أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الجوف تدشن كوتا ضرب النساء

- عارف أبو حاتم

الاعتداء السافر والسافل الذي تعرضت له مديرة برنامج التحصين في وزارة الصحة من قبل عصابة تنتمي إلى الجوف يمثل مؤشراً خطيراً في تدهور أخلاق القبيلة اليمنية، وتراجعاً مهيناً في قيمتها الاجتماعية والتاريخية، وخرقاً لأعراف حميدة ظلت القبيلة تحافظ عليها طيلة عقود طويلة.
خلال الأسبوع الماضي بقيت انتظر بياناً من تحالف قبائل اليمن، أو اعتذار من قبائل الجوف، أو براءة من قبيلة الخاطفين تستنكر فيها ما اقترفه أبناؤها، وتتبرأ منهم، لكن شيئاً لم يحدث... كل شرفاء القبائل سكتوا، باستثناء وجهاء إب وتعز الذين لا يزالون يسعون لتصعيد القضية وتجريمها، وتحويلها إلى قضية شرف تمس كل اليمنيين، وتمكنوا من استصدار توجيه من رئيس الجمهورية أثناء لقائهم به أمس الأول الأحد بسرعة ضبط الجناة المجرمين وإحالتهم إلى القضاء.

ما حدث للدكتورة غادة شوقي الهبوب، من ضرب وكسر في يدها ورأسها، وطعنات مخيفة، واختطاف سيارتها في وضح النهار وفي منطقة السبعين بالعاصمة، على يد عصابة يقودها مدير التحصين في مكتب الجوف، هو فزاعة تضع الدولة وعقلاء القبائل على المحك في مواجهة المجرمين الذين لم يعد لهم قيم أو دين.

أحاول التخفف من الانفعال في لحظة الكتابة، لكن الفعل المشين جعلني أشفق على المطالبات بكوتا نسائية لا تقل عن 30 % من وظائف الدولة التشريعية والتنفيذية، لأنهن سيشاركننا بسخاء في تقاسم الضرب والاعتداء والاختطاف، وقد دشنت غادة الهبوب المرحلة.

أتخيل عصابة وقد خطفت أمل باشا، وبعد ستة أشهر تظهر “أمل” في تسجيل مصور، مثل القنصل السعودي، وهي تقول: أناشدكم الله أن تدفعوا مليون دولار فدية للخاطفين، وأفراح بادويلان رئيسة هيئة مكافحة الفساد وقد طاردها أحد الفاسدين، وأصابها بطلق ناري، وابتهاج الكمال في حالة نزيف بعد تعرضها لمحاولة اغتيال آثمة، وكلفوت يقول توكل من نصيبي، ويأخذها إلى وادي عبيدة، ويكلف تنظيم القاعدة ثلاثة من أعضائه باختطاف أمة العليم السوسوة، والجماعة يطلعوا حامين، ويخطفوها من وسط العاصمة، ولما يوصلوا بها إلى أبين يكتشفوا أنها نجيبة مطهر... تخيلوا مقدار الحموضة اللي باتخرج من نخرهم... شخصياً أعتقد أن زعيم التنظيم بايحلق اللحية والشنب ويلبس جينز ويروح السينما.

يا سيداتي الفاضلات لم تتمكن أجهزة الأمن من تأمين حياة أبنائها، لا يمر أسبوع لا نسمع فيه أنباء عن اغتيال ضابط في الأمن السياسي، هذا الجهاز الذي بنى سمعته على حكايات الرعب الأسطورية في نفوس الناس، يعلن اليوم عجزه عن تأمين حياة منتسبيه.
أعرف أن فيكن ذوات كفاءات عالية، وقدرة، وكاريزما كبيرة، وكم مرةً تمنيت لو أن في اليمن 10 رجال من أمثال السيدة الفاضلة أمة العليم السوسوة.. امرأة من الزمن الجميل، نظيفة اليد واللسان، قدراتها الاستثنائية دفعت بها إلى تولي موقع الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، ومديرة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، طوال السنوات الخمس الماضية، وملفها الثقيل بمؤهلاته، الخفيف في سيرته، كان عامل حسم لتولي ذلك الموقع، دون ترشيح أو سند من الحكومة اليمنية، التي قادها باجمال حينذاك، وأتمنى أن تعود إلى الأمم المتحدة سفيرة ومندوبةً لليمن.

ولزاماً أن أذكر المرحومتين بإذن الله؛ أستاذتي الفاضلة الدكتورة رؤوفة حسن التي انفقت سنوات عمرها الأخيرة على مشروع توثيق التاريخ السياسي لهذا البلد، ممثلاً بأزياء ساسته، وقادته، ومنذ عرفت النشاط السياسي والاجتماعي وحتى وفاتها وهي تحمل ملف التمكين السياسي للمرأة اليمنية، والسيدة الأخرى هي نجيبة المعمري، أمينة المجلس المحلي بمديرية النادرة، كانت ضفيرتها تعدل بسيرة ألف شارب ولحية، تعمل على مدار الصحو، تنصف كل مظلوم، وتساند كل ضعيف ومحتاج، وتتبنى متابعة كل مشروع حيوي وخدمي لمنطقتها... وعاجلها الموت وهي في أوج العطاء.
ولزاماً آخر يجب قوله؛ أن ثمة نساء تولين مواقع متوسطة وعليا في مؤسسات الدولة وكان فسادهن يغطي شمس المدينة.



arefabuhatem@hotmail.com

Total time: 0.061