أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

صناعة بيئة الإرهاب وأشكاله في العراق

- ادريس علوش

صناعة بيئة الإرهاب وأشكاله في العراق

أعداد مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

 

صناعة بيئة الإرهاب لتجارة الامن

أشكال الإرهاب في العراق

 

خضع العالم اجمع والعربي منه لعقيدة بوش المتشددة, وتوجهات إدارته الحربية المحافظة والمتشددة أيضا, والتي اتخذت الخيارات المنحازة وتبنت الإستراتيجية الإسرائيلية في العداء العربي الإسلامي, وبذلك وجهت بوصلة دوائرها المختلفة نحو العداء العربي الإسلامي, ويمكن وصف مصطلح (الإرهاب) وفقا لتطبيقاته وسلوك الاستعداء لدول العالم الثالث: - مصطلح سياسي أعلامي ذو منحى عسكري حربي لشرعنه الحروب الاقتصادية الباحثة عن الموارد والطاقة , وتم تدويله حربيا, ويأتي هذا وفق رغبات وشهوات ومطالب جماعات الضغط والشركات القابضة العملاقة في مجال المال-النفط –السلاح- المرتزقة-الإعلام..الخ وأحيانا بأساليب ورؤى إيديولوجية دينية متشددة ,ونجد أن غالبية المؤسسات البحثية الأمريكية تتسق بمفاهيم المصدر التي ترتبط به , وشرعت المراكز البحثية للأحزاب المتشددة والمتسقة باللوبي الصهيوني بهيكلة عقول الرأي العام حول "الإسلام فوبيا" وتحويل محور الصراع من الدول والحكومات والصراع الاممي إلى محاربة المنظمات والتنظيمات وخلق بيئة العنف وصناعة الإرهاب لترويج الحرب وتجارة الأمن وخصخصة العنف التي كان عرابيها رامسفيلد وتشيني مهندسي الحروب , وساهمت مؤسسات أخرى بذلك كوزارة الدفاع والخارجية, وعززت بيئة الصراع والإرهاب عبر الشركات المتاجرة بمعدات وأدوات الأمن البشرية والصناعية , وشهدنا عدد من الدراسات المتشددة والمنحازة وفق مطالب وأهداف الراعي المالي السياسي, وبما يخدم سياسة كل محور ضغط في أمريكا الداعم للحرب العالمية على الإرهاب والتي خلفت العدوان على العراق وأفغانستان حسب التوصيف القانوني- القانون الدولي- ولا تزال أمريكا عالقة في كلا المستنقعين .

 صناعة بيئة الإرهاب

 يقف الكثير من الباحثين والخبراء أمام جسامة مخلفات الولايات المتحدة في العراق , وعند قراءة البيئة العراقية سنجد أنها لا تزال  بيئة حربية مركبة , وتفتقر إلى الحياة السياسية والدستورية الديمقراطية كما زعمت أمريكا بتحقيقها بعد محرقة العراق الإنسانية, واعتمد تشكيل طبقة الأدوات السياسية من منشئ مختلفة وافدة, وأضحت تمارس المتاجرة بمصطلح الإرهاب الأمريكي لإغراض طائفية سياسية وبمعاير هجينة , خصوصا بعد أن تعاظم القبح والغرور الأمريكي وحصرا المحافظين الجدد وإدارة بوش ,وقد اعتمدت ما يطلق عليه "الهندسة الاجتماعية[1]"(تقسيم المجتمع إلى فئات ومكونات وطوائف وأعراق) وقسمت بذلك  المجتمع العراقي إلى طبقات ومكونات, ولم تكتفي بذلك بل قشرت شرائح الشعب وحطمت مؤسسات الدولة وأفرغتها من مضمونها, واعتمد الاحتلال بنشر الفوضى وهي نظرية ألمحافظين المستخدمة , وعملت على استخدام سياسية المحاور والأضداد وإذكاء الفتن والاحتراب من خلال تعميم مصطلحات الحرب وصناعة الإرهاب عبر التوصيف الإعلامي والسياسي بين وسط توصفه الأدوات السياسية الطائفية إرهابي , وجنوب ينخره النفوذ الإقليمي ويذهب به إلى التوصيف المليشاوي كمهنة بالرغم من عمقه الحضاري وخلفيته الثقافية الكبيرة ووطنيته العالية, وشمال تحكمه الأحزاب الانفصالية وتطور ارتباطاتها الخارجية ضد أبناء الوطن في غفلة الاحتلال, وخلقت أمريكا  بذلك صراع طائفي عرقي سياسي بتقسيم مجتمعي يحقق تقسيم العراق, وقد افرز الكثير من المظاهر المسلحة, ولا يمكن القفز على حقيقة الصراع المتشدد , وخصوصا "الحرب العالمية على الإرهاب", ونلمسه بشكل واضح في الخطابات والندوات والبحوث وحتى في وسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات الأمريكية, وبالتالي تعد تلك صناعة لبيئة الإرهاب والعدو القادم, وبالتأكيد لكل فعل هناك رد فعل, خصوصا بعد الانتهاكات والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال , والتعذيب الجسدي والنفسي للمعتقلين والقتل خارج القانون[2] ,وجميعها تعزز بيئة الإرهاب التي تصنعها الشركات وخصوصا المرتزقة والتي تغذي القوات الحالية عقيدة هجينة على العرف العسكري العراقي , كما أن التشدد والتطرف مصطلح يطلقه الغرب على العرب والمسلمين وعلى كل وطني يطالب بحريته ويدافع عن معتقداته , وأضحى قانون الإرهاب وصفة قمع لكل كفاءة حرة وطنية , وكذلك الطائفية والمحاصصة الحزبية التي أوجدها برايمر بتشكيلة مجلس الحكم ودمج المليشيات بالدولة, وتلك مليشيات مسيسة وكانت خارجة عن القانون فيما مضى, ونجد أن جذر الأزمة الأمنية وبيئة الإرهاب  أوجدتها دوائر الاحتلال الأمريكي وخلق بيئتها الكارثية بغية استمرار تجارة الأمن والحرب على الإرهاب, وترفض الإدارة الأمريكية الحالية الاعتراف بذلك وتتجه دوما إلى أرضاء المجمع العسكري وكارتل الشركات وجماعات الضغط بعسكرة الحلول السياسية بالقوة وديمومة سياسة القمع المجتمعي الحربي ,والذي خلق بيئة العنف والعنف المضاد في المنطقة وبدت تتجاوز نطاق العراق.

أشكال الإرهاب في العراق

يوصف مصطلح (الإرهاب الأمريكي) وفقا لتطبيقاته: - مصطلح سياسي أعلامي ذو منحى عسكري حربي لشرعنه الحروب الاقتصادية الباحثة عن الموارد والطاقة , وتم تدويله حربيا, ويأتي هذا وفق رغبات وشهوات ومطالب جماعات الضغط والشركات القابضة العملاقة في مجال المال-النفط –السلاح- المرتزقة-الإعلام..الخ وأحيانا بأساليب ورؤى إيديولوجية دينية متشددة ,والإرهاب حسب المفهوم البسيط هو إرهاب المدنيين الآمنين والشعوب,  وقد نصت القوانين الدولية واتفاقيات جنيف على محددات وشروط على الدول المتحاربة بغية عدم استهداف المدنيين, ولم نجد حتى اليوم تعريف دولي متفق عليه يوضح الإرهاب وشكله وممارسته وأثاره ونوعه وطبيعته,وأضحت الولايات المتحدة الأمريكية  توصف مقاومة الشعوب ضد طغيان القوة والاستعباد بالإرهاب , وهذا مخالف للشرعية الدولية وكافة اللوائح وصكوك حقوق الإنسان, ويمكن وصف أشكال الإرهاب في العراق بأوجه متعدد وكما يلي:

1.    الإرهاب الدولي ( استخدام القوة اللا شرعي) وهذا يتم من عندما تستخدم دولة قوية القوة (جيوشها) ضد دولة أخرى ضعيفة وخارج أطار الشرعية الدولية[3]

2.    الإرهاب الوافد وهو إرهاب المنظمات التنظيمات المسلحة الوافدة والمرتبط بأجهزة مخابرات أجنبية وإقليمية لبسط نفوذها في العراق

3.    إرهاب السلطة والإرهاب السياسي :- عندما تمارس حكومة ما أو حزب سياسي أو القوة بشكل غير شرعي لا يتوافق مع منظومة القيم الوطنية والحياة الدستورية .

4.    إرهاب المرتزقة :- تمارسه شركات الخدمات الخاصة (المرتزقة) الإرهاب والعنف السادي ضد مجتمع الدولة العاملة فيها دون مسائلة قانونية لان قانون المرتزقة يمنح الحصانة للقتلة والمجرمين أثناء تنفيذ جرائمهم (خصخصة الإرهاب).

5.    إرهاب المليشيات :- تعني المليشيات القوة المسلحة المنفلتة الخارجة عن القانون وتتخذ أحيانا المنحى الحزبي الطائفي والعرقي والتي لا تلتزم بمنظومة القيم الوطنية والقوانين وتقتات طفيليا على المجتمع عبر السرقة وقطع الطرق والارتزاق والقيام بالعمليات ألشبحيه ضد حشود المدنيين مقابل ثمن لدوافع سياسية وفي الغالب تؤسس في الخارج لتكون أوراق ضغط  سياسية  وزعانف تطبق أجندات أجنبية أو إقليمية وبذلك تمارس الإرهاب على المجتمع في البقع والمناطق الجغرافية المتنفذة فيها .

6.    إرهاب العصابات :- تمارس العصابات ( الجريمة المنظمة – العصابات المحلية  الإجرامية من ذوي السوابق المجرمين) الإرهاب والعنف ضد المجتمع عبر عمليات السطو المسلح والخطف والتغييب والقتل والتصفية الجسدية ذات الطابع السياسي مقابل ثمن وترتكب  تلك العصابات غالبية الجرائم الجنائية(الإرهاب الجنائي للمجتمع).

7.    إرهاب الرأي :- تمارس السلطة عبر مفاصلها التنفيذية أو عبر المفاصل الشبحية         (المليشيات) الإرهاب تجاه مفاصل امتصاص الصدمة في المجتمع (وسائل الإعلام – منظومات الإعلام الحر- الإعلاميين - منظمات المجتمع المدني – وقمع إرهاب وسائل التعبير المختلفة –الرأي الأخر.

8.    إرهاب النزعة البشرية السفلى:- يمارس عدد من الأشخاص المتنفذين من ذوي رؤوس الأموال ومن في مواقع السلطة , الإرهاب  ضد المجتمع لنزعات شخصية شريرة نابعة من الأنا وحب النفس وغريزة الاستحواذ على الغير وتنفيس الأحقاد المريضة ذات الطابع الدموي وبث الرعب في نفوس الأبرياء عبر تخويفهم وإلصاق التهم الكيدية بهم وأعداد ملفات قضائية مزيفة وكاذبة لغرض فرض أرادة شاذة وتكميم الأفواه أو لإغراض الاغتيال السياسي أو الخصومات السياسية.

 

أن استخدام مصطلحات الخطاب المزدوج ذات طابع الاستعداء للعالم الثالث وبمنحى حربي ضمن فلسفة صناعة العدو لخلق بيئة الإرهاب, قد خلف جيل جديد لا يؤمن بالمجتمع الدولي وقيمة الدولة والمجتمع القانوني, ويبدوا أن الحرب على الإرهاب الأمريكية قد قادت العالم إلى حتفه القانوني والأخلاقي, في ظل مفهوم الهيمنة الخيرة الأمريكية,  وتفسير التهديدات حسب أهواء رؤوس الأموال ومفاصل تسويقها السياسية, ويفتقر العالم اليوم لتوصيف قانوني للإرهاب ولابد من تبويب إشكاله كما ذكرناها وفرض المسائلة على جرائم الحرب التي ترتكب تحت يافطته ,ولان استخدام الجيوش والأساطيل والصواريخ والأسلحة المحرمة  ضد شعوب أمنة لا يعد إرهاب في المنظور الأمريكي الغربي , ودفاع الشعوب عن أراضيها الوطنية وثرواتها ومعتقداتها وحقوقها يعد إرهاب وفق المنظور الأمريكي, كما أن القمع الحكومي وبدفع أمريكي للمجتمع العراقي يعد ديمقراطية ناشئة  وليس إرهاب سياسي, ولابد من صحوة عالمية وتصحيح المسار العالمي من اجل الاستقرار والسلام العالمي المفقود.

‏الثلاثاء‏، 28‏ أيلول‏، 2010

مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

Saqr Centre for Strategic Studies

 

 



[1] . أكد المنظر الأمريكي فرانسيس فوكوياما ان من ابرز الكوارث فشل أدارة بوش والمحافظين الجدد في ما يسمى "الهندسة الاجتماعية" في العراق والشرق الأوسط عموما, وأكد مع تردي عملية حرية العراق- غزو العراق- وانحطاطها من تحرير منتصر إلى احتلال طاحن وحرب عصابات, وأكد كان فشل مجتمع الاستخبارات الأمريكي الضخم بعد أحداث 11 أيلول  وقد بالغ في قيمة التهديد الذي يشكله العراق وخصوصا أسلحة الدمار الشامل, انظر فرانسيس فوكوياما, "أمريكا على مفترق طرق"شركة العبيكان وجامعة بيل الولايات المتحدة-2006, الصفحة25.

[2] . أكدت لمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وأبرزها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وتعذيب متعدد الأوجه وبين التقرير طبيعة الاعتقالات الحكومية ذات الطابع الطائفي وغالبية المعتقلين من مكون مجتمعي معين في وسط وشمال العراق العربي مع وجود ما يقارب 30 ألف مواطن عراقي دون محاكمات ومنهم من اجبر على توقيع اعترافات تقود إلى الإعدام وقد اعدم بالفعل مواطنين عراقيين على أعمال لم يرتكبوها.

[3] . أدانت محكمة العدل الدولية الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهاب عام 1988 على الأعمال الوحشية التي ارتكبتها القوات الأمريكية في نيكاراغوا وضمن الحرب العالمية على الإرهاب الأولى في ثمانينيات القرن الماضي و التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان, وقد وصفته محكمة العدل الدولية بإرهاب القوة, وبذلك كانت أول دولة بالعالم تدان بالإرهاب هي أمريكا.

المصدر : بريد بريس-ادريس علوش

Total time: 0.049