بصرف النظر كليا عن الثروات النفطية والقدرات الذاتية للشعب اليمني في الشمال والجنوب وتغايرهما تماما , وبرغم أنني وحدوي قومي حتى النخاع إلا أن الظلم لإخوتي في الجنوب جعلني اكتب قبل أكثر من عام مقالا بعنوان (الانفصال حق جنوبي وواجب شمالي) ولم نمن فيه على أحد في الجنوب , فقد عان أخواننا الجنوبيين كثيرا , ولكن هذا لا يعني أننا في الشمال لم نعاني من سلبيات الوحدة اليمنية السياسية في الشمال , فقد فقدنا وظائف ومصالح وامتيازات لصالح الجنوب واغتصبها القادة الجنوبيين , ونقلت مشاريع إلى الجنوب على حساب حرمان الشمال واستثمرها المسئولين الجنوبيين , وكثير كثير هو أقل من حقكم فينا كإخوة , فا ما مسالة ظلمكم فلم تكن بيد الشعب (الناس في الشمال) فقد كانت بيد قادتكم الذين تواطؤ مع قادتنا في الشمال وتقاسموا كل شي في البر والبحر والجو, وبالتالي حاسبوهم قبل أن تحاسبوا أخوانكم في الشمال (الناس العاديين) الذين دفعوا ثمن ظلمكم لأنفسكم بأيدكم , الذي لولا قادتكم لما استطاعت قياداتنا أن تظلمكم , أن ضعفكم في مواجهة ومحاسبة قادتكم هو سبب الظلم , وانعكس سلبا على أخوتنا وروابطنا الحميمة , فنحن اليوم لسنا أخوان في الشمال والجنوب كما كنا قبل 22 مايو 1990م , بل نحن اليوم اصهار وانساب ولدينا أولاد وبنات من اصلاب شمالية وجنوبية , ومن يعتقد من إخوتنا في الجنوب أننا كمواطنين عاديين في دولة الوحدة استفدنا من نفطكم وثرواتكم التي تمنون علينا بها , فهو واهم وأحمق , فحالنا المعيشي كان أفضل بكثير قبل الوحدة, وحتى بعد استخراج النفط في مأرب الشمالية عام 1982م كان حالنا أفضل , وكان الجنوب وقتها كالسويد في عهد حكم "الفيكانج" وليس مملكة السويد الحالية , وكان الجنوب سجنا كبيرا يعرفه جيدا جيل ما قبل الوحدة , لذلك أقول لأخوتي في الجنوب انفصلوا أن استطعتم , لأن الشماليين يقتلون في الجنوب ونسامحكم ليس من أجل نفطكم الذي جلب لكم ولنا الخراب ولكن من اجل الأرض والإنسان والأنساب والأصهار ولا يعنينا السياسيين في شي من ذاك, ويقتل الجنوبي في الجنوب ويحمل الشماليين المسؤولية ونتحمل ذلك لنفس الأسباب السالفة , ولم يقتل جنوبي واحد على يد مواطن شمالي في الشمال أبدا , ويعيشون بيننا بسلام , وأقولها مجددا انفصلوا أن استطعتم لان ما يسمى مؤتمر الحوار الوطني الشامل لا فيه عدالة لكم ولا ديمقراطية لنا وتبادلهما بيننا صحيح أيضا , وتذكروا إخوتنا قراءة الواقع الإقليمي جيدا , فالوحدة والانفصال ليست بيد قادتنا اليوم لا في الشمال ولا في الجنوب , حتى مع محاولتهم إظهار أنهم وحدويين أو انفصاليين كل واحد أمام فريقه , أن الوحدة أو الانفصال اليوم مرهونتان بيد المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان , فمن يعتقد أن الانفصال سيتم بدون مقابل فهو لا يعي وقائع التاريخ بين الجيران وموقفهم من الوحدة اليمنية في القرن الماضي , ولكن الأمس غير اليوم.
- إن المقابل المطلوب للسعودية هو اعتراف أي دولة ستنشأ في الشمال باتفاقية ترسم الحدود اليمنية الشمالية السعودية مجددا بالرغم انه غير مبرر كون الاتفاقية الحدودية ذات صبغة قانونية دولية , ولكن تكمن مخاوف حكام أل سعود كون اليمن جمهورية ولبعض البنود السرية في اتفاقية الحدود , وهو ما يراه الساسة في السعودية غير مضمون , لتبديد ادعاءات السيادة على نجران وعسير الإدريسيه باعتبارها تابعة للمخلاف السليمانى التابع تاريخيا لحكام صنعاء, خاضت على أثره اليمن المتوكليه وإمارة عبد العزيز أل سعود حربا ضروس توقفت بموجب اتفاقية الطائف, ووقعت اتفاقية الحدود بين السعودية واليمن الموحد قانونية ألغت كافة الاتفاقات القديمة.
- كما أن المطلوب لسلطنة عمان تبعا للسعودية هو اعتراف أي دولة ستنشأ في الجنوب باتفاقية ترسيم الحدود العمانية اليمنية الجنوبية وهو غير مبرر ولكن مخاوف العمانيين تكمن في العمق الاستراتيجي لمسألة الأمن الملاحي للبحر العربي بحكم وضعها الجيوبوليتيكي وعدد سكانها المحدود مقارنة باليمن, والمطالب التاريخية لسلطنة ظفار لما كان يعرف بالمحميات الشرقية لعدن مع سلطان مسقط وعمان, وهو ما ألغته اتفاقية الحدود بين اليمن الموحد وسلطنة عمان.
- تعتقد دول الجوار اليمني أن الانفصال يعني كيان دولي جديد قد ينحى نحو مخاوف الدولتين الجارة لليمن شمالا وجنوبا , ولإثبات الذات من الطبيعي أن يطالب الكيان الجديد في الشمال بنجران وجيزان وعسير لأنها أراض مغتصبة من المملكة العربية السعودية والاتفاق كان مع كيان دولة لم يكن شعبيا ولم تستوفى أركانه السرية بعد ليعد تاريخيا في عمر دولة الوحدة الذي لم يتجاوز 23 عاما , وكذلك هو الوضع مع سلطنة عمان وأي دولة ستنشأ في الجنوب تأويدها حرب خاضتها سلطنة عمان وجمهورية الجنوب قبل الوحدة انتصرت فيها القوات العمانية بمساندة إيرانية , وهناك مطالبات جنوبية أخرى من المملكة العربية السعودية لشروره والوديعة كأراض تاريخية لجمهورية الجنوب الديمقراطية الشعبية المغتصبة في حرب انتصرت فيها القوات الملكية السعودية على الجيش الجنوبي قبل الوحدة , لذلك دول الجوار حريصة على استمرار دولة الوحدة اليمنية , ودعم هذا وذاك وإثارة الفتن بين الأخ وأخيه , وهذا حقها في رعاية مصالحها في بلد لا يحكمه أي قانون ولا اتفاقيات دولية يمكن اعتبارها تاريخية للبلدين الخليجيين.
- إذا كانت الوحدة اليمنية تمثل مصالح للجوار , فهل يعقل أن لا تمثل لنا الوحدة مصالح مشتركة , فإذا كان كذلك فلتنفصلوا يأخوتنا في الجنوب أن استطعتم , فمؤتمر الحوار الشامل هو مؤتمر سياسي لن يمنحكم الانفصال لأنه يمول خليجيا , ولندفع الثمن جميعا كمواطنين لان قادتنا في الشمال والجنوب هم في الحقيقة أمراء حرب, سيصنعون حروب محلية وسيخترعون حروبا إقليمية وقودها ليس النفط بل دماء أبناءنا البريئة, كبديل طبيعي للعدالة والديمقراطية والجمهورية والمساواة بين المواطنين اليمنيين أمام القانون.
- إن ثمة اختلاف كبير بين الفكر والتفكير بين الاجيال , العقليات المتخلفة لا يمكنها الانسجام مع حرية الشعب اليمني , ولا تستطيع الانصهار بالديمقراطية الناشئة في اليمن , ولا خيار أمام الشباب اليمني سوء المضي قدما نحو التغيير الشامل ليحمي اليمن , فاليمن بالوحدة أو بالانفصال قائم في الشمال أو في الجنوب منذ ملايين السنيين , أن معركتنا الحقيقية هي استكمال الثورة يدا بيد والتخلص من قادتنا المفسدين الظالمين في الشمال والدمويين الانتهازيين في الجنوب الذين يمؤ ولون جميعا من الخارج.
إنفصلوا فالوحدة بيد السعودية وعمان
اخبار الساعة - اكرم الثلايا