يواجه نائب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تحديات غير مسبوقة في إعادة صياغة حضوره على واجهة المشهد السياسي الراهن كرئيس توافقي يحضى بإجماع الداخل ودعم وتأييد الخارج، في مقابل اصطفاف مضاد ل “جوقة” من الحرس القديم من قيادات الصف الأول في حزب المؤتمر الشعبي العام والعديد من مراكز القوى القبلية والعسكرية خلف الرئيس علي عبدالله صالح المنتهية ولايته، وفي مواجهة مساعي الأول للتحرر من بوتقة “الرجل الثاني” وممارسة صلاحياته الرئاسية المتاحة قبيل تنصيبه الرئاسي المقرر في ال 21 من فبراير/ شباط المقبل .
التغير الدراماتيكي اللافت في مسار علاقة التحالف الناشئ بين الرئيس صالح ونائبه هادي، والممتد منذ ما يزيد على 17 عاماً، بدا واضحاً في تكرار نشوب الخلافات الحادة بين الرجلين والتي وصلت مؤخراً الى حد تحويل الاجتماع التشاوري الموسع لقيادات حزب المؤتمر وأعضاء كتلته البرلمانية وهيئته الوزارية الممثلة في حكومة الوفاق الوطني، إلى ما يشبه “جلسة المحاكمة” لنائب الرئيس الذي تعرض وفي سابقة هي الأولى من نوعها، لتجاوزات بلغت حد التطاول على شخصه من قبل عدد من قيادات الحزب المعروفة بكونها تمثل “الدائرة الضيقة” المقربة من الرئيس صالح .
لقد تعمد الأمين العام المساعد للحزب سلطان البركاني مقاطعته خلال إلقائه لكلمة أعقبت خطاب الأخير في الاجتماع التشاوري الذي عقد في الرابع من شهر يناير/ كانون الثاني الجاري واتهامه صراحة بالتسبب في إضعاف دور وحضور حزب المؤتمر الشعبي العام كشريك أساس ورئيس في معادلة الائتلاف السياسي القائمة في البلاد، من خلال مواقفه غير الحازمة في التعامل مع تجاوزات أحزاب اللقاء المشترك .
وتمادي بعض القيادات الأخرى في توجيه انتقادات تجاوزت أطر اللياقة المفترضة لوزير الدفاع في حكومة الوفاق الذي يحظى بدعم نائب الرئيس واختير من قبله لتقلد منصبه الوزاري كممثل لحزب المؤتمر، عبر تحميله مسؤولية إخفاق اللجنة العسكرية المكلفة إزالة المظاهر المسلحة في إلزام الأطراف المسلحة المناوئة بإنهاء تمركز المجاميع العسكرية والقبلية القائم في جميع مناطق شمال العاصمة، بل والذهاب بعيداً إلى حد محاولة إجباره على النزول من المنصة الرئيسة، وهو ما دفع بنائب الرئيس إلى التدخل بطلبه من وزير الدفاع مغادرة قاعة الاجتماع للحيلولة دون تصاعد حالة الانفلات المفتعل في إدارته من قبل الرئيس صالح .
تهديدات هادي بمغادرة العاصمة والاعتكاف في مسقط رأسه في أبين، جنوبي البلاد أو عدن، وإن عبرت عن احتدام الخلافات بينه وبين صالح، إلا أنها كشفت أن هذه الخلافات وصلت إلى سقف غير مسبوق يهدد بقطع شعرة معاوية التي لا تزال تربط بين الرجلين منذ سنوات طويلة وتهددها مرحلة إرغام صالح على ترك السلطة .