسعود الصاعد.
أصبحت الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني اليوم وبعد أكثر من عام من اندلاعها مستمرة ومتأصلة بحيث كلما قمعوها تراها تكرست وترسخت وانتصبت شامخة هادرة مدوية مستمرة باعتبارها فاتحة طريق وبادرة مقدسة من شأنها تسريع وتوجيه التطورات المقبلة على مسار الثورة الثانية وهي الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني, ثورة بقيادة مسعود رجوي.

خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com

Total time: 0.048