بداية أشكر شباب الثورة على ثقتهم الغالية في إعلان اسمي في المجلس الوطني الرئاسي وأتمنى أن يعينني الله سبحانه وتعالى وبقية الإخوة الأعضاء على تحمل هذه المسؤولية التاريخية الجسيمة.
والحقيقة إني فوجئت بوجود اسمي ضمن قوام المجلس ، وإن لم أتفاجأ من الحدث ذاته . لأن المجلس أصبح أكثر من ضرورة في ظل فراغ السلطة المريع وهو البديل الشعبي والثوري المطلوب بشدة لسد هذا الفراغ الذي يهوي بالوطن والمواطن إلى هوة سحيقة ، والجميع يقف موقف المتفرج، وبصرف النظر عما إذا استشارنا الشباب أم لا فهذا تكليف ومسؤولية كبيرة ، وليس بالضرورة أن يقولوا لنا " أتفضلوا بسم الله وآهلاً وسهلاً ومرحباً "، لأن واجبنا لم يكن فقط الاستجابة، بل كان ينبغي لنا أن نبادر ولكن لأننا تأخرنا قاموا هم- كثر الله خيرهم - بما يمليه عليهم واجبهم . ومهما كانت المخاطر والتحديات فليس علينا سوى الرضوخ لمطلب الشباب... روح الثورة وقلبها وعقلها.
ولعل الالتزام بهذا التكليف هو أقل واجب وطني في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ البلاد ، ولا يحق لأي منا أن يتردد أو يتخاذل لأن تضحيات الشباب كانت جسيمة وغالية وقيامنا بواجبنا في إطار هذا المجلس هو أقل ما يمكن أن نقوم به. ودعم الشباب وإنجاح الثورة بالتقدم نحو تحقيق أهدافها هو التزام قيمي وأخلاقي على كل من لديه ذرة إحساس بالمسؤولية أمام خالقه وأمام نفسه وأمام الوطن ألا يتردد أو يتلكأ في القيام بها .
وقد احترمت كثيراً مواقف بعض الائتلافات التي لم تكن على علم مسبق بالإعلان عن المجلس ولكنها تجاوبت مع الرأي والاتجاه العام ، ولم تقف عند حد بعض الأمور الصغيرة والتفاصيل التي تكمن فيها الشياطين . والحقيقة أن إرضاء الناس غاية لا تُدرك وإذا كان إجماع ساحات الوطن بواقع 60%، فإن الاتفاق العام أو الإجماع يكون قد تحقق ، مع أن الواقع يؤكد أن النسبة أكثر بكثير وما علينا سوى الاستماع إلى أصوات الجماهير الهادرة وهي تطالب بالمجلس الانتقالي في طول البلاد وعرضها . ومن استطلاعي الأولي لبعض المواقع الالكترونية بعد الإعلان عن تشكيل المجلس ، فإن نسبة كبيرة جداً تصل إلى 95% تؤيد تشكيل المجلس بل ورأت أنه قد تأخر كثيراً.
طبعاً الطريق لن يكون مفروشاً بالورود أمام المجلس وجزء منه في الداخل وآخر في الخارج ، ولكن لابد من تحمل المسؤولية ومطالب الثورة لن تؤخذ بالتمني بل ستؤخذ غلابا ، ولعل ما يمكن أن يبدو ظاهراً نقطة ضعف يشكل فرصة ونقطة قوة في نفس الوقت.
والمطلوب أن ينعقد اجتماع المجلس فوراً، لأن الأمور لا تحتمل التأجيل لتوزيع المهام والاختصاصات ولوضع خطته للتسعة الأشهر القادمة ، حيث يمكن لمجموعة الخارج أن تقوم بحشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي ، بينما تتولى مجموعة الداخل ترتيب الشأن الداخلي وأهمها سد فراغ السلطة الإداري والسياسي والأمني والاهتمام بالجانب الاقتصادي وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين والتي شهدت تدهوراً مريعاً منذ الشهر الماضي وما زالت مستمرة في التدهور بوتائر عالية ، لأن هذا الإجراء الأخير هو الذي سيعيد ثقة المواطن بالثورة ، ولن يتأتى ذلك إلا إذا كان المواطنون جزءاً أساسياً من الحل وذلك عبر مشاركتهم الفاعلة والكاملة في كل جهود إعادة البناء وعلى المجلس المساهمة في تنظيم الجهود المجتمعية والشعبية لحماية الثورة وتحقيق أهدافها .
وتوفير السكينة والأمان والخدمات الضرورية ليست بالمهمة المستحيلة لأن تأزيم الوضع وإيصاله إلى هذا المستوى عملية مفتعلة ليس إلا أراد بها النظام توصيل رسالة بأهمية وجوده ، إلا أن الشعب قد شبّ عن الطوق ولم يعد يقنعه هذا الطرح الساذج والمثل الشعبي يقول " ولو كان في شمس ، كانت طلعت أمس"، فأين هم منذ أكثر من 3 عقود يمنونا بالرخاء والازدهار ، ولم نر إلا مصائب وكوارث متلاحقة تنغص على المواطن عيشته وتوسع المسافة في وصول الوطن إلى مستوى الدول النامية.
والمطلوب الآن الالتفاف حول المجلس وتحمل الجميع مسؤولية إنجاح عمله لأنه بمثابة مجلس إنقاذ للوطن ينقذ الوطن- بعون الله – من كارثة محققة لو استمر الحال على ما هو عليه.