شارك الأستاذ الدكتور برانيسلاف سينادينوفسكي سفير يوغوسلافيا المتحللة في بيروت والجزائر والأستاذ الزائر حاليا في عدة جامعات عربية والسيد زوران بيتروف نائب وزير الخارجية المقدونية والصحفي المخضرم دراغي إفانوفسكي الخبير في الشؤون العربية والأستاذ الدكتور استيفو بينداروفسكي المختص في الأمن العالمي بالإضافة إلى الإسرائيلي سيم فاكنين مستشار رئيس الوزراء في مقدونيا في الندوة التي نظمتها صحيفة المذكرة اليومية ,دنيفنيك,بالتعاون مع غرفة التجارة-نقابة الاقتصاد-المقدونية التي يرأسها الصهيوني سامي أبراهام ساديكاريو والتي جاءت تحت عنوان البلقان (إسرائيل والربيع العربي).
الإسرائيلي سيم فاكنين--) تحدث وكتب ونشر بعنوان (--الربيع العربي-الشتاء الاسرائيلي--)--) والخلاصة تكمن في أن الثورات العربية جاءت لأسباب ذاتية وفي ظروف موضوعية ساهمت في إنجاحها للتخلص من أنظمة إستبدادية غرسها الإستعمار لتنفيذ أوامره وذلك بغرس الفساد وانتزاع العقيدة ومحاربة الدين وتعاليمه وللتخلص من الجهات الخفية المشرفة على قوى الشد العكسي في الأنظمة المغروسة, إن هذه الثورات ستجهز على جميع الأنظمة إن نجح القائمون عليها والمقصود هنا هم الشعوب التي عانت كثيرا من الظلم والطغيان وجرائم البلطجية والشبيحة في التخلص من شر المتربصين بها في مصر وتونس وليبيا ,وإذا ما تم التخلص من النظام الممانع وهو راغب في سوريا فإن هذه الثورات سترفع شعار عودة الحضارة العربية وهو ما يقلق إسرائيل والغرب الفاسد الآخذ في الإفلاس والولايات المتحدة.
ولعلي ومن خلال متابعتي للندوة التي لم يشاهدها أي عربي آخر استشففت أن نوايا الثنائي فاكنين وساديكاريو الخبيثة هدفت من تنظيم الندوة التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة في جنوب شرق أوروبا وخلت من أي تغطية عربية لها إلى تخويف العالم من الربيع العربي , حيث وحسب رؤيتهم سيمكن هذا الربيع للعرب التحكم بالإقتصاد العالمي إن نجح بشكل كلي في مصر الكنانة , فالمستقبل القادم هو للدول الكبيرة بتعداد سكانها مثل مصر وتركيا, وكلتاهما تحتاج الأخرى للقيادة الإقليمية عربيا وبلقانيا.
وما تستخدمه قوى الشد العكسي وخدامها من البلطجية والشبيحة وبقايا ركائز الأنظمة والإعلام المأجور لتشويه صورة الثورات الشعبية من خلال التركيز على أن أصابع إسرائيلية وإستعمارية تقف خلف هذه الثورات المباركة سيكون حتما هو السلاح الأخير بيد العملاء والجواسيس الذين يأبون التخلي عن مصالحهم المرتبطة إستعماريا ولو بإجراء إنتخابات نزيهة تجنبوها طيلة القرن الماضي, ولا يزالون يخشونها لأنهم متيقنون من كره الشعوب لأشخاصهم التي لم يشهدوا طيلة عهدهم بها إلا الذل والهوان.
مقدونيا ضحية المؤامرات الصهيونية ألقاريء للصحافة المقدونية, يتابع باستمرار إعلانات صهيونية تعمل على نشر الرعب في قلوب مواطنيها من الإرهاب, فمقدونيا التي يسميها سكانها ب (فلسطين البلقان) ويطلقون على أنفسهم (فلسطينيو البلقان) كانت ضحية مؤامرات يهودية .
فاليهود الذين كانوا يتملصون من دفع الضرائب في فترة العثمانيين بإعلانهم اعتناق الإسلام كذبا, تآمروا عليها لصالح المستعمر اليوناني الذي قضم القسم الأكبر منها عام 1948 وهو عام النكبة الفلسطينية حسب كتاب (ألحركة اليهودية في مقدونيا -لمؤلفه ألبروفيسور أليكسندر ماتسوفسكي عضو الأكاديمية المقدونية) , وهي تتعرض لذات المؤامرة منذ استقلالها عن الإتحاد اليوغوسلافي الذي كان متشكلا على صيغة 6+2+1 أي ستة جمهوريات هي صربيا , كرواتيا , سلوفينيا, ألبوسنة والهرسك, ألجبل الأسود أو مونتينيغرو وجمهورية مقدونيا وإقليمين كانا يتمتعان بحكم ذاتي فيها هما إقليم فويفودينا وعاصمته نوفة ساد بكسر الفاء وهو ذو أغلبية مجرية سقط بيد الصرب عام 1923 بمساعدة الحركة الصهيونية التي كانت تحارب الملكية الهنغارية- النمساوية كما تؤكد صحيفة صوت اليهودي التي كانت تصدر من سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك وكان الصهيوني إسحاق ساموكوفليا يرأس تحريرها, وإسم عائلته يعود إلى إسم مدينة ساموكوف البلغارية التي نزحوا إليها من الأندلس .
وترأس هذا الصهيوني البارز رابطة الكتاب في سراييفو الشيوعية إبان عهد مؤسس الفيدرالية اليوغوسلافية جوزيب بروز تيتو بعد انتصار الصرب وحلفائهم الصهاينة على هتلر في الحرب العالمية الثانية.
وإقليم كوسوفو ذو الأغلبية الألبانية المسلمة والذي أصبح دولة مستقلة بشرط أوروبي يمنعه من إعلان اندماجه مع ألبانيا المجاورة, ويتم فيه تنصيب الرئيس بقرار من السي آي إيه كما جرى مؤخرا عندما أطاحت المخابرات الأمريكية برئيسه الملياردير بهجت تسابولي لزواجه الأخير من روسية لظنهم أنها تقربه من الحكم الروسي, والذي جاء بعد وفاة إبراهيم روغوفا الذي رفض المسلمون دفنه في مقبرتهم لأنه أشهر ارتدائه للصليب ورفض النصارى دفنه في مقبرتهم بالعاصمة بريشتينا لأنهم لم يروا في ارتدائه للصليب إلا تقربا من الغرب وقواه الخفية فقط , فتم دفنه خارج المقبرتين بعد سنوات قضاها في نشر الفساد والدعارة وقلع الدين من صدور شعبه ليمهد الطريق أمام زعيم الأغلبية النيابية الألبانية في برلمان مقدونيا علي الأحمد رئيس حزب التقدم والرفاه ليصرح بأن الألبان لا يدينون بأي دين , ويصنع صنما للجاسوس أليكسندر بيغ الذي ساهم في هدم الخلافة العثمانية يعلو فرسا وضع عند مدخل الجسر المؤدي للسوق التركي في العاصمة المقدونية(سكوبية) بكسر الياء, وواحد أي جيش واحد هدمه الصهاينة بتحريض الصرب على تطهيره واقتصاره على الصرب واليهود والتخلص من عناصره من القوميات الأخرى, وفيما حذرت عميدة الصحافة المقدونية نيفينكا ميتريفسكا من محادثات الصهيو-صربي أليكسندر برليا وزير خارجية صربيا وقتئذ مع نظيره اليوناني التي كانت تجري خلف الأبواب المغلقة , أشار الصحافي تيوفيل بلاجيفسكي في مقالته التي حملت عنوان صربيا واللوبي اليهودي إلى أن بلغراد تظل محطة لنقل اليهود الشرقيين إلى فلسطين وهم مؤامرة متواصلة ضد شعوب يوغوسلافيا.
والصهاينة والصرب الذين نشروا كتاب كوسوفو وميتوهيا وعلى غلافه النجمة السداسية بدلا من كوسوفا وميتوهيا أي ألتسمية الصربو-صهيونية للإقليم عوضا عن التسمية الألبانية هم الذين ينسبون حاليا بتعيين الحكام هناك تماما كما هو الحال عندنا, ولذا فإنهم وبحسب ما يراه الباحث تشانيا دورغوت يخشون من إلهام الربيع العربي لشعوب تلك الدول الناشئة ما قوي منها وما ضعف, فالبلقان قابل للإشتعال في أية لحظة. طالبان , في البوسنة قبل أعوام قليلة, قررت البوسنة والهرسك سحب الجنسية من عرب جاهدوا مع مسلميها ضد الصرب وحلفائهم الصهاينة كما أسلفنا. في الوقت الذي قدم إليها ريتشارد غير زعيم أفلام هوليود لتصوير فيلمه (أيام الربيع في البوسنة) خفية.
ولما سألته الصحافية المقدونية البشناقية الشهيرة إميتسا النعيمي عن تخفيه على غير عادته أجابها بأنه يخشى من طالبان في البوسنة والهرسك.
وهو التصريح الذي جاء مدعما لخشية الغرب من قيام تنظيم القاعدة بضرب وسط وغرب أوروبا من جنوبيها الشرقي باعتباره يقود حربا عالمية لتفكيك الناتو وزعيمته الولايات المتحدة بعد أن أجهز على حلف وارسو وفكك الإتحاد السوفييتي.
وهو التنظيم حسب رؤية البعض هناك يتخذ من غابات البوسنة مناطق لإقامة معسكرات تتبعه بانتظار اللحظة السانحة , حال ضعف الناتو وهوانه حسب اعترافات عدد من قادته في العراق وأفغانستان, ومن هنا , فلا يمكن فصل ما يجري من ربيع عربي عن انهيار موشك للإتحاد الأوروبي يتزامن مع إفلاس وشيك للولايات المتحدة. وستلتقي مدارس التيار الديني في بوتقة واحدة كما حدث عندما التقى صقر الإخوان الشهيد الدكتور عبدالله عزام بصقر التيار السلفي الشهيد الشيخ أسامة بن لادن, فتجد هناك عناوين متعددة لقيام حرب عالمية قادمة يخوضها التنظيم في مسيرته التي لم تنقطع وسط داعين للإنسحاب من العراق وأفغانستان معتبرين بأن معركتهم فيهما خاسرة لا محالة. أجهزة إستخبارية ليست مرئية تمتلك الفصائل الجهادية أجهزة إستخبارية سرية, فقد استطاعت غرس أعين لها في صفوف الغزاة. وهي بذلك نجحت في توجيه ضربات لعنق الإمبريالية الإحتكارية.
بعد فشل فصائل المقاومة الفلسطينية المنطوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية المتشرذمة في صنع جهاز إستخباري يعتمد على انتشار اللاجئين الفلسطينيين في شتى أصقاع الأرض كما ورد في أوراق سرية لهذه الفصائل التي سارت متنقلة من خط قومي إلى خط ماركسي , قادها إلى طريق مسدود , رغم أن سيرها مع النظام السوري وحسب أدبياتها جاء على صيغة صراع-تحالف-صراع على اعتبار أنه نظام بورجوازي صغير.
وهنا نجد أن هذه الفصائل انخرطت في عداء شعبها بوقوفها إلى جانب النظام السوري بعد افتضاح أمره على لسان رئيسه بأن نظامه يحارب التيار الديني منذ خمسينيات القرن الماضي. إن ما تشهده بلدان العالم العربي من ثورات سيعمل على تصحيح المعادلة لإخراج أنظمة وقيادات منسجمة ستتضح معالمها مع تداعيات انهيار النظام السوري الذي وبانهياره ستزول ما تبقى من مخلفات يسار تموله الأنظمة الإستعمارية لتخويف الشعوب العربية من دين تأبى انتزاعه من صدورها والله حافظ لذكره وإن كره العملاء على اختلاف تسمياتهم.