أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

عودة المدمرة الأمريكية “كول” لسواحل اليمن.. رسائل طمأنة للسعودية وتحذير للحوثيين

عادت المدمرة الأمريكية الشهيرة “يوس.إس.إس.كول” إلى قبالة سواحل اليمن، بعد أيام من استهداف الحوثيين فرقاطة سعودية في البحر الأحمر، وهو ما يؤشر على ما يبدو إلى دخول الحرب اليمنية منعطفًا جديدًا، وتحول السواحل اليمنية إلى ساحة معركة.

 

ويرى خبراء أن عودة المدمرة “كول”، التي أعلنت عنها البحرية الأمريكية السبت الماضي، “تحمل رسائل تحذير إلى كل من تنظيم القاعدة، وتحالف الحوثيين والرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، إضافة إلى حليفتهما إيران، مقابل رسالة طمأنة للسعودية”.

 

ولهذه المدمرة الأمريكية ذكريات آليمة على سواحل اليمن، ففي 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2000 تعرضت لهجوم انتحاري من قبل تنظيم القاعدة في ساحل ميناء عدن (جنوب)؛ ما أسفر عن مقتل 17 من طاقمها وجرح 39 آخرين.

 

ولمدة 16 عامًا، توارت المدمرة “كول” عن الأنظار، ويبدو أن هجوم الحوثيين على الفرقاطة السعودية، قبالة ميناء الحديدة (غرب) في البحر الأحمر، ومقتل اثنين من طاقمها، هو السبب الأبرز لعودة تلك المدمرة إلى الواجهة.

 

أسباب العودة

 

العنوان البارز لعودة المدمرة الأمريكية هو تضامن وتأييد أمريكي صريح للسعودية، التي تقود منذ 26 آذار/ مارس 2015 تحالفًا عربيًا يحارب مسلحي الحوثي وصالح، الذين يسيطرون على محافظات يمنية، بينها صنعاء منذ 14 أيلول/ سبتمبر 2014.

 

لكن مراقبين يرون أن عودة تلك المدمرة مرتبطة أيضًا بمكافحة “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، الذي يتخذ من اليمن مقرًا له، إذ ترغب واشنطن، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، في تصفية حسابات قديمة مع التنظيم، الذي عاد للنشاط في عدد من المدن اليمنية.

 

وتمتلك المدمرة “كول”، التي دخلت الخدمة العام 1995، تقنية حربية متطورة، فهي مجهزة بنظام إطلاق الصواريخ الباليستية، وتستطيع حمل مروحية “سي هوك”، وصاروخي” توما هوك”، إضافة إلى طوربيد مضاد للغواصات والسفن الحربية.

 

وسيحدد موقع تمركز المدمرة أهدافها المستقبلية، ففي حين ذكرت وسائل إعلام أمريكية أنها عادت إلى خليج عدن، قبالة جنوب اليمن، تحدث مسؤولون أمريكيون عن أن عودتها تستهدف تأمين ممرات الملاحة في مضيق باب المندب الاستراتيجي وحماية السفن غرب اليمن.

 

ووفق مراقبين، فإن تمركز المدمرة في خليج عدن سيجعل تنظيم القاعدة، الذي بدأ ينشط بمحافظة أبين (جنوب)، الهدف الأقرب، فيما سيكون الحوثيون هم الهدف المحتمل في حال انتقلت المدمرة إلى قبالة مضيق باب المندب في البحر الأحمر (غرب).

 

رسائل رمزية

 

الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع، اعتبر أن كل ما يقال بشأن مرابطة المدمرة الأمريكية “كول” قبالة السواحل اليمنية “ليس سوى اجتهادات دون حجج كافية، خصوصًا أن السياسية الأمريكية في عهد ترامب، غير معروفة في أية منطقة من العالم”.

 

وأضاف المودع أنه “ومع ذلك لا يمكن القول إن واشنطن ستتدخل في اليمن بشكل مباشر وتصبح طرفًا في الحرب ضد الحوثيين ما لم يستهدف الحوثيون سفنًا أمريكية.. على هذا الأساس يمكن القول إن إرسال المدمرة ليس إلا رسالة تحذيرية للحوثيين بأن يتجنبوا إعاقة الملاحة في البحر الأحمر”.

كما اعتبر أن “تمركز المدمرة يبعث أيضًا برسالة طمأنة إلى السعوديين تظهر لهم جدية الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة إيران بالمنطقة، وكذلك هي رسالة من إدارة ترامب إلى إيران مفادها أن واشنطن ستنتهج ضد طهران سياسات أكثر تشددًا مقارنة بسياسات الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما”.

 

وخلال لقاء مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، الأحد الماضي، اعتبر ترامب أن إيران هي “الدولة الإرهابية الأولى” في العالم. وقبل أيام، فرضت إدارته عقوبات على 13 شخصا و12 شركة ردًا على تجارب إيران الاخيرة للصواريخ الباليستية.

 

الخبير اليمني ذهب إلى أن تلك الرسائل “لن تتعدى حاليًا الطابع الرمزي ما لم تقع حوادث إرهابية كبيرة ضد الولايات المتحدة.. وجود مدمرة أو بضع قطع بحرية لا يغير من الأمر شيئا، فإذا كانت واشنطن راغبة بالتورط في حرب اليمن فهذا يتطلب تواجدا بحريا وجويا كبيرا، فضلا عن دوافع واضحة لهذا التورط.. وحاليا ليس هناك شيء من هذا القبيل”.

 

احتمال إغلاق الميناء

 

يعتقد مراقبون أن السواحل اليمنية ستدفع ثمن استهداف الفرقاطة السعودية، ومن قبلها الإماراتية، لكن ميناء الحديدة (غرب)، الخاضع لسيطرة الحوثيين، سيدفع الضريبة الأكبر لأي تحرك دولي في البحر الأحمر.

 

وقال التحالف العربي إن الزوارق الثلاثة، التي هاجمت الفرقاطة السعودية، انطلقت من ميناء الحديدة، مشددا على أن “استمرار المليشيات الحوثية في استخدام الميناء قاعدة انطلاق للعمليات الإرهابية يعد تطورًا خطيرًا من شأنه التأثير على الملاحة الدولية، وعلى تدفق المساعدات الإنسانية والطبية للميناء وللمواطنين اليمنيين”.

 

ورغم مرور أسبوع على استهداف الفرقاطة، لم يتخذ التحالف العربي أية خطوة تجاه ميناء الحديدة، الذي يستقبل 70% من إجمالي واردات البضائع والوقود في اليمن، لكن مؤشرات تفيد بأنه تحت الخطر، وربما يتم إغلاقه وتحويل مسار السفن إلى ميناء عدن (جنوب)، الخاضع لسلطة الحكومة الشرعية.

 

وبحسب تقارير يمنية رسمية، استقبل ميناء الحديدة، خلال النصف الأخير من العام الماضي، 299 سفينة وباخرة تحمل مواد تموينية وإغاثية من منظمة الأمم المتحدة.

 

ورغم أن الحوثيين سيفقدون موردًا اقتصاديًا مهمًا في حال إغلاق الميناء أو تحويله إلى منطقة عسكرية من قبل التحالف العربي، إلا أن غالبية اليمنين، ولا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، سيكونون أكثر تضررًا.

 

وقال عامل في ميناء الحديدة، طلب عدم نشر اسمه، إن “الحوثيين يستغلون الميناء بشكل سيء، منذ السيطرة عليه قبل نحو عامين، فهم يحتجزون المواد الإغاثية، التي توفرها المنظمات الأممية، لمحافظة تعز (جنوب غرب)، ويتلاعبون بإيرادت الميناء الضخمة لمصلحتهم، لكن إغلاقه سيكون له عواقب وخيمة على شريحة واسعة من اليمنيين”.

 

وأضاف العامل اليمني أن “زوارق الحوثيين تنطلق من سواحل محافظة الحديدة بشكل عام، وليس من الميناء، كما أن لديهم صواريخ باستطاعتهم استخدامها من أية منطقة في البر وليس البحر”، بحسب “الأناضول”.

Total time: 0.044