يعيش علي عبد الله المدعي (28 عاماً) في قرية ثلاء، على مسافة ساعة بالسيارة من العاصمة اليمنية صنعاء. ويُعتبر علي محظوظاً بما فيه الكفاية لأنه يعمل بوظيفة جيدة مقابل أجر معقول، إلا أن الجانب السلبي لهذا الوضع يكمن في أنه المعيل الوحيد لأسرة تتألف من 14 شخصاً، لذلك فإنه يصرف كل راتبه قبل نهاية كل شهر. ويتحدث علي إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن معاناته، قائلاً:
"لدي وظيفة جيدة تكفيني وزوجتي وابني، لكن الأمر لا يقتصر علينا نحن الثلاثة. فأنا مسؤول عن عائلتي كلها لأنه ما من أحد يمكنه العمل غيري. وإن لم أقم بإعالتهم، لكانوا الآن في الشارع.
ورغم راتبي المرتفع نسبياً، بالإضافة إلى دخل إضافي أجنيه من العمل مع السياح عندما يكون ذلك ممكناً، إلا أنني اقترض الكثير من المال في نهاية كل شهر لتغطية نفقاتهم. فالحصول على راتب يكفي لإطعام وإلباس وتأمين 14 شخصاً أمر صعب جداً.
- الاسم: علي عبد الله المدعي |
اضطر والدي، على سبيل المثال، للخضوع لعملية لإزالة ورم سرطاني خلال هذا العام. ويقول المستشفى الحكومي حيث أجرى العملية جراحية، أنه يوفر الرعاية المجانية، لكن هذا غير صحيح: فقد كانت كلفة الغرفة والعملية مجانية، لكن كلفة الدواء والنقل ذهاباً وإياباً من ثلاء إلى صنعاء كانت على نفقتي الخاصة.
وبعد أن قضى والدي أكثر من ثلاثة أشهر في المستشفى، وخضع للعملية، اكتشفنا أن ما فعلناه لم يكن كافياً. فعندما انتقلنا به إلى المنزل ساء وضعه الصحي، وتوفى بعد بضعة أشهر.
ننفق ما بين 15,000 و16,000 ريال [70-75 دولاراً] كل أسبوعين على المياه من شاحنات المياه، التي تكلّف أكثر من المياه التي توفرها الحكومة لكنها لم تصلنا إلينا سوى مرتين في السنة والنصف الماضية.
لقد حاولت ادخار مال إضافي أكثر من 40 مرة، لكن هذا غير ممكن أبداً. ماذا لو تعرّضت لحادث ولقيت حتفي، أو مرضت ولم أعد قادراً على الحراك؟ ماذا سيحل بهم بدون أي مدّخرات؟
هل ستتحسّن الأمور بعد سنة من الآن؟ لا، ليس على الإطلاق، على الإطلاق، على الإطلاق. لدينا مشاكل كثيرة جداً في اليمن: الحراك الجنوبي يحاول الانفصال، الحوثيون يحاربون الحكومة، تنظيم القاعدة، الحكومة القديمة مقابل الحكومة الجديدة. كيف يمكنك ترتيب كل شيء في عام واحد؟ قد لا نشهد أي تغيير قبل خمس سنوات من الآن.
نستطيع أن نقول الآن أن لدينا حكومة جديدة وأن البلد قد تغير، لكن ما الذي تغير فعلاً؟ فمعظم الأشخاص من الحكومة القديمة يشاركون في الحكومة الجديدة. وليس هناك حتى الآن أي أخبار سارة بالنسبة لليمنيين. ما زال الجميع عاطلاً عن العمل.
أعلم أن التحدث عن بلدنا وحكومتنا بهذه الطريقة أمر معيب، لكن هذا هو الواقع. علينا أن نتحدث عن الحقيقة.
نأمل أن يؤدي الحوار الوطني المقبل إلى بعض التغييرات. لكننا لا نريد فقط أن نسمع الوعود على شاشة التلفزيون أو في الأخبار. نريد أن نرى التغييرات. حتى الآن ما زالت الحكومة الجديدة تردد ما كانت الحكومة القديمة تقول.
اليمن مثل البحر، حيث الأسماك الكبيرة تأكل الأسماك الصغيرة."