اخبار الساعة - صحيفة الخليج الاماراتية
لقد جرَّب أهل “المبادرة” في الخليج والجزيرة العربية، الرئيس اليمني، أكثر من سواهم، طوال العقود الثلاثة الماضية، وعرفوا بالممارسة، كيف يحوِّل العلاقات بينه وبين دول الخليج، وإلى حد ما العالم العربي، إلى “حفلة تنكرية” من خلال الذرائع وطاقية الإخفاء والحيلة والمراوغة واللعب على حبال العلاقات الدولية والإقليمية .
كيف صدَّقنا وعود الرئيس اليمني، وأعطيناه بوليصة تأمين من المحاسبة الشعبية، ونحن نعلم دوره في لعبة الفيروس المذهبي، وتسلل “القاعدة” إلى الدورة الدموية للمجتمع اليمني، وفي ما أصاب المجتمع من شقاء وتشرذم، وجروح في الالتئام الوطني إلى درجة عالية من الإحباط والعياء والفتنة؟
ما يحدث الآن في اليمن والمخاوف مما سيحدث بما فيها “الحرب الأهلية”، وما يقدمه الرئيس اليمني ونظامه المتداعي، من تبريرات ملفقة، وجنوح نحو العنف، في مواجهة حركات احتجاجية سلمية، يدعونا، كأهل للمبادرة، إلى طيها، والبدء باتخاذ خطوات جادة وصارمة، بدءاً من كشف ألاعيب هذا النظام ومرواغاته، ومروراً بوقف كل أشكال الدعم والمنح والقروض والمشاريع عن نظامه، وصولاً إلى ضغوط سياسية، ليس أقلها تجميد عضويته المراقبة في مجلس التعاون، والتهديد بطلب تجميدها في الجامعة العربية على غرار ما اتخذ تجاه ليبيا، وتعليق عدد من أنماط العلاقات التجارية والاقتصادية، فضلاً عن استدعاء سفراء دول المجلس للعودة “للتشاور” الطويل . . الخ .
إن تعليق “المبادرة” لا يكفي، وقد ينتهي إلى نتائج مضادة، ويضاعف حجم الشقاء اليمني، ويتسع “الخرق” اليمني على “الراتق” الخليجي، من خلال إصرار النظام على المزيد من التمسك “بالإثم”، والتحدي الأهوج، والرقص على دماء قومه، على إيقاع صوته الأجش، الذي يرشح حيلاً ومراوغة ويعكس نزعة سلطوية قمعية خرقاء .
“المبادرة” الخليجية، بما تحمله من توازن ونوايا صادقة، ولدت من دون أسنان، إنها بحاجة إلى مفاتيح جديدة . . . فاليمن ليس أي بلد عربي آخر بالنسبة للخليج والجزيرة العربية، وللأمن القومي بمجمله، إنه مسؤوليات وأعباء، ومديونيات سياسية وأخلاقية .