أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » تحقيقات واستطلاعات

هل يستعد الجنوب لإعلان الإنفصال مغتنماً فرصة غياب الرئيس صالح؟

- لندن - عبد الاله مجيد

يرفع العلم اليمني أنصار نظام الرئيس علي عبد الله صالح ومناوئوه على السواء. ولكن الفارق في ميناء عدن الجنوبي أن العلم نفسه لا يخفق إلا بعد رش رقعة زرقاء والنجم الأحمر للحزب الاشتراكي على الجهة اليسرى منه ليصبح علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت تشكل ثلثي اليمن تقريبا قبل الوحدة.


لندن: يوُلاحظ غياب القوات العسكرية الموالية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح بشكل ظاهر في عدن. وبخلاف العاصمة حيث لا توجد اللافتات والشعارات المناهضة للحكم إلا قرب جامعة صنعاء فان مدينة عدن مطرزة بالشعارات المناوئة للنظام على الجدران وواجهات المتاجر وحتى على المباني الحكومية المهجورة الآن، كما تقول مجلة تايم في تقرير من الميناء.

وفي حين ان بعض المحتحين الجنوبيين يؤيدون استمرار الوحدة في ظل حكومة جديدة فان الغالبية يطالبون بدولة حرة ومستقلة، بحسب التقرير. وإذ اصبح جيش الرئيس صالح مشهدا نادرا فان خصومه من الحراك الجنوبي ظهروا من مخابئهم للمجاهرة بتحديهم الرئيس الذي يقضي فترة نقاهة في السعودية بعد اصابته في هجوم على المجمع الرئاسي في حزيران/يونيو، والمطالبة برحيله واستعادة السيادة للجنوب.

واكد محسن بن فريد الأمين العام لحزب رابط ابناء اليمن (رأي) لمجلة تايم ان الجنود اليمنيين لن يطيعوا الأوامر بالتوجه الى الجنوب لفرض الوحدة إذا أعلن الحراك الجنوبي استقلال المنطقة.

وقال ان الجنود الذين لم ترسلهم صنعاء لمقاتلة بعض القبائل لن يواجهوا الجنوب بأكمله. والحق ان الجيش يشتبك مع قبائل في الشمال وجماعات اسلامية مسلحة في الجنوب لكنه منقسم على نفسه في العاصمة حيث يدور صراع مرير على خلافة صالح.

في غضون ذلك يغتنم الحراك الجنوبي هذه الفرصة لإعادة تأكيد مطلب الجنوب بالاستقلال وإعادة تقسيم البلد الذي دعمته الولايات المتحدة والغرب بوصفه سدا في مواجهة تنظيم القاعدة.

وكان شطرا اليمن توحدا في عام 1990 بعد نحو 40 عاما من الانقسام. ولكن الوحدة الهشة اهتزت بعد اربع سنوات بحرب أهلية شهدت بدايتها قصفا جويا لا هوادة فيه لمدينة عدن قبل ان يتمكن الرئيس صالح من إعادة الجنوب الى الوحدة عن طريق الهيمنة العسكرية الخالصة.

ويرى قادة الحراك الجنوبي الآن ان استقلال جنوب اليمن ليس قضية خلاف سياسي فحسب بل تفرضه اختلافات ثقافية لا تقبل المصالحة. وقال قاسم داود العضو المخضرم في الحزب الاشتراكي اليمني لمجلة تايم "نحن لا نريد نظام المحسوبية القبلية القائم في الشمال بل نريد حكم القانون". واضاف ان الوحدة مع الشمال كانت خديعة "ونحن الآن مستعدون لإقامة دولتنا من جديد".
 
وقال القيادي البارز في الحراك الجنوبي العميد علي محمد السعدي "ان البريطانيين احتلوا الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني حكمه بقبضة حديدية ومنذ عام 1994 نعيش تحت احتلال النظام القبلي الشمالي".

واشار العميد السعدي الى فترة اعتقاله حين اقتحم رجال الأمن منزله في عدن عام 2008 ونقلوه الى سجن الأمن السياسي في صنعاء قائلا ان "ان اعضاء القاعدة كانوا يُحتجزن في زنازين اعتيادية ولكني واعضاء الحراك الآخرين كنا محبوسين داخل صناديق صغيرة في قبو دامس الظلام".

وبقي العميد في زنزانته الضيقة 18 شهرا قبل أن يُفرج عنه بلا توضيح. ولكنه مستعدج للعودة الى ظلام السجن لو كان في ذلك عودة ابنه القتيل. فقبل فترة شارك العميد ونجله جياب الذي كان طبيبا وأبا لطفلين في تشييع ناشط من الحراك قُتل برصاص قوى الأمن. وقال السعدي ان قوى الأمن اطلقت النار على المشيعين من رشاشات ثقيلة على ظهور الدبابات وان "ابني قُتل واقفا جنبي. وهو الآن واحد من اكثر من 1300 شهيد من الحراك".
 
منذ تأسيس الحراك الجنوبي رسميا في عام 2007 أُعدت مشاريع لاقامة حكومة جديدة دون تحديد موعد لاعلانها. ويرى كثيرون من ناشطي الحراك في استقلال جنوب السودان مصدر الهام لكنهم يلفتون الى ان جنوب السودان لم يكن ذات يوم دولة مستقلة ذات سيادة، في حين ان لدى الجنوب مثل هذا التراث والأفضلية التي تخدم توجهه. وقال العميد السعدي ان الحراك أعد خططا لاقامة حكم جديد وبناء مستقبل سياسي جديد وان الدولة الجديدة ستكون "اشتراكية ديمقراطية ليبرالية على غرار الاشتراكية القائمة في اوروبا".

ولكن الحراك يفتقر الى القوة العسكرية النظامية، والدفاع عن الاستقلال سيكون مهمة صعبة إذا قرر صالح أو من يخلفه في صنعاء استعادة الجنوب تحت سيطرة صنعاء، وإن كان غالبية اعضاء الحراك يشكون في قدرة صالح أو خلفه. ويقول العميد السعدي "نحن لسنا قلقين من رد الشمال. فان البناء السياسي ومؤسسات الحكم موجودة اصلا وكل ما علينا هو ان نستأنف المسيرة التي توقفت في عام 1990".
 
وفي صنعاء تنتشر الدبابات والمدرعات والسيارات التي تحمل في احواضها الخلفية رشاشات ثقيلة على غالبية المفترقات والمنافذ الحساسة، وفي الليل يفتش الجنود السيارات المارة بحثا عن السلاح. اما في عدن فقد اختفى النظام.
وتنقل مجلة تايم عن يمني من سكان الميناء: "انظروا حولهم. إذا اعلنا الاستقلال مَنْ سيوقفنا". ثم عاد الى احتساء الشاي في شارع المعلا تحت علم اليمن الجنوبي مرسوما على جدار عمارة سكنية.

Total time: 0.053