أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

هل هي حرب على القاعدة أم لمكاسب سياسية ؟

- وضاح حسين المودع

في اليمن ولإن الأنظمة المتعاقبة على حكمه كانت تتعمد إخفاء المعلومات واتخاذ القرارات المصيرية للبلد في لحظة تجلي اسمها (تخديرة قات) لا يمكنك أن تصدق أن ما تصدره السلطة من بيانات صحفية هو الحقيقة ،ومنذ أيام يروج النظام الحاكم لليمن عبارات سبق له أن قالها في بداية توليه للحكم عام 2012م مثل (هزيمة ساحقة للقاعدة –دحر فلول القاعدة – مطاردة شراذم القاعدة – عدم التوقف عن مطاردة القاعدة هذه المرة إلا بهزيمتهم أسراً أو قتلاً – نجاحات عظيمة للجيش – ملاحم بطولية يسطرها الجيش – معركة كل اليمنيين ضد الإرهاب...الخ).

ذاكرة كثير من اليمنيين سريعة (الفرمتة) لأنهم عاطفيون جداً فقد نسوا كل تلك العبارات حين رددها لهم النظام في بداية توليه لحكم اليمن ، وثبت بعد ذلك أن استراتيجيته فاشلة بكل المقاييس فهي وسعت نشاط القاعدة إلى كل المحافظات بعد أن كان التنظيم قد تجمع مع كل أعضاءه في محافظه واحدة وصار نشاط القاعدة بعد ذلك مصوراً وموثقاً بكل تفاصيله ووصل إلى قلب العاصمة وإلى أهم المقار الأمنية بل وإلى مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو طبعاً رئيس الجمهورية !!!

بدأ النظام معركته الجديدة بخطاب انفعالي في الأسبوع الماضي تحدث فيه عن (دول ترسل كل من لا تريده من القاعدة ليفجر نفسه في اليمن) وهدد النظام (بفضح معلومات وأن صبره قد نفد) وقال أنه (يعلم كل شيء ويعرف كل شخص ويعلم كل المعلومات) انتهت تجليات ذلك الخطاب دون أي معلومة مفيدة ، وثبت بعد أيام أنه كان يمهد لمعركة جديدة سيشنها في مسقط رأسه الجغرافي ومركز ثقله القبلي الذي يحكم بأفراده اليمن أي محافظتي (أبين وشبوه) ولا يتعامل النظام عسكرياً مع أي مناطق في اليمن تتواجد فيها القاعدة مثلما يتعامل مع هاتين المحافظتين فهو ابن دثينة ولا يمكن لابن دثينة إلا أن يركز على دثينة وغيرها من مناطق اليمن لها وهم مخرجات مؤتمر الحوار تحميها وتقاتل بها ب1900 مادة فاقت التوقعات وكانت المعجزة ومن يمتلك المعجزة لا يحتاج لأي جيش يحميه !!!.

ثمة أسئلة كثيرة مطروحة منذ معارك 2012م وتكرر التساؤل حولها في معارك 2014 سأعيد طرح بعضها باختصار وأترك الإجابة بين ثنايا السؤال لمن كان له عقل أو ألقى عواطفه تجاه النظام وفكر بعقل المتبصر.

أولاً: ما هي عقيدة الجيش اليمني تجاة ما يسمى تنظيم القاعدة ، هل يحارب الجيش التنظيم لأنه يستهدف قادة وجنود في الجيش فقط ،أم أن عقيدة الجيش تحارب كل مليشيا مسلحة تمتلك السلاح وتفقد الدولة مبرر وجودها؟.

ثانياً: من هو القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية ومن الذي يقود الجيش اليمني فعلياً وهل أديرت معارك 2012 عبر وزارة الدفاع في صنعاء أم أن العمليات كانت محلية التنفيذ محلية القيادة وليس لمركز السيطرة وقيادة الأركان  في وزارة الدفاع في صنعاء أي دور ، وأين هو دور رئيس الأركان للجيش في معارك 2012 ومعارك 2014 ولماذا لم ينزل إلى مواقع القتال في حين أن وزير الدفاع هو من يظهر في وسائل الإعلام قائداً لتلك المعارك ، وهل للبعد المناطقي للوزير وكونه من أبناء أبين محافظة الرئيس الدور الأكبر في الموضوع ، ولماذا يغيب دور وتواجد القادة العسكريين من أبناء محافظات الشمال في معارك 2012 بشكل كبير ، ويكاد يختفي في معارك 2014م ؟.

ثالثاً: ماهو المنصب العسكري في قيادة الجيش الذي يحتله رئيس جهاز الأمن القومي والذي يستعرض القوات ويتواجد في محافظته شبوه ولماذا أختفى وزير الدفاع فجأة وظهر رئيس جهاز الأمن القومي بدلاً عنه في وسائل الإعلام كرئيس لاجتماعات لجان الحرب في محافظة شبوة بالذات ، وهل هيكلة الجيش التي حدثت مؤخراً تعني أن يكلف غير المختص بتولي مسئولية عمل يجب أن يقوم به غيره؟

رابعاً: ما هي خطة النظام في مقاتلة تنظيم القاعدة هل خطته إنهاء أفراد التنظيم أم تحجيم نشاطهم أم دفعهم إلى الهروب من القرى إلى الجبال والاختباء بها ،وهل ما يصرح به النظام في هذه الأيام من أن عناصر التنظيم فرت من منطقة كذا التي دخلها الجيش دون تحديد إلى أين فرت وكأنها فرت إلى دولة أخرى وهو مايجعلنا بالتالي مقتنعين أن استراتيجيته قائمة على دفع القاعدة للفرار فقط  من منطقة إلى أخري؟.

خامساً: ما هو الذي تحقق نجاحاً في معارك 2012 حين قيل يومها أن الجيش دحر القاعدة من محافظة أبين التي كانت قد أعلنتها إمارة إسلامية ، وهل بالتالي كان لما يسمى اللجان الشعبية المسلحة من الدولة والتي تستلم مبالغ من الخزينة العامة أي فائدة طالما والقاعدة عادت في 2014إلى المناطق نفسها التي قيل أن الجيش كان قد طهرها في 2012 ، وهل يمكن أن يتكرر بعد أشهر نفس السيناريو فيعلن الجيش حالياً أنه طهر المناطق من القاعدة ثم تعود القاعدة إلى نفس المناطق بعد فترة ،وهكذا دواليك؟.

سادساً: أين هو دور الأجهزة الاستخباراتيه المنشئة خلاف الدستور والقانون والتي تتبع الرئاسة مباشرة كجهازي الأمن القومي والسياسي ولا تتبعان وزارة الداخلية ، وهل يمكن أن ينجح أي نشاط عسكري مع غياب العمل الاستخباراتي الاحترافي ،ولماذا لم نسمع خلال سنتين عن إحباط أي عمل إرهابي بجهد استخباراتي قبل وقوع الحدث؟.

سابعاً: ما هي المعلومات التي قال رئيس النظام أنه سيفضحها عن القاعدة ولمن كان يلمح من الدول التي قال أنها ترمي بمخلفاتها من الإرهابيين إلى اليمن ، وهل صحيح أن أغلب أعضاء التنظيم من دولة الجوار الشقيقة الكبرى السعودية كما تؤكد ذلك أغلب المعلومات حتى من السعودية نفسها ، ولماذا ركز رئيس الجمهورية على معلومة أن أغلب أعضاء التنظيم (70%) منهم كما قال ليسوا بيمنيين ، وهل يعني ذلك أن الأسماء التي كنا نسمع عنها في بيانات القاعدة وأنها نفذت العمليات الإرهابية السابقة والتي تؤكد أن جنسيات المنفذين في الغالب يمنية ليست معلومات حقيقية ، وماهو الفرق بين أن يكون الإرهابي أجنبياً أو محلياً؟.

ثامناً: من هو تنظيم القاعدة في اليمن حقيقةً هل هو صنيعة النظام السابق كما كانت تقول أحزاب المشترك وتدعي أنه بمجرد سقوط النظام في 2011 ستنتهي القاعدة ، وصارت حالياً تعترف بوجود التنظيم وتدعو للاصطفاف الشعبي لمواجهته ، وهل  التنظيم المحلي جزء من التنظيم العالمي  بالتالي ، وبالتالي لماذا ترفض أحزاب المشترك ضربات الطائرات بدون طيار ضد القاعدة بمبرر أنها قتلٌ دون محاكمة في حين تقبل بالقتل عبر معارك الجيش وهي تؤدي إلى القتل دون محاكمة أيضاً،وأين هو التوضيح الحقيقي لحقيقة معلومات دعم النظام السابق للقاعدة ، وكذا معلومات اختراق القاعدة للجيش والأمن وأجهزة الاستخبارات ولماذا لم يكشف النظام الجديد المعلومات ولو جزء يسير منها في الوقت الذي يريد تقسيم اليمن إلى أقاليم ويدعى أنه نجح في اصدار وثيقة فاقت التوقعات وكانت معجزة المعجزات وحل مشاكل اليمن عبر أقاليمه الستة ومؤتمر حواره الذي أجمعت عليه كل القوى الوطنية ، ولماذا لم يكشف حتى لأعضاء الحوار عن تفاصيل حربه ضد القاعدة وأسباب تفشي هذه الظاهرة وانتشارها في عهده بشكل غير مسبوق ؟

تاسعاً: لماذا يتم منع وسائل الإعلام غير الحكومية من النزول والتغطية المباشرة لما يحدث في أبين منذ 2012 وهل ما يشاع عن أن غرض ذلك هو واحدية مصدر المعلومات وتوجيه رادار معلومات التلقي لدى المواطن اليمني ليقبل فقط بما يقوله له النظام ، وهل يمكن أن نصدق أن اليمن يسير نحو الأمام وأن النظام يبني اليمن الجديد وهو يعيدنا قروناً إلى الخلف بعدم السماح لأحد بالحديث أو نقل المعلومات إلا بما يسمح هو بنقلها ، وهل المطلوب بالتالي الاستجابة لطلب النظام بضرورة الاصطفاف وراءه لمحاربة القاعدة ونحن لا نعلم مالذي يحدث وكم يقتل من جيش اليمنيين وكم يقتل من القاعدة بالضبط ، وكيف يمكننا أن نقبل بتصديق معلومات لا تأكيد على صحتها سوى أنها صادرة عن وكالة أنباء (قالوا) ومن سربها (مصدر مسئول) لا نعلم أسمه ؟

عاشراً: وبعد كل تلك التساؤلات هناك تساؤل يطرحه البعض وهو هل بالفعل يراد تكرار سيناريو 2012 الذي تم فيه نقل الأسلحة من المعسكرات في شمال اليمن إلى جنوبه وبالذات الأسلحة الهامة كالصواريخ التي تم نقلها من صنعاء إلى جنوب اليمن ، وهل يعني ذلك أن رئيس النظام لازال محملاً بذكريات يناير 86 ؟؟!!!!.

يمكن في أخر هذا المقال أن أؤكد أن التجارب علمتنا مع النظام الحاكم لليمن منذ 28 وعشرين شهراً أن الأغراض السياسية والانتهازية السياسية هي التي تسيطر على كل أحداث اليمن منذ توليه للحكم ، ولم يثبت لنا في عهده الذي فاق كل التوقعات أن أي قرار أتخذه كان لمصلحة اليمن واليمنيين بل ظهر سريعاً أن كل شيء غرضه التمديد والبقاء على الكرسي وهزيمة الخصوم السياسيين وتفرقهم ولو أدى كل ذلك إلى دمار اليمنيين وبلدهم اليمن !!! إن السياسة في توصيف  البعض هي (((اللعبة القذرة ))) ولعل اليمن يحكم حالياً بمن يحب هذا التوصيف ويجعله هو التعريف الأمثل .

لك الله يا شعب اليمن ...لك الله يا جيش اليمن ...تقاد إلى معارك شعارها ما قاله الشاعر:جئت لا أدري من أين...ولكني أتيت ...ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيتُ...ولماذا جئتُ لستُ أدري ..ولماذا لستُ أدري ..لستُ أدري.

Total time: 0.0907