وجدت عقوبة الغرامة التي فرضها القضاء الفرنسي على امرأتين انتهكتا قانون حظر النقاب في الأماكن العامة للمرة الأولى بعد سريان مفعوله طريقها الى عناوين الأخبار الرئيسية. والسبب في هذا هو أن القضية تتعدى مجرد انتهاك لقانون فرنسي داخلي الى كونها الآن رمزا لتصادم الحضارات.
المرأتان محل النزاع هما هند أحمس (32 عاما) وهي أم منفصلة عن زوجها، وصديقتها نجاة علي (36 عاما). ويذكر ان الحكم عليهما صدر في غيابهما بسبب إصرارهما على الظهور في المحكمة بالنقاب وهو سبب العقوبة في المقام الأول. وغرمت الأولى 120 يورو والثانية 80 يورو، لكنهما تقولان الآن إنهما تنويان رفع القضية الى محكمة حقوق الإنسان الاوروبية.
لكن منقّبة أخرى تنتزع الضوء الآن بإعلانها خوضها انتخابات الرئاسة الفرنسية ضد نيكولا ساركوزي، مهندس قانون الحظر. هذه هي كنزة دريدر (32 عاما) التي تقول إنها ستخوض انتخابات العام المقبل على أرضية الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها في ما ترتديه وما لا ترتديه. وشددت أمام الإعلام في قلب باريس على أن قرارها «ليس على سبيل الاستفزاز وإنما لأن فرنسا مذنبة بتجريد النساء من حقوقهن». ولذا فقد وصفت نفسها بأنها «مرشحة الحرية».
وقد أعلنت دريدر ترشحها الخميس، وهو نفس اليوم الذي أصدرت فيه المحكمة عقوبتها على هند أحمس ونجاة علي. ويذكر ان ثلاثتهن أعضاء في جماعة نسائية آلت على نفسها تحدي القانون الذي وضع موضع التنفيذ في ابريل / نيسان الماضي. ويذكر أن القانون الفرنسي حدا بدول أوروبية أخرى لفرض حظر مماثل أو طرحه كمشروع قانون في المستقبل.
ونقلت وسائل الإعلام عن دريدر قولها إن القانون الفرنسي يتعدى على حقوق المرأة وإن النقاب «تعبير عن الحرية وليس الخضوع والخنوع كما يسود الاعتقاد في الغرب». ومضت تقول: «عندما تقرر المرأة صون حريتها، فعليها ان تتحلى بالشجاعة الكافية لهذا». ومن هنا جاء قرارها بخوض الانتخابات الرئاسية بالرغم من ن فرص وصولها الى الإليزيه منعدمة تقريبا.
وتضيف دريدر قولها: «طموحي الآن هو أن أخدم سائر النساء اللائي يجدن أنفسهن ضحايا التمييز الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. من المهم بالنسبة لنا أن نثبت للعالم أننا هنا.. أننا مواطنات فرنسيات قادرات على إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع».
وبالنظر الى أن الإسلام هو ثاني أكبر الديانات في فرنسا وأن رقعته تتسع بفضل الهجرة والتوالد، فإن الحكومة الفرنسية تشعر بقلق متصاعد إزاء أن يقود هذا الى زعزعة أساس الدولة العلمانية. وهي تقول أيضا إن ممارسات مثل ارتداء النقاب نتتهك المساواة بين الجنسين وكرامة المرأة. ويضاف الى هذا المخاوف الأمنية المصلة بأن شيوع النقاب سيفتح الباب واسعا أمام الإسلام الراديكالي. ويذكر أن المشرعين حظروا ارتداء الحجاب وسط طالبات المدارس في 2004.
لكن دريدر تختلف مع كل هذا وتقول: «حاولت عبثا أن أفهم مغزى القانون الجديد، لكن كل ما خرجت به هو أن المقصود منه أن يضعنا تحت قيد الإقامة المنزلية». وكانت تشير بهذا الى اولئك النساء اللائي يقررن البقاء في منازلهن بدلا عن الخروج بوجوه سافرة والتعرض للعقاب بموجب القانون. وتضيف دريدر أن ما فعله ذلك القانون هو «أن يعطي المواطنين الحق في الإساءة للمنقّبات مثلما يحدث لي كلما خرجت الى الطرقات».
والمعلومات المتوفرة عن هذه المنقّبة التي تنوي تحدي ساركوزي عبر صناديق الاقتراع هو أنها أم لأربعة أبناء وتعيش في مدينة افينيون بجنوب فرنسا. لكنها تواجه تحديا هائلا قبل تمكنها من تسجيل اسمها على لائحة المرشحين الرئاسيين. ويتمثل هذا في وجوب حصولها على تأييد 500 عمدة. ومع ذلك فهي تعتقد أن هذا ليس مستحيلا بالنظر الى أن البلاد تضم 36 ألف عمدة.
وتشدد دريدر على أن إعلانها النية لخوض الانتخابات الرئاسية «لا يأتي من منطلق الاستفزاز وإنما من حرصي على أن ألفت الأنظار الى أن المشكلة الحقيقية في فرنسا تتعلق بحرية النساء بغض النظر عن دياناتهن.. لا تنظروا الى ما أرتديه وإنما اعرفوا من أنا».