دعت منظمة حقوقية دولية، ولي العهد السعودي الجديد «محمد بن سلمان»، إلى إنهاء الانتهاكات التي طال أمدها ضد المعارضين والناشطين الحقوقيين السعوديين، والالتزام بشكل علني بالإصلاح الحقوقي.
جاء ذلك، في بيان لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، الخميس، عقب صدور مرسوم ملكي في 17 يونيو/حزيران 2017، وضع مؤسسة الادعاء العام خارج سلطة وزارة الداخلية وحوّلها إلى هيئة مستقلة.
ولفتت المنظمة أن وزارة الداخلية، تحت سلطة وزير الداخلية وولي العهد السابق الأمير «محمد بن نايف»، منذ العام 2003، شنت حملة قمع ضد المنشقين السعوديين السلميين واستمرت في فرض قيود سفر مرهقة على النساء السعوديات.
والأربعاء الماضي، صدر أمر ملكي بتعيين «عبد العزيز بن سعود بن نايف» (33 عاما)، وزيرا للداخلية الجديد، وهو ابن شقيق الأمير «محمد بن نايف».
وقالت «سارة ليا ويتسن» مديرة قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش»: «على السعودية أن تذهب أبعد من التعديل في الحقائب، وتضمن أن التغييرات القيادية ستحدث خطوات مجدية لإنهاء القمع الذي عانى منه الكثير من السعوديين والسعوديات على مر السنين».
وأضافت: «إذا كان ولي العهد الجديد يريد تحقيق رؤيته للتقدم الاقتصادي، فعليه اتخاذ خطوات فورية وملموسة لتحسين حماية حقوق الانسان».
ولفت بيان المنظمة الدولية، إلى أن ولي العهد الجديد، الذي كان ولي ولي العهد منذ أبريل/ نيسان 2015 ووزير الدفاع منذ يناير/ كانون الثاني 2015، بإجراء إصلاحات حقوقية، وقال: «أخفقت خطته الطموحة لعام 2016 لتنويع اقتصاد السعودية، في إدراج إصلاحات حقوقية هامة، مثل تعزيز قدرة المرأة على المشاركة في سوق العمل».
انتهاكات باليمن
واتهمت المنظمة «بن سلمان»، بقيادة حملة عسكرية تقودها بلاده في اليمن، وتنفيذ عشرات الهجمات غير المشروعة، بما فيها جرائم حرب محتملة، بضرب المدارس والأسواق والمنازل والمستشفيات في اليمن.
وأضاف التقرير: «كما ساهمت الحرب في كارثة إنسانية في اليمن، حيث يعيش 7 ملايين شخص على حافة المجاعة، ويعاني الآلاف من الكوليرا».
ودعت «رايتس ووتش»، «بن سلمان»، في دوره الجديد كولي عهد، أن يضمن امتثال القوات السعودية في اليمن لقوانين الحرب.
الوضع الداخلي
داخليا، قالت المنظمة إن وزير الداخلية الجديد سيتولى مقاليد وزارة اضطلعت منذ سنوات بدور قيادي في انتهاك الحقوق الأساسية في السعودية، مثل حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.
وأضاف: «كما أن الوزارة مسؤولة أيضا عن فرض بعض جوانب نظام وصاية الرجل في السعودية؛ يفرض هذا النظام يجب أن يكون لكل امرأة ولي أمر ذكر — أب أو أخ أو زوج أو حتى ابن — له سلطة اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عنها».
وتابع: وتابع: «تقتضي أنظمة وزارة الداخلية من المرأة الحصول على موافقة ولي الأمر للحصول على جواز سفر أو السفر خارج البلاد، كما أن الحظر السعودي على قيادة المرأة يستند إلى مرسوم من وزارة الداخلية».
ولفتت إلى أنه على الرغم من ذلك، سيفتقر وزير الداخلية الجديد إلى القدرة على مقاضاة منتقدي الحكومة مباشرة.
النيابة العامة
وأشارت التقرير إلى أمر الملك «سلمان» بإزالة «هيئة التحقيق والادعاء العام» (الهيئة) من اختصاص وزارة الداخلية في 17 يونيو/حزيران الجاري، وتسمية الهيئة المستقلة حديثا باسم «النيابة العامة».
وجاء في المرسوم الملكي أن التغيير كان «تمشيا مع القواعد والمبادئ النظامية المتبعة في العديد من دول العالم»، واستنادا إلى «أهمية وضرورة الفصل بين السلطة التنفيذية في الدولة والهيئة وأعمالها باعتبارها جزءا من السلطة القضائية».
وأضافت المنظمة: «يبدو أن وزير الداخلية الجديد سيحافظ على سلطاته الواسعة في مكافحة الإرهاب بموجب قانون عام 2013 المتعلق بمكافحة الارهاب، حيث يسمح القانون للوزير بأن يأمر بالقبض على المشتبه بأنهم إرهابيون دون المرور عبر المدعين العامين، بالإضافة إلى الحصول على المعلومات المصرفية والاتصالات المتعلقة بالمشتبه به، وكل ذلك دون رقابة قضائية».
منذ عام 2011، بدأت الهيئة إقامة دعاوى جنائية ضد ما لا يقل عن 20 من الناشطين والمعارضين البارزين.
كما حكمت المحاكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 10 سنوات و 15 سنة بتهم فضفاضة وادعاءات لا تشكل جرائم معترف بها، مثل «الخروج على ولي الأمر» أو «المشاركة في المظاهرات».
كما قام المدعون العامون بسجن النساء والتحقيق معهن بتهم القيادة والدعوة إلى وضع حد لنظام وصاية الرجل.
اعتقلت السلطات السعودية وحاكمت جميع الناشطين المرتبطين بـ«الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية» (حسم)، والتي حلتها رسميا وحظرتها محكمة سعودية في مارس/آذار 2013، حيث يواجه أعضاء الجمعية اتهامات غامضة مماثلة.
من بين الناشطين والمعارضين السعوديين الذين يقضون حاليا عقوبات سجن طويلة، تستند فقط إلى نشاطهم السلمي: «وليد أبو الخير»، و«محمد القحطاني»، و«عبد الله الحامد»، و«فاضل المناسف»، و«سليمان الرشودي»، و«عبد الكريم الخضر»، و«فوزان الحربي»، و«صالح العشوان»، و«عبد الرحمن الحامد»، و«زهير كتبي»، و«نذير الماجد»، و«علاء برنجي».
كما تجري حاليا محاكمة «عيسى النخيفي» الذي اعتُقل في ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وخلال العامين الماضيين، شنت السلطات حملة اعتقالات ضد إصلاحيين منهم «عبد العزيز الطريفي» و«محمد الحضيف»، كما سبق أن ألقت القبض لأيام على ناشطين آخرين من بينهم «أحمد بن سعيد».
وقالت «ويتسن»: «على القادة السعوديين أن يدركوا أنهم لا يستطيعون تطوير اقتصاد البلاد ومجتمعها دون منح المرأة حقوقها على قدم المساواة مع الرجل، والسماح للسعوديين بانتقاد سياسات الحكومة علنا والدعوة إلى احترام حقوق الانسان».