في كل كتاباته يثير جدلاً ويترك خلفه سيلا من التساؤلات بدءاً من علاقته بأجهزة الأمن الأمريكية، وليس انتهاءً بمصادر معلوماته التي تسببت في صدور حكم قضائي في عهد النظام السابق بمنعه من الكتابه مدى الحياة.. الكاتب والمحلل السياسي وعضو مؤتمر الحوار الوطني منير الماوري بعد غياب عن الوطن لأعوام ليست بالقليلة فإلى نص الحوار:
< أستاذ منير نبدأ من جديد الأحداث ورؤية أولية عن الحوار الوطني الذي بدأ الأسبوع الماضي؟
شكراً أخي ثابت وشكراً لصحيفة الجمهورية العزيزة علينا, هي من الصحف الرائدة في مرحلة التغيير, وأعتز بها اعتزازاً كبيراً, وبشأن سؤالك.. باختصار شديد, أنا متفائل جداً. فالأسبوع الأول من الحوار كان مهماً لكسر الحواجز النفسية، وفتح مجال للتواصل الشخصي المباشر بين المتحاورين، إذ لم تكن هناك أية ضرورة حتى لمناقشة أي موضوع، بل كان المهم كسر الحواجز لبدء مرحلة التواصل قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة.
< ولكن البعض يبدو غير متفائل خاصة بعض الفئات أو الجماعات غير المتفائلة بما يجري, ربما يقول البعض بأن كافة القوى لم تمثل وشرائح المجتمع ربما لم تحضر, والبعض أيضاً من ناحية يقول بأن مخرجات الحوار قد كتبت سلفاً؟
ما كتب سلفاً هو فقط إرادة سياسية عليا أن ينجح هذا الحوار. وهو ما يتفق عليه الغالبية، أما الفئات التي أشرت إليها فهي تلك التي ترى أن مصلحتها لا تصب في اتجاه نجاح المؤتمر، وعلى الرغم من وجود بعض الصعوبات لإنجاحه لأسباب موضوعية إلا إنه لا بد أن ينجح هذا المؤتمر وليس هناك أي خيار آخر.
< لا بد أن ينجح.. حسناً.. ما هي الضمانات الحقيقية لإنجاح هذا المؤتمر أولاً ثم لتطبيق وتنفيذ مخرجاته ثانياً؟
الضمان الأول لإنجاح الحوار هو وجود إرادة سياسية من قيادة الدولة, فمادام أن الإرادة متوفرة وطالما أن رئيس الجمهورية شخصياً هو رئيس الحوار فالإرادة السياسية متوفرة، والإرادة الشعبية أيضاً موجودة, الحوار سينجح، وإن كنت أعتقد أنه لا ينبغي أن تتوحد الآراء أو تتفق بالضرورة، بل ينبغي على المتحاورين أن يتوصلوا إلى وسيلة منهجية علمية يديرون بها خلافاتهم، وهذه هي الآلية التي يتخذها عقلاء العالم في إدارة حياتهم. وهذا هو هدفنا الأساسي من الحوار، أي الإبقاء على هذا التنوع البديع وليس دمج الرؤى. فإذا أردنا أن نتفق فلا بد أولاً أن نختلف.
< ولكن ألا ترى أستاذ منير أن تنوعنا الجميل هذا والخلاق ربما قد أفضى إلى تنوع تضاد، خاصة ونحن نسمع بعض الرؤى التي قد تبدو شطحات أو في حكمها بحكم عدم موضوعيتها؟
لا بد أن نسمع هذه المطالب أولاً.. فقد كنا لا نسمعها بتمعن من قبل، الآن يجب أن نسمعها. والطرف الآخر سوف يسمع وجهات النظر المضادة. هذا هو الحوار ، أما إذا تحاورت مع من يتفق معي في الرأي فكأنما أتحاور مع نفسي أو مع صورتي في المرآة.
< ألا ترى أن بعض التيارات المرتبطة بأطراف إقليمية ودولية بعضها يضر بمصلحة اليمن وسيادته؟
بكل تأكيد هناك أطراف كثيرة سياسية وفردية مرتبطة بأطراف خارجية, ولكن من حسن حظ الشعب اليمني أن المصلحة الخارجية لكثير من القوى الإقليمية والدولية أصبحت بقدرة قادر متوافقة مع مصلحتنا في تحقيق الاستقرار، وهي فرصة ينبغي ألا نهدرها. ويجب أن نعلم أن استمرار عدم الاستقرار في اليمن يهدد مصالح كثير من الدول، وبالتالي فهي تسعى لإنجاح هذا الحوار، باستثناء قوة إقليمية واحدة كلنا نعرفها تحاول وتحاول وتحاول أن تبقي الحال على ما هو عليه، ولكننا في النهاية سننجح في صنع يمن جديد يستحقه الجيل الجديد.
< من هي هذه القوة الإقليمية؟ لا حرج أن نسميها باسمها؟
هي إيران, إيران ومن يتبعها.. طبعاً إيران لا تستهدفنا, إيران تستهدف المملكة العربية السعودية في المجال الأول, وتستهدف دول الخليج, وتريد أن تجعل منا أداة لإيذاء الجيران, ونحن لا نريد إيذاء أحد.
< يعني هي تريد أولاً الإضرار بالمملكة لا باليمن نفسه؟
نعم.. نعم. تريد إيذاء السعودية، ورغم أن التدخل الإيراني ساعد في البداية بدرجة معقولة على إنجاح المبادرة الخليجية عن طريق تنبيه أمريكا ودول مجلس التعاون الخليجي بأن عدم إنجاح التغيير سوف يجعل الكثير من الشباب يرتمون في أحضان قوى مضادة، ولكن الآن زاد الماء على الطحين كما يقال.
< قد يقول البعض من الطبيعي أن تحضر إيران وخاصة في إطار الصراع المصلحي، لكن أن يحضر بأيد يمنية ألا ترى بأن هذا هو المعيب؟
نحن في اليمن نعاني من عقدة ذي يزن, فكثير من اليمنيين مرتبط بالخارج ـ وأنا لا أتهم أحداً لا بالخيانة ولا بالعمالة ـ ولكن هذا تاريخنا، وهذا وضعنا الذي يدل على أننا نعول على العامل الخارجي كثيراً. بطل اليمن التاريخي سيف بن ذي يزن حرر اليمنيين من الاحتلال الأثيوبي عن طريق الإيرانيين، والشهيد علي عبدالمغني استعان بالمصريين لتحرير اليمن، بل إن الجمهورية العربية اليمنية في فترة الستينيات كانت مشروعاً مصرياً قبل أن تتحول فيما بعد إلى عبء على السعودية. وجمهورية اليمن الديمقراطية في جنوب الوطن كانت مشروعاً سوفيتياً وسقطت تلك الدولة تلقائياً بمجرد سقوط الاتحاد السوفياتي. تاريخنا هذا يدل على أننا نحاول أن نستعين بالعامل الخارجي والعامل الخارجي يحاول ان يوظفنا لصالحه، ولكن نحن الان في لحظة تاريخية نادرة، وهي توافق اللاعبين الخارجين مع اللاعبين الداخليين في هدف تحقيق الاستقرار والأمن لليمن.
< برأيك إيران تحضر على ضفتين أو على مسارين في شمال الشمال إن صح التعبير وأيضاً في الجنوب كيف تنظر إلى طبيعة هذا الحضور؟
إيران تحاول ان تقدم نفسها كزعيمة للعالم الإسلامي، وتحاول ان تنشط في مناطق أهل السنة أكثر حتى من مناطق الشيعة.. حاولت دعم حماس، مثلما دعمت حزب الله وربما أنها تدعم القاعدة في اليمن جنباً إلى جنب مع دعمها للحوثي، كما تحاول ان تنشط في محافظات منيعة على الفكر الكهنوتي القائم على حق إلهي مزعوم أو حكم سلالي بغيض.
< في محافظة كتعز مثلاً, تعز الحضارة.. تعز الثقافة.. تعز المدنية.. كيف تواجد هذا الفكر فيها اليوم؟
هذا التمدد هو ناجم أو وجد له أرضاً خصبة بسبب الإحباط السائد من إطالة أمد الثورة وعدم تحقيق طموحات الثوار وتطلعات الشباب، في تعز وفي المحافظات الأخرى فمحافظة تعز أنجبت قادة للثورة ميدانيين، وكثير من هؤلاء محبطون، ولا نظلمهم إذا حاولوا التعبير عن غضبهم بالتوجه إلى إيران ولكن بالنهاية انا أثق بوطنية هؤلاء.
< يقول البعض أيضاً تركياً حاضرة وتدعم جهة ما؟
هذا صحيح. الكل يدعم، والكل يحاول ان تكون له مصالح، ولا ضرر من تبادل المصالح حتى إيران نريدها ان تدعم في المجال الاقتصادي التنموي وفي مجالات أخرى.. لا نريد أسلحة، لدينا ما يكفينا من الأسلحة وزيادة.. تركيا سياستها معروفة. تريد تمددا اقتصاديا. وهذا حقها ولا تريد إيذاء أحد عن طريقنا، كما انها ليست في حالة صراع مع المعسكر الغربي.
< فيما يتعلق النظام السياسي القادم يجري الآن نقاش، بل وجدل قائم على نطاق واسع ربما وأنت جزء من هذا النقاش ما الذي تراه مناسباً لليمن خلال الفترة القادمة؟
المناسب لليمن هو الخروج من نظام اللادولة، ونظام المركزية، أصبح وضع اللادولة يعني.. البعض يقول إنها مركزية ولكن لم تعد حتى مركزية غابت الدولة نريد تأسيس دولة.. نريد أن نبدأ من الصفر.
< دولة على أي نظام سياسي تراه؟
أنا للأمانة أفضل، وقلت هذا حتى في أيام الرئيس السابق حين كان البعض يدعو الى التخلي عن النظام الرئاسي واستبداله بنظام برلماني كنت أطرح في تلك الفترة ألا نجعل من أخطاء الرئيس السابق سببا لتغيير الشكل وليس المضمون، اليمن تحتاج إلى نظام رئاسي، العراق بعد ان أصبح رئيس الجمهورية بلا صلاحيات، تعاني من نتائج سلبية، يجب ان نحافظ على هيبة الرئاسة . كان يجب ان يحافظ عليها العراقيون خصوصا بعد غياب رئيس قوي ومستبد، الديكتاتور في أغلب الأحيان هو قوي شئنا أم أبينا، ويجب ان يأتي بعده نظام رئاسي يحافظ على هيبة الرئاسة.
< أنت مع النظام الرئاسي؟
أنا أؤيد النظام الرئاسي، وهناك من يؤيد النظام البرلماني، وبالنهاية سنتناقش والأغلبية ستفرض رأيها.
< الأقاليم أو المخاليف الأقاليم أو الفيدرالية مشاريع مطروحة على طاولة الحوار.. ما الذي تراه أنت؟
انا أميل إلى تقرير المصير، نريد نحن اليمنيين ان نقرر مصيرنا بأنفسنا، ولا نريد للغير أن يقرر مصيرنا، هذا هو الشعار الذي يجب ان نرفعه، ليس في الجنوب أو في الشمال، بل الكل، وهذا هو هدف الحوار بالنهاية، أي تقرير مصيرنا بأنفسنا.
< ما الذي تميل إليه تحديداً من هذه الأشكال؟
من هذه الأشكال أنا أؤيد أي شكل من أشكال النظام اللامركزي.. لنسمه حكماً محلياً أو فيدرالية، هذه التسميات لا يجب أن نقف أمامها طويلاً، ولكن يجب أن نقف بشدة ضد أي مشروع يسعى إليه البعض لتحويله إلى مشروع للانفصال.. نريد دولة لا مركزية تساعدنا على التوحد لا اندماجاً يؤدي إلى التفتت. لا نريد وحدة همجية على طريقة علي صالح ولا انفصالاً فاشلاً على طريقة علي البيض.
< جميل, أستاذ منير لننتقل إلى محور آخر في الحديث يتصل بك شخصياً، فقد عرفت بتقديم الجديد والمعلومة للقراء بصورة ملفتة، من أين يستقي الأخ منير معلوماته تلك؟
كل حالة كانت مستقلة بذاتها، وانا لا أدعي أني كنت محقاً في كل شيء، ولكن بشكل عام كنت بعيداً عن التفاصيل، وهذا ساعدني على الرؤية من زاوية بعيدة، فعندما تغرق نفسك في تفاصيل صغيرة أو اليومية، ربما تعجز عن التحليل السليم، فأنا كنت بعيداً حتى عن اللاعبين، لا أتناول القات مع هذا أو ذاك، ولا أستمع وإنما أقيم الأعمال والنتائج ولا أقيم الأقوال.
< عفواً كتاباتك معظمها معلوماتية أكثر منها تحليلية، والمعلومة لا بد لها من مصدر مباشر، خلافاً للتحليل فهو استنباط بعد الاستقراء؟
طبعاً المصادر هي متعددة، وأهم شيء هو ألا تبني رأياً بدون معلومة، أنا أحترم القارئ، ولذلك أنا أحاول أن أبلغ القارئ كيف توصلت لماذا أنا ضد هذا الرأي أو ضد هذا السياسي، ولذلك أزود القارئ بالشيء الذي توصلت إليه.
< حتى الآن لم تقل لي مصادر معلوماتك؟
المصدر الرئيسي هو الخصوم السياسيون. هناك خصومات، والكل يحاول أن يعري الطرف الآخر، ودوري كصحفي هو التأكد من صحة المعلومة والاعتماد على طرف الخيط ثم التأكد من صحتها أو عدم صحتها والحصول على وثائق لأن هناك داخل النظام السابق من كانوا لا يؤيدون الفساد ويخشون على أنفسهم، ولا يساعدونه، ويسربون بعض المعلومات، وأنا أقوم طبعاً بالتأكد من صحة هذه الوثائق.
ــ هل لك علاقة بالنظام السابق ولو من طرف ما ولو إلى حد ما؟
لا يوجد أحد ليس له علاقة بالنظام السابق، النظام السابق هو النظام الحالي، وهناك تغير طبعاً، نحن لسنا ضدهم كأشخاص، ولكن ضد ما يسلكه البعض، فكل شخص تغير أصبح بالنسبة لنا صديقاً..
< أقصد من الرموز المحسوبين على النظام سابقاً في الفترة الماضية؟
كنت أعرف كثيراً من هؤلاء على الصعيد الشخصي، ولم أكن أصطدم معهم بشكل شخصي، بل كنت أستمع ما يقولون، وكان البعض يريد استقطابي لدعم مشروع التوريث.
< توريث ماذا؟
توريث الحكم طبعاً، ولكن لم أكن أستسيغ هذه الفكرة، لأنها دخيلة علينا، وكنت أطلب من هؤلاء أن يجعلوا الوريث يقدم شيئاً ملموساً لهذا الشعب كي نقبل به، ولكنه عجز عن تقديم أي شيء ولهذا فضلت المصلحة الوطنية على المكاسب الشخصية الضيقة.
< جميل.. أستاذ منير اسمح لي أن أطرح ما أسمعه من البعض، وأرجو أن يكون صدرك واسعاً، البعض يتهم الأستاذ منير الماوري بأن له ارتباطات بالأجهزة الأمريكية؟
هذا الاتهام مصدره النظام السابق الذي مازال يزعم حتى الآن أن الأجهزة الأمنية الأميركية تدعم مشروع التوريث باليمن، ولو كان كلامهم صحيحاً فمعنى ذلك أن الأجهزة الأمنية الأميركية عجزت تماماً أن تقنع عميلاً صغيراً لها باحترام سياسة رؤسائه، ومن هنا يجب علينا أن نحكم على وطنية الأشخاص من خلال أفعالهم وسلوكهم، وليس من خلال ما يقال عنهم، مع العلم أن الأجهزة الأمنية الأميركية وغير الأميركية تتعامل مع الرؤساء والوزراء ولا يسمح القانون الأميركي بتحويل أي مواطن أمريكي إلى عميل حيث إن كلمة عميل تعني أن الشخص المقصود أجنبي ويقيم في دولة العمالة وليس في الوطن الذي يحمل جنسيته. كما يتحتم على العميل أن يدعم ما تدعمه الدولة التي وظفته عميلاً لها.
< غير هذا ما يتعلق بصحة توغلك أو علاقتك الخاصة بالخارجية الأمريكية؟ البعض يقول أنها وطيدة ووثيقة؟
من أي ناحية؟
< من ناحية تعاون.. من ناحية عمل لوجستي.. شيء من هذا القبيل..
أنا عملت مراسلاً صحفياً في صحيفة الشرق الأوسط في واشنطن لفترة طويلة، وبنيت علاقات ليس مع مسؤولي الخارجية فقط، ولكن مع مسئولين في وزارة الدفاع.. في البيت الأبيض.. في الكونجرس، ولكن في أمريكا هؤلاء يتغيرون دائماً، أنت لا تستطيع أن تحافظ على علاقتك معهم بصورة دائمة كأشخاص، لأنهم يتغيرون ويتبدلون، ولا توجد علاقة بين الشخص والمؤسسة بهذا المعنى الذي يُطرح، فأنا أؤيد الخارجية الأمريكية فيما تطرحه لصالح اليمن، وأعارضها فيما تطرح، وطبعاً هناك انقسام فيما يتعلق باليمن في الإدارة الأمريكية والخارجية الأمريكية من المؤسسات الداعمة لقضايا اليمن ضمن دعمها للربيع العربي، وهناك أجهزة أمنية أو دفاعية لها مصالح أخرى ولها رؤى أخرى، وفي النهاية يحصل هذا النوع من التضاد والتعارض..
< عفواً.. تقصد مثلاً انقسام فيما بين البنتاجون والخارجية الأمريكية؟
الانقسام التقليدي السائد في جميع القضايا وليس في قضايا محددة بذاتها هو تقليدي بين الدفاع والخارجية، الخارجية تميل أكثر الى تحسين العلاقات الأمريكية مع الشعوب الأخرى وتحسين سمعة أمريكا، كانت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون من أصحاب الرؤى التي تدعم وجهة نظرنا كعرب نسعى إلى التحرر من الاستبداد بعد الربيع العربي، وأيضاً وزير الخارجية الجديد عندما كان السيناتور جون كيري في موقعه قيادياً في مجلس الشيوخ كان يدعم أيضاً، وهناك رموز أخرى بينهم للأسف السفير الأمريكي في صنعاء يتبنون وجهة نظر أخرى، إنهم يفضلون التعامل مع أسر، أو مع أنظمة مستبدة، والكل يهدف إلى المصلحة الأمريكية، ولكن نحن نريد أن نجمع.. لا نهدف للإضرار بمصالح أمريكا، أو مصالح أوروبا، نريد أن نجمع بين مصلحتنا كيمنيين ومصلحة هذه الدول.
< ألا ترى بأن لهذا الانقسام أثر سلبي مباشر علينا؟
نعم أقصد مثلاً الموقف الأمريكي من الحصانة، وتعاملهم المستمر مع رموز النظام السابق، وسكوتهم عن الأموال المنهوبة المودعة داخل واشنطن، وخارج واشنطن، والعقارات والأموال التي تستخدم لزعزعة الاستقرار في اليمن. وعدم اتخاذ إجراءات مناسبة ضد هؤلاء، نحن هنا داخل البلاد مورطون بالحصانة أو أجبرنا عليها، لكن الخارج لم يكن محقاً في الإنصاف، وكان يجب أن يتخذ، وسوف يتخذون في النهاية، لأنه معروف عن الولايات المتحدة أنها تتخذ القرار السليم بعد أن تستنفذ جميع الأخطاء الممكنة.
< فيما يتعلق بهيكلة الجيش ألا ترى أولاً أن الأمريكان قد توغلوا في التدخل فيما يتعلق بهيكلة الجيش اليمني؟ ثم ألا ترى أن ثمة التفافاً من نوع ما على هذه الهيكلة نفسها؟
الأمريكيون تعرضوا لخدعة كبيرة واستفاقوا منها.. عشر سنوات من الاستغباء.. كانوا يظنون أن رموز النظام السابق عملاء لهم داخل اليمن واتضح أن أولئك حولوا المخابرات الأمريكية إلى عملاء لأسرة داخل اليمن!!
< معقول هذا الكلام؟!!
نعم.
< وهل لنظامنا السابق القدرة إلى هذا الحد على توظيف الأمريكان عملاء له؟
لديهم قدرة على الخداع والكذب.. عشر سنوات من الخداع والكذب وطلب المساعدات لبناء الحرس الجمهوري ووحدات مكافحة الإرهاب أسفرت الحقيقة مؤخراً عندما جاءت الحاجة إليها أن هذه الوحدات والمساعدات الأمريكية تحولت إلى حماية أسرة وليس لحماية وطن. لم يحرك الرئيس السابق ولا أعوانه في الجيش أي وحدة عسكرية لمكافحة الإرهاب في أبين وفي كثير من المناطق إلى أن جاء عبد ربه منصور هادي وأثبت جدية في تحرير محافظات بكاملها من القاعدة.
< هل أدى هذا إلى تغير التكتيك في التعامل مع النظام الجديد من قبل الأمريكان مؤخراً؟
بكل تأكيد الأميركيون تعلموا درساً بليغاً بأن التعامل مع أناس صادقين أفضل من التعامل مع المخادعين مهما ادعو السير في ركب الأمريكان.
< عفواً أقصد الأمريكيين أنفسهم، هل غيروا من مواقفهم بعد أن انكشفت لهم الحقيقة؟
نعم.. بكل تأكيد، والدليل على أنهم استفاقوا أنهم تخلوا عن حماية هذه الأسرة وأجبروا الرئيس السابق على التنحي، لأنه عندما تبنى المبادرة الخارجية، والمبادرة كانت مبادرته، كان يريدها أن تكون مجرد لعبة لشراء الوقت، القوى الاقليمية أو الدولية حولتها الى مبادرة حقيقة!
< يعني حتى هذا الوقت “وقت المبادرة الأمريكية” كان الأمريكيون قد حسموا أمرهم مع علي عبدالله صالح؟
نعم, لكن كانت لهم أيضا ارتباطات مع أشخاص داخل الأسرة، كانوا يعولون على أشخاص داخل الأسرة ولم يحسموا أمرهم إلا في وقت متأخر، الآن بعد أن أثبت الرئيس الجديد أنه أكثر مصداقية ويريد تحقيق الاستقرار في البلاد ولم شمل المجتمع اليمني ومحاربة الفئات الساعية للتخريب والتدمير، هذا جعلهم أيضا يدركون أن الحائز على شرعية شعبية هو الشخص القادر على تنفيذ المهام التي تخدم مصلحة الشعبين.
< هل نستطيع القول إن الأمريكان اليوم قد نفضوا أيديهم من على عبدالله صالح وأسرته؟
أنا لا أستطيع أن أحكم إلا على ما أرى في الظاهر. السفير الأمريكي والملحق العسكري الأمريكي يتوجه إلى القصر الرئاسي للقاء عبد ربه منصور هادي، كما يتوجه إلى مقر الفرقة للقاء علي محسن الأحمر.. ولم أر أحداً يقابل الرئيس السابق أو أتباعه إلا في حالة نادرة هي للذهاب للتحذير والتهديد. لتحذيره من التمرد على الشرعية، غير ذلك لم يلتق أحد لا من السفراء، ولا من الملحقين العسكريين، إلا إذا كانت هناك علاقة سرية في الخفاء بين عملاء أو مندوبي أجهزة مخابرات مع هؤلاء، هذا لا أعلم به، ولكن ما نراه في الظاهر يؤكد أن الكل نفض أيديه من النظام السابق.
< أفهم من كلامك أستاذ منير أن هذه إدانة مبطنة لعلي محسن والفرقة وللنظام الجديد مقابل شهادة أو شيء من هذا القبيل للنظام السابق؟
ليست إدانة.. إدانة من أي ناحية؟
< من ناحية أن الحضور الأمريكي بهذه الصورة هو في النهاية مضر بأمن وسيادة اليمن، وأن النظام السابق أكثر حنكة في التعامل معهم؟
هذا لا يمثل إدانة للقيادة الجديدة، لا يوجد تعارض بين هذا وذاك.. النظام السابق أيضاً هو الذي بدأ هذه الاتفاقات.. هو الذي بدأ السماح للأمريكيين بقتل اليمنيين. لا ننسى أن ضحايا المعجلة سقطوا في عهد علي عبد الله صالح وليس في عهد عبد ربه منصور هادي..
< صدقت.. ولكن قد يقال إنه إذا كانت في عهد علي صالح معجلة فثمة معجلات أُخر؟!!
هذا ليس صحيحا, بعد غياب الرئيس السابق لو نظرنا إلى الإحصاءات وأخطاء هذه الطائرات الأمريكية لوجدنا أن الأخطاء في السابق أكبر من أن نقارنها بأخطاء حدثت لاحقا. طبعا أنا ضد القتل خارج القانون بشكل مطلق.
< كل اليمنيين الذين قتلتهم أمريكا قتلوا خارج القانون؟!
نعم.. ولكن كمحلل لما يجري، فإن عدد الضحايا الذين حصدت أرواحهم هذه الطائرات من الأبرياء كان كبيراً بالمقارنة مع عدد محدود جدا في عهد الرئيس هادي.
< عفواً سيد منير القياس هنا مع الفارق، ودعني أقول لك منذ سقوط صاروخ “هيلفاير” على أبي علي الحارثي في مأرب بعد العام 2001م وإلى نهاية حكم علي صالح، وهي مدة زمنية طويلة، قياساً إلى ما سقط خلال فترة وجيزة مؤخراً؟
بعد تولي الرئيس هادي تشير الإحصاءات إلى أن 300 أو أكثر من عناصر القاعدة قتلوا في الفترة الأخيرة، ولكن من الضحايا المدنيين كان هناك أحد عشر ضحية من المدنيين سقطوا في رداع في غارة كانت هي الأكبر من حيث عدد الضحايا المدنيين. أكبر ضحية سقطت من المدنيين في الفترة الأخيرة، حين نطلق أحكاماً يجب أن نتمعن فيها وننظر فيها، طبعاً بالنسبة لي شخص واحد أو عشرين شخصاً كله جريمة، ولكن علينا أن نكون منصفين، القيادة الجديدة أكثر دقة في استهداف القتلة، وهي مقيدة باتفاقات صاغها النظام السابق، ولم يأت الرئيس عبد ربه منصور هادي بشيء من عنده، أنا لا أدافع عنه، ولكن أريد أن أقول حقيقة تنصف الرجل.
< أستاذ منير كل الفئات تم الحوار معها إلا القاعدة يبدو أن الدولة ـ إلى حد ما ـ معرضة عن الحوار معهم لماذا لا يتم الحوار مع القاعدة؟
القاعدة ممثلة بالقتلة في داخل لجنة الحوار من أتباع النظام السابق، هم موجودون، ولديهم تحالف وثيق مع القاعدة فهم موجودون في الحوار.
< هذا كلام سياسي مطلق، أنا أتكلم عن القاعدة الأصل؟
“يضحك” القاعدة غير المستنسخة، أنا لا أدري هل لها وجود فعلاً أم لا؟ ولكن هم يرفضون أيضاً الحوار وهدفهم هو القتل، ولا أعتقد أنه من المفيد أن نتحاور معهم .
< حسب ما أعرفه أن هدف القاعدة ليس هو القتل، هدفهم إقامة الشريعة كما يقولون، وإن اختلفنا معهم في مفهومهم للشريعة، ثانياً هم يجنحون ـ خاصة في الفترة الأخيرة ـ إلى السلم؟
أنا استطيع أن أقول إن من قتل العشرات من أبنائنا من الأمن المركزي يوم 21 مايو العام الماضي، أو الذي قبله هم القاعدة وليس القاعدات الأمريكية.. من يقتل الكثير من أفراد الأمن السياسي هم القاعدة وليس الطائرات الأمريكية, ومن يفجرها في كل مكان هم القاعدة، ومن يقتل أبناءنا في صعدة والحركة الحوثية أيضاً, يمكن لو كنت مكانك سأعدل سؤالي بكيف نقبل بحركة مسلحة كالحركة الحوثية في الحوار ولا نقبل بالقاعدة مثلا؟
< سآتي على ذلك لاحقاً، وأنا قرأت لك مقالاً أو تعليقاً سابقاً عما أسميته بالقاعدة المستنسخة خاصة ما يتعلق بحادث السبعين حيث أشرت إلى تورط النظام السابق في ذلك ولم تشر إلى القاعدة والآن تقول لي أن الذي قتل أفراد الأمن هم القاعدة؟
القاعدة تستخدم وتسيس بطريقة غير مباشرة، وربما بطريقة مباشرة، ولكن منذ مقتل الشهيد جار الله عمر عرفنا أن القاعدة يمكن أن تستغل، لتحقيق أهداف سياسية للنظام، ومهما قيل أن القاعدة استهدفت النظام السابق فكل من سقطوا هم من المناوئين للنظام السابق، وهذا يدل على أن هناك رابطاً ما بين الطرفين!! ماذا يعني أن تستهدف القاعدة سالم قطن ولا تستهدف مهدي مقولة؟!! هذا يدل على أن هناك نوعاً من التنسيق أو تبادل المصالح، الآن هناك تحالف غير منظور بين النظام السابق والحوثيين والنظام السابق والفصيل المسلح من الحراك الجنوبي، وهؤلاء أعداء وخصوم لكنهم في النهاية يتعاونون لما فيه مصلحة هذه الحركات!.
< بالتأكيد, ولكن بالمفهوم السياسي والمعيار السياسي سيبقى خصوم أمريكا هو النظام السابق بدرجة رئيسية ثم القاعدة بدرجة ثانية باعتبار أن من يسير القاعدة ويستغلها هو النظام السابق؟
نحن لا يهمنا من هم خصوم أمريكا ولكن يهمنا من هم خصومنا، هؤلاء خصوم الشعب اليمني..
ــ أمريكا لأنها تحارب القاعدة بشكل عام أين ما وجدت؟
أمريكا.. هذه قضية أخرى أنا لا أدري حتى الآن هل أمريكا جادة في محاربة القاعدة أم لا؟ أم أنها تستخدم القاعدة؟ أنا أعتقد أن هناك قوى دولية تستغل القاعدة في كل مكان لأسباب خاصة بهم.. أنا أتذكر في حادثة الهروب الشهير من سجن الأمن السياسي قائد القاعدة الحقيقي ناصر الوحيشي وقاسم الريمي وغيرهم عندما فروا من الأمن السياسي رئيس النظام السابق اتخذ قراراً وتوجيهات مباشرة بعزل المتسببين أو المسئولين المباشرين وغير المباشرين، ولكن توجيهات أمريكية جاءت بالسكوت عن هؤلاء، وقالت لا داعي لهذا الإجراء ودعهم في مناصبهم..
< على الأرجح أنه تم تهريبهم ولم يهربوا.. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد أصبح اليوم ما بات يعرف بالقاعدة التابعة لأمريكا، والقاعدة التابعة للسعودية، والقاعدة التابعة لليمن، وأيضا قاعدة إيران، القاعدة اليوم قواعد، أظن هذا واضحاً..؟
القاعدة مخترقة.. القاعدة مخترقة من قبل قوى لها مصالح إقليمية ودولية أو قوى إقليمية ودولية، وحتى النظام السابق عندما اخترق القاعدة كان الاختراق لصالح قوى دولية لا لصالح اليمن، والقاعدة أيضا اخترقت النظام السابق.. وهناك تبادل للاختراقات.
< القاعدة من جهتها أيضا مخترقة للنظام؟
نعم بكل تأكيد، وإلا لما نجحت بتنفيذ عمليات بكل دقة, لماذا نجحت القاعدة مثلا في تصفية سالم قطن؟
< برأيك ما الحل مع هذه الجماعة التي باتت خطراً يهدد الأمن والسلم؟
الحل هو في تجفيف مصادر تمويلها، وتجميد الأموال المنهوبة من الشعب اليمني، واتخاذ مواقف حازمة ممن مازالوا يتلاعبون بمقدراتنا، والحل لكل مشكلات اليمن لا بد أن يبدأ بالتخلي عن مشروع التوريث لأنه سبب كل مصائبنا في اليمن، وعدم الاستقرار في اليمن هو مشروع التوريث الفاشل الذي ما زال أنصاره لم يقتنعوا حتى الآن بنهايتهم، لو تخلوا عن هذا المشروع لتعاونا في تحقيق الاستقرار في مختلف جوانب حياتنا.
< لطالما أتحفنا الأستاذ منير الماوري بالكثير من المعلومات المهمة في كثير من القضايا لكن فيما يتعلق بحادثة دار الرئاسة لم نر منه ما يشفي الصدور في هذه المسألة؟!
أنا لا أدعي قدرات غيبية.. وقد أثارني خبر عندما أعلنته صحيفة موالية للنظام السابق أنه أسعف للمستشفى وأنه يعاني، فاكتشفت من ذلك أن هناك حدثاً سيحصل، ويريدون ألا يتحمل الرئيس السابق عقوبات دولية بسبب هذا الحدث، فكتبت أنه ربما يحدث شيء وحدث بالفعل، لكن لم أكن أخطأت في التوقيت، كنت أظنه في 22مايو وحدث في 21 مايو..
< عفواً أنا أقصد حادثة الرئاسة بجامع الرئاسة الذي استهدف صالح وأركان حكمه؟
آه.. نعم.. حادثة النهدين أصبحت واضحة جدا، إنها عمل داخلي من داخل الحرس الخاص، أنا على قناعة أن العمل نفذ بأياد داخلية وأن أفراد الحرس الخاص قتلوا ولم يموتوا في الحادث بسبب ربما اتهامهم بوقوفهم وراء الحادث أو تقصيرهم في المسئولية، الحادث غامض جدا..
< من قتل هؤلاء الأفراد أولاً؟
لا أستطيع أن أقول من هو الذي قتلهم بيده؛ ولكن أستطيع أن أحدد المسئولية.. من يتولى المسئولية في ذلك الوقت كان قائد الحرس يومها وكلنا نعرف اسمه، فهو أمام القضاء وأمامي وأمامك وأمام الشعب اليمني المسئول الأول، وهو الذي يقول لنا من الذي قتلهم.
< كم عدد هؤلاء الذين قتلوا أو صفوا بعد الحادث مباشرة؟
لا يقل عن 11 ضابطاً، بينهم الشهيد محمود الخطيب.
< صفي وقتل عمدا؟
أعتقد أنه صفي..
< قلت الحادثة من تنفيذ جهات داخلية, ما هي هذه الجهة الداخلية داخل الحرس نفسه؟!!
داخل الحرس الخاص يجب أن نتذكر أن علي عبد الله صالح كان أيضاً مستهدفاً من قبل رواد مشروع التوريث، أبناؤه، أو أسرته المحيطون به كانوا يعتبرونه عقبة أمامهم وأمام طموحهم، وكانوا يعتبرونه من الحرس القديم، أنا عندما كنت أنتقد الرجل على مدى عشرين سنة لم يكن يثور ولم يكن يغضب، ولكن عندما بدأت انتقد الوريث الشرعي حوكمت وشوهت سمعتي واستهدفت في كثير من الأشياء التي لم أتحدث عنها أو أكشف عنها، لذلك أعتقد أن رواد مشروع التوريث أرادوا أن يسرعوا في مشروعهم بالتخلص من الرئيس الذي أصبح عقبة، فتخيل نفسك رجلاً له أملاك وفي النهاية يأتي يوقع على مبادرة يوصي بهذه الأملاك للشعب ولا يمنحها لأولاده، طبعاً سوف يأتي أولاده ليتخلصوا منه قبل أن يوقع على هذه الوصية.
< بصورة أوضح من تبنى عملية الاغتيال هذه هي الدائرة المحيطة به من الأسرة؟
بكل تأكيد.. بكل تأكيد.. ولن تخرج عن نطاق هذه الدائرة، ولا يمكن أن يدخل مسمار واحد من دار الرئاسة بدون علمهم.
< هل لهؤلاء علاقة بأطراف إقليمية أو دولية ما؟
بكل تأكيد لديهم علاقة العلاقة هي موجودة.
< لا. لا.. أقصد العلاقة في هذا الحادث؟
في هذا الحادث أعتقد أن العمل أكبر من أن يقوموا به منفردين.. العمل أكبر، وهو من تدبير أجهزة أمنية قوية.
< طبعاً التنفيذ قد يكون يمنياً مائة بالمائة لكن التخطيط والمتابعة والإشراف... لا شك قوى إقليمية و دولية؟
نعم والدقة موجودة, حتى في نظام العصابات عندما أحد أفراد العصابة يصبح عبئاً على العصابة يجري التخلص منه.
< أشرت إلى حضور أطراف إقليمية ودولية حاضرة في المؤامرة، برأيك ما مصلحة هذه الأطراف منها؟
التخلص من عبء عليهم وأصبح عبئاً ثقيلاً، ولديه أسرار ومعلومات عن تعاملهم مع الملف اليمني..
< وهم بالمقابل أيضاً يحملون عليه أسراراً خطيرة.
لم تنته اللعبة بالنسبة لهم، فمازالت مستمرة , ولكنه أصبح مستنفد الصلاحيات، فكان يجب إما خروجه من البلاد أو خروجه من الحياة بالنسبة لهم.
< لكن هذا على ما يبدو لي لم يتم بصورة سريعة وبعمل تكتيكي عابر.. هذه عملية تحتاج إلى دراسة وتقييم ومتابعة وقياسات..إلخ؟
الأجهزة الخارجية تعد سيناريوهات جاهزة لكل المراحل يستخدمونها عندما يحتاجون لها..
< تعني أن التخطيط قد كان مسبقاً؟
التخطيط من خلال التنفيذ يدل على أن الأجهزة تعاملت لفترة طويلة مع أفراد داخل الحرس الخاص أو الدائرة القريبة من العمل الخاص
< إسعافه إلى المملكة العربية السعودية ألا يوحي بشيء ما؟
لا أعتقد أنه يوحي بدرجة مباشرة، ولكن الضرورات هي التي أسعفته، وأعتقد أن الرئيس عبد ربه منصور هادي عندما كان نائباً هو الذي أنقذه وأنقذ حياته لأنه وهذا تأكيد بعد الحادث لم يرد له البعض أن يتم إسعافه إلى أي مكان لولا الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهذا تأكيد سمعته من أطراف عدة داخل النظام بأن هادي هو الذي أنقذ على عبد الله صالح وأصر على إسعافه الى المملكة.
< هل كانت هناك مخاوف لدى علي عبدالله صالح أن يتم إسعافه إلى الخارج؟
كانت هناك رغبة في أن ينتهي الرجل وألا يُسعف ولولا أن الرئيس عبد ربه منصور هادي اتصل إلى المملكة لإرسال طائرة إخلاء طبية خاصة لكان انتهى، ولكن المشكلة أن الرئيس السابق لا يعترف بالفضل له.
< هل كان في حالات غيبوبة أثناء ما أسعف؟
في الساعات الأولى كان في حالة وعيه حسب ما قال هو..
< أنت قيمت الحالة من حسب التصريح الصوتي المنسوب له عقب الحادث مباشرة؟
الرجل دخل في حالة غيبوبة في مرحلة لاحقة، ولكنه كان شبه منته وقد حذر طبعا في البداية من الهجوم على الفرقة الأولى مدرع وعدم إطلاق أي طلقة، وكان يدرك أن الحادث من داخل القصر وليس من خارجه، ولذلك رأينا كيف كانت ردة الفعل محدودة، ولو كانوا يدركون أن ثمة طرفاً ثالثاً لدمروا كل شيء في ساعته..
< فيما بين القنبلة الملغومة وبين الصاروخ تضاربت التحليلات والمعلومات.. ما الأرجح لديك؟
الأقرب إلى الصحة أن الفتحة التي في المسجد تدل على أن هناك صاروخاً من داخل القصر أطلق من مكان قريب من داخل الرئاسة، وليس من مكان بعيد، وربما كانت هناك قنابل إضافية.. لا أدري. ولكن الواضح أن هناك صاروخاً أو صاروخين تم إطلاقهما..
< كيف أطمأن علي عبد الله صالح للخروج الى المملكة؟
الرجل كان يريد أن ينقذ حياته بأي طريقة، فعندما رأى الأطباء مصرين على خروجه خرج، ثم حينها القرار لم يعد بيده، كان بيد النائب الذي أصر من ناحية إنسانية، وليس من ناحية سياسية أن ينقذ الرجل
< ثمت جدل يدور بشأن عبدالعزيز عبد الغني الذي توفي بصورة غامضة ما الذي عندك؟ وأرجو أن تكون أكثر شفافية؟
أنا سمعت أشياء كثيرة. أن الرجل جرى تصفيته لما لديه من معلومات أو لما يعرف من تفاصيل عن وليمة اغتيال الرئيس الحمدي وأنه رافق علي عبدالله صالح في أدق مراحل حياته، لكن لا يوجد دليل أو مؤشر واضح سوى الدافع، والدافع أحياناً لا يكفي لتحميل أحد الجريمة، أنا شخصياً اعتبر المرحوم عبد العزيز عبد الغني من الناحية المعلوماتية ميتاً، سواء كان حياً أم ميتاً، هو لم يدل بأية معلومات من سابق، ولم نكن نتوقع أن يكشف عن أي شيء لأنه كان مطيعاً جداً لرئيسه، ومخلصاً بالصفة السلبية طبعاً، نحن نترحم عليه لأنه أصبح في عداد الموتى ولن ننسى أنه كان من الشاهدين على قتل الرئيس الحمدي ولم يتحدث فهو شريك في المعلومة التي أخفاها عنا..
< هل لهذا السبب كانت نهايته بهذه الصورة كما يردد البعض؟
ربما ولكن أيضاً هو تعرض لحريق شديد، وحسب التأكيدات التي سمعتها من المقربين من الرجل أن الرجل تعرض للعمى، وأيضاً تعرض لنكسة نفسية شديدة، هناك احتمالات أيضاً قوية أن الوفاة ناجمة عن الحادث ذاته.
< وهناك معلومات أخرى تقول غير ذلك، ومقال الشيخ ياسر العواضي يشير بطريقة ضمنية إلى أن صحة الرجل كانت أحسن من غيره، وقد كان من أوائل الخارجين؟
أنا صراحة لا أستطيع أن أجزم بأي شيء لعدم توفر المعلومة لو توفرت المعلومة لقلتها.. الاحتمالات واردة وهو صفي أو مات أو قتل.
< تكلمت أو أشرت قبل قليل إلى عدم ضلوع الفرقة الأولى مدرع في الحادث، هل معنى ذلك أن علي محسن لم يكن على اطلاع بالحادث؟
لا أعتقد ذلك، اللواء علي محسن يبدو أنه كان يعرف اللعبة جيدا يدرك المتغيرات الدولية على عكس صبية النظام السابق، كان يدرك ضرورات التغيير وعواقب اللجوء للعنف، ونحن شعرنا حتى بالإحباط من أن جيش الثورة لم يقم بالفعل العملي لتغيير النظام لصالح الثورة، ولكن يبدو أن اللواء علي محسن كان مدركا أن الثورة يجب أن تكون سلمية وهذا رأيه ونحترمه، لأن الذي حسم الثورات العربية الأخرى هي الجيوش العربية وليس الجيوش العائلية.
< يتهم علي محسن بأن له علاقة بالقاعدة؟
علي محسن قواته هي التي شاركت في محاربة القاعدة في أبين وهذا ما يقرره الواقع، نحن لا نحكم على ما يقوله الناس نحن نحكم كصحفيين وسياسيين على يفعله.
< قواته حاربت ما يسمى بأنصار الشريعة وليس القاعدة؟
أنصار الشريعة والقاعدة تعددت المسميات ولكن في النهاية حاربت الإرهاب، ولكن من المفارقات أن الإدارة الأمريكية والأموال الأمريكية دعمت على مدى عشر سنوات قوات الحرس الجمهوري، وهي قوات يمنية بالنهاية ولسنا طبعا ضد الحرس الجمهوري، ولكن الذي حارب أنصار الشريعة كانت قوات لم تدعمها أمريكا..
< ماذا عن علاقتك ببيت الأحمر؟
أي من الحمر تقصد؟
< أولاد عبدالله بن حسين الأحمر، وأيضاً علي محسن، وكلهم حمر!!
نبدأ من الأخير سواء علي محسن الأحمر أو غيره، اللواء علي محسن الأحمر قابلته لأول مرة في حياتي البارحة “ليلة الأربعاء” ولم أقابله من قبل، ولم يكن بيننا أي نوع من التواصل، أو الثقة لأنه كان جزءاً من النظام السابق، بعد الثورة كنت أقدر انشغالاته، ولم أحاول الاتصال به إلا مرة أو مرتين للاستفسار حول حدث هنا أو هناك ، وكانت هناك صعوبة حتى في الوصول إليه, وعندما التقيت اللواء علي محسن في الحادي والعشرين من مارس الجاري سألني لماذا هذا الغياب الطويل؟ فقلت له: بأن الناس كانوا يخوفونا من الفرقة. كنا نخاف منكم، ولكن اتضح لنا فيما بعد أن من كنا نخاف منه هو الذي بادر إلى حماية شبابنا من قمع النظام أما من كنا نعول عليه من الجيل الجديد فقد وقفوا ضد تطلعاتنا وأوغلوا في الفساد أضعاف ما فعله آباؤهم.
< بقية الحمر؟؟
أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر تعرفت عليهم مؤخراً أثناء وجودي في صنعاء وأعجبت بشخصية الشيخ صادق التلقائية وصراحته في طرح المواقف، كما تعرفت للمرة الأولى على الأخوين حمير وحسين. وكنت من قبل أوجه انتقادات قوية لهم خصوصاً الأخ حسين لمواقف سياسية معينة لم أعد أذكرها ولكني وجدتهم لا يحقدون على من ينتقدهم ويتعاملون بديمقراطية متناهية مع الآخرين. وبالنسبة لوالدهم المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر فقد كنت اعتبره في كتاباتي عقبة رئيسية من عقبات تحديث اليمن وجزءاً أصيلاً من النظام السابق، أولاده.. بطبيعتي أنا أعامل الناس على مواقفهم وليس على نواياهم، أو على ما فعل أبوهم. وعلى سبيل المثال فإن ابن المشير السلال وقف ضد الثورة الشبابية في الأمم المتحدة وأساء لليمن، في حين أن حميد الأحمر ابن الشيخ عبدالله يدعو للتغيير، فنحن مع هذا الهدف نتفق معه وإخوانه الأخرين كانوا جزءا من النظام السابق وكنا ضدهم، ولم نكن نتفق لا مع حسين ولا مع صادق، ولكن عندما وقفوا إلى جانب الثورة ولم يكونوا عقبة حتى أمام أخيهم حميد فكان من واجبنا أن نتوقف عن مؤاذاتهم. التقت مصالحنا بمصالحهم فتوقفنا عن مهاجمتهم.
< ولكنهم بالنهاية يريدون تغييراً على طريقتهم, لا تزال العقلية القبلية مسكونة بهم جميعاً جوهراً ومظهراً؟ لم نسمع عن أي مشروع تحديثي أو وطني أو خيري أو علمي قاده أولاد الأحمر أبداً ويبدو أنهم لا يفكرون بذلك رغم الإمبراطورية المالية المهولة التي يمتلكونها؟
هذه مسئوليتنا وليست مسئوليتهم. مسئوليتنا التخلص من النظام السابق بشروطنا، نحن الشباب أو القوى المدنية هي التي سوف تصيغ اليمن الجديد وهؤلاء جزء منه ما دام أنهم يمتثلون للثورة فلن يؤثروا سلباً عليها، حميد الأحمر لن يرشح نفسه للرئاسة، وحتى لو رشح نفسه للرئاسة من حقنا أن ننتخبه أو لا ننتخبه، ولكن أن نحاكمه على نيته أو أهدافه فهذا غير صحيح، وأعتقد اعتقاداً جازماً أن حميد الأحمر أصبح من مصلحته إيجاد نظام وقانون في البلاد يحافظ على ممتلكاته وتجارته وشركاته، لأنه في ظل عدم وجود دولة سوف يتعرض وقد تعرض لضرر كبير..
< حميد الأحمر اكتسب هذه الأموال والتجارة بطريقة غير مشروعة ولا يزال كما يردد الكثير والكثير من أبناء الشعب، وكما هو معروف فهو أحد المتنفذين في البلاد ولا يحتكم لا للدستور ولا للقانون ورغم هذا فلم يساهم في أي مشروع اجتماعي أو ثقافي أو خيري كتنازل عن جزء يسير جدا من المصالح غير المشروعة؟ ما الذي عمله حميد الأحمر للناس؟
عمل من خلال شركاته التي لا أعرف عددها ولا تسمياتها لكن أعرف أن الشركات هذه تشغل آلاف اليمنيين.
< هؤلاء يعملون بالسخرة وبالفتات وبأقل من حقوقهم المشروعة بلا تأمين أو ضمانات أو مكافآت لائقة بأدائهم؟
لا أدري، ولست بصدد الدفاع عن شركاته، لكن أي مشروع، أو أي شركة تجارية فيها فائدة لعمال هذه الشركات بكل تأكيد بغض النظر عن التفاصيل، والشيء المهم من كل هذا أن نحاسب الشخص إذا كنا نشعر أن حميد الأحمر اكتسب أمواله بطريقة غير مشروعة أن نحاسب المسئول في الدولة، نحن نحاسب علي عبدالله صالح لماذا أعطيت حميد الأحمر كل هذه الأموال؟ لأن علي عبد الله صالح هو الذي انتخب رئيسا للجمهورية وليس حميد الأحمر، أنا لا أحاسب حميد الأحمر كتاجر لأني كمواطن لم أنتخبه ولم أعينه مسئولاً علي، ولكن أحاكم المسئول عنه.
< على الاقل من ناحية أخلاقية حميد الأحمر يتحمل مسئولية الكسب غير المشروع دون المساهمة الاجتماعية أو الالتزام الاجتماعي؟
الرجل يستطيع أن يدافع عن نفسه، وهو أعلن استعداده للمساءلة، ونحن نريد أن نبني دولة لا تسائل حميد الأحمر فقط، ولكن تسائل ناجي الشايف وغيره، فلماذا الصحافة تهاجم أولاد الأحمر ولا تهاجم أولاد الشايف؟
< الواقع أنهم في منزلة واحدة من حيث السطو على المال العام وعلى مقدرات وثروات الشعب بصرف النظر عن موقف أولاد الأحمر من الثورة هذا موقف يحسب لهم، وأتفق معك أنه يجب أن نحاسب الجميع على ذلك. ولكن من يحاسبهم؟ هم الدولة والدولة ه